أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي خالد - رهان ( الميتاحكي).. ثلاثية الاستاذ : حمد حاجي / وشم على كتف/ نموذجا















المزيد.....

رهان ( الميتاحكي).. ثلاثية الاستاذ : حمد حاجي / وشم على كتف/ نموذجا


علي خالد

الحوار المتمدن-العدد: 5683 - 2017 / 10 / 29 - 04:01
المحور: الادب والفن
    


.وشم على كتف ...
.النص --------- ثلاث قصص قصيرة جدا ( الميتاحكي)
=============== وشم على كتف ==========
1- صوت الحياة
==========
وقبل أن تمتد يدي إلى طرف الحبل و تثبته بالقضبان و تديره حول عنقي، لمحته، يهم بالقفز من برج المراقبة ، طارت حمائم السطح ..
مغشيَّا عليَّ ، لم توقظني سوى، أجنحة كانت تضرب بها الأقفاص..
كان سقوطه مدويا ذلك السجان ..
==========
2- طيف نسيم
============
حين هتفتَ سأتزوَّجها:
تعرَّت صباي الحيِّ أمام العيون، وتغطت بائعات الهوى بأردية النقاء
وخانت أمهات ..
ووشت أخوات..
..
هكذا قال المحقق بينما كنت أمضي على دفتر الحرية..
=======
3- السؤال النازف
=======
ليلتها.. كان شهريار، تحت وطأة الخمرة والحرب ، يلهو بجثث الصبايا ، يضرب النهود، يفصل الأرداف والأعجاز…
فيما شهرزاد ترقع لهنَّ بكاراتهنَّ وتضخ لهن من نوافير الدماء بالقصر..
فزعا تلعثم الراوي: سأبحث في الفضاء عن قفل الحنفيات..
– أين؟
– في حكايا شهرزاد.
القراءة ----------------------
وحده الأدب الأقدر على اقتناص اللحظة الفارقة في التاريخ ...قد يسبقها أو يدركها أو يمسكها وهي تتحرك كأسراب الحجل ...ويظل الأديب بقدرته الفائقة على تمثل تلك اللحظة بما تختزنه من الدهشة وماتثيره في النفس والروح من أمزجة متشنجة متضاربة في الأغلب الأقدر اعادة انتاجها في أثواب تخفف وهجها الحارق وتهبها سائغة للقارئ...ويرتقي بها من فجاجة ومباشراتية الواقع الى شكلها الفني الجمالي فيهبها من روحه طاقات التخييل ويفجر من رحمها ما لا يراه الآخرون ...فاذا اللحظة أيا كانت قسوتها ودرجة تركيبها تغدو ك"الوشم " قد يلذ لعين المشاهد غير أنه أبدا لن يستحضر ألم الوخز ولهيب الحفر حين نشأته على "الكتف" أو الجبين.
ان جاز لنا ان نختزل تعريفا لتقنية في السرد والتعامل مع النص السردي بما هو منجز تخييلي فني جمالي ، هي تقنية الميتاحكي ،فانها بامتيازو بلا منازع تقنية الحذف والاختزال والايماض والتلميح ...