أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - نهاية الصبر_ فصل جديد من روايتي (حين يحزن القمر)















المزيد.....

نهاية الصبر_ فصل جديد من روايتي (حين يحزن القمر)


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5667 - 2017 / 10 / 12 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


نهاية الصبر
البرقية الجوابية التي وصلت قبل سفر كريم بيوم واحد تشير إلى ضرورة تأجيلها إلى ما بعد العملية بأسبوع، الطبيب المختص أخبرهم أن ترقيع الطبلة يحتاج إلى فترة من الرقابة الصحية والتدريب على التأقلم مع الوضع الجديد قبل أعلان النتيجة النهائية، الإحساس بالبعد قد يثير أشجان وأيضا يثير نوعا من الشعور بالتقصير تجاه من هم بدرجة عزيز فوق العادة، أستسلم للأمر ولا مناص من البقاء لأسبوع أخر من الحيرة والأشتياق، أيضا هذه فرصة كبيرة للكتابة حتى تتبين خيوط الرواية والثيمة التي ستعكس أجواءها الداخلية.
وضع الحيرة يستبد به وهو لا يعلم كيف ستصله أخبارها وما من وسيلة مباشرة تطمئن باله عما يجري هناك، أخيرا أهتدى لفكرة أن يتصل بأستير ليكون سفيره المعتمد لاسيما وأنه قريب جدا من المستشفى الجمهوري الذي ستجري فيه العملية، أتصال واحد بهاتف الفندق بدد مخاوفه وأرسل ملائكة السكينة لتستقر في عقله وباله، كان ستار فعلا متابعا لكل ما يجري هناك وغدا صباحا سيكون مع سميرة في أنتظار ما سيحدث، هكذا أنتهت فترة القلق وعاد للكتابة من جديد.
الأستعداد الفطري المعزز بالتجربة خاصة في مجال الكتابة تمنح الإنسان القدرة على إعادة خلق العالم من جديد، صحيح أن تجربة كريم مع محيطه كانت تشوبها الكثير من الخيبات، أما مع القمر حين يحزن كمشروع يثبت لنفسه من جديد أن صاحب رؤية، عززت لديه الحرص أن يختار الكلمة والفكرة من خزينه في الذاكرة ويعيد فيها بناء ما يريد، كل الذي أنجزه منها ومع القلق المستبد من صراع ما يتمنى ككاتب والواقع الذي يحاصره تجده بارزا في ثنايا العمل، لكن هذا لا يمنع من أن يواصل المحاولة لتكون هديته التي تقر بها ذائقة سميرة حين تعود الملاك الحارس له.
أم كريم التي كانت سعيدة في الفترة السابقة من أن كريم قد ترك الجلوس والبقاء وحيدا في السردات أعادت ذكريات الأحداث القديمة وما جرى عليه من فكرة زواجه من الجنية، اليوم نراها لا تفارق البيت كلما كان جالسا يكتب، تحاول أن تقطع عليه خلوته في كل مرة تجد عذرا لذلك، كانت مراقبتها له لا تزعجه كثيرا فقد تعلم أن الحرص على من تحب ليس عيبا بقدر ما هو قدرة على العطاء، في كل مرة تأتي حاملة بيدها الشأي أو الفواكه يبتسم لها ويلاطفها بالكلام ليبدد تلك المخاوف ويعيد لها الثقة بأن ما من جنية ولا هم يحزنون، إنها أفكار زرعها الخوف أكثر مما هي شكوك أو حقائق يمكن أن تكون في لحظة ما حقيقة.
الصور المعلقة على جدران السرداب منحت المكان روحا بهية فهي تذكره ببعض التفاصيل التي يجب أن تكون حاضرة في الرواية، كما تمنحه بعض الأحيان إلهاما شعريا يزيد من القدرة على ترميز الواقع، فهكذا مشروع كتابي في زمن مر لا يمكن أن يمر بسلام دون أن نمنح الفكرة قدرة على التأقلم مع كل الأحتمالات حتى القاسية منها.... لذا عندما تضيق مساحة الحرية في السرد المباشر للأحداث يلجأ إلى التورية بقطع نثرية أقدر على تغطية الكلام برمزية الصورة وأحيانا تكون أكثر سوريالية مما لو ولدت كما هي...
الجدران الصماء فتحت عيونها لتسمع
ولتحكي قصة الصمت
في كل خطوط رسمها اليأس مثال
هنا في الفراغ الذي لا يشبه شيء
ولادة
تحدث من جديد
أما حياة تصارع
وأما موت يختبئ خلف الظلام
بأنتظار الإشارة...
أو أشارة تنتظر قرار
وحدها الحجارة لا تخاف
ووحدها العزلة تعطيك شعورا
أن العالم البعيد
عالم بلا حدود
ولا ممرات مكتضة بالممنوع الأبدي
هو عالم الحقيقة
فلا بد من مهرب
بين المتهات المتوالية
ولا بد من طريق يختزل أوجاع الروح
من وجودها
ليحررها من دنس الضياع
وقدس البقاء المخلد
هنا... لا يمر الزمن بسهولة
من ثقوب الذاكرة
فقد يطيح بكل عمارة الأشياء المرمية بلا وعي
فتصبح الفوضى سيدة القوانين
ويستحيل القدر بها
لمجرد فكرة تمر كالمعتاد
بين جدران وجدران......
وبين أن تكون أو لا تكون لتكون....
رقما يسقط في قاع لا قرار له
إنها القدرة على التكيف
بلا ثمن......
