أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق علي حامد - (الانتباهة وأخواتها) يوميات الثورة المضادة في السودان















المزيد.....

(الانتباهة وأخواتها) يوميات الثورة المضادة في السودان


طارق علي حامد

الحوار المتمدن-العدد: 5781 - 2018 / 2 / 8 - 23:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(1)
درجت صحيفة الانتباهة السودانية منذ تأسيسها في عقابيل اتفاقية السلام عام 2005م بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطني الحاكم علي يد الطيب مصطفي علي انتهاج خط تحريري معادي لحقيقة التنوع كحقيقة موضوعية موجودة في السودان، التنوع بمختلف مستوياته الديني والثقافي والاثني واللغوي، والذي تشكل عبر مخاض عسير لتطور الدولة السودانية في حقب تاريخية مختلفة، فجاءت صحيفة الانتباهة لتلغي هذا التنوع ـ بجرة قلم ـ كما يقولون في المأثور الشعبي، فكرست لتأسيس خطاب يتسم بالكراهية لكل ما هو غير عربي او غير اسلامي في الثقافة السودانية وحرضت صراحة علي انفصال الجنوب، والتحريض ضد الأخوة الجنوبيين بدعاوي انهم (لايشبهوننا) وحتي بعد ان حققت هذه الصحيفة رغبتها في انفصال الجنوب مازالت الانتباهة تلعب دورا خطيرا في بث الفرقة والشتات بين الاخوة الجنوبيين في دولتهم الوليدة من خلال افراد صفحات كاملة وتقارير صحفية (أشبة بالتقارير الأمنية) عن ما يدور في جنوب السودان من حروب ونزاعات. فيمكن القول ان صحيفة الانتباهة في ملابسات تأسيسها أشبه تماما بمجلة (كانغورا) الرواندية نصف الشهرية التي لعبت دورا كبيرا في التحريض علي الابادة الجماعية في رواندا منتصف التسعينيات من القرن الماضي وذلك عبر التحريض المباشر ضد طائفة التوتسي. ونشرها وتبنيها لما يسمي بـ(وصايا الهوتو العشرة) وهي وصايا دموية تحض الهوتو علي قتل التوتسي وقتل نساءهم واطفالهم، حيث كانت تصاحب عمليات الابادة الجماعية اعتداءات جنسية للنساء والاطفال. كما تبنت قيادة أركان الجيش الرواندي تعريفا خاصا لـ(العدو) يتماشي مع النزعات العرقية ويتبني هذه النزعات من غير تحفظ و وفي الحال أذاعت وسائل اعلام الكراهية في رواند هذا التعريف وعملت علي تعميمه وفي مقدمتها اذاعة وتلفزيون الألف رابية التي أسسها بعض المقربين من نظام (هابيريامانا)، كما دأبت هذه الوسائل الاعلامية المتطرفة في بث الكراهية علي استبعاد التوتسي حتي من التاريخ الوطني الرواندي.
(2)
ولكن في الفترة الأخيرة ومع تصاعد حركة الاحتجاجات الجماهيرية التي انتظمت في عدد من المدن السودانية ضد الغلاء في أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية وارتفاع أسعار الدواء درجت هذه الصحيفة (الكيزانية) علي استخدام (سلاح الدين) في عدم (شرعية) الخروج علي الحاكم وتحريم الاحتجاجات السلمية والمظاهرات وغيرها من وسائل كبح الحركة الجماهيرية بأسم الدين. وفكرة عدم الخروج علي الحاكم فكرة قديمة في التاريخ, فقد أستخدمها الأترك في غزوهم لبلاد السودان(1821م ـ 1885م) عندما أرسل محمد علي باشا عددا من الشيوخ مع حملة الفتح لاقناع المواطنين السودانيين بعدم المقاومة والتسليم والقبول بالغزاه باعتبار انهم يمثلون السلطان العثماني وان الخروج والمقاومة (كفر بواح) ويمكن قراءة ما تقوم به هذه الصحيفة منذ تأسيسها في سياق الثورة المضادة التي تجتهد في تثبيت اركان هذا النظام المتداعي والآيل الي السقوط، وحتي علي مستوي التغطية الاخبارية تحاول الصحيفة ان تفصل بين رئيس الجمهورية السيد عمر البشير وبين ما يسمي بـ(الفاسدين) داخل النظام، وكأن الرئيس البشير ليس له أي مسؤولية في هذا الفساد الذي طال جميع مفاصل الدولة، وهو خط تحريري مضلل لقراء الصحيفة،فهناك حكمة تقول (ان السمكة تفسد من رأسها) وبالتالي ان الرئيس البشير هو من أكبر الفاسدين في هذا النظام وانه يشكل حماية كبيرة للفساد وغطاء رئيسي للفاسدين مهما اجتهدت الصحيفة في نفي ذلك. وحتي لا يكون الكلام مرسلا ومتسما بالتعميم فانني سوف أشفع كلامي ببعض المقتطفات من المقالات الأخيرة المنشورة في صفحة الرأي بصحيفة الانتباهة.
(3)
كتب الدكتور عارف عوض الركابي بعموده الموسوم بـ(الحق الواضح) في صحيفة الانتباهة بتاريخ 7 يناير 2018م تحت عنوان (السلفيون والحكومة) " من المقرر عند السلفيين ان الشرع قد أوجب الصبر علي جور وخطأ الحاكم لأن الخروج عليه تترتب عليه مفاسد أعظم ومن تأمل التاريخ في القديم والحديث يجد ان أكثر مصائب المسلمين انما هي من جراء التفريط في ما قرره الشرع في هذا الباب الخطير، قال ابن ابي العز الحنفي في شرح الطحاوية : واما لزوم طاعتهم وان جاروا لانه يترتب علي الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف من جورهم، بل في الصبر علي جورهم تكفير للسيئات ومضاعفة للاجور، ثم يأتي تعليق كاتب المقال علي ما أوردة من نصوص سلفية تحرم الخروج علي الحاكم فيقول :" فلاخير في عاطفة لم تضبط بالعلم ولم تستضئ بالنصوص الشرعية وتحتكم اليها" ويقول السيد بخاري بشير في عمودة المسمي بـ(خارج الاطار) المنشور بالانتباهة بتاريخ 25يناير2018م "هل ينتظر هذا الشعب العظيم ان يقوده الشيوعيون الي وجهة لا يريدها..؟؟ لا للاجابة فالجميع يعلمونها فهذا الشعب لو أراد التغيير لفعله لكن عقلاءه ينظرون الي تجارب الشعوب التي من حولنا عندما فرطت في تماسك قواها الداخلية ويعلمون ماذا حدث لهم من فوضي كان نتاجها القتل والدمار والتشريد لانهم فرطوا في هيبة القانون والدولة. فهل يريد الشيوعيون ذات هذه التجارب والنماذج التي من حولنا للسودانيين..؟؟" انتهي الاقتباس .