هي الترميز المضاعف بلغة الرياضيين أو لعلها الايماء و الالغاز . تقنية تلجأ الى اللغة فترتفع بها الى مرتبة الميتا لغة وماوراء اللغة. فلست قابضا من قراءتك الأولى لنص توسل هذه التقنية الا على وهم الفهم ونكهة باذخة تستمرئها ولا تدرك مصدرها كمن يمارس معك لعبة التخفي ،يطعمك وأنت مغمض العينين فلست تبلغ كنه ماتطعم الا اذا فككت عنك غشاوة وضربت في العبارة والبناء اللغوي تستجلي دلالاتهما الأول والحافة . تماما كأنك في حضرة معبر الأحلام أو من وهبه الله بسطة من العلم لتعبير الرؤى . وان لم يكن فتظل السبع السمان تأكلهن السبع العجاف ولن يسقي الفتى ربه خمرا ولا لبنا.
على هذا النحو وغيره أيضا يستقبل القارئ ثلاثية باذخة ترتفع فيها درجة البلاغة وتتكثف فيها العبارة حتى لامزيد . وعلى هذا النحو يبهرك الد. حمد حاجي وهو يختزل ويومض ويومئ بطرف عصي الى ما وراء القصد فيدفعك دفعا الى الحفر في مدونتك الأبعد غورا تستقرئ المعنى وتفك شفرة الحرف والبناء حتى تظفر بالدلالة . واذا أنت وقد جزت البحر تنكشف لك الدلالة دلالات وقد لا تظفر ببرد اليقين . فالحقيقة كما علمت بستة أوجه وثلاثة أبعاد. واذا الكلام حمال أوجه كثيرة.
كم هو شائك السير في طريق لاتهتدي فيه الا بالاشارات والنجوم ولا بوصلة الا فراستك !!! وأنت أعلم بأن صاحبك لم يكن يوما ميتا واقعي ، بل هو مسكون بالحفر في الواقع ، مبهر في التقاط اللحظة التاريخية الفارقة شأنه في ذلك شأن الأديب الفنان المرهف الأكاديمي المتمكن من لغته وفنه.
تلتقط العبارة في عتبة النص/ الثلاثية فاذا لها رنين ...." وشم على الكتف" ...توليفة لغوية طريفة بنيت على النعتية أو هي الى المركب شبه الاسنادي أقرب ، فالنعتية تكتفي بتنزيل الوشم في مكانه من الجسم " الكتف" بحرف جر"على" في معنى الالصاق ، في حين لو أجريته على الاسناد لرأيت فيه معاني الفاعلية ولمنحك لاجلاء معاني الوشم دلالات أعمق . فالوشم كما علمنا سمة ورمز لم تخل منه حضارة من الحضارات حملته النساء كما الرجال للزينه غير أنه أيضا تعبيرفني يدل على انتمائهما العشائري والدموي والطبقي كذلك . يضعه حامله اختيارا وطوعا ورغبة وفخرا تعبيرا على هويته وانتمائه غير أن الوشم لم يكن فقط كذلك .. فقد يحمله صاحبه كرها سمة تلازمه مدى العمر فتجعل الٱخر ينفر منه على نحو ماعرف بالتجريس فيما تناقلته أخبار صراعات القبائل والأحلاف على جبين الرهائن والمنهزمين أو على نحو سمات مخصوصة بأشكال معينة يوسم بها كبار المجرمين . فأنت بهذا تجد العتبة/العنوان ينفتح لك على مسارات في التأويل متعددة غير مأمونة المزالق وليس لك الا أن تبحر علك تجد من الاشارات والنجوم ما يرجح هذا المسار أو غيره .

