أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - قرن ثم تنبعث ثورة العشرين (2/2)















المزيد.....

قرن ثم تنبعث ثورة العشرين (2/2)


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 5632 - 2017 / 9 / 6 - 13:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قرن ثم تنبعث ثورة العشرين (2/2)
بعد اقل من ثلاث سنوات، سيحل حدث فاصل في تاريخ العراق الحديث، وسيكون كذلك لمرتين، مرة لانه علامة كبرى بحد ذاته، ومرة لانه ياتي بعد قرن من الزمن، وقد بدأ تاريخ العراق يفصح عن كينونته التاريخية، مع انه يسبح في الخراب والكارثة، عابرا على مدى تشكله الوطني الحديث منذ القرن السابع عشر،ثلات حقب: قبلية، و دينية تجديدية، وايديلوجية، وكلها رؤى احادية، جزئية تنتمي للوجه الطاريء على كينونة العراق المجتمعية المزدوجة.
ربما سنسمع يوم 30 حزيران 2020 اصوات المحتفين المنتمين للتاريخ الطاريء، يرددون "الطوب احسن لو مكواري" و "جن ماهزيتي ولوليتي" ورد الام المفجوعة عليها "هزيت ولوليت لهذا"، كما سيتبرع انصار مفاهيم "التحررالوطني" بالصاق الحدث التاريخي، بترسانه شعارات "حركة التحرر العالمية" و " الثورة الوطنية العامة" التي لم تحقق اهدافها كاملة، بانتظار ان تستكمل بالثورة الوطنية الاكبر، والتي ستخنق هي الاخرى في المهد بعد 14 تموز 1958، وستبدو القوى المحتفية بالثورة، اصغر منها، ودونها بما لايقاس، بينما ينعكس طيف المحاصصاتيين، ومادة "العملية السياسية الطائفية المحاصصاتية" القائمة، مجتمعين، بكياناتهم المهلهلة، ووجوههم الكالحة، علمانييهم واسلامييهم، وهم يتمسحون باذيال حدث قتلوه وشربوا من دمه دائما: المهم في الذكرى القرنية للثورة، انها ستكون بداية الاعلان عن موت الوعي الاحادي واقعا وتجربة ومفاهيم وشعارات: القبلي، الديني، والايديلوجي الغربي المستعار.
لم تكن ثورة العشرين ثورة تحررية بالمعنى الشائع، كانت ثورة "مجتمع لادولة" في مجتمع مزدوج، مكون تاريخيا من مجالين مجتمعين متصارعين، مر بدورتين حضاريتين تاريخيتين ، الاولى السومرية البابلية، والثانية العباسية القرمطية، وهو اليوم محكوم بمفاعيل الدورة الثالثة التي ابتدات مع القرن السابع عشر، مع تراجع هيمنة مفاعيل فترة الانقطاع الثاني، 1258 مع سقوط بغداد / حتى القرن السابع عشر. والملازم كخاصية، لبنية وكينونة كيان الازدواج التاريخي، الارض رافديني، تمر بين الدورات التاريخية، وتفصل بينها.
في الذكرى القرنية القريبة، سيكون الخطاب الايديلوجي، ملتحقا وممتزجا بالخطاب القبلي العشائري، الذي كان مادة وجيش الثورة، والخطاب الديني، الذي لعب في حينه، دور المحرك والقائد فيها، الا ان هذا الاندحار الثلاثي، لن يضير الثورة في شيء، لان ماهو حاصل بالاحرى ومهما يكن، لن يمنع ازدهار روح الثورة الفتي، وحضور حقيقتها الغائبة المختفية طيلة قرن طويل من الزمن، باعتبار ذلك امرا طبيعيا، يطابق كينونة المكان الذي انتج تلك الثورة بتعاليها وفعتها تكوينا، ومعنى على وعي الادوات والقوى المتصدية لها، والمشاركة فيها، والواصفة المتاخرة لها. فهي اصلا وبحسب اليات التاريخ المكانية والكيانية المجتمعية التاريخية، حدث ينتمي الى مابعد، والى ماوراء وعي الفئات الثلاثة، المتعاقبة على التاريخ العراقي الحديث قيادة، والالتباس الذي قد يبدو هنا غريبا او محيرا، هو من نفس نوع كل الالتباسات الناجمة عن طبيعة فعل النمط المجتمعي العراقي المزدوج، حين يقارن بالمجتمعات البسيطة الاحادية غير المركبة.
هل تكفي فترة اقل من ثلاث سنوات، لازاحة التصورات الاحادية، وحلول التطور " الامبراكوني" المطابق لكينونة العراق الخاصة، المولدة للالتباس انف الذكر، وقوانيها واليات تاريخها؟، يصعب الى حد بعيد، التصور بان انقلابا كهذا سيقع من هنا الى يوم 30 حزيران 2020 ،فالمدى المتاح قصير جدا، لايكفي لازالة وتغييرعادة عمرها ثلاثة قرون من ترسخ مفاهيم وتصورات، وانماط تفكير، واحكام مكرسة، مهما كانت بالية او مجافية لواقع الحدث التاريخي. بالمقابل يصعب التعويل على مستوى التردي العام، وعمق الكارثة التاريخية، ودرجة انحطاط الوضع الحالي، بحيث تؤدي دور المحفز الذي يسرع التحولات، ويدفع العقل العراقي للقفز، من الارث الاحادي المتراكم، فيتحرر من زاوية النظر الحولاء للتاريخ، وتراث قبول النطق المؤقت عن الذات بلغة مستعارة، بدل الخرس والسكوت.
