أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - الخط الفاصل- بين القدس والطيبة















المزيد.....

الخط الفاصل- بين القدس والطيبة


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 5532 - 2017 / 5 / 26 - 03:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الخط الفاصل - بين القدس والطيبة



جواد بولس

في تزامن عرضي نظّمت، خلال الأسبوع الفائت، المؤسستان السياسيتان القياديتان القائمتان بين المواطنين العرب في إسرائيل، مؤتمرين عامين، فدعت " لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية " إلى المشاركة في مؤتمر قطري تحت عنوان " الطاقات البشرية العربية - تنظيم وتفعيل قدرات مجتمعنا" وقد انعقد في مدينة الطيبة في المثلث في يوم السبت المنصرم الموافق 20 أيار الجاري.

وبالتزامن معه تقريبًا دعت "لجنة القدس في القائمة المشتركة" وبالتعاون مع جامعة القدس الجمهور لحضور "المؤتمر الدولي حول القدس، وذلك بعد خمسين عامًا من الاحتلال الإسرائيلي وآفاق مستقبلية"، كما جاء في نص الدعوة التي وزعت واحتوت على تفاصيل برنامج ثلاثة أيام انعقاد المؤتمر، وذلك من الواحد والعشرين لأيار وحتى الثالث والعشرين منه.

في الواقع لم نسمع كثيرًا عن "لجنة القدس" المنبثقة عن القائمة المشتركة منذ انتخابها في الكنيست قبل حوالي ثلاثين شهرًا، بيد أن ذلك لم ينتقص من أهمية المبادرة لعقد مؤتمر دولي شارك فيه عشرات المهتمين والأكاديميين المتخصصين. ففيه ناقشوا بتفصيل جملة قضايا ذات علاقة في القدس وقطاعات المعيشة فيها، ومنها التاريخية والسياسية والقانونية والصحية والاقتصادية وغيرها، مما أفضى، كما قرأنا في بيان المؤتمرين الختامي، إلى وضع توصيات بأربعة أبعاد هامة لمستقبل القدس، هي البعد السياسي والمؤسساتي والاقتصادي والأكاديمي.

عن القدس وهمها سأعود وأكتب قريبًا، ولكن ستبقى أهمية ذلك المؤتمر مرهونة بقدرة الداعين على متابعة ما تمت مناقشته وتشخيصه وبقدرتهم، كذلك، على تطبيق ما أعلنوه من توصيات وتصورات عمل مستقبلية؛ ومع تمنياتي للقدس بنجاحهم، لكنني أتساءل ومثلي فعل البعض، حول مقومات القائمة المشتركة وطاقاتها الفعلية في تبني ومتابعة قضية القدس على تعقيداتها، والكل يعلم كيف أناخت هموم هذه المدينة ، قبل المشتركة ولجنتها المتواضعة، جامعة الدول العربية ولجنة القدس الكبرى ومنظمة الدول الإسلامية وقممهم الكثيرة، والتي نثرت الرياح أكوام قرارتها حتى غدت أمام أعين المقدسيين وأوجاعهم كأوراق الشجر في فصل خريف أهوج.

على ضفة أخرى، كانت مبادرة "لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية في إسرائيل"، وهذا هو اسمها الرسمي، خطوة لافتة ومبشرة، وتأتي، كما صرح رئيسها السيد محمد بركة في "سياق الرؤية التي وضعتها لجنة المتابعة لاستنهاض أطر وأقامة أطر جديدة تساهم في العمل الباني للمجتمع، وبالاستفادة من الطاقات البشرية بيننا..".

قد يكون حضور المئات من الشخصيات القيادية والمجتمعية وذوي الاختصاص، طوال أعمال المؤتمر، مؤشرًا على أهميته ومقياسًا لنجاحه، كما جاء في البيان الختامي، إلا أنها تبقى عوامل غير جوهرية، فالعبرة بالمضامين، والحكم الأخير على أهمية الحدث سيبقى ملكًا للمستقبل، ولما تخبئه لنا موجعات الدهر ودهاليز السياسة وشهواتها، وهذا ما يفهم، عمليًا، من تصريح بركة الثاقب حين أعلن: "نحن لا ننهي اليوم مؤتمرًا بل نبدأ مشروعًا" .

