|
الغزو التركي لسوريا وأهمية وحدة الكرد والعرب لإلحاق الهزيمة به .
حزب الكادحين
الحوار المتمدن-العدد: 5790 - 2018 / 2 / 17 - 11:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تجري الحرب الرّاهنـة في عفرين، ضمن نطـاق الصّراعات بين القوى الامبريالية التي تسم الـوضع العالمي مجسدة في الصّراع الدّائر بين حلفين عالميين واحد تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، الإمبريالية الأقوى في العالم الآن، وتسير خلفها الدّول الأوروبيّة وخصوصا القوى الاستعمارية القديمة، وآخر تتزعّمه روسيا وتسير بحذوها دول أهمّها الصين وإيـران ثمّ سوريا التي تجري على أرضها هذه الحرب. ويأتي شنّ الرّجعيّة التركيّة لغزوها في ظلّ تطوّرات دقيقة شهدتها ساحة الصّراع عسكريّا وسياسيّا وهو ما جعل أردوغان يقتنص هذه المتغيرات ويستفيد منها ليعلن هجومه العسكريّ الذي ادّعى أنّه لن يستغرق زمنـا طويلا لأنّ أهدافه حسب تعبيره محدّدة وسريعـة الإنجـاز بالنّظر إلى قوّته العسكريّة وإلى حلفـائه من داخل سوريا نفسها الذين سيسهّلون عليه ذلك. وقد تأكّد اردوغان قبل شنّ هذه الحرب أن لا عراقيل سياسيّة أو عسكريّـة ستواجهه لا من قبل روسيا ولا من قبل الولايات المتحدة الأمريكيّة. فالمتغيرات الدقيقة في سوريا مؤخّرا جعلت كلا القوّتين تلجأ إمّا الى الصمت تجاه ذلك الغزو أو في أحسن الأحوال تقدّيم تصريحات هلاميّة من قبيل حق تركيا في حماية حدودها أو ضرورة ضبط النفس أو أن القرار التركي يهدّد الاستقرار في المنطقة و أنّ هذه الحرب ستعطي نفسا جديدا لداعش.. وكلّها تصريحات لا تهدّد تركيا بل إنها تمنحها الضوء الأخضر اتنفيذ غزوها لسوريا والقيام بمذبحة بحق الكرد. لقد كانت روسيا على علم بهذه الحرب وكذلك الولايات المتحدة، وقد جرت اتصالات هاتفيّة على مستويات عليا بين مسؤولي البلدين حول هذه المسألـة وتنسيق المواقف بينهما. ويجدر التذكير أنه بعد الانتصارات التي حقّقتها وحدات حماية الشعب في عين العرب/ كوباني والرقة وغيرها ضدّ عصابات الإرهاب التكفيري ممثلة في داعش وجبهة النصرة، دخلت الولايات المتحدة الأمريكية على الخط وشرعت في تقديم مساعدات عسكرية ولوجستية لهذه القوات على أمل استعمالها في تنفيذ مشروع التقسيم الاستعماري الجديد لسوريا إلى دويلات متصارعة. ولكنّها اليوم تتخلّى بسرعة عن تلك القوات تاركة إياها تواجه العدوان التركي، حفاظا على علاقاتها مع الدّولة التركية، الحليف الاستراتيجي في المنطقة والعضو البارز في حلف شمال الأطلسي (الناتو). ضف إلى ذلك، أنّ مشروع التقسيم ومنه انفصال الأكراد في شمال سوريا لم يجد ترحيبا كافيا في المنطقة بأكملها خصوصا من قبل روسيا، بل إنّه وجد معارضات كبرى من قبل تركيا وإيران والعراق و هى الدول المتخوّفة من شبح الانفصال الكردي الذي قد يجتاح أراضيها وهي دول تضطهد تلك القوميّة. ولعلّ فشل إعلان استقلال إقليم كردستان في العـراق قبل أشهر قليلة كان له صداه البالغ في السياسة الأمريكيّة ممّا جعلها تتخلّى، ولو مؤقّتا، عن مخطّطاتها السابقة بتغيير الخريطة الجغراسياسيّة للمنطقة وتؤجّل تنفيذه إلى مرحلة لاحقـة. ولا يمكن هنا أيضا أن نتجاهل أنّ القيادة الأمريكيّة بزعامة ترامب تقدّم المصالح الأمريكيّة الضيّقـة جدّا على أيّة مصالح أخرى، فلا ضرر أن تتخلى وقتيّا أو نهائيّا عن الحليف الكردي المؤقت في سوريا الذى لا تخفى علاقته العضوية بحزب العمال الكردستاني المصنف أمريكيا ضمن قائمة المنظمات الارهابية ، خصوصا وأنّ الهدف المعلن من ذلك التحالف التكتيكي هو القضاء على داعش، قد تحقّق أو كاد. وإذا ما التزمت أمريكا الصّمت تجاه العدوان التّركي على عفرين، فإنّ ذلك لن يفقدها شيئا على أرض المعركـة، بل إنّها ستربح من ذلك أوراقا أخرى تستعملها