أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد رمضان الجبور - قراءة في رواية ( دموع على حدود طنجة ) للروائي مصطفى القرنة















المزيد.....

قراءة في رواية ( دموع على حدود طنجة ) للروائي مصطفى القرنة


محمد رمضان الجبور
(Mohammad Ramadan Aljboor)


الحوار المتمدن-العدد: 5978 - 2018 / 8 / 29 - 14:19
المحور: الادب والفن
    


دموع على حدود طنجة، رواية جديدة للروائي الكبير مصطفى القرنة ، الرواية صادرة عن دار الإسراء للنشر والتوزيع في عمان ، وتقع الرواية في مائة واثنين وتسعين صفحة من القطع المتوسط .
أحداث الرواية تدور في قطر عربي إفريقي ، المغرب ، ويختار أديبنا الشاعر والروائي مصطفى القرنة مدينة مغربية قد تكون الأكثر جمالا بين المدن المغربية فهي تقع عند النقطة التي يلتقي عندها كل من المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، وهي النقطة التي تلتقي عندها كل من القارة الأوروبيّة والقارة الإفريقيّة.
يقول أديبنا وكاتبنا وهو يتأمل جمال مدينة طنجة " الساعة الآن السابعة مساءً وقرص الشمس يغرق في البحر ملوّحاً لطنجة ، وليس المساء في طنجة كما المساءات الأخرى فهو أكثر جمالا ، فللجبال إطلالتها وللشاطئ سحره وللجو حضوره الجميل ، وليس الصباح كالمساء في طنجة فلكل طريقته في الحضور ، وكما هي عادتها في كل صباح كانت تستيقظ على شمس بديعة وأصوات صاخبة" .
نستطيع أن نقول أن هذه الرواية تُعد من الروايات الهامة في تأريخ مرحلة مهمة من مراحل وعصور الدولة المغربية ،فالرواية التاريخية هي رواية يمتزج فيها التاريخ بالخيال فهي تهدف إلى تصوير عهد من العهود أو حدث من الأحداث الضخام بأسلوب روائي سائغ مبني على معطيات التاريخ فهي ترتكز على حدث له الكثير من الأهمية في فترة من فترات عمر الدولة المغربية ، وهذا الحدث الذي هو محور الأحداث في رواية - دموع على حدود طنجة- يُعد من أهم الأحداث التي أصابت هذا القطر الجميل ، فوباء الطاعون الذي ضرب المغرب ومعظم المدن المغربية في عام 1799 وهذا الذي جعل الناجين من الطاعون الكبير ينعتونه بهذا الاسم هو أرقام الضحايا التي لم يسق أن حصدها وباء من قبل ، فقد كان له أكبر الأثر على حياة الناس في ذلك الوقت ، وقد استطاع أديبنا الأستاذ مصطفى القرنه ببراعته الأدبية أن يصف لنا في هذه الرواية الرائعة تلك الفترة الحرجة من تاريخ المغرب البلد الشقيق الرائع ، وحتى نلج إلى الموضوع بدقةٍ متناهية لا بد أن نقف قليلا على الحدث الرئيس والأحداث الفرعية التي استطاع أديبنا مصطفى القرنة أن ينسج منها صفحات هذه الرواية الجميلة الرائعة .

