أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - بدو سيناء والإنتماء الوطنى















المزيد.....

بدو سيناء والإنتماء الوطنى


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 5716 - 2017 / 12 / 2 - 01:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عايشت البدو فى سيناء لفترة لا بأس بها فى ثمانينات القرن الماضى بما يسمح لى بتكوين وجهة نظر معاينة الى حد ما عنهم، خالطتهم فى أفراحهم التى يقيموها عادة فى الليل حين إكتمال القمر ويرقصون فيها الدحية والمربوعة، وخمّست معهم الشعر، وفى أحزانهم التى لا تدوم طويلا فبعد الدفن مباشرة يعودون لحياتهم العادية وكأن شيئا لم يحدث، البدوى إنسان جاف العواطف يتحايل على العيش بمختلف السبل، لا يحب العمل كثيرا ودائم البحث عن مصادر للرزق السهل، بعضهم يعتمد على النساء اللآئى يتزوجهن حيث يقضى معظم يومه جالسا أو نائما فى خيمته أو بيت الشعر بينما هن يرعين الأغنام ويجمعن الحطب ويحضرن الماء ويعددن الطعام، كنت اتردد على بقعة تسمى "بير صغير" وهو تجمع بدوى محدود حول بئر ماء، الرجال يقضون يومهم جالسين بالخيمة وهم يتسامرون بلا عمل، قليل منهم يعمل بالصيد، وكل أسماك البحر بالنسبة لهم هى "حوت"، ذكر لى أحدهم أنه أثناء الإحتلال قرر اليهود شق طريق يصل بين تجمعهم والطريق العام، أرغمهم جندى إسرائيلى من طائفة الدروز يسمى مصطفى ويتحدث العربية على العمل فى شق الطريق وعادوا بعدها سريعا لجلسة المسامرة.
أعترف أن إسرائيل لعبت دورا خطيرا أثناء سنوات الإحتلال الطويلة "15 عاما" فى دق إسفين غائر بين الشعب المصرى وسكان سيناء، أذكر أن أحد السيناويين أخبرنى أن الإسرائيليين كانوا يكررون عليهم أننا أبناء عمومة بينما المصريين فراعين، وحاولت إسرائيل خلال فترة الإحتلال إيجاد فرص عمل لهم فى سيناء من قيادة السيارات وإصلاحها وتقديم خدمات النظافة وغيرها "وذلك لعدم توفر عمالة إسرائيلية للقيام بهذه الأعمال بالأراضى المحتلة"، ناهيك عن السماح لهم بالدخول اليومى الى إسرائيل للعمل، لقد شاهدت بأم عينى كم الصداقات التى أقاموها مع شباب سيناء وحرصهم على إستمرارها.
المشكلة بين البدو والسلطة فى مصر تكمن فى عدم الثقة بين الطرفين، فالنظام ينظر اليهم نظرة شك دائمة، فى الثمانينات وبعد رحيل العدو الإسرائيلى عن سيناء وجدت السلطة صعوبة فى دمجهم فى المجتمع خشية من ولاءلتهم، رفضت أن تجندهم فى الجيش وبررت عدم تجنيدهم بأنه مكافأة لهم على تلك الفترة التى قضوها تحت نير الإحتلال وكانت تصرف لهم شهادات تأدية الخدمة العسكرية ممهورة بخاتم (الصامدون)، لكن الجميع كان يعرف السبب الحقيقى، من الجهة المقابلة كان البدو يتوجسون طول الوقت من الإدارة المدنية، الشعورالمستقر بأعماقهم هو أن هذه الأرض وتلك الجبال وذلك البحر هو ملكهم والسلطة تنازعهم عليها وتضع قيودا على حريتهم فى إستغلالها، قد يفسّر ذلك زعمهم بأن كل الأراضى فى محيطهم فى مختلف المناطق الصحراوية هى وضع يد أو ملكا لهم منذ الأبد، ولعله يفسّر أيضا كتمانهم الشديد ونفاقهم لرموز السلطة وإستخدام التقية فى مواجهتهم، أذكر أنه توثقت علاقتى بشيخ كهل منهم، وفى إحدى المرّات القليلة الذى صارحنى عندما سألته سؤالا مباشرا أيهما أفضل بالنسبة لكم، أثناء وجود إسرائيل أم الوضع الحالى، تريّث طويلا قبل أن يجيبنى " شوف، أكيد الإحتلال المصرى أحسن من الإحتلال الإسرائيلى"، ضحكت فكلاهما فى نظره إحتلال، هذا لا يمنع أن ليس هناك خلاف على أن بدو سيناء قاموا بأدوار بطولية لمساعدة القوات المسلحة بعد هزيمة يونيو 1967، وكانوا أحد العناصر الفاعلة أثناء حرب الاستنزاف التي كانت المقدمة الضرورية لحرب أكتوبر 1973.