لصالحها في إطار عمليّات البيع والشراء مع تركيا وروسيا بما يمكنها من جنى أرباح أكبر . أمّا بالنسبة لروسيا ، فإنّها ضدّ مشروع التقسيم والتفتيت الذي تلوّح به الامبرياليّة الأمريكيّة، وبحكم أنّها منخرطة بشكل رئيسيّ في الحرب على عصابات الإرهاب التكفيري، فإنّ أمـر الصّراع التركي-الكردي لا يعتبر لديها قضيّة كبرى، بل إنّه ربّما يخدم بشكل أو بآخر بعض الأهداف التي قام من أجلها تحالفها مع الدّولة السوريّة وفي مقدّمتها الحفاظ على وحدة الأرض السوريّة، وهو يفشل من الجهة المقـابلة مشروع الخريطة الجغراسياسية الجديدة التي أعدّها الأمريكيون ليس لسوريا فحسب بل للمنطقة برمتها كما قلنا ضمن ما سمّي بـ "مشروع الشّرق الأوسط الجديـد" بما يهدد على المدى البعيد روسيا نفسها ،خاصة بعد تصريحات رسمية امريكية تؤكد أن بقاء القوات الأمريكية في سوريا مرتبط بمواجهة روسيا والصين. ولذلك غضت روسيا الطّرف عن الغزو التّـركي بل انها أكدت انها لن تقف الى جانب سوريا اذا ما حصلت بينها وبين تركيا مواجهة عسكرية في محاولة لشق صفوف الحلف الأطلسي وجلب تركيا الى جانبها. أما تركيا فقد استعملت في غزوها ما لديها من قوة برية وجوية فضلا عن مرتزقتها من العملاء السوريين مثل الجيش الحرّ وجبهة النّصرة غير أن الصمود الكردي المستند الى تجربة طويلة في حرب العصابات الثورية كان أقوى مما منعها حتى الآن من تحقيق أهدافها فقد تكبدت خسائر فادحة وأضحت تبحث عن حل للخروج من المأزق ودعت الأمريكيين والروس لنجدتها بينما يقترب الجيش العربي السوري ووحدات حماية الشعب من توحيد الصفوف لمجابهة الغزو وإفشاله مما سيفاقم من مشاكل سلطة أردوغان الرجعية ويدخل الاضطراب في نفس الوقت على المشاريع الاأمريكية والروسية وقد يمهد ليقظة شعوب وأمم المنطقة حتى تتحد في الكفاح ضد الامبريالية وأعوانها .
جريدة طريق الثورة .
#حزب_الكادحين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيان حول اسقاط الطائرة الصهيونية .
-
بيان : مكافحة الجوسسة في تونس مهمة شعبية.
-
انتفاض اجتماعي في تونس .
-
ستظل ذكرى الرفيق - بيار- حية على الدوام .
-
نقل السفارة من تل أبيب الى القدس لا قيمة ولا بديل عن الحرب ا
...
-
بيان حول مقتل على عبد الله صالح .
-
ما العمل ؟ افتتاحية العدد 41 من جريدة طريق الثورة
-
تونس : تكفير معلمة
-
تونس : المصادقة على قانون المصالحة مع موظفين فاسدين .
-
تونس تسير نحو الافلاس .
-
بيان حول المساواة بين الجنسين في الإرث
-
نشرة كفاح الثوريين عبر العالم
-
الهند: اشتداد المواجهات بين الثوار الماويين والجيش .
-
من المسؤول عن حرائق الغابات في تونس؟
-
اليمن من الحرب والكوليرا الى الثورة .
-
الانتخابات البلدية في تونس
-
عرض ميشال بوجناح في حال حصوله ستترتب عنه مضاعفات أمنية .
-
تونس : تحويل القمع الى مؤسسة تحميها القوانين
-
بيان حول الترفيع في الأسعار
-
صراعات قبلية وجهوية في تونس
المزيد.....
-
وزير خارجية إسرائيل: مصر هي من عليها إعادة فتح معبر رفح
-
إحباط هجوم أوكراني جديد على بيلغورود
-
ترامب ينتقد الرسوم الجمركية على واردات صينية ويصفها -بغير ال
...
-
السعودية.. كمين أمني للقبض على مقيمين مصريين والكشف عن السبب
...
-
فتاة أوبر: واقعة اعتداء جديدة في مصر ومطالبات لشركة أوبر بضم
...
-
الجزائر: غرق 5 أطفال في متنزه الصابلات أثناء رحلة مدرسية وال
...
-
تشات جي بي تي- 4 أو: برنامج الدردشة الآلي الجديد -ثرثار- ويح
...
-
جدل حول أسباب وفاة -جوجو- العابرة جنسيا في سجن للرجال في الع
...
-
قناة مغربية تدعي استخدام التلفزيون الجزائري الذكاء الاصطناعي
...
-
الفاشر تحت الحصار -يمكنك أن تأكل الليلة، ولكن ليس غداً-
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|