وحتى لو اننا اصدرنا "البيان الامبراكوني العراقي" في السنة القادمة، مؤسسين فكريا للانتقال نحو زمن النطق باسم اللادولة، والازدواج الكياني، وممهدين للانتقال الى حقبة "مابعد ايديلوجيا"، فان قرابة ثلاث سنوات، او اقل، لن تكون كافية حتى تنتشر فكرة الانقلاب التاريخي، او يتسنى لها على الاقل، من يولونها الاهتمام الضروري، والمؤكد اننا لن نوفق في الانتقال بالوعي العام الى ماهو مأمول، فالمناخ الثقافي المهشم، الموزع جزئيات وطوائف، وحتى عشائر، والعقل مع تشظيه الحالي، سوف يضعان هذه المحاولة وسط عقبات جمة، بينما القوى المتهالكة، وبالاخص الايديلوجية الحزبية، ستفعل كل مابوسعها، برغم ضيق افقها وغبائها، وبسببهما، لكي تحجب كما فعلت مع "ارضوتوبيا العراق وانقلاب التاريخ"/ صدر عن دار الانتشار العربي/ بيروت عام 2008، و " انتفاضة الاهوار المسلحة 1967/1968: خمسة واربعون عاما والقتال مايزال مستمرا" دار ميزوبوتاميا/ بغداد 2005/ قدر مستطاعها، فتحاول قدر مستطاعها تقلص تدوال العمل الجديد، مع ان مثل هذه المحاولة لن تفلح على الارجح، بحسب اعتقادنا هذه المرة، وسيوجد على الاغلب، من سيكسر القوالب ويطيح السدود الواهية، التي تتغذى من واقع رث، وحياة وصلت حافة الهاوية.
قد اجد نفسي في الذكرى المئوية، في شارع المتنبي، وحيدا، ارفع خرقة كتب عليها شعار يقول ( ثورة العشرين العراقية، ثورة مجتمع اللادولة التي اسقطت الاستعمار الغربي، واذنت بنهاية الغرب وبدء زمن "مابعد غرب") ووقتها سيكون منظري اذا استدعت الضرورة، عجوزا قرنيا، يشبه الذكرى التي جاء يحتفي بها، كانه يتسلى بلعبة منحه اياها تاريخ سومر، والقرامطة، وسط ارجوحة الموت/ الحياة، ساحتار يومها، اية زاوية من شارع المتنبي ساختار، واذا كنت ساطرد من هناك، او امنع، فاضطر لرفع اللافته عند باب "حسن عجمي"، ومعي الرصافي الذي سينزل من عليائه/ ثمثاله، ومعه الحاج زاير، وفدعة، وشمران الياسري، ومظفر النواب، ومعنا انين السياب، عند حافة الخليج.
لن تكون ثورة 1920 هذه المرة وحيدة، او مستلبه كما ظلت الى اليوم، ولن تذهب الى القرن الثاني من عمرها، من دون ان ينزع العراق ثوب البلى والالتباس، ويبدا العقل العظيم الكامن فيه، بمغادرة "هزيمة كلكامش"، مناديا في قلب الكون، هنا واليوم تبدأ دورة اخرى.
بالمقابل هل يمكن ان نحلم؟ كأن نتصور مثلا، طوفانا بشريا احتل الساحات الكبرى والشوارع، من اقصى شمال العراق، الى اقصى جنوبه، يسقط الانتماءات كلها، ويرفض كل اشكال التمايز البشري، يتشكل في لجان موحدة، نافية للدولة والاثنيات والقوم والانتماء والمذهب،ومعليا رابة المساواة واللحمة، من قلب الاختلاف والتعدد الملتهب، تظللها مجسمات صنعها فنانون رافدينيون اقحاح ل"المكوار " و "الفاله"، مصوبة ناحية العبور الى الغائية الكونية العليا، كما اودعت في الارض الاولى، ارض سومر، جنة اللادولة، وقد اتسعت وامتدت لتغدو وطنا شاملا، مزهرا وكونيا، لا مجرد جزء، وواحد من ركائز تكوين استثنائي، وجد مكلفا باخذ الانسان لماوراء سجن الجسد: (اللحمة، الدينامية، والمساواة المطلقة، والتطلع الى مابعد الارضي، وعراق الانتاج العقلي /التكنولوجي، مابعد اليدوي والالي)، حيث تنكسف في الجوار، الخمينية، والوهابية، ويتهاوى معها نموذج الغرب، بينما ارض الرافدين تبني سلم الصعود الكبير، نحو انسان يتخلق في قلب زمن اخر، هو وحده الاجدر برسم اولى خطاه، كما فعل قبل الاف السنين مرة.
الوقت المتبقي ليس بقصير، وان كان التحدي مبثوثا في كل زاوية من واقع العراق وتاريخه، ووجوده، وماقد آل اليه، لكن ثورة العشرين في القرن الواحد والعشرين، تستحق ان تكون موعد هزة كبرى ومحطة وثوب، تزيح من على كتفيها رماد عالم ظل يصر على قتلها، و ان يجبرها على ترسم سماته وروحه البالية، تخيلات، واوهام، ومقاصد صغيرة، واستعارات، آلت الى الجحيم والكارثة. فلتعد العدة من اليوم حتى 30 حزيران 2020 ، فلا نصل الساعة الكبرى الموعودة الا وقد اندحر وتوارى وجه الزمن المكرب الماضي.
انتم على موعد مع ارتفاع بيارق روح العراق، وعبق خلاصة التاريخ، حيث السماوات تمطر عبورا ساطعا لع طعم الابد صوب ما "لااذن سمعت.. ولاعين رأت".