تجربة السفر خارج حدود كربلاء القريبة وخاصة لمدينة يسكنها السحر والشعر ويتغنى فيها الماء والشجر لا تكون إلا نوعا من قيامة الروح، منحت كريم خيالا لا يمكن أن يولد لمجرد أنك تقرأ في أوراق أو تسمع حكايات سندباد مغامر عن بعد، كل الصور الذهنية المخزنة بالوعي تنطلق حرة حينما نعيش الواقع شغف بما فيه من كل ألوان الحركة وتردداتها، إنها الحرية في تاريخ بصرة الجنوب منذ أن أطلت بروحها على البحر ومدت عنقها للسماء، الحرية في لفظ أسمها المحبب أو حينما تطأ أرض أبت أن يأكلها الملح وجودها أو يغير مزاجها (الشرجي)، قد تعرف أسماء مدن وتواريخ وذكريات مرت بها لكن البصرة عالم عجيب لا تمنح ذاكرتها فقط، بل تمنح روحها لمن يحب بطيبة ولمن عشق الحرية بجنون.
ساعات النهار قبل أنتهاء الدوام الرسمي مرت ثقيلة على قلبه وإنشغالاته في الأطمئان على القمر البصري تكاد تزعجه بلا حدود، لم يك من بد أن يخرج قبل أنتهاء الدوام ليعانق أثير الهاتف ويسمع الموجز المفيد من أستير، ها هي رنات الهاتف تتوالي دونما مجيب ما زاد من بلة طين حيرته، محاولة أولى وثانية وثالثة حتى بلغت الساعة الثالثة لتبشر بصوت أستير من الجهة المقابلة، لقد نجحت العملية وخرجت سميرة كأنها (رأس جبن عرب) وهي ملفوفة الرأس بالضماد الطبي، كانت فرحة جدا بعد أن زال عنها مفعول المخدر، لم أخرج من المستشفى حتى أرسلت لك أبتسامة عريضة....
مباشرة من دائرة البريد حيث الجهة المقابلة دار أبي رزاق كانت الخطوات متسارعة لتخبره ما جرى، الصدفة وحدها قادت لألتقاء الرجيلين قريبا دون أن يتكلف كريم عبء المشوار، تبادلا الحديث وطلب أن يرزم حاجاتها الشخصية وأوراقها ليحملها لها فهي بحاجة لكل الوثائق الرسمية، هنا لم يدع الفرصة لموعد أخذ مسكه من يده وأستمرا في إكمال المشوار حيث كان الأمر وكأنه معد مسبقا، حمل الأغراض بارتونة ملفوفة بعناية وفيها أسرار وحكايات قد لا يعلمها إلا من دونها على ورق، وهو يسير حاملا روح سميرة التي لم تنطق إلا جمالا وحرية وهو يتغنى برائعة أم كلثوم أنساك...
انساك !
ده كلام ؟
انساك !
ياسلام !!
اهو ده اللي مش ممكن ابدا
ولا افكر فيه ابدا
دا مستحيل قلبي يميل ويحب غيرك ابدا
اهو ده اللي مش ممكن ابدا
ولا ليله ولا يوم انا ذقت النوم ايام بعدك
كان قلبك فين وحنانك فين
انا انسى جفاك وعذابي معاك ما انساش حبك
*****
ذكريات حبي وحبك ما انسهاش
هي ايامي اللي قلبي فيها عاش
فيها احلامي قلتها وحققتها لي
وفيها احلامي لسه انا ما قلتهاش
اللي فات من عمري كان لك من زمان
واللي باقي منه جاي لك له اوان
*****
كان لك معايا اجمل حكايه في العمر كله
سنين بحالها مافات جمالها على حب قبله
سنين ومرت زي الثواني في حبك انت
وان كنت اقدر احب تاني احبك انت
كل العواطف الحلوه بيننا
كانت معانا حتى في خصامنا
وازاي تقول انساك واتحول
وانا حبي لك اكتر م الاول
أكثر من الأول ولا أول في الحب إلا حين ينطق القلب بلا تردد ولا خوف ولا وجل، كانت الكلمات وحدها هي من أفصحت ما بداخله من عواطف حاول أن لا تخرج وبكل قوة لتعلن ولهه الكامن في طيات وعيه المستتر، ليس من وضع الحرية أن نذبح عواطفنا على عتبة الخجل من البوح بها أو مداراة ما هو واقع في الواقع، نعم أحبها وتحبني ولا من قوة بعد الآن يمكنها أن تطيح بحلمي حتى لو كان القدر هو خصمي اللدود.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترميم الصورة _فصل جديد من روايتي (حين يحزن القمر)
- هنا البصرة الجرح الذي لا يموت، فصل من روايتي (حين يحزن القمر ...
- الطائر الصاعد .... فصل من روايتي (حين يحزن القمر)
- الحرية الفردية وإشكالات المعنى والدلالة
- الحرية الفردية وإشكاليات المعنى والدلالة
- فصل أخر من روايتي (حين يحزن القمر)
- فوبيا الظلم والمظلومية
- فصل جديد من روايتي (حين يحزن القمر)
- فصل من روايتي (حين يحزن القمر)
- لعبة القتل الحميد.......!
- فصل من روايتي (أيام الفردوس)
- تحديات الواقع للعقل الإسلامي ومجتمعه في ظل عالم متطور
- الحوار المفتوح........ ج22
- ترهات عربي ملحد
- العراق بين مطرقة الأستفتاء وسندان عجز الحكومة
- الحوار المفتوح........ ج21
- الحوار المفتوح........ ج20
- الحوار المفتوح........ 19
- الحوار المفتوح........ ج18
- الحرية الدينية وميزان المنطق العقلي فيها


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - نهاية الصبر_ فصل جديد من روايتي (حين يحزن القمر)