أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر حميو - خرابة وجذع شجرة ووليد غزالة وحيد















المزيد.....

خرابة وجذع شجرة ووليد غزالة وحيد


عامر حميو

الحوار المتمدن-العدد: 5974 - 2018 / 8 / 25 - 16:52
المحور: الادب والفن
    


مع كل كتاب ينتهي مؤلفه من مسودّته الأولى، عادة ما يلجأ إلى أن يدفع به نحو دائرة أصدقاء ضيقة جداً، ليبدون ملاحظاتهم عنه، وهذه الدائرة في الكتب الأولى( خاصة المنجز الأول والثاني) تحاول أن تخلق ( الروائي والقاص) كما يحلو لها أن تراه، وبعضهم ربما يريد أن يفرض رؤاه الفلسفية على مسودّة العمل، وبمجادلات ومشاحنات كثيرة، تصل مع بعض المسودّات إلى درجة الخصام والزعل بينهم، تستطيع هذه الدائرة الضيقة أن تصل إلى اقتراح: أن (الفيتو) النهائي من حق المؤلف، بعد شبه القناعة منهم أن ما كتب هو عالم قصصي أو روائي(يحتمل أن يكون محض خيال 100% ويحتمل أن يكون محاكات للواقع)، يُراد منه إيصال رسالة عبر السطور، أو ما بينها، تتجمّع في نهاية العمل(طال أو قصر) لتعبّر عن رؤى وفلسفة كاتبها إزاء المحور العام لموضوع المنجز قيد البحث، ومن غير الممكن أن تتفق كل الآراء حول الفهم الفكري لموضوعة ما.
مثلا:
من حق المتلقي أن يحاكم الكاتب حول تناقض الأفكار في منجزه، ومن حقه أن يؤشر عليه نقاط الضعف والاسقاطات داخل المنجز، لكن ليس من حقه أن يُحاصر شخصية الروائي ويحاكم فكره لأنه يرى الحياة من منظور يقتنع فيه ويختلف مع رؤاه، أو لأنه يضع خاتمة أعماله وفق انعكاس ما تجمّع لديه من تجربة حياتية( تتشاءم عند بعضهم وتتفاءل عند البعض الآخر) ووعي تشرّب قديما من علوم (إنسانية، غيبية، طبيعية) توافق هوى وذائقة الكاتب يوم كان متلقياّ لنتاج غيره، ولم يباشر الكتابة أصلاً؟!.
والدائرة الضيقة التي نخصها بالبحث هي الدائرة المجادلة والمخاصمة، وليست الدائرة المجاملة لأن الأولى هي مَنْ تعطي لقلم القاص والروائي ذلك الجَلَد، والقوة، والانتباه، والصبر في أعماله اللاحقة، ولها فضيلة أخرى أنها تمنح الكاتب الناشئ القدرة على تحمل النقد البناء، والنقد الجارح ، والتسقيط.
وللتسقيط فعل معول التهديم، لأن الكاتب الناشئ مع أول اصدار يكون مثل شجرة هرّأت الريح ما حول جذرها من رمال( هي في أساسها متحركة ) أو هو يكون مثل أساسات خرابة بيت نراه من البعد متماسك وله جدران أربعة وسقف يغطيه، لكنه متآكل بفعل الزمن! وتآكل أساسات خربة الكاتب الناشئ تصنعها وتساعد في تهيئتها: أنه يكون وحيداً، لا مؤسسة اعلامية تدعمه، و لا مؤسسة ثقافية تقف بجانبه، وهو هنا يشبه مراهقاً يذهب ليجرب القبلة الأولى مع حبيبة هي مراهقة ولم تجربها مثله، والاثنان لا يستطيعان أن يستشيرا أحداً بذلك.
ولتقريب الرعب الذي يعيشه الكاتب الناشئ مع أول اصدار له من بؤرة المتلقي نذهب لأن نشبهه مثل غزال ولدته أمه ( التجربة الحياتية، الوعي المتراكم، وقليل من موهبة مازالت في طور الصقل) في غابة موحشة( عالم زملاء أو يفترض بهم أن يكونوا كذلك) ثم غابت تلك الغزالة الأم من حياة وليدها دون سابق إنذار( في الكاتب الناشئ مع أول اصدار له تنزوي الغزالة الأم في لا وعيه ويتواجه مع وحوش الغابة، حصرا الناقد التسقيطي والروائي التسقيطي) فالناقد التسقيطي يستدعي نظريات نقدية تعلمها أكاديميا( وهي في الأساس كتبت في زمن مضى لبيئة ووعي يختلف عن زمن وبيئة ووعي مجتمع الكاتب الناشئ) ويجرب هذا الناقد ما موجود في خزينه من المصطلح النقدي ليجعل من المسكين( الكاتب الناشئ) فأر تجارب مختبرية لما تعلمه، وسيكتشف الكاتب الناشئ في مستقبله( إن كان جَلِداً ولم تقتلع الريح جذع شجرته المغروسة في الرمل، وأساسات بيته الخرب ستقاول عوامل التعرية ورطوبة المياه الجوفية) أنه لم يفكر باصطلاحات ذلك الناقد ولا النظريات( المسلفنة) التي استقدمها له ليحاكم بها عمله الأول، وأنه وهو يكتب كان يعتمد على خزين التجربة الحياتية والوعي الذي تشربه وراح يشحذ ويصقل الموهبة الناشئة فيه.