(4)
واني لأجد نفسي متسائلا بعد قراءة هذا المقال وتعصف بذهني عدة اسئلة من هذا الافتراء الكبير علي حركة التاريخ والافتراء حتي علي الدين نفسه ولمصلحة من كتب هذا المقال البائس وفي هذه الظروف بالتحديد..؟؟ ففي الوقت الذي ترتفع فيه أسعار الدواء في السودان الي اسعار خرافية ويرتفع فيه سعر الخبز ودخول فئات اجتماعية جديدة الي دائرة الفقر بعد اجازة الميزانية الكارثية لعام 2018م ، وتراجع الصرف علي الخدمات الاساسية للمواطنين من علاج وصحة وتعليم يخرج علينا الشيخ عارف الركابي ليطالبنا بالصبر وينحاز بالدين كقوة اجتماعية رافضة للظلم والقهر وكتعبير عن النقاء والصفاء الروحي وحب الخير للآخرين ينحاز به للطبقة الحاكمة ويجعل من الدين ستارا حديديا سميكا لحماية مصالح هذه الطبقة الحاكمة، فأين هذا العارف الركابي من موقف الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي الله عنه والذي كان عليه رحمة الله يرفع صوت الاحتجاج عاليا في حضرة عثمان بن عفان حتي اضطر الخليفة عثمان الي نفيه الي منطقة الربدة مع العلم التام ان أبي ذر الغفاري من كبار الصحابة ومن العشرة المبشرين بالجنة. أما السيد بخاري بشير يحاول جاهدا ان يدغدغ مشاعر القراء عبر لوثة العداء للشيوعية وللحزب الشيوعي وهي (لوثة) مصاب بها جميع كتاب الانتباهة دون فرز، فالسيد بخاري بشير لم يفتح الله عليه بكلمة حق واحدة ضد الغلاء الطاحن بسبب سياسات حزب المؤتمر الوطني. فيا أيها السيد بخاري انت شخص معذول عن هموم الشعب السوداني، وانت تمارس تضليلا ضد الشعب السوداني فالقتل والدمار والتشريد الذي تحذر الشعب السوداني منه كل ذلك حدث في ظل هذا النظام المعادي للشعب السوداني والذي ارتكب جرائم لاتحصي في قتل المواطنين في دارفور والنيل الازرق وجنوب كرفان وبورتسودان وحرق القري واغتصاب النساء والتعذيب الوحشي داخل اغبية المعتقلات والفصل للصالح العام الذي طال الآلاف من ابناء وبنات هذا الشعب واطلاق الرصاص الحي علي شهداء انتفاضة سبتمبر، ومهما كانت النتائج التي التي ستترتب علي ذوال هذا النظام فهي بالضرورة لن تكون أسوأ من الحال الذي نحن فيه الان.
(5)
فقد يقول لي القراء انك متحيز ضد الانتباهة، وان المقالات المذكورة منشور في صفحة الرأي وبالتالي فانه لا يعبر عن رأي الصحيفة بالضرورة، ففي هذه الحالة أجدني أقول ان صحيفة الانتاباهة تحاول جل جهدها ان تدعي الاستقلالية عن النظام الحاكم المتمثل في حزب المؤتمر الوطني ولكن ستظل الانتباهة هي صحيفة السلطة مهما ادعت من استقلايلة فهذه الصحيفة هي تعبير عن تحالف الرأسمالية الاسلامية السلفية والسلطة السياسية القامعة. فمثلا في عدد الانتباهة الصادر يوم الاثنين الماضي الموافق 5فبراير 2018م جاء المانشيت الرئيسي للصحيفة كالتالي :(البشير يعلن الحرب علي الفاسدين) وتريد الصحيفة بهذا الخبر ان تفصل ما بين السيد رئيس الجمهورية وبين الفاسدين ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو هل اكتشف السيد الرئيس فجأة فساد هؤلاء الفاسدين..؟؟؟ وبعد مرور قرابة الثلاثين عاما..؟؟ هذا ضد المنطق وضد العقل فالصحيفة تريد ان تظهر لنا صورة السيد الرئيس كـ(الملاك البرئ) من فساد عصبته ولكن هيهات، فالشعب السوداني أذكي وأوعي من ان تنطلي عليه مناشتات هذه الصحيفة البائسة، فالبرغم من الاستجابة الكبيرة للموكب الذي دعا له الحزب الشيوعي السوداني بالعاصمة القومية في 16 يناير الماضي لتسليم مذكرة لوالي الخرطوم والوقفة الاحتجاجية في اليوم الثاني بميدان الأهلية والحشود الكبيرة للانصار بمسجد السيد عبدالرحمن وما صاحب ذلك من حملة اعتقالات واسعة من بينهم عدد كبير من الصحفيين والاعلاميين لم يكلف رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين ورئيس تحرير الانتباهة السيد الصادق الرزيقي نفسه بأصدار حتي بيان تضامني مع زملاءه الصحفيين في المعتقلات وسجون نظام البشير. صحيفة الانتباهة أحد الركائز الأساسية للثورة المضادة ولكنها ليست الوحيدة فأركان الثورة المضادة في السودان تتوزع علي عدد كبير من الصحف الانقاذية ووسائل اعلام ومؤسسات أكاديمية ومراكز بحثية وعليه فان أي حراك جماهيري يتطلع الي التغيير والانعتاق من هذا الواقع البائس الذي حشرنا فيه نظام الجبهة القومية الاسلامية عبر 29 عاما دون ان يستصحب معه خريطة كاملة لمواقع هذه الثورة المضادة وكشف مواقعها ستكون المحصلة النهائية محدودة.