بعد أسطر قليلة من بداية الرواية يضع الكاتب والأديب مصطفى القرنة القارئ على لب الحدث الرئيس في هذه الرواية ، آلا وهو وباء الطاعون الذي اجتاح المدن المغربية في تلك الحقبة ومنها مدينة طنجة فبعد أسطر قليلة يقول الكاتب وهو يتحدث عن مدينة طنجة " أما الآن فلم تعد كذلك فقد ضربها الوباء بقوة بهت لونها وازدادت شحوبا ولم يبق في شوارعها سوى الفقراء والشحاذين يلوذون بجدرانها الباردة ولا تؤويهم ويختبئون ولا يسعفهم الاختباء فيزيدون هما على همهم وحزنا على حزنهم .
ومن الحدث الرئيس في الرواية تنطلق مجموعة من الأحداث الفرعية في أسلوب سردي اقرب ما يكون إلى أسلوب السر ألتناوبي ، فرحلة الأب إلى حج بيت الله من الأحداث المهمة في هذه الرواية فقد استطاع الكاتب بمهارته وخبرته الأدبية أن يصف هذه الرحلة بأدق تفاصيلها ، وقد شعر المتلقي بمدى العذاب الذي رافق الأب الحاج وصديقه الحاج سليمان فكان الكاتب بين الفينة والأخرى ينقل عدسته ليصور لنا مدى الألم والعذاب الذي يجده الأب وصديقه ومن معهم في هذه الرحلة البحرية ، فا هو يرى جثث الحجاج وهي تلتهمها القروش " خمسة عشر حاجا ألقيت جثثهم في البحر لتأكلها القروش ومثلها القي العديد من الحجاج الموتى إلى البحر وكان ركاب السفينة يرون القروش وهي تنهش جثث أهليهم وأحبابهم وهم ذاهلون" .
وتطول رحلة الأب في عودته من الحج فا هو في سجن الصويرة الذي تحول إلى محجر صحي ويبقى في رحلة العذاب .
ومن الأحداث الفرعية الأخرى موت سالم ابن الحاج بداء الطاعون مما سبب الم شديد لوالدته وأخيه الذي أصبح يرى كوابيس في منامه ويقظته ، وتصر والدته على الرحيل إلى البادية عند جدهم ، ولم تكن هذه الرحلة بالرحلة الميسرة والسهلة بل كانت رحلة شاقة جدا .
تعددت شخصيات الرواية وأبدع كاتبنا في رسم وإبراز هذه الشخصيات حتى كادت تقترب من الواقع ، إن الشخصية الروائية تشكل بؤرة مركزية لا يمكن إغفالها ، أو تجاوز مركزيتها . والرواية كما هو معلوم أكثر الأجناس الأدبية ارتباطا بالشخصية لا يقاربها في ذلك سوى المسرحية التي سبقتها في الظهور ، ولكن المرونة الكبيرة للرواية بوصفها جنسا أدبيا ، والحرية التي يمتلكها الروائي في تشكيل عوامله ، ورسم شخصياته جعلتا الشخصية الأدبية أكثر اقترانا بالرواية منها بالمسرحية ، وهذا ما يتيح للروائي بذل ما يريد من جهود ، واستثمار ما يشاء من وسائل معرفية وتقنية في سبيل التفوق في رسم شخصياته ، وقد كانت شخصيات رواية ( دموع على حدود طنجة ) من النوع الذي يقدم نفسه للقارئ دون عناء يُذكر ، فلم نر أن الكاتب قام بتقديم وتعريف أي شخصية ، فشخصيات الرواية تقدم نفسها بنفسها ويشعر القارئ بحيويتها وحركتها فهي تتحرك ونشعر بحركتها ومن هذه الشخصيات ، شخصية الأب الذي توجه لأداء فريضة الحج وشخصية صديقه الذي لازمه طوال هذه الرحلة المرهقة الحاج سليمان والذي ينتهي دوره بهذا الوباء (الطاعون) نتيجة تناوله لبعض الأطعمة الفاسدة الملوثة ،
وهناك شخصية الأم وابنها عبد الرحمن ، فقد كان لهما الدور الأكبر في هذه الرواية ، فهما كانا دائما في انتظار الأب للعودة من الحج ، إضافة للوضع المزري بسبب الوباء الذي ضرب طنجة وباقي المدن المغربية ، ويصور لنا أديبنا المبدع مصطفى القرنة صعوبة الرحلة التي قامت بها الأم وولدها للخروج من المدينة والهروب إلى البادية بعد أن فقدت واحدا من أولادها .
الشيخ عبد الجواد إمام المسجد والمنبر الإعلامي للبلدة ، يقدم النصائح والمواعظ للقضاء على الوباء الذي حصد الأرواح ، وينتقل صوته بين الناس بأن هذا الوباء غضب من الله لابتعاد الناس عن الدين ، فلا بد من الرجوع إلى التمسك بالدين ليزول هذا الوباء ، والشيخ عبد الجواد واحد من هؤلاء الناس الذين تعرضوا للضرر من هذا الوباء ، فقد ضاع ابنه كما ضاع آلاف الصبية .
ولم تقتصر الرواية على هذه الشخصيات ، بل هناك الكثير من الشخصيات ظهرت كشخصيات ثانوية لا غنى عنها في هذه الرواية منها شخصية العمة رقية عمة عبد الرحمن ابن الحاج ، وشخصية الحاجة سعاد أخت الحاج سليمان ، ومسعود ، وإدريس ، وأم شاكر ، والجدة والجد وغيرهم، ولكن أردنا أن نسلط الضوء على الشخصيات التي لها نصيب الأسد في الظهور حتى نتمكن من الوقوف على جماليات هذا العمل الأدبي الرائع .
لا بد لنا من أن نعرج ولو بأسطر قليلة على الأسلوب السردي الذي اتبعه الروائي مصطفى القرنة في توصيل فكرة هذه الرواية للمتلقي ، فقد اتبع أسلوب ما يسمى بتيار الوعي أو المونولوج الداخلي الذي من خلاله استطعنا أن نتعرف على الهموم النفسية لأبطال هذه الرواية بدءً من الراوي الابن إلى شخصية الأب الحاج ورفيقه سليمان إلى كل الشخصيات الواردة في هذه الرواية ، وقد رأينا أن الشاعر والروائي مصطفى القرنة لم يلجأ إلى استخدام اللغة الشعرية التي قد تشتت القارئ بل كانت اللغة المستخدمة في سرد الأحداث تناسب الحدث الذي هو لب الموضوع ، وكان أديبنا يلجأ بين الفينة والأخرى إلى استخدام لغة الحوار و الحوار في الرواية هو احد الأساليب الفنية المطروقة في بناء النص الروائي ويهدف إلى إيجاد أبعاد سردية تنهض بالنص وتأخذ المتلقي إلى أجواء تبعث الحياة في النص الأدبي، ولم ينس أديبنا مصطفى القرنة ما دام يتحدث عن حدث عظيم في دولة المغرب أن يطعم روايته بالكثير من الألفاظ المستخدمة في دولة المغرب حتى ظننا أن أديبنا مغربي وليس أردنيا فقد تقمص الدور بإتقان ، ومن هذه الألفاظ الواردة في الرواية : السوق البراني ، الزنقة ، الزنقات ، بزاف ، ....وذكر بعض الأماكن مثل قرية بوغابة ، برج الغندوري....وغيرها من الأماكن ، وكل هذا بضع المتلقي في جو الحدث .
بقي أن نقول أن هذا العمل الأدبي يعتبر إضافة نوعية لرف الرواية العربية ، فقد بذل الأستاذ مصطفى القرنة جهداً لا يُحسد عليه في هذا الإبداع الأدبي .



#محمد_رمضان_الجبور (هاشتاغ)       Mohammad_Ramadan_Aljboor#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلج ونار


المزيد.....




- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد رمضان الجبور - قراءة في رواية ( دموع على حدود طنجة ) للروائي مصطفى القرنة