أما معول الروائي التسقيطي فلكي نعي مقدار الضربة الواحدة من شفرته على جذر الشجرة المغروسة في رمل متحرك، ومقدار الارتجاج الذي ستحدثه كل ضربة منه على أساسات جدران خرابة البيت، فعلينا أولاً أن نعي حجم الرعب ومقدار الاحساس بالوحدة والضياع الذي سيعانيه وليد الغزالة الذي ولدته أمه وسط الغابة وغابت عنه، ولنتماهى قليلا مع شعور ذلك الغزال ونرى كيف يرى المجهول وسط فم أسد أو نمر جائع جاء يريد افتراسه؟ وماذا ستمثل له قطرات اللعاب وهي تسيل لزجة وخيطها يتلوى ببطء منقّعا الجزء الذي سيُنهش أولاً؟.
لكن كيف يكون الروائي تسقيطي وهو روائي مثل المُسَقّط ولا يرغب أن يُسقّطه روائي آخر؟.
عندما ينزوي الناقد في جحره ويغادر العين الحيادية، ويسير في ركب المجاملة، يرفع الروائي عنقه ويستل قلمه ليكتب انطباعه عن منجز الآخرين، ولأنه يعرف بأنهم سيردون عليه، ولهم القدرة على ذلك، فهو يتجه نحو الكاتب الناشئ، ليهاجم شخصه( مترفعا عن قراءة منجزه وتصويبه له أو هكذا يفترض) فهو يستخدمه كبش فداء، غزال ولدته أمه وسط غابة وغابت عنه، ليجعل من لعابه يسيل لزجاً مثل خيط يدور على الجزء الذي سينهشه منه، ربما لأن فيه إحساس أن القادم( الكاتب الناشئ) سيزاحمه على جحر الرواية الذي أوصلته النرجسية (نرجسية الروائي التسقيطي) لأن يعد نفسه هو المنظّر والمحلّل والمتّقن لفنه وما دونه سراب سيتبدد بعد حين! أو هو يريد أن يوظف الهجوم على (الكاتب الناشئ ) كرسالة تحذير لوحوش الغابة الآخرين( الروائيون الذين عرفهم القارئ وأثبتوا جدارتهم) الذين لم يعد بمستطاعه أن يبعدهم عن الكهف الذي يتخذونه ملاذاً وجحراً لهم (جحر الرواية كاختصاص مشترك بين الروائي التسقيطي والروائي الناشئ).ويحاول من خلال تسقيط الكاتب الناشئ أن يرسم بخيوط لعابه دائرة حدود مملكته التي على الوحوش الآخرين أن يبتعدوا عنها ولا يقتربوا من آخر خيط رسمه لعابه السائل عليها.
وكاتب المقال لا يتكلم جزافا من أجل التنظير وحشو السطور، فله تجربة قاسية يوم كان كاتب ناشئ ومع أول اصدار له.
تجربة قاسية هوى فيها المعول على جذر شجرته وكاد أن ينجح في اقتلاعه من رماله المتحركة، تجربة قاسية ارتجّت لها أساسات (خرابة الرواية ) عنده. وهو يتعهد لمتابعي ما يكتبه، أنه سيكشف كل ذلك عندما ينتهي ممن تقوية أساسات الخرابة، ويطمر جذر الشجرة بطين غريني يتماسك حوله ولا تعريه الريح ثانية.
لكنه يود أن يُعلم متابعي كتاباته أن وليد الغزالة استطاع أن يفلت من بين المخالب وقد نمى عوده واشتدّ عظمه، لكنه لا يستطيع أن يتناسى دائرة اللعاب السائل وخيطه اللزج الذي رسم على جزء من جسده ليُنهش منه.



#عامر_حميو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رائحة المعطف
- عندما تصبح الرواية مُدوَّنة لحلم طال انتظاره
- ( حكايات البلبل الفتّان بين جرأة الطرح وخجل التجنيس الأدبي)
- منعطف الرشيد رواية عالم صاخب بالحياة لقاع مدينة اسمها بغداد.
- رواية عصير أحمر لشذى سلمان...رومانسية موجعة.
- استنطاق الشخصية الروائية ومحاكمتها لقارئها عند إسماعيل فهد إ ...
- (ذاتية العنوان وفلسفة المتن القصصي في أريج أفكاري لفلاح العي ...
- الحكواتي والروائي
- السيدة التي جعلت في بهار إشكالية إقحام وفبركة


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر حميو - خرابة وجذع شجرة ووليد غزالة وحيد