أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أكرم رشاد هواش - علاقة الدين الأحادي اليهودي بالحضارة المصرية















المزيد.....


علاقة الدين الأحادي اليهودي بالحضارة المصرية


أكرم رشاد هواش
كاتب وباحث

(Akram Hawwash)


الحوار المتمدن-العدد: 5275 - 2016 / 9 / 4 - 02:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


علاقة الدين الأحادي اليهودي بالحضارة المصرية
الدين التوحيدي من ابتداع أخناتون
ابراهيم وموسى كانا من فراعنة مصر

أكرم هواش

في سنة 1352 ق.م. توج الملك آمون هتوب الرابع "أخناتون"، على سُدة الحكم في مصر الفرعونية، وخلال الفترة القصيرة التي حكم بها بدأ بتأسيس أول دين أحادي عرفته البشرية، دين برب واحد أحد لا شريك له وألغى وتخلى عن الآلهات والأرباب المتعددة أديان آبائه وأجداده والتي كان الشعب المصري يؤمن بها منذ بداية الحضارة المصرية منذ آلاف السنين. هذا الحدث التاريخي قلب الأفكار الدينية السائدة رأساً على عقب، ولحق ابتداع هذا الدين عملية تهديم وتكسير رموز الدين القديم وملاحقات سادة وكهنة ذلك الدين، وتم منع العبادة وكل الطقوس الدينية التي كانت تمارس من قبله.

قام أخناتون بتغييرات دينية وسياسية رئيسية ومنها: ترك العاصمة الدينية المقدسة (الكرنك/ ثيبيس) وشرع ببناء عاصمة جديدة في منطقة تل العمارنة أُطلق عليها اسم "أخت آتون" في وسط بلاد مصر لتحل محل الكرنك-ثيبيس المدينة الدينية التي يمكث بها الإله (آمون) رب الأرباب والمركز الرئيسي للعبادة وقِبلة المصريين، بناها أيضاً لتحل محل مدينة منفيس السياسية التي كانت مكاناً لادارة البلاد وجمع الضرائب المالية. وكان بناء مدينة آخت أتون من أهم إنجازاته السياسية والدينية والاقتصادية، وأيضاً إنشاء "الدين الأحادي" الذي هَدِفَ إلى توحيد مصر بشقيها الشمالي والجنوبي وتوحيد الشعب المصري تحت أيديولوجية وإله واحد، في دولة واحدة، وعاصمة واحدة، ومكان ديني ومحفل واحد، وتحت حكم ملك واحد، وإنهاء تعدد الآلهات ( هذا كان واحداً من الأسباب التي أدت الى تشقق المجتمع المصري وتفاقم الصراع والتناقض بين شمال وجنوب البلاد) .

الدين الجديد الذي اختاره أخناتون وهيئة أركانه كان يمثل الأيمان باله واحد لا شريك له، وهو دين لا يبعد كل البعد عن الأديان الأحادية الثلاثة القائمة في عصرنا هذا. وتجد الترانيم للدين الجديد، دين أخناتون، يشبه الكثير بما يجوده اليهود والنصارى والمسلمين في أماكن العبادة اليوم، وهي أناشيد سمعها الجميع :

( خلق الاله الكون وحده .. ولم يكن بجانبه أحد ...خلق ولم يُخلق) .. وبالمقارنة مع آيات القرآن تأتي الآية:

(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ {1}اللَّهُ الصَّمَدُ {2}َ لمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ {3} وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ {4} ( الاخلاص)

هو الأب وهو الأم وليس له ولد ... ان الله واحد غير مرتبط بزمان او مكان فهو الذي أرسى الزمان وخلق المكان، اله واحد ...عرشه في السماء وظله على الارض فوق المحسوسات و محيط بكل شىء موجود بلا ولادة ...أبدي بلا موت - ويقول الاله خلقت كل شىء وحدي ولم يكن بجواري أحد . بكلمتي خلقت ما أريد ...

وَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ* وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ (الانعام)

خلقت الارض وما تحتها و السموات وما فوقها و المحيطات و ما في اعماقها
والجبال وما في بطونها ... خلق الاله كل ما يرى وما لا يرى . يرى كل ما خلق ولا يراه احد من خلقه
انت الاول فليس قبلك شىء وانت الاخر فليس بعدك شىء ...
وانت الظاهر فليس فوقك شىء ...وانت الباطن فليس دونك شىء

وتقول التوراة:
فالله خلق السموات والأرض (تك 1: 1) والحياة المائية والهوائية (عدد 21) والإنسان (عدد 27) ، والكواكب (اش 40: 26) والريح (عاموس 4: 13) . والرب أمر فخلقت السموات بكل أجنادها وملائكتها، والشمس والقمر والنجوم والمياه التي فوق السموات (مز 148: 5) . لقد تكلم فصنع كل شيء، وهو القدير العزيز الحكيم. عليه تتوقف حياة كل المخلوقات، وبيده يرعاها ويصونها، واختفاء وجهه عنها يهلكها، ونسمته المبدعة تجدد الحياة على الأرض (مز 104: 27- 30) .

هذه جزىء من الآيات الدينية التي كانت تتردد في المعابد المصرية وفي المحافل الدينية في مصر الفرعونية، وهي تشبه بالمعنى والمضمون ما جاء في التوراة وما جاء في القرآن. إذن الإله "آتون" الواحد يشبه إله الكون الذي نعرفه "واحد أحد لا شريك له" وهو أيضاً إله السماوات والأرض وإله النور:
ان من يمسه نور الاله يخرج من الظلمات الى النور
وفي كتاب سفر التكوين في التوراة:
و قال الله ليكن نور فكان نور ( 1: 3)
و راى الله النور انه حسن و فصل الله بين النور و الظلمة (1: 4)

أخناتون قدم للشعب المصري بديل سياسي ذكي يتمثل بإله واحد هو إله "النور" نحتوه كهنة المصريين على شكل قرص الشمس بأشعتها، أسموه الإله "آتون" وجاء هذا بديلاً للإله "آمون أو آمين" إله الأجداد ورب كل الآلهات التي كانت موجودة على الأرض المصرية. أخناتون تخلى عن رب آباءه وأجداده، وهذا جلب له الحقد والكراهية من صفوف الطبقة الدينية الحاكمة وأيضاً أحدث تململاً في صفوف الشعب وهز حالة الاستقرار في نفوس قسم كبير من الشعب المصري. وبما أن فرعون مصر كان ليس ملكاً فقط، ولم يحكم من على عرشه وحسب، بل كان في عيون المصريين إلهاً حيٌ قيوم، وسلطته لا يعلو عليها سلطة، كلمته منزلة، وإذا مال مالت الأمة كلها معه وسار الشعب خلفه.

وفي فترة حكمه من عام 1352 حتى 1336 ق م ، وخلال هذه الحقبة الغنية بالأحداث بنى أخناتون مدينة "آخت أتون" في منطقة تل العمارنة، تدفقت عليها كل الملل من المدن والقرى الإفريقية والآسيويين والمدن المصرية والدول المجاورة نوبيا وليبيا الخ .. ويقول المؤرخون والمصادر المصرية أن مدينة "أخت آتون" ازدهرت ونمت اقتصادياً واجتماعياً.

وطور شعب آخت أتون للغة خاصة بهم، مزيجاً من اللغات المجاورة لمصر، وبعد موت أخناتون تداعيت الأحوال وبدأت أفكاره الدينية تتراجع وتفشل أمام ضربات كهنة الدين السابق، وحصول قحط ومجاعة في البلاد، نُعيَت أسبابها إلى الدين الأحادي دين أخناتون، وسخط من آتون. وقرر الحكام الجدد إعادة الدين القديم ومسح كل آثار ومنجزات أخناتون، وتم تدمير مدينة "آخت آتون" عن بكرت أبيها، وتم تفكيكها حجراً حجرا وأزالوا كل للبنة فيها وكل معبد، واستتب الرعب في نفوس سكان المدينة وواجه مؤيدي الدين الأحادي، دين أخناتون الملاحقات والتعذيب والقتل والتشريد فهرب منهم من هرب وتم توزيع السكان وترحيلهم عنوة، قسم إلى شمال مصر وقسم تبعثر في الجنوب وهاجروا إلى بلاد السودان والى الجزيرة العربية وربما قسم منهم هاجر إلى بلاد فلسطين/ كنعان.

