أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - رؤية ثقافية فلسفية














المزيد.....

رؤية ثقافية فلسفية


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 5219 - 2016 / 7 / 10 - 01:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تطورت الثقافة (والثقافة تعني الإبداع الروحي والإبداع المادي للمجتمع) في عصرنا على التنافر بين الفلسفة والدين ، كانعكاس للتنافر بين الإيمان والمعرفة، بين العقل والنقل، بين التفكير والتكفير، وهنا لا بد من سؤال : هل يمكن ان يحتل الدين، أي دين كان، مكان المعرفة؟ أي مكان العلوم والأبحاث ؟ هل باستطاعة الدين وكهنته من كل الأشكال ان يعطوا التفسيرات الكاملة للظواهر الطبيعية مثلا؟ او للفيزياء في مجالاتها الشاملة؟ او لأي علم آخر من العلوم الإنسانية التي لا يمكن ان نتخيل استمرار وجود الحياة والمجتمع البشري بدونها!!
نشأت الفلسفة في اليونان القديمة (بلاد الاغريق) على قاعدة تفسير الظواهر الطبيعية عقلانيا بعيدا عن ربطها بآلهة تتحكم بها. لذلك عرفت باسم الفلسفة الطبيعية.. طبعا الى جانب الاهتمام بعلم الأخلاق والقانون وشكل الدولة والتقسيم الاجتماعي وعلم المنطق .. الخ.
الفلاسفة الإغريق في وقتهم حسموا بموضوع أن عالمنا قائم على العقل وليس على النقل. على العلم وليس على الإيمان بالخوارق. الإيمان هو عملية نقل، ظاهرة تنقل بالوراثة وليس بالوعي. لا انفي أهمية الدين الأخلاقية كمحاولة لوضع قواعد تعامل اجتماعية بين البشر، لكننا نواصل منذ ستة آلاف من السنين التمسك بما أثبتت الفلسفة الإغريقية بطلانه ورفضت جعله معيارا فكريا سائدا تفسر به الوجود الإنساني والطبيعة.
في الفكر العربي نجد ان إخوان الصفا اقروا أن الفلسفة هي محبة العلوم وأوسطها معرفة حقائق الموجودات حسب طاقة الإنسانية وآخرها القول والعمل بما يوافق العلم ... اليوم يسود النقيض لفكرهم المتنور!!
ديكارت (ابو الفلسفة الحديثة) قال ان الفلسفة كلها بمثابة شجرة جذورها الميتافيزياء وجذوعها الفيزياء وغصونها المتفرعة عن هذا الجذع هي كل العلوم الأخرى. أي ربط الحصان أمام العربة وليس وراءها، كما يفعل الفكر الديني.
الفلسفة الماركسية التي اعتبرت بجدارة فلسفة القرن العشرين لم تكن اختراعا بل كانت دمجا بين مادية الفيلسوف الألماني المادي لودفيغ أندرياس فيورباخ ( 1804 – 1872). كان في البداية تلميذاً للفيلسوف الألماني جورج فيلهلم فريدريش هيغل (١٧٧٠١٨٣١) ثم أصبح من أبرز معارضيه. ويعتبر هيغل أحد أهم الفلاسفة الألمان حيث يعتبر أهم مؤسسي حركة الفلسفة المثالية الألمانية في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. لقد اعتمدت الفلسفة الماركسية على ثلاث قوانين فلسفية رئيسية،اقتبستها من هيغل وهي: قانون نفي النفي ووحدة صراع المتناقضات وتحول الكم إلى كيف.
حظيت فلسفة هيغل بتأثير كبير وهام على الفكر الحديث، وكان كارل ماركس ابرز الفلاسفة الذين تأثروا واقتبسوا من هيغل فلسفته الجدلية قالبا اياها رأسا على عقب:إذ أن جدلية هيغل هي عبارة عن عملية أو ديناميكية تمضي وفقها جميع القضايا من الأمثل فالأمثل نحو “الفكرة المطلقة” وقد سميت “بالجدلية المثالية”. بينما منهج ماركس الفلسفي الجدلي رأى بأن جدلية الأفكار ليست سوى انعكاسا لجدلية المادة. لذلك اتخذ من مفهوم الجدلية المادية (المادة تسبق الفكرة) أساسا ومنبعا لحركة التاريخ وتطوره. اذن هيغل قدم مساهمة عظيمة حول الجدلية، عبر فكره المثالي (الفكرة المطلقة) بينما ماركس أخذ حسب تفسير الماركسيين الجوانب العقلانية لجدلية هيغل معترفا بمساهمة هيغل في تعميق مفهوم الجدلية بقوله: لقد أصبحت الجدلية بين يدي هيغل روحية لكن هذا لا يمنع بأنه أول من بين أنواع الحركة العامة للجدلية بجميع خصائصها، وقال لينين قائد ثورة اكتوبر الاشتراكية وزعيم البلاشفة في روسيا ان هيغل كان في جدليته موضوعيا أكثر منه مثاليا.
رغم ذلك لا نشهد ان التطور الفلسفي والثقافي قد ترك آثاره على تطور الفكر العربي او تطور فلسفة عربية. بعض رجال الكهنوت يدعون ان الدين هو فلسفة، لكنها ادعاءات لا تصمد أمام الواقع الفكري البسيط. وإذا اعتبرناها فلسفة فهي لا تفسر أي شيء بطريقة علمية إنما بالاعتماد على الفكر العجائبي والخرافي.
الفكر الماركسي واجه ويواجه اليوم نقدا حول العديد من القضايا التي كانت تبدو نهائية، مثلا الفكر المادي التاريخي يواجه اليوم إشكالية كبيرة، بل والبعض يعتبر المادية التاريخية كنظرية خاطئة لم تثبت نفسها.
طبعا ما اريد تأكيده في هذه العجالة الى ان مجتمعا لم يستوعب التطور الفلسفي والثقافي من عصر الإغريق مرورا بعصر التنوير وصولا الى عصرنا الراهن ، وقمع فلاسفته واعتبر فكرهم كفرا وزندقة، هو مجتمع يعيش في الظلام الحالك، حتى لو ملأ الدنيا صراخا وابتهالا وعبادة.
السؤال المقلق والمفتوح : هل يمكن ان ترقى ثقافة روحية وثقافة مادية بظل سيادة فكر ديني يتمتع بجبروت كامل وسيادة مطلقة، وتطور أشكال إرهابية بغلاف ديني؟ هل يمكن ان نشهد عودة الى نشوء فكر فلسفي عربي في الواقع المتهافت الذي يعيشه عالمنا العربي؟
رؤيتي ان التاريخ اخرج العرب من حسابه. ولا أرى ان الفكر العربي والثقافة العربية مؤهلة في الظروف المؤلمة السائدة في العالم العربي على إحداث تحول ثوري ينقل الشعوب العربية من الانعزال الى المشاركة في حركة التاريخ . أين نحن من حركة الثقافة العالمية؟ من الإبداع الروحي والإبداع المادي. لا حضارة بلا ابداع مادي، أي إنتاج الخيرات المادية وتوفيرها للمواطنين عبر تحقيق رفاهية اجتماعية. لدينا مبدعون لكنهم أول من يقمع من جهاز السلطة ولا قراء لتعويضهم عن جهدهم الفكري والتفاعل معهم. لدينا طاقات علمية لكنها تغادر أوطانها بحثا عن أسواق عمل تناسب تخصصاتها. مجتمعاتنا تعاني اليوم من فقر في الاختصاصات، أي تفتقد للقوى المفترض ان تقود عصر تنوير عربي.
ان الإفرازات التي يخلفها هذا الواقع تعيث اليوم فسادا ودمارا للطبيعة والإنسان!!