يحمل اسم المؤتمر هواجس المبادرين إليه وإشكالاته ودلالاته الرئيسية، فهدفه الأول، رصد الطاقات البشرية التي تملكها الأقلية العربية في إسرائيل، وقد يعتبر هذا الأمر، بحد ذاته، منحى جديدًا يقوده محمد بركة، ومن قاموا معه على فكرة المؤتمر، في بحثهم على ما عندنا من قدرات ومخازن طاقات بشرية واعتبارهم ذلك قضيةً رئيسية بعدها يصير ما نحتاجه بحكم تحصيل الحاصل.

أما الهدف الثاني، فهو يتمثل بالسعي من أجل تأطير هذه الطاقات بما يدعم الهيئات السياسية التمثيلية، ويخدم مصالح مجتمعنا ويحوله إلى كيان حصين، وهي مهمة أشغلت في الماضي رفاق بركة، المعلمين الأوائل، وقيادات الجماهير العربية الذين حاولوا مرارًا إنجاز المهمة فتصدّت لمحاولاتهم الدولة وأفشلتها.

الهدف إذن بناء أطر أهلية وشعبية ومنظومات مدنية تتشارك على تحديد هدف جامع وتتفق على آلية تحقيقه، في حين تشرف المؤسسات السياسية القيادية والمفاعيل الاجتماعية الناظمة على تشبيك تلك المنظومات وتحويلها مجتمعة إلى دروع واقية في وجه سياسة الدولة العدائية أولًا، وبعدها في وجه وكلاء السوء على مختلف أصنافهم والذين تنتجهم مجتمعاتنا المحلية.

يبرز نجاح المؤتمر بشكل خاص إذا ما تذكرنا أن لجنة المتابعة العليا ما زالت تعمل ببناها القديمة وبمنهجية أرستها تحالفات تلك السنين؛ وكثيرون ما زالوا ينتظرون نجاح محمد بركة، كما تعهد، بتغيير تلك البنى واستبدالها بمؤسسة عصرية تعمل وفق رؤى حديثة ومطورة وبمفاهيم تستشرف المستقبل وتؤدي، في البداية، إلى استعادة ثقة الجمهور بمؤسساته السياسية التمثيلية.

فالحالة كما استعرضها المؤتمرون تبدو في أحد جوانبها مقلقة للغاية، حين تبين في استطلاع لرأي الجمهور بالهيئات الشعبية والرسمية أن 71٪‏ من المستطلعين راضون عن أداء لجنة المتابعة العليا إلا أن هذه النسبة اصطدمت بمعطى حول الثقة بها ، فلقد تبين أن نسبة 24٪‏ فقط يثقون بلجنة المتابعة، بينما حازت لجنة الزكاة مثلًا على نسبة 26٪‏ ، في حين كان نصيب الأحزاب العربية نسبة 14٪ فقط‏.

من الواضح أن هنالك كمًا هائلًا من الملابسات والعوائق التي ما زالت تحول دون إحداث طفرة جدية في مكانة لجنة المتابعة وتمكين رئيسها من تحقيق ما يؤمن به على المستوى السياسي والقيادي. بعض هذه الإشكالات ضمته السطور وبعضه غُيّب، بحكمة، لتسيير أعمال المؤتمر .

ولعل ذلك "الخط" الفاصل في عنوان المؤتمر، يعكس إحدى هذه العقبات الكأداء. فمن الغريب أن يقرأ الناس عن مؤتمر يعنى بشؤون "الطاقات البشرية العربية - تنظيم وتفعيل قدرات مجتمعنا" من دون أن يعرفوا أي العرب هؤلاء؟ وأين تقيم هذه الطاقات؟ " ولأي جماعة تعود النا" الملصقة بمجتمعنا ؟

فالمبادرون لم يقصدوا التحري عن جميع طاقات العرب الساكنين في جميع أوطان العُرب والعالم، ولذلك فإن تمنعهم من التعاطي مع الجغرافيا وإسقاطهم من العنوان كلمة "في إسرائيل" والاستعاضة عنها "بالخط" الفاصل، يدلل على عمق إحدى المشاكل التي تتخبط بها مركبات لجنة المتابعة .

لقد استصعب المبادرون وضع عنوان المؤتمر كما يقتضيه واقع المواطنين وتعكسه مكانتهم القانونية، لان المؤتمرين جاءوا ليبحثوا عن " الطاقات البشرية العربية في إسرائيل" وعن " تنظيم وتفعيل قدرات مجتمعنا" المحلي، فهكذا كان سيستقيم المعنى و"يركب" السياق.

