أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي مقلد - دماء على كرسي الخلافة -11-















المزيد.....

دماء على كرسي الخلافة -11-


علي مقلد

الحوار المتمدن-العدد: 5493 - 2017 / 4 / 16 - 15:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يظن الكثير من المسلمين، أن تسلسل الخلفاء الذين تولوا الحكم تباعا منذ ولادة الدولة الإسلامية ، حتى سقوطها في عشرينيات القرن المنصرم ، تم في الغالب بشكل سلسل ونموذجي بين الحكام المسلمين من باب "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ" ، وأن كل الأطراف المتصارعة كانت متأولة للحق وإن أخطأته،وذلك نزولا على فكرة الصورة المثالية للقرون الثلاثة الأولى من صدر الإسلام ، وقد رسخ الخطباء والوعاظ وكتب التاريخ المنتقاة تلك الفكرة على مر العصور ، مستغلين جهل الأغلبية بتفاصيل التاريخ ودمويته ، لكن القارئ للتاريخ يعلم جيدا ، أن قادة من الرعيل الأول ، امتلأت أجوافهم من الدماء المحرمة ، وفاضت خزائنهم بالرؤوس المقطعة والأموال المسلوبة وسبايا النساء والغلمان ، وأن كرسي الخلافة غارق في بحر لجي من الدماء ، ذاك البحر الذى تفجر بمقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان وما تبعه من صراع مرير دام نحو ست سنوات بين الخليفة الرابع علي بن أبي طالب ومن بعده ولده الحسن ، ووالي الشام معاوية بن أبي سفيان ، تلك السنوات التي خلفت وراءها آلاف القتلى من المسلمين ، حتى جاءت اللحظة الفارقة التي صنعها صلح الحسن بن علي ومعاوية ، ثم جاء مقتل الحسن مسموما على اختلاف الروايات حول من قام بتسميمه – كما رأينا في المقال السابق- لكن الخلاصة وضعت الحرب البينية أوزارها بموت الحسن،و طابت ثمرة الحكم لمعاوية ، وجلس على عرشها متوجا لعشرين عاما قادمة .
اليوم نقف عند معاوية بن أبي سفيان ، وهو شخصية مثيرة للجدل ، ولن نخوض في الحديث عن مكانته الدينية ، فليست موضوع بحثنا ، بل نتحدث عنه باعتباره سياسيا، وأحد أمراء الحرب في الفتنة الكبرى ، وأنه كان أحد الأسباب في انقسام المسلمين لعدة فرق ، ويهمنا في هذا السياق ان نرصد بايجاز شديد الخلاف حوله بين السنة والشيعة إذ أنهما يشكلان اليوم مجموع المسلمين رغم تشعب وتفتت كل فرقة منهما لمئات وربما آلاف الفرق والمذاهب ، فأهل السنة يلقبونه رغم كل ما بدر منه ، ورغم كل الحروب التي خاضها، والفتن التي أشعلها بحربه ضد الخليفة الرابع ، بخال المؤمنين ، وكاتب الوحي وصاحب رسول ، وينزلونه منزلة كبيرة قد ترقي عند بعضهم في حالة الدفاع عنه ، لمنزلة أكبر من صحابة آخرين ، لم يتورطوا في دماء المسلمين ، ويروون في مدحه عشرات الأحاديث المنسوبة للنبي تؤيد أقوالهم من ناحية وتثبت أفضاله من ناحية أخرى ، فيما يصفه الشيعة بأنه الخارج على إمام زمانه علي بن أبي طالب وقائد الفئة الباغية ،ويغالي البعض فيذمه بأبشع النعوت والأوصاف ، لكن لندع رأي هؤلاء وأؤلئك جانبا خاصة أنها آراء تصدر من أشخاص غير محايدين فكل فرقة تريد أن تثبت لنفسها وأسلافها وقادتها وأئمتها "الطهر التاريخي" ، لكن جل ما يهمنا في هذه المقالات أن نرصد الدماء ، التي أريقت بسبب الخلافة لنرفع عن وجهها برقع المثالية ونضعها في سياقها التاريخي ، وأنها كانت نظام حكم ابنا لعصره وزمانه وليس ركنا من الدين أو فريضة من الفرائض ، وإلا ما كان المسلمون الأوائل تنازعوا عليه بحد السيوف .