دين أخناتون لم يدوم أكثر من 16 سنة، انقلبت الأمور عليه وعلى دينه الجديد وبعد موته في سنة 1336 ق.م. لم يبقى من دينه إلا الذاكرة، ذاكرة تناقلتها الأفواه إلى شفاة الأجيال اللاحقة وتناقلت قصصه وتحولت الى فلكلور شعبي، وفيما بعد إلى أساطيروحداويت نقلها الرواة، ليس فقط في مصروحسب، بل أيضاً في بلاد الشام، ومدن وقرى الهلال الخصيب وأيضاً في محاضر البدو في الجزيرة العربية.

هذه المحاولة التاريخية الوحيدة من نوعها التي حاول أخناتون تطبيقها كبديل لعبادة عدة أرباب وتوحيدها واستبدالها برب واحد فشلت فشلاً ذريعاً في أرض مصر. وتحولت فيما بعد إلى أساطير تبناها الدين اليهودي وبنى عليها رويات كبر ونقص عبر آلاف السنين، وتحولت قصة أخناتون الى قصة إبراهيم الخليل، واصبحت قصة هجرة شعب أخت أتون وتفريقهم إلى قصة السفر الكبير.... أكسيدوس وآتم الى آدم، وفيضان نهر النيل إلى فيضان نوح، وتحولت قصص الجنرال العسكري رامسيس الأول أو "را-مسيس" إلى النبي موسى النبي الملهم والرئيسي للشعب اليهودي، وعصاته المميزة المحفورة بشكل أفعى إلى عصاة موسى السحرية التي أكلت أفاعي السُحراء والتي شق البحر بها. أما الألواح المحفوظة فكانت الخراطيش الحجرية التي كان يكتبها وينقشها كهنة مصر بالكتاب الهيرغرافية، أو الألواح المحفوظة التي خطها المصريين وكان يحملها أخناتون كلما قام بالصلاة أو تأدية الطقوس الدينية أمام الغفور، وأيضا نقل اليهود الكثير من قصص الفراعنة، وهي أيضا أساطير الأولين كما نعرفها بالقرآن.

إبراهيم البطريارك أبو الأديان الأحادية الثلاثة الذي كسَّرَ هو أيضاً رموز وأصنام دين آباءه وأجداده وهدَّمَ معابدهم وأهان آلهاتهم : قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ(الانبياء). وهو أيضا بنى معبداً لأتباعه وأَمته الناس من كل جهة. وتقول مصادر التوراه أنه وُلد وترعرع في مدينة "أور" العراقية، وتقول مصادر أخرى دينية أنه كان في مصر الفرعونية (وَحَدَثَ جُوعٌ فِي الأَرْضِ، فَانْحَدَرَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ لِيَتَغَرَّبَ هُنَاكَ، لأَنَّ الْجُوعَ فِي الأَرْضِ كَانَ شَدِيدًا سفر التكوين 12: 10، وضريحه في مدينة الخليل الفلسطينية المتنافس عليها بين المسلمين واليهود اليوم، والاسلام يقول أن ابراهيم واسماعيل بنيا الكعبة، و"هجر" الجارية انجبت اسماعيل وقيل أنها بحثت عن ماء في مكة حتى وجدت مياه زمزم. ووصفه الاسلام ب"الحنيف" ودينه حنفي. ولا يوجد مصدر حقيقي في التاريخ المكتوب مشابه لما قام به أخناتون إلا شخصية ابراهيم.