فتسارع ...تلتقط أنفاسك لتقنص من الثلاثية عناوينها الصغرى علك تظفر باشارة كافية . فاذا في " صوت الحياة" بصيص أمل . قصة قصيرة أولى , وتد من أوتاد خيمة , نص متين كتب بلغة سلسة صافية يحمل برنامجا سرديا واضح المعالم وان لم يخل من الترميز والايحاء . يتجاذبه صوتان صوت السارد/الأنا/المتكلم يعالج الحبل رغبة في الخلاص شنقا - والحبل كناية عن الموت كما هو كناية عن حبك الخطط والحيل للايقاع بالفريسة أو العدو- وصوت ثان بلا ملامح و لاهوية ، ضمير الغائب/هو في " لمحته ، يهم ، سقوطه " ..مسمى بلااسم يتجاهل السارد ذكر اسمه أو يعف عن ذكر اسمه . يهم بالقفز.. فيسمه في نهاية القصة ب" السجان" . سجان يهم بالقفز وما القفزالا لاتقاء شر أو تجاوز عقبة فاذا " السقوط مدويا" . واذا القارئ أمام مشهد سريالي يجتمع فيه السجين والسجان . ففي الوقت الذي يقرر/ تجتمع ارادة السجين فيه على وضع حد لحياة هي أقرب الى الموت ينكسر أفق انتظاره في مقابلة مربكة بسقوط السجان وموته من حيث طلب النجاة بالقفز . أليس المشهد إحالة على ماعاشته بعض الشعوب في الثورات العربية في بداية العشرية الثانية من هذا القرن ؟ ألا يكتسب " صوت الحياة" دلالته بعد ذلك ؟ انه صوت علا فوق كل الاصوات على الرغم من " القضبان" في لحظة فارقة في الزمن خالفت كل متوقع حين استيقظ المارد وقد ظنه الجميع فارق الحياة أو يكاد واذا السجان بما أوتي من جبروت " يقفز" فيهوي و"كان سقوطه مدويا ذلك السجان"... ولم توقظ المارد غير " أجنحة " وما الأجنحة سوى أفكار ورؤى تراكمت عبر سنوات " تضرب بها الأقفاص".
على هذا يبدأ المشهد برائحة الموت وينتهي ب" صوت الحياة".
" طيف نسيم" ..وما ألصق طيف النسيم بهوى الحرية وصوت الحياة ! يطالعك صوت المخاطب/انت في قوله " حين هتفت"...خطاب مباشر يؤرخ للحظة أخرى مفصلية في السردية كما في المحكي لحظة رغبة صارخة " سأتزوجها " . ليرمي بك القاص مرة أخرى في الدهشة. تعيد القراءة مرات حذر الانزلاق. تبحث في المتن عن اشاراتك علك تظفر بما يفك طلاسم هذه التي أحدثت بزواجها انقلابا في المفاهيم والقيم . وقد استقر في فهمك قبل هذا أن الأمهات رمز العفة والصفاء فاذا هن الخائنات واذا الأخوات واشيات و اذا " صبايا الحي" - والاضافة هنا تأكيد لما عرفت به صبايا الاحياء من الحياء- عاريات مجردات " أمام العيون". وفي مقابلة صادمة ترى " بائعات الهوى بأردية النقاء" ...انقلاب في القيم والمفاهيم ، أحجية تربكك بل تزعجك حين تعسر على الفهم ،كثيفة بعيدة المعنى لا قرار لها الا حين ترد السند الذي أرجأه القاص الى خاتمة القصة فاذا الحدث جريمة عظمى / أو هو " خيانة عظمى" في حق الانسان والأوطان ومنظومة القيم وعناصر الهوية . استدعت " محققا" حين فاز السارد/ السجين برسم ب" دفتر الحرية ". واذا أنت أمام واسطة العقد في البناء السردي للثلاثية عمود الخيمة تتلمس الوشائج والروابط بينها وبين ماقبلها و مايليها .ولك أن تذهب في تأويل هذه الغائبة /هي التي " هتف سأتزوجها" مذاهب ، فهي ان شئت الوطن كبيره وصغيره ، وهي السلطة المتبرجة وهي في النهاية أنثى فاتنة لعوب طروب غانية مغرية مغربه , كثيرا ما ذهبت بالعقول فقلبت كل النواميس وضربت بالقيم والهوية ودفعت بعنجهيتها وجبروتها وكتمها لكل نفس حر والجامها لكل لسان الى أن تجعل من الأخت واشية ومن الأم خائنة.
غير أنها الى زوال وليس لها أن تصمد على شدتها أمام أطياف " النسيم " ...نسيم الحرية ونسيم الارادة والعزم .
