|
ابو أدولف !!!!!!
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 5533 - 2017 / 5 / 27 - 19:47
المحور:
كتابات ساخرة
ابو أدولف !!!!!!
لستُ محظوظاً بجيراني . ومع استمرار تنقّلي بين البيوت المُستأجَرَة ، أصبحتُ على قناعةٍ تامّة ، بأنّ جيراني كانوا (في الغالب) سيّئين. و لكي أُثبت لكم هذه الحقيقة المُطلقة بالدليل القاطع ، فإنّني عندما استأجَرْتُ بيتي الحاليّ ، طلبَتْ منّي أُمّي أن أقوم بمهمّة استطلاعٍ استخباريّةٍ عميقة ، كنتُ أقومُ بها عادةً كلما انتقلتُ للسكنِ في بيتٍ جديد. كانت متطلبات مهمّتي الاستطلاعيّة بسيطة ، و محسوبة بدقّة ، بحيث تستطيع خلق الاستفزاز الضروري والكافي لجسّ نوايا الجيران ، وقياس ردود فعلهم ، وطبيعة استجابتهم لجارهم الجديد. في صباح اليوم الثاني لـ "عملية الانتقال" ، كنتُ أرتدي عدّة الاستطلاع المخصّصة لهذا الغرض ، وأقفُ بشموخٍ عند باب البيت ، بحيث يراني الجيران جميعاُ : "دشداشة" استعراضيّة عريضة الأكمام ، لونها أخضر مشوب بشيء من الصفار المُلطّخ بالبُنيّ ، و نعال جلد تاريخي يعود لأيام الكرخ المجيدة ، وشَعرُ رأسٍ ممنوعٍ من التمشيط ، للأيّام السبعةِ السابقةِ على الانتقال ، ونظّارة طبيّة كالحة من أيّام سندرسن باشا. في هذا اليوم ، لم أرَ أيّ جار. فقط .. في البيت الذي يجاورني من اليسار ، سمعتُ صرير بابٍ خافتٍ سُرعان ما تمّ اغلاقهُ بعنفٍ مُبالَغٍ فيه . وقبل أن التَفِتَ لمصدر الصرير ، سمعتُ صوتَ امرأةً وهي تصرخُ بعذوبةٍ فائقةٍ ، قائلةً : يبووووو. في صباح اليوم الثالث للانتقال ، ظهرَ عملاقُ يرتدي لحيةً شاسعةً من باب البيت الذي يجاورني من اليمين. صحتُ بهِ : مرحباً استاذ . أنا أبو عمّار جاركم الجديد . فقال لي : أهلاً أخي الكريم . وأنا أبو العتاهية !!! . أبو العتاهية ؟؟ تسَمّرْتُ على عَتَبة البيت من شدّة الدهشة ، واذا بأمّي(التي يبدو أنّها كانت تتخندّقُ خلف الباب) تسحبني من "ياخة" دشداشتي اليابسةِ جدّاً ، صارخةً بصوتِ سمعهُ سابعَ جارٍ (وليس جاري أبو العتاهية وحده) : أبو العتاهية شنو ؟؟ تعال يابه فوت للبيت بساع كَبُل منتورّطْ . ثمّ أردفَتْ (وأُمّي لا تعرِفُ أباها عندما تُرْدِفْ): هيّة هسّة مال تعارف ويّه وِلِدْ أبو العتاهية ؟ هيّه بلا ابو العتاهية .. مكَلوبة الدنيا . تعال يابه خُش واستُرْ علينا . ودير بالَك تخلّي أبو العتاهية هذا يخُشّ ويّاك للبيت . في صباح اليوم الرابع للانتقال ، ظهرَ من البيتِ المُقابلِ لي من اليسار رجلٌ سبعينيّ يرتدي بنطلون "برمودا" ، مع فانيلة حمراء "فوقيّة" ، وجوارب خضراء "تحتيّة"(فقط لا غير). لوّحَ لي الرجلُ بذراعيهِ البضّتينِ حتّى بانَ شَعْرُ أُبْطَيه ، وقال لي : مرحباً استاذ . أنا خالد ابو الوليد !!!!! . هنا أيضاً ظهرتْ أمّي فجأةً من العَدَم ، وسحبتني من "الياخة" ذاتها (التي "قرقَعَتْ" هذه المرّة من شدّة السَحبَة)، صارخةً بصوتِ سمعهُ سابعَ جارٍ (وليس جاري أبو الوليد وحده) : خالد بن الوليد شنو ؟؟ تعال يابه فوت للبيت بساع ، قبل أن تبدأ معركة "اُحُدْ" جديدة .. وإحنه بلا كُلشي محسوبين على المسلمين .. ومبينه حيل خالد ابن الوليد !!!!. اما آخر جارٍ "مُباشرٍ" لي (في البيت المُقابلِ من اليمين) ، فلم يظهر إلاّ بعد شهرين من الاستطلاع . كان يرتدي (في ظهوره الأوّل) فانيلة قصيرة غبراء ، و "لِباس" خام أسمر طويل ، وبينهما كرشٌ هائل . صحتُ بهِ بشغف : مرحباً استاذ . آني أخوك ابو عمّار . بعد انتظارٍ دام نصف ساعةٍ تقريباً ردّ عليّ : أهلاً خوية . وآني داعيك أبو أدولف !!!! . أبو أدولف ؟؟؟ هنا ظهرتْ أُمّي من حيث أدري ولا أدري، وصاحتْ بي وعيونها مغمّضة باتّساع على أبو ادولف الوردة : أبو أدولف شنو ؟؟ أكو واحد يسمّي ابنه ادولف ؟؟ أكيد هذا أدولف أوّل ما طِلَعْ من بطن أُمّه .. عضّ القابلة المأذونة !!! . أدولف ؟ صار لي شهرين انتظرك .. تاليها تطلع أدولف . هاي تاليتها أبو عمّار ؟ لم يعجبكَ جيرانكَ القدامى .. وكنتَ تأملُ (حالكَ حال بلدكَ) بجيرانٍ افضل .. فاذا بك تجاوِرُ الرايخ الثالث !!! . في اليوم التالي للشهر الثاني .. بدأتُ أنا وأمّي رحلةَ البحث عن بيتٍ جديدٍ .. وجيرانٍ جُدُدْ .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلاوة
-
خيبةٌ داكِنة .. رائحةٌ شاسِعة
-
تمرينٌ للذهول
-
في فرنسا .. و في العراق
-
لا شيءَ آخر .. لا شيءَ آخر
-
الجنرالاتُ يعرفون .. و ليسَ العُشّاق
-
أنتِ لا تشبهينَ الأشياءَ .. و الأشياءُ لا تشبهك
-
كلامك صحيح و حلو .. بس مو صُدُك مولانا
-
زيارة إثنيّة !!!!
-
أنْ لا تكونَ هنا .. أنْ لا تكونَ هناك
-
بطاقة اليانصيب
-
أُمّي .. نبع الحَنان !!!!!
-
مأزق الخبير و معضلة الخبرة في العراق
-
النساءُ يَقِفْنَ بعيداً .. على حافّة الكون
-
أباتُ مهموماُ .. من همومٍ قديمةٍ
-
لماذا لا تحزن الشجرة
-
على حافّةِ الجُرْف
-
حَدَثَ في مثل هذا اليوم
-
أنا صديقُ الأشياء
-
عن اقتصادنا ، وعَيْشَنا .. في السنوات الخمس القادمة
المزيد.....
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|