أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - فقه الكراهية ينبعث مع أعياد الميلاد.














المزيد.....

فقه الكراهية ينبعث مع أعياد الميلاد.


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 5387 - 2016 / 12 / 30 - 08:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مع حلول مناسبة أعياد ميلاد السيد المسيح ، يخرج دعاة الكراهية وفقهاؤها من مخابئهم التراثية وقد حملوا معهم كل الفتاوى التي تقطع بتحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم ومبادلتهم التحايا والهدايا .ومن تلك الفتاوى فتوى ابن القيم وقد جاء فيها( وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه). إن هذا النوع من الفتاوى لا يتعارض فقط مع قيم العصر وثقافته ومبادئه التي تنشد الارتقاء بالإنسان في بُعده الكوني ، وإنما تتعارض مع القرآن نفسه في محكم آياته التي أمرت بالبرّ (لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) .ومن المعاني الملازمة للبر : العطف ،الكرم ، الرحمة والمعاملة الطيبة .وتحريم تهنئة المسيحيين الذين يتقاسمون معنا هواء الوطن وتربته إنما هو ضرب لأسس التعايش والحوار والاحترام للإنسان ولمعتقده (لكم دينكم ولي دين).وإذا كان ما يبرر فتوى ابن القيم أو ابن تيمية في زمانها وظروفها ،فإن الاستمرار في العمل بها وإشاعتها له هو تشجيع على الكراهية وتمزيق للنسيج المجتمعي وضرب لأسس الوحدة الاجتماعية والأسرية . فالذين يحملون هذه الفتاوى ويشيعونها يخربون الدين والإنسان والأوطان.
1ـ من جهة تخريب الدين : كل المسلمين يؤمنون بأن الله أباح لهم أكل طعام أهل الكتاب والزواج بنسائهم ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين) المائدة ( 5 ). فكيف تستقيم فتوى تحريم تهنئة الزوجات المسيحيات مع قوله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ،إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)الروم (21)؟ فأية رحمة تلك التي تمنع الزوج المسلم من تهنئة زوجته المسيحية بأعياد الميلاد ؟ وأية سكينة ومودة ستتحققان في أسرة يحرّم فيها الزوج على نفسه تهنئة زوجته ؟ مثل هذه الفتاوى تسيء إلى الدين الحنيف وتعاليمه السمحة التي تشيع المودة والسكينة بين الأزواج ، ومتى فقدت الأسرة هذه الروابط العاطفية والنفسية فقد عاجلها التفكك.
2 ـ تخريب الإنسان: بحيث تُحدث مثل هذه الفتاوى شرخا عميقا في نفسية المؤمن الذي تدفعه فطرته السليمة وتعاليم الدين السمحة إلى محبة الخير لجميع الناس ولا يزكي نفسه امتثالا للآية الكريمة (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ). فهو من جهة يلمس في أبناء وطنه من المسيحيين الاحترام ويشاطرهم أفراحهم وآلامهم ، بينما فتاوى الكراهية تطلب منه أن يظهر البغض والكراهية لهم ضدا على مضمون الآية الكريمة ومنطوقها (لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). فالبر والبغض لا يلتقيان في نفس المؤمن ولا في قلبه. بهذا النوع من الفتاوى نشكل شخصيات منفصمة متمزقة بين الرغبة الملحة والطموح الكبير إلى العيش في بلاد الغرب المسيحي حيث الكرامة والحقوق والحريات التي يفتقدها في وطنه المسلم الذي يسود فيه الشيوخ ويتحكمون في ضمير الناس ووجدانهم ، وبين مشاعر الكراهية التي غرسها فيه شيخ أو فقيه متطرف جعله يبغض المسيحيين حيثما وجدوا . وهذا الذي يجعل من السهل تحويل الشباب المقيم في المجتمعات الغربية إلى متطرفين وانتحاريين ودواعش قتلة. من مظاهر هذا التخريب ، شباب يلقي بنفسه في البحر من أجل الهجرة إلى الضفة المسيحية ، وهو كله أمل في حياة أفضل ، بينما دواخله تعتمل فيها مشاعر الكراهية والبغض . فهو يبغضهم بسبب عقائدهم وفي نفس الوقت يحب العيش في مجتمعهم وينعم بخيراتهم . إن تعاليم الدين الإسلامي تنص على (لكم دينكم ولي دين) ، و(لا إكراه في الدين) بينما الفتاوى إياها تلزم المؤمنين بازدراء باقي الأديان وسب معتقداتهم .فمن المبررات التي يستند إليها الشيوخ في تحريمهم الرد على تهنئة المسيحيين للمسلمين في أعيادهم قولهم(إن هنئونا بأعيادنا فلا يجوز أن نهنئهم بأعيادهم لوجود الفارق، فأعيادنا حق من ديننا الحق، بخلاف أعيادهم الباطلة التي هي من دينهم الباطل، فإن هنئونا على الحق فلن نهنئهم على الباطل).
3ــ أما بخصوص تخريب الأوطان ، فقد أثبتت الأحداث التي تشهدها المجتمعات المشرقية التي توجد بها أقلية مسيحية (مصر، العراق ، سوريا ..) كيف هيجت مثل هذه الفتاوى الطائفة المسلمة ضد الطائفة المسيحية فأحرقت كنائسها وقتلت روادها ، بل سبت واستعبدت نساءها . فالأوطان تُمزّق قطعا على أسس طائفيا ، وإن حدّثت الشيوخ عن التسامح لقالوا بألسنتهم دون قلوبهم إن الرسول (ص) أسس لدولة المدينة ووضع لها دستورا يقر بحقوق سكانها على اختلاق دياناتهم وعقائدهم .يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم.
إن أوطاننا بحاجة إلى مواطنين منفتحين على قيم عصرهم مؤمنين بحرية الاعتقاد ومحترمين لعقائد وديانات غيرهم . ومثل هذه الفتاوى تجعل معتنقيها يعيشون خارج العصر والتاريخ وفي مواجهة وصدام مع الإنسانية.



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احذروا فتنة المساجد.
- العنف ضد النساء يشرعنه الموروث الفقهي .
- رجاء احذروا غضب الشعب .
- هكذا أساء التراث الفقهي إلى الرسول(ص) .
- من يحب الوطن لا يجعل الحكومة كل همّه.
- فشل الشعب وفاز الحزب.
- الإرهاب يغزو غرف بناتنا.
- البيجيدي أخلف وعوده ففقد مصداقيته.
- البرنامج الانتخابي للبيجيدي، تضليل وتنوعير.
- هكذا يزرع القباج بذور الفتنة.
- الكلام السمج في مزاعم القباج.
- البيجيدي يتحدى الملك ويبتز الدولة.
- الملك ينادي فهل من مستجيب ؟
- أيها اليساريون ! الوطن يناديكم.
- لما تصير الدعوشة رأيا والتعبير عنها حرية.
- متى ينتهي العبث السياسي؟
- خدام الدولة ناهبو الثروة .
- للدبلوماسية حكمتها.
- كلنا مشاريع مساجين .
- جذور إرهابنا في تراثنا الفقهي .


المزيد.....




- ترامب يتهم اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي بكراهية دينهم وإ ...
- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - فقه الكراهية ينبعث مع أعياد الميلاد.