ما زال طريق بركة ورفاقه في الخندق طويلًا وتذليل ما يعتريه من عثرات بحاجة الى صبر وحكمة وحنكة، فهو يعرف أن إسقاط " إسرائيل" من عنوان لمؤتمر يبحث كيف ستجند طاقات العرب فيها من اجل حمايتهم من ساسة إسرائيل ومن أعدائهم الداخليين، لن يسهل الرحلة، كما أن الاكتفاء بتعداد رأس مالنا البشري لن يعفي القادة من مواجهة الأسئلة الكبيرة، فكيف يفسرون اكتشاف إحدى الدراسات لهذا الغنى في الطاقات البشرية العربية المحلية؟ كيف يرون نمو هذا الكم الهائل من هذه الشرائح والنخب في غضون عقود قليلة من الزمن؟ وهل هذا التطور يعد طبيعيًا؟ وهل حصل بدعم من الدولة وما معنى ذلك؟ أو ربما غصبًا عن أنف الدولة؟ وكيف تم ذلك؟

كلنا يعرف أن واقع المواطنين العرب في إسرائيل ليس فقط ورديًا كما قد يظهر من هذه الدراسة، ولكن عندما نقرأ أننا نملك 1300مدرسة، وأن نسبة مستحقي البجروت ( التوجيهي) أعلى من 50٪‏ ، وعدد الطلاب العرب في الجامعات خارج البلاد عشرة آلاف طالب، وعدد قضاة المحاكم العرب وصل في العام 2014 إلى 52 قاض ( كان العدد في العام 1964 قاض واحد)، وأن نسبة المحامين العرب تبلغ 7٪‏ من عددهم العام ، وأنه في العام 1960 كان عدد الصيادلة العرب 26 فبلغ عددهم اليوم 2933 أي ( 36٪‏ من عددالصيادلة في الدولة). وأنه في العام 1980 كان عدد أطباء الأسنان 25 طبيبًا أما اليوم فيصل عددهم إلى 1751 بينما كانت نسبة الأطباء العرب عام 1970 1٪‏ ( 35طبيب فقط) أما اليوم فعددهم 4000 طبيب ( نسبة11٪‏)، عندما نقرأ هذه المعطيات ، يحق لنا أن نفخر ونعتز بكنوزنا البشرية، ولن يفيدنا أن نختبئ وراء "الخطوط" وفي ظل الالتباس، فواقعنا معقد وعلينا أن نواجه الحقائق والأسئلة الصعبة لنعرف كيف نحمي مستقبلنا على أرضنا.

سيبقى مؤتمر المشتركة حول القدس لفتة جميلة وموقفًا للتاريخ، أما مؤتمر الطيبة فهو، رغم كل شيء، علامة على الطريق وبداية البشرى.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خذوا الحكمة من إضراب الايرلنديين
- سكان بلا دولة، ما العمل؟
- عيد وذاكرة وشعلة
- فرح فلسطيني صغير في لندن
- ملاحظات أولية على إضراب أسرى الحرية
- إضراب الحرية في نيسان
- فتشوا عنه تجدوه
- مؤتمر الجبهة بين ناصرة وشام
- القائمة المشتركة : رصيد عامين
- ماذا إذا خاف رئيس الموساد؟
- في فلسطين أول العدل إقدام وجرأة
- فلسطين هي الآيدول
- روبوتات القضاء العسكري
- سياسة في المزاد العلني
- ماذا يعني - تدويل- المثلث والنقب والجليل؟
- سبق السيف العدل
- -بر بحر- من يجرؤ على الملام؟
- كل بيوت العرب سواسية أمام أسنان البولدوزر
- بين -أم الحيران- وقرية - المفجر- حلم!
- أقاتل ويبكي؟


المزيد.....




- بالأسماء.. 48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل ...
- عم بايدن وأكلة لحوم البشر.. تصريح للرئيس الأمريكي يثير تفاعل ...
- افتتاح مخبأ موسوليني من زمن الحرب الثانية أمام الجمهور في رو ...
- حاولت الاحتيال على بنك.. برازيلية تصطحب عمها المتوفى إلى مصر ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: قادة التكتل يتوعدون طهران بمزيد من الع ...
- الحرب في غزة| قصف مستمر على القطاع وانسحاب من النصيرات وتصعي ...
- قبل أيام فقط كانت الأجواء صيفية... والآن عادت الثلوج لتغطي أ ...
- النزاع بين إيران وإسرائيل - من الذي يمكنه أن يؤثر على موقف ط ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي يشيد بقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقو ...
- فيضانات روسيا تغمر المزيد من الأراضي والمنازل (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - الخط الفاصل- بين القدس والطيبة