لم يقدم لنا لا بنو اسرائيل القدامى، ولا بنو اسرائيل الجدد مكان مسقط رأس ابراهيم، أصله وفصله أو اسم عائلته، أو زمانه، ولم يستطع حتى علم الأثريات الحديث اكتشاف حتى قطعة فخار أو كتابة حرف واحد بأنه صاحب كتاب، لتفصح عن ابراهيم، وكل ما نعرف عنه ليس تاريخاً ذو مصادر ومراجع جديرة بالذكر. القرآن يذكر اسم ابراهيم 132 وتقول التوراه أن ابراهيم كان صاحب مال وجاه، وكان عنده خدم وجواري وماشية، وشبهته التوراه والقرآن بأحد أبناء الملوك، لأنه من كان قادراً على تحطيم آلهات بلده وكان من العامة فان مصيره التقطيع قرباً قربا، ولا يمكن أن واحداً من العامة كان قادراً على القيام بهذا العمل إلا إذا كان من أحد أعضاء العائلة المالكة أو الطبقة الحاكمة، كما هي حال نبي الأسلام محمد، حتى يستطيع الخروج من هذا المأزق. هذا التشابه العملي بين ابراهيم وأخناتون يثبت أنهما واحداً. وأمثلة عديدة ذكرها كتاب ( أسرار الخروج الكبير) للأخوين "مسعود وروجرز الصباح"
Secret of the Exodus
أما الخروج الكبير فهو خروج شعب مدينة "أخت آتون" وليس خروج اليهود من مصر الى صحراء سيناء وبلاد كنعان بقيادة موسى ومجرم الحرب "جوشوه" الذي سحق وقتل كل شيء يتحرك في بلاد الكنعانيين. أما الوصايا العشرة التي أخذها موسى من الله من على جبل سينا وكانت منقوشة على الألواح المحفوظة، وقصة موسى وشق البحر الأحمر بعصاه السحرية ما هي إلا واحدة من قصص المصريين الذين رحلوا وترحلوا من مدينة آخت آتون، التي تبناها وأعاد صياغتها يهود فلسطين حسب ما وجدوه مناسباً ويناسب مضعهم في أرض كنعان وعبر زمن طويل من تاريخهم.

تغيرت موازين القوى السياسية في المنطقة وتدل المصادر التاريخية على تقلص النفوذ المصري في بلاد كنعان منذ القرن التاسع قبل الميلاد ونشوء وصعود النفوذ الفارسي في بلاد الشام وخاصة فلسطين وفي عهد الإمبريالية الفارسية البابلية في القرن السادس ق.م. واحتلال ووقوع فلسطين-بلاد كنعان تحت النفوذ البابلي، وفي تلك الحقبة التاريخية أضيف للتوراة قصص بابلية مثل قصص جلجامش وعملية الخلق بستة أيام وفي اليوم السابع استوى الله على عرشه، وأضافوا الشر والخير، وقصص الشياطين وابليس والملائكة الخ الخ .. والكثير من الهرائات والقصص الخرافية التي اكتظت بها التوراة.

وفيما بعد كُتبت التوراة أو الكتاب المقدس في العصور القديمة في الحقبة الهيلانية أو "ربما في القرن الأول الميلادي" أول كتاب ظهر وتحدث عن تاريخ اليهود هو كتاب دوّن في القرن الأول ق م على يد "فلافوس جوزيفوس" ووجدت نسخ منه في مكتبة الإسكندرية، هذا الكتاب سجل تاريخ اليهود حسب ما نقله كهنة اليهود له وهو تماماً كتاباً مليء بالأساطير والخرافات وكتب على النمط الإغريقي التراجيدي. وعندما تبنت الدولة الرومانية البيزنطية الدين المسيحي، أُضيفت أساطير التوراة وسُميت السفر القديم للإنجيل. وفي حقبة ظهور التيار المسيحي البروتستنتي في ألمانيا في القرن السادس عشر، مارتن لوثر شدد على الرموز الدينية التوراتية كرد فعل على البابوية الكاثوليكية في روما ("شلومو ساند" اختراع الشعب اليهودي). وفي القرن التاسع عشر نمت حركة دينية-سياسية يهودية في أوروبا تهدف لاصلاح الدين اليهودي، وتم تنقيحه خصوصاً في ألمانيا التي كان يسكنها كمية مهمة من اليهود، المتأثرين في ما دار حولهم من نزعات قومية وفكرية، البعض يسميها تنورية تدعو لاصلاح الدين، هذه الحركة اقتبست ما اقتبسته من هذه الأفكار الجديدة لإصلاح دينهم(...) عرف يهود وكـُتاب القرن التاسع عشر أن التوراة قد دونت من ِقبَل أكثر من كاهن وكاتب وأن الشعب اليهودي الذي عاش في فلسطين عبر السنين كان ولا يزال تاريخ مجهول ناقص من البراهين العلمية الآركيولوجية لتثبت صحة الادعاءات الصهيونية في القرن العشرين.