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عراق الثلاثينات وعراق الالفية الثالثة؟(1/2)
- -العلمانيون- والصدريون واحتواء انتفاضة الشعب
- الشيوعيون الكرد يُصَفّون-ح ش ع- (2/2)
- الشيوعيون الكرد يُصَفّون-ح ِش ع-؟(1/2)
- من عزيز الحاج الى الامبراكونيا(2 مكرر2)
- اين - القيادة المركزية- ؟ بطولة المهزومين ( 2/2)
- اين -القيادة المركزية-؟ المحطة والوجهه (1/2)
- استفتاء مسعود ومحفزات الامبراكونيا
- ازمة الغرب وعصر الانتقال ل- اللادولة-
- هل من دورة سومرية ثانية؟
- ماركس وحضور العقل العراقي(اللاتاريخانية)(1/2)
- اكذوبة ماركس الكبرى؟
- صاروخ بالستي ايراني فوق اربيل
- الوطنية العراقية وخيانة النخب الحديثة (2/2)
- الوطنية العراقية و - خيانة- النخبة الحديثة (1/2)
- الثورة المؤجلة : الخلاص من الايديلوجيات (ملحق)
- الثورة المؤجلة : سيرة الامبراكونيا (ملحق)
- الثورة العراقيية المؤجلة وتخلف النخب ( 2/2)
- الثورة العراقية المؤجلة وتخلف النخب (1/2)
- هزيمة المشروع الوطني العراقي: من المسؤول عنها ؟


المزيد.....




- مصدر لـCNN: مدير CIA يعود إلى القاهرة بعد عقد اجتماعات مع مس ...
- إسرائيل تهاجم وزيرا إسبانيا حذر من الإبادة الجماعية في فلسطي ...
- تكريما لهما.. موكب أمام منزلي محاربين قديمين في الحرب الوطني ...
- بريطانيا تقرر طرد الملحق العسكر الروسي رداً على -الأنشطة الخ ...
- في يوم تحتفل فيه فرنسا بيوم النصر.. الجزائر تطالب بالعدالة ع ...
- معارك في شرق رفح تزامناً مع إعادة فتح إسرائيل معبر كرم أبو س ...
- لماذا لجأت إدارة بايدن لخيار تعليق شحنات أسلحة لإسرائيل؟
- بوتين يشيد بقدرة الاتحاد الأوراسي على مجابهة العقوبات الغربي ...
- كشف من خلاله تفاصيل مهمة.. قناة عبرية تنشر تسجيلا صوتيا لرئي ...
- معلمة الرئيس الروسي تحكي عن بوتين خلال سنوات دراسته


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - قرن ثم تنبعث ثورة العشرين (2/2)