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المكان الأكثر أمانا..لكل المتفلسفين!!
- قصص من أمريكا
- ملاحظات نقدية
- 1967: هل اللقاء بين شقي البرتقالة الفلسطينية كان بشارة خير؟
- اشكالية التطبيع بين مجتمعات في عداء سياسي وقومي
- التغيير ليس مرغوبا فقط لكن لا يمكن منعه
- رد هادئ على بيان متشنج لشباب التغيير:
- كل ما لا تستعمله زوجتي!!
- حوار مع دكتور أفنان القاسم: حول مشروعه عقد مؤتمر عربي عالمي
- العنف: هل هو ظاهرة ام نتاج واقع وموروثات اسطورية؟!
- الغابة السياسة
- البطركية الأورتوذكسية المقدسية امام امتحان صعب
- قصص ساخرة - (القسم الأول)
- التصدع السياسي: استجابة شرطية لواقع فاسد ومأزوم ...
- حتى نوقف العنف في بلداتنا العربية...!!
- بيان لجبهة الناصرة حول ملصقات اول ايار
- العاهرة البتول...!!
- طهروا انفسكم من الزؤان
- طريق الانتحار مفروشة بأوهامكم يا رجالات جبهة الناصرة
- فكرة افنان القاسم الرائدة لمؤتمر عربي عالمي


المزيد.....




- فيديو يُظهر ما فعلته الشرطة الأمريكية لفض اعتصام مؤيد للفلسط ...
- طائرة ترصد غرق مدينة بأكملها في البرازيل بسبب فيضانات -كارثي ...
- ترامب يقارن إدارة بايدن بالغستابو
- الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تضغط على بايدن في اتجاه وقف ا ...
- المغرب: حمار زاكورة المعنف يجد في جمعية جرجير الأمان بعد الا ...
- جيك سوليفان يذكر شرطا واحدا لتوقيع اتفاقية دفاع مشترك مع الس ...
- كوريا الشمالية تحذر الولايات المتحدة من -هزيمة استراتيجية-
- زاخاروفا: روسيا لن تبادر إلى قطع العلاقات مع دول البلطيق
- -في ظاهرة غريبة-.. سعودي يرصد صخرة باردة بالصيف (فيديو)
- الصين تجري مناورات عسكرية في بحر الصين الشرقي


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - رؤية ثقافية فلسفية