اللغة العبرانية واللغة الآرامية للغتان انقرضتا وتقلص استعمالهما إبان ظهور الدولة الإسلامية، أما اللغة العبرية فلم تكن للغة قابلة للتواصل بين عامة الشعب اليهودي، بل كانت للغة مجهولة يستعملها فقط كهنة اليهود، التوراة القديمة كانت أغلب الظن مكتوبة بالآرامية وليس باللغة العبرية. واللغة الآرامية كانت تستعمل في بلاد بابل بلهجة تختلف عن لهجة شعب بلاد الشام إبان الأسر اليهودي من قبل بابل، وجرى استعمال اللغة الآرامية حتى القرن العاشر م. ومن ثم بدأت تتقهقر لصالح اللغة العربية، واليوم تستعمل في أماكن محدودة في سوريا. أما اللغة العبرية فقد ماتت وتم إحياؤها من جديد وبشكل حديث ومُحدّث خصوصاً بعد نهوض الصهيونية في أوروبا تأهيلاً لإنشاء الدولة الصهيونية اليهودية في فلسطين.

لا يوجد هناك مصادر موثوق بها وحجج تاريخية حاسمة وملموسة لتؤكد لنا من الناحية التاريخية أو من الناحية الثيولوجية الدينية متى تم استعمال اللغة العبرانية. أو صحة وجود الشعب العبراني. يقول "إسرائيل فنكلستين" عالم مركز الآثار الأسرائيلي في تل ابيب: لم نكتشف حرف واحد من أحرف الأبجدية في فلسطين تعود الى ما قبل القرن السادس ق. م.. ويقول نفس العالم أن قصة الملك داوود وسليمان وبلقيس كانوا شخصيات خيالية لم يكشف علم الآثار شيئاً عنهم، ومحفل سليمان في القدس لم نجد أثراً له إطلاقاً (...) أما الدين اليهودي فمصدره تشبك عبر أقوال الباحثين الجدد، وتبلور الدين اليهودي بشكل من الاشكال في القرن السابع ق. م. بعد تقلص وانسحاب الاشوريين من بلاد كنعان وسيطرة قبائل الشمال والادعاء بأنهم الوريث الوحيد التي يحق له الهيمنة على جزئي البلاد ومن ثم تم اختراع رواية داوود وسليمان وبناء معبد في مدينة القدس "معبد سليمان" وأثبتت الحفريات الاسرائيلية أن كل هذا ما هو الى من خيال قبائل شمال فلسطين(...) وأُضيفت روايات عديدة في مراحل أخرى من التاريخ اليهودي خصوصاً في مرحلة احتلال فلسطين من قبل نبوخذنصر البابلي وتأثر الدين اليهودي بالميثيولوجيا الفارسية واضيفت عليه قصص ورويات جديدة خصوصاً الجنة والنار والعذاب الأليم وقصص الشياطين والملائكة والعفاريت، وتموه وتغمض عبر مصادر كتب الأديان الثلاثة. عرفنا أن الدين اليهودي هو من أوائل الأديان الأحادية ويعود تاريخه حسب أقوال علامة اليهود إلى ما بين ثلاثة أو أربعة آلاف سنة.

أساطير الأولين تعني أساطير كان يحكيها الحكواتي في الأماكن العامة في بلاد الشام وفي خيم البدو في الجزيرة العربية. وما كانت بطولات جوشوه وموسى وابراهيم وداوود وسليمان الحكيم إلا اساطير أشبه باسطورة ابو زيد الهلالي والزير سالم، واسطورة سيف بن ذي يزن.