#طارق_علي_حامد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة العربية والتغيير الاجتماعي : هكذا تكلمت المفكرة المار ...
- القيادية بالحركة الشعبية لتحرير السودان الاستاذة نعمات أدم ج ...
- نفي الصراع الطبقي .. لمصلحة من..؟؟ وقفات مع كتاب (علي عبد ال ...
- ما أسهل التغريد خارج قنوات الحزب : مناقشة هادئة مع الدكتور ا ...
- ورحل قلب آخر نابض بحب الانسانية
- (اليسار السوداني روائيا) قراءة نقدية في رواية (بيني وأم ريتا ...


المزيد.....




- رصدته كاميرات المراقبة.. شاهد رجلًا يحطم عدة مضخات وقود في م ...
- هل تعلم أنّ شواطئ ترينيداد تضاهي بسحرها شواطئ منطقة البحر ال ...
- سلطنة عُمان.. الإعلان عن حصيلة جديدة للوفيات جراء المنخفض ال ...
- في اتصال مع أمير قطر.. رئيس إيران: أقل إجراء ضد مصالحنا سيقا ...
- مشاهد متداولة لازدحام كبير لـ-إسرائيليين- في طابا لدخول مصر ...
- كيف تحولت الإكوادور -جزيرة السلام- من ملاذ سياحي إلى دولة في ...
- محاكمة ترامب -التاريخية-.. انتهاء اليوم الأول دون تعيين مُحل ...
- حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني في عمان يتقبل التهاني ...
- كاتس يدعو 32 دولة إلى فرض عقوبات على برنامج إيران الصاروخي
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات جديدة على إيران ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق علي حامد - (الانتباهة وأخواتها) يوميات الثورة المضادة في السودان