بعد مقتل الحسن بن علي ، بدأ معاوية يوطد أركان حكمه باللين تارة والشدة تارة أخرى ، بالهجوم مرة والتفاوض مرات ، حتى فرض سيطرته شبه الكاملة على الأمبراطورية الإسلامية التي كانت تشمل آنذاك، شبه الجزيرة العربية، والشام ، والعراق، ومصر، وخراسان ، أما الجهات التى وصلت إليها الجيوش الإسلامية فيما وراء تلك البلاد، فإنها كانت لا تزال تفتقر إلى الاستقرار ، فتارة تدخل تحت حكم المسلمين وتارة يقوم أهلها بالخروج عن طاعة الدولة الإسلامية ، وقد شهدت السنوات الستة ، التى دار فيها الصراع بين علي ومعاوية حدوث قلق وتوتر في تلك المناطق ،استغلالا للصراع الدامي بين المسلمين أنفسهم ، كما كان غزو البلاد المجاورة قد توقف في تلك السنوات ،حتى أن الدولة البيزنطية عندما حاولت استغلال الفرصة والهجوم على أطراف الدولة الإسلامية ، لاسترداد بعض أملاكها التي في يد المسلمين ، عقد معها معاوية هدنة ليتفرغ لقتال علي ، لكن بعدما اعتلى معاوية عرش الخلافة ووحد صفوف العرب والمسلمين ، بدأ في قتال جيرانه وغزو بلدانهم ، مثله في ذلك مثل أي إمبراطور يحاول توسيع رقعة حكمه وزيادة دخل مملكته ، فهو ابن شرعي لعصره ،وإن إضفاء القدسية على تلك الحروب ،ربما يضيف للملوك لكنه حتما يخصم من الدين ، ولكن الوعاظ والدعاة والكتب المدرسية ما زالوا يوغلون في تقديس الأشخاص ،وهم بذلك عن علم أو جهل يلصقون كل نقصية ارتكبها أمراء الحرب بالدين.

أول قرار مفصلي اتخذه معاوية هو نقل عاصمة الإمبراطورية الإسلامية ، من الكوفة إلى "دمشق"، لتكون مقرا لخلافته ولآل بيته من بعده، وليؤسس بذلك العاصمة الثالثة بعد المدينة المنورة "يثرب" التي حكم منها النبي وأبو بكر وعمر وعثمان والكوفة التي اتخذها علي وولده مركزًا للخلافة ، ويمثل نقل العاصمة خطوة مهمة لمعاوية فدمشق صارت وطنا له بعد أن ظل واليا عليها نحو عشرين عاما وكانت هذه الخطوة تعنى أن مقر الخلافة أصبح محصنا بقوة مادية خاصة أن العاصمة الجديدة تقع على حافة بادية البلقاء، فى واحة الغوطة الخصيبة، ويغذيها نهر بردى، وتحيط بها جبال شاهقة من جميع نواحيها وهى إلى جانب هذا كله متجرا للقوافل التجارية ،كما أنه كان قد وثق تماما في أهل الشام الذين ناصروه طيلة حربه مع علي ،كما أنه اشترى ود القبائل العربية الكبرى القاطنة بنواحي الشام بالنسب والمصاهرة والعطايا.

بعدما أيقن معاوية أنه أجهض كل المحاولات الداخلية لزعزعة حكمه ، قرر استئناف الحرب على الجيران ، فخاض طيلة حكمه الحرب على جبهات ثلاثة ، كانت أولها جبهة الروم ، وبدون الدخول في تفاصيل الصراع الذي دار بين الطرفين ومحاولة معاوية فتح القسطنطينية عاصمة الروم وحصاره لها عدة سنوات ، واستيلائه على بعض الجزر في البحر المتوسط لكنه في النهاية، توصل الطرفان في تلك الجبهة إلى عقد عقد صلح بين الطرفين مدته ثلاثون عاما تخللها مناوشات حربية ومفاوضات وعلاقات سلمية وشد وجذب لسنوات طويلة امتد بعد ذلك عدة قرون بين المسلمين والروم ، كذلك وجه معاوية جيوشه ناحية الشرق والتي نجحت في ضم اقاليم جديدة صلحا أو عنوة للإمبراطورية الإسلامية حتى وصلت حدودها إلى تخوم الهند ، ولم ينس معاوية الجبهة الغربية فأمر بمواصلة غزو شمال أفريقيا حتى وصلت جيوشه المغرب ، وبالفعل ساهم معاوية في بسط نفوذ الدولة الإسلامية على رقعة كبيرة من العالم شملت القارات الثلاثة ، ولعل جهود معاوية في توسعة رقعة الإمبراطورية الإسلامية، هو ما أغراه لجعلها طعمة لآل بيته من بعده ، حيث عين يزيد ابنه واليا للعهد وبذلك ، سلك طريقا جديدا في التاريخ الإسلامي ، حيث دشن عهد الأسر الحاكمة والتى صارت سنة بعد ذلك ، عند حكام المسلمين كلما جاءت أسرة ، قتلت سابقتها وأعلنت دولتها ، وبين هؤلاء وأؤلئك استبيحت الدماء والأموال وانتهكت الأعراض .

في المقال المقبل ندخل منعطفا تاريخيا آخر بموت معاوية وولاية ابنه يزيد واندلاع الحروب الداخلية بين المسلمين مرة أخرى .



#علي_مقلد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دماء على كرسي الخلافة -10-
- دماء على كرسي الخلافة 9
- دماء على كرسي الخلافة 8
- دماء على كرسي الخلافة 7
- دماء على كرسي الخلافة - 6-
- دماء على كرسي الخلافة -5-
- دماء على كرسي الخلافة 4
- دماء على كرسي الخلافة – 3
- دماء على كرسي الخلافة – 2
- دماء علي كرسي الخلافة - 1


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي مقلد - دماء على كرسي الخلافة -11-