وما نستنتجه من قصة الوجود اليهودي في فلسطين هو تاريخ تلاقح صراع حضارات تتراوح من بلاد ما بين النهرين ودولة مصر الفرعونية في وادي النيل واحتلالهم لبلاد الشام. وكان للفراعنة حسب المصادر الدينية دوراً فعالاً في اساطير التوراة، وكان هناك أيضاً دوراً فعالاً للدولة الفارسية وخصوصاً البابليون في إضافة قصصهم واساطيرهم وتنقيح الدين اليهودي وحتى إعادة كتابته الذي نعرفه اليوم. أما الدين الاسلامي فقد نقل قصص وأساطير اليهود الى القرآن بحذافيره مما أذهل الباحثين الاوروبيين والمختصين بالميثيولوجيا الدينية أن الدين الاسلامي هو نسخة مخلصة وأمينة عن الدين اليهودي، فلم ينقل المسلمين قصص اليهود وأساطيرهم فحسب بل تبنوا أيضاً عداتهم وتقاليدهم من رجم المرأة الزانية، الى تقطيع الأيادي للسارق، وختان الذكور والاناث، وتحريم أكل الخنزير، والزي وتغطية الرأس أو الحجاب، وما يسمى بالعورات للرجال والنساء، وتجد اليوم شكل المسلم أشبه بكثير من شكل اليهودي المتعصب بلحيته وزيه.

رمسيس الأول هو النبي موسى

تبنى اليهود قصة رمسيس الأول مؤسس السلالة التاسعة عشر وتبدأ قصته عندما كان جنرالاً عسكرياً في جيش أمون هتوب الثالث والد أخناتون، وقد خدم رمسيس الأول تحت حكم أخناتون ، وبعد موت أخناتون وتفكك مدينة أخت أتون، خدم رمسيس كجنرال في ظل حكم النظام المؤقت "سمنخ كاخ" الذي كُلِف باعادة الدين القديم واعادة الرب آمون لأرض مصر، وكانت مهمة رمسيس الأول تفريق وتوزيع شعب مدينة أخت أتون في تل العمارنة الى المدن والقرى المصرية وآخر مجموعة من هذا الشعب وصلت مدن شمال مصر أكثر من مئتي كلم. هذه الرحلة كانت صعبة جداً من الناحية اللوجستيكية ومن ناحية تأمين الأمان والطعام والشرب لعدد كبير من الناس. عرف رمسيس الأول باخلاصه للعائلة المالكة في مصر حيث أنه ربي في قصورهم وعائلته كانت تنحدر من رجال الدين في البلاط الملكي، ومهما جاء على سدة الحكم فهو كان الخادم الامين، وعندما كفل بأمر ترحيل شعب أخت آتون سُلِمَ عصاة ملكية برأسي أفعى، وهذه تُسلَم لمن يوكل بمهمة عسكرية والعصاة هي عنوان السلطة والجبروت (لم تكن سحرية) بل حاملها يعرف أنه جاء من القصر الملكي كانت رمز أوهوية لمن يحملها. هذه العصاة ربما كانت ترمز للسحر لأن السحر كان يعتبر هدية من الله آمون رب الأرباب. ولكن لم تكن عصاة رمسيس قادرة على شق البحر وفتح طريق في المياه كي تؤهل رقم كبير من الناس كي يصلوا شط الأمان.
أسم موسى هو بالاصل أسم مصري، يأتي أسم أشهر قائد مصري عرفته مصر في تاريخه وهو "ثوت موسس الثالث" الذي هزم قوات تحالف الملوك في مدينة "مجيدو" في القرن 15 ق م ، ومن ثم يأتي اسم رمسيس "را" هو احد الآلهات المصرية ومسيس =(موسى) .