إن موقف الأجهزة الأمنية رغم تناقضه من السكان البدو لكنه يتعامل معهم عادة بوصفهم خارجين على القانون يرتكبونه الكثير من الجرائم سواء تهريب المخدرات او الاتجار في السلاح او فرض السيطرة والاتاوات والاستيلاء علي املاك الدولة والسطو على ممتلكات الأفراد، كما يشكلون ايضا تهديدا للامن القومي الخارجي إبتداءا من تواطؤهم مع إسرائيل وإحتضانهم للجماعات التكفيرية وعلاقتهم بحماس والتنظيمات الإرهابية فى غزة، " فى معظم قرى مصر المختلفة يوجد عدد من البدو على تخوم تلك القرى يصنعون لهم مضارب ويحضرون معهم بعض امتعتهم ودوابهم، عادة ما يمتهنون بعض الأعمال الهامشية ويتم إكتراؤهم للقيام بأعمال إجرامية ويطلق عليهم الفلاحون العرب أو العربان"، حالهم يشبه فئة أخرى يسمون الغجر، هذا الوضع يظهر لنا درجة الظلم والحيف الذى يحيق بهم.
منذ إكتمال إنسحاب إسرائيل فى 1981 وجميع الحكومات المتعاقبة تعلن عن خطط لإعادة تعمير سيناء والدفع بالملايين من سكان الدلتا والصعيد للإستيطان بها، ولكن شيئا من هذا لا يحدث أو أن التنمية تحدث ببطإ شديد، لذا فالبطالة والتخلف وإنعدام وسائل الحياة الحديثة هى الملمح الرئيسى لتلك المناطق ما دفعهم أن يبحثوا عن وسائل أخرى تعينهم على مواجهة الحياة تمثلت فى تهريب وزراعة المخدرات وتهريب البشر خصوصا الأفارقة ورعايا دول الإتحاد السوفييتى السابق الى إسرائيل، بالإضافة لتهريب الأسلحة والسجائر والوقود والمواد الغذائية، حتى حينما بدأت عملية التنمية السياحية على أشدها بخليج العقبة فى جنوب سيناء تم إزاحة البدو جانبا وإستقدام عمالة وموظفين من الوادى والتعامل مع البدو وكأنهم من السكان الأصليين كما فى أمريكا وإستراليا أوالتعامل معهم باعتبارهم ملفا أمنيا فقط، من هنا بدأ التطرف وإنتشار الجماعات التكفيرية بين ظهرانيهم، هذه الأفكار ذات الأجنحة التى تطير خاصة من غزة عبر الأنفاق لتستقر فى جبال سيناء، حدث ذلك مرّة مع بداية الألفية الجديدة حينما أسس طبيب الأسنان العرايشى "خالد مساعد": أول نواة تكفيرية بالشمال هى تنظيم التوحيد والجهاد، ذلك التنظيم الذى قام بعدة تفجيرات ضخمة فى شرم الشيخ ودهب ونويبع وطابا فى سنوات 2004 – 2005 – 2006 على التوالى، وإستطاعت قوى الأمن بقيادة وزير الداخلية آنذاك حبيب العادلى من القضاء عليهم مستعملة أفصى أنواع الشدة والبطش، تمثل ذلك بالقبض على 3000 من شباب البدو وتعذيبهم تعذيبا وحشيا ومطاردات أمنية للبدو لم تنته بمقتل أربعة منهم على يد الأمن إذ قام البدو باختطاف قائد جهاز الأمن المركزي في سيناء وعدد من رجال الشرطة كرد انتقامي، إن الشخص المنتمى حينما يقوم باشباع رغبة من رغباته الطبيعية وهى الانتماء، فإن الوطن يستفيد من هذا العطاء في صوره المتعددة ويعمل علي رفاهية الانسان وخلق المناخ الثقافى والاجتماعى والسياسي والاقتصادى الذي يشجع علي نمو وتطوير عقيدة الانتماء القومى في صورها المتجددة.