على هذا النحو نتهجى حبكة ماتعة ملغزة كتومة تضمر أكثر مما تظهر في معالجة عميقة لراهن الانسان العربي في علاقته بالسلطة حاكما أو محكوما وتوقه الأبدي للحرية وصراعه من أجل تحقيقها ، معالجة فنية اختارت لها أكثر التقنيات السردية فتنة وتعقيدا..تقنية الميتاحكي ..
ويظل ذلك " السؤال النازف" ..حيرة تطلب اليقين...صوتا يتردد في الساحات ...هاتفا / صيحة لم يخل منها تاريخنا الطويل ...يردده الشعراء والأدباء وتعج به المدونة عبر العصور ...فلا غرابة أن يستحضر د . حمد حاجي صورة شهريار وشهرزاد . قصة ملهمة لم نكتشف منها الا بقدر ماغاب عنا . شهريار بكل ما يكتنزه الاسم من دموية وتعطش للسفك والفتك بالأبرياء, يطارد وهما لا وجود له الا في خياله وشهوة لا يسندها العقل " يلهو بجثث الصبايا ، يضرب النهود ويفصل الأرداف والأعجاز". غير أن هذه الشهوة وهذا التسلط يظل دوما في حاجة إلى شهرزاد - ولكل شهريار شهرزاده - " ترقع لهن بكارتهن وتضخ من نوافير الدماء" . وما " شهرزاد" الا أبواق الدعاية و الاعلام والأقلام و " الماكينة " الرهيبة من أولئك الذين ينتدبهم الحاكم بأمره شهريار يزينون له الواجهات ويفتون بصلاحه وحكمته. جوقة لا تعدم وسيلة لتبرير ما لا يبرر.
وهكذا ، يتوسل القاص بالميتاحكي في تناص واستدعاء واستحضار لقصة من المدونة هي الأكثر شهرة ورواجا في جميع الأوساط ، ليلقي للمتلقي / القارئ مفتاحا به تفك جميع الأحجيات . فيكشف هذا النزوع السلطوي الذي حكم ثقافتنا العربية حتى لافكاك عبر العصور وكأنما هو جبلة جبل عليها أو قدرا محتوما لا خلاص لنا منه الا بالقرابين والدماء والمنافي والسجون وقلب سافر للقيم واغتراب مقيت عن هويتنا.
حق للراوي حينئذ أن يفزع " فزعا تلعثم الراوي " ...وأن يبحث في الفضاء " عن قفل الحنفيات/ نوافير الدماء "...دعوة صريحة نتيجة حتمية لفرط الوجع ولجاجة السؤال وحرقته ...أليس من حقنا أن نحيا أحرارا كما ولدنا وكبقية شعوب العالم !؟
على هذا النحو ، استطاع الدكتور المبدع حمد حاجي أن يوظف الميتاحكي في انتاج عمل متفرد يقطع به مع البناء التقليدي في السرد ليلج به قضايا الراهن في ثوب ابداعي جمالي بعيد الدلالة متين اللغة . تجربة جديدة رائدة مراوغة تفلت من تواضعات النقاد ومحافظتهم وتكسر الأنساق في نظرية الأدب وتمنح القارئ الجاد والناقد المجدد على السواء متعة محاورة النص والتفاعل معه وممارسة جمالية القراءة .
علي خالد - تونس في 27/10/2017..... قراءتي لنص الدكتور حمد حاجي Hamed Hajji...



#علي_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحاصصة الطائفية...الواقع والتغيير


المزيد.....




- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...
- بعد ضجة واسعة على خلفية واقعة -الطلاق 11 مرة-.. عالم أزهري ي ...
- الفيلم الكويتي -شهر زي العسل- يتصدر مشاهدات 41 دولة
- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...
- تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...
- وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب ...
- “أفلام تحبس الأنفاس” الرعب والاكشن مع تردد قناة أم بي سي 2 m ...
- فنان يحول خيمة النزوح إلى مرسم
- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي خالد - رهان ( الميتاحكي).. ثلاثية الاستاذ : حمد حاجي / وشم على كتف/ نموذجا