اكسدوس أو سفر الخروج هي الرحلة الوحيدة الكبيرة التي حدثت في القرن الثالث عشر ق.م في التاريخ أو بالاحرى في تاريخ مصر، وأيضاً لا مثيل لها في تاريخ الشرق العربي حيث أن شعباً لمدينة كاملة يتم نقلهم من مدينة أخت اتون الى عدة أماكن في مصر. التاريخ المصري القديم والحفريت والنحوتات على الصخور تؤكد بحدوث هذه الرحلة، وأيضاً هذه تمت بقيادة رمسيس وأخيه "هورمهب" حُوِلَ أسمه اليهود الى ايرون أو هارون بالعربية، وهذين الجنرالين قاما بتخطيط أخلاء مدينة أخت اتون وترحيل شعبها ومرافقتهم حتى وصولهم الى مناطق الامان. لا شك أن هذه الحادثة التاريخية تثبت أن حكم الفراعنة كان يتمتع بنوع من الانسانية حيث أن الحكام الجدد في تلك الحقبة لم يأمروا بفناء هذا الشعب ودق أعناقهم بحد السيف، بل أمروا بتفريقهم سلمياً وضمنوا الأمان لهم، على الرغم من اختلاف العقيدة والقناعات خصوصاً أن أخناتون كسر بعض رموز آباءه وأجداده ولكن لم يكن هناك ملاحقات وقتل قسسة وأتباع الدين القديم، ولم يكن هناك حالة سفك دماء لا بظهور أخناتون ولا بعد وفاته. هدف الفرعون المؤقت "آي" هو تسكين هذا الشعب في الشمال حيث يسكن كمية كبيرة من مخلفات "الهيتايت" وتواجد الكنعانيين والشرقيين التي قطنوا في منطقة شمال مصر واحضار رقم كبير من المصريين كان هدفاً لخل التوازن باضافة شعب آخت اتون وتعزيز نفوذ الدولة المركزية في الجنوب (أسرار السفر الكبير) . قوات فرعون لم تكن تلاحق هذا الشعب كما تذكرها التوراة ولم تكن قوات معادية بل كانت قوة عسكرية لتضمن سلامة رحلتهم. تقول التوراة: "أن الطريق الذي اتخذت للمتضررين مرت على عدة دفاعات عسكرية محصنة حتى يضمنوا الطعام ومياه الشرب حتى يتفادوا الظمأ والموت المحتم" (...) وتقول التوراة أن شعبهم تاه في صحراء سيناء لمدة عشرين عاماً. أما رحلة رمسيس مع شعب أخت أتون ربما أخذت عدة أشهر وضمان سلامتهم ووصولهم الى أرض الأمان يعود الى رمسيس وجيشه وتعاون المحصنات والمدن التي مر بها وتقديم المساعدات المطلوبة من أكل وشرب لرقم كبير من الناس وأطفالهم.

فشل الدين الأحادي التي اعتلى به أخناتون وناضل من أجل بقاءه وتطبيقه لم يدم أكثر من خمسة عشر عاماً، وعلى الرغم من فشله الذريع بعد ظهوره، وأعادة الدين القديم دين المصرييين القدامى واعادة عبادة الاله آمون رب الارباب واعادة استقرار الأمور لحالتها الطبيعية. الا أن أفكار الدين الأحادي بقيت خالدة وكان من الصعب التخلص منها ودفنها مرة والى الأبد بل بقي هذا الدين يتداول بين الناس لأجيال لاحقة حتى وصل لشعب بلاد الكنعانيين وهؤلاء الأخيرين صنعوا منه ديناً يهودياً آمن به الكثيرين في الشرق وصحراء البادية والحجاز، وخلال مئات السنين ظهرت توراة مزودة بقصص وأفكار دينية من بلاد مصر وأضيف لها قصص وأفكار دينية من بلاد العراق وبلاد الشام. وكل هذا ظهر في الدين الاسلامي بحذافيره.


Bibliography
1 - Secrets of the Exodus (Messod & Roger Sabbah)
2 - A History of the Jews (Ilan Halevi)
3 - The Invention of the Jewish People (Shlomo Sand)
4 - Ancient Egypt (L. Oakes & L. Gahlin)
5 – S Freud (The Origin of Religion)
6 Israel Finkelstien Article in the Haarets Newspaper by Aviva Lori



#أكرم_رشاد_هواش (هاشتاغ)       Akram_Hawwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعودية وحربها على اليمن
- مذابح الأرمن الجماعية الذكرى المئوية (1915)
- العبودية في الاسلام
- زواج محمد من زوجة زيد بن حارثة زينب بنت جحش
- استقالة حماس يكون فرج كبير للشعب الفلسطيني
- المذابح الجماعية للأرمن فاتحة المذابح للقرن العشرين


المزيد.....




- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف قاعدة -عوبدا- الجوية الاسر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أكرم رشاد هواش - علاقة الدين الأحادي اليهودي بالحضارة المصرية