ليس كل البدو "كما تعتقد الجهات الأمنية" مجرمون ومهربون، الأغلبية تريد أن تتحول الى نشاط فاعل يحقق لهم الإستقرار والتنمية، لكن يواجه ذلك عقبتان تتمثلان فى غياب التنمية والإرهاب، وكلتاهما متلازمتين فلا يمكت تحقيق تنمية حقيقية فى وجود الإرهاب كما أنه لا يمكن القضاء على الإرهاب فى غياب التنمية، إن إتجاه قطاع من سيناء الى التهريب "رغم مخاطره المحدقة" الذى يحقق مكاسب هائلة فى زمن قصير، أذكر إبّان عملى بسيناء أن كان معى عاملا صحيا يسمى صالح، إختفى لمدة شهرين وعندما عاد كان مصبوع البشرة ناحلا فقد نصف وزنه "على الأقل"، ولما سألته عن سبب غيبته أشارأنه كان لدى أحد المهرّبين يعدّه للعمل معه من خلال عمليات بدنية قاسية يسميها البدو " التصبير"، المهم أن صاحبنا غاب بعد ذلك غيبة كبرى وإنتقل بعدها ماديا الى مصاف الأثرياء.
لاشك أن للسيناويين مطالب يجملها بيان "إتحاد قبائل شمال سيناء" يمكن بلورتها فى التالى:
1. الافراج عن المعتقلين الذين تم تبرئهم من القضاء
2. اعادة النظر في الأحكام الغيابية العسكرية و المدنية الملفقة
3. وقف اطلاق النار العشوائي من قبل الأجهزة الأمنية
4. رفع ظلم و تغول الأجهزة الأمنية
5. اعادة جدولة القروض الخاصة ببنك التنمية لدي المواطنين بشمال سيناء
6. تقديم الضباط الذين ارتكبوا جرائم قتل لمحاكمة عادلة
7. منع انتهاك حرمات البيوت بأخذ من لا ذنب له من نساء و شيوخ و أطفال كرهائن
8. مناقشة تملك الأراضى لأبناء سيناء
9. توفير فرص عمل لأبناء القبائل
تلك هى المطالب المرجوة وفى إعتقادى أنه بيان متوازن ومطالب مشروعة، كما يجب العمل بجدية لإشراك أهالى سيناء فى القرارات الخاصة بحياتهم ومستقبلهم، وتلك أول خطوة لترسيخ شعور الإنتماء. وللحديث بقية.
السلام عليكم.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة أم ثورتان .. 25 يناير و 30 يونيو؟
- حول كتاب - الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث-
- الحازميون .. الوريث الأكثر دموية لداعش
- مرّة أخرى ..حول التنظيمات الإرهابية العاملة فى مصر
- تناقضات الواقع بين السلطة وحركة الجماهير
- ملاك أم شيطان.. أشرف مروان في الرواية الإسرائيلية؟
- الفلاح المصرى ..فى عيده
- فيلم الكنز ..بين السيناريو المفكك وإرتقاء الأداء
- عودة للجدل حول قضية المساواة بين الرجل والمرأة
- رفعت السعيد .. مناضل موسوعى مشاكس من طراز خاص
- حول تصريحات الرئيس التونسي بشأن المرأة
- سر عداء عبد الناصر للشيوعيين
- حكّام الخليج .. إمكانية الحفاظ والإستمرار بالحكم.
- ما بعد هزيمة داعش فى العراق وسوريا
- تطور المنظمات الجهادية فى مصر من السبعينيات
- 30 يونيو .. نصف ثورة ونصف إنقلاب
- الجماعة 2..عبقرية الكتابة والأداء
- علاقات قطر والإخوان..بين السياسة والبرجماتية
- حقيقة مأساة الروهينجا فى بورما
- حرب الأنصار أو الصحوات فى سيناء ضد تنظيم الدولة


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - بدو سيناء والإنتماء الوطنى