أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد شاكر - في أعالي الحلم / قصه قصيره














المزيد.....

في أعالي الحلم / قصه قصيره


عبد شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 1399 - 2005 / 12 / 14 - 08:57
المحور: الادب والفن
    


فتى عشريني , بملامح طفل تسلق عمره ببراءة , نحيل كقصبه منتصبه , بقامة تتطاول مع النخيل , الذي يعشق تسلقه , في نوبات التأمل التي يقضيها ساكنا بين عذوق لم تزل لاهثه , كذهب لامع , حينما تفيض بأشعة الشمس , متجاهلا نداءات أمه وأخوته .

من ذاك البعد المكاني عن الارض , يمسح بمنظار نفسه التواقة الى التحليق , فضاءات يتخيل أنها العالم الذي يحب أن يكون فيه ! ليحقق ما يختلج في دواخله من مشاعر متناقضه , تتداخل بين حب الحياة ومتعة التلاشي , من أجل أمنيات وأحلام توخز رجولته , التي يشعر أنها تتبدد في الترقب وتواصل الاحباط ..

وسط ضجيج المدينة الصاخب , والرائحة المنبعثه من أجساد تلاصق يومه , الى حد الاختناق , تلك الاجساد التي تهرول بكل الاتجاهات , كل الى حتفه , وهم يطبقون على منافذ القلب النازف بهذا اللهاث الساذج ..
لم يعد هناك متسع , كي يجد نفسه , أو يفسر تلك الارهاصات التي تعتصر البهجة التي يحاول أن يصنعها في كيانه , لأن مشاعر الخيبة والنكوص تطارده كظله الواهي ..

بخشوع وتوحد مع الروح , يدنو من الارض بجبهة ندية , كما هي المآقي , يتواصل مع السماء بوجدانية متوسلة , كي يتسامى كل الجحيم الذي يصطلي فيه .. ينزوي في ركن معتم , يدفن رأسه في حجره , متكورا على كل المدد الذي أضاء أرتباكه وتأرجحه .. كاد يغفو , لولا تلك اليد الحانية التي مسدت رأسه الصغير , سرت في كيانه قشعريرة لذيذة , ناوله الشيخ باليد الاخرى كتابا ومضى ..

تتناوب عليه تلك اللعنات , اللاأنتماء , غربة داخل النفس والوطن , في ذاك الزحام والعويل اليومي , تنهار كل نوازع التشبث بالحياة , يفتقد الألفه , أو التمازج مع محيطه . يرى أن الجميع لاينتمي اليه , مسارات كثيرة , تتشظى نهاياتها , الى زريبة تضج بخليط من بقايا سفينة توشك على الغرق ..
على ضفاف النهر الذي تعانق نهاياته زرقة السماء , وقف متأملا .. صخب آخر , كتل من الحديد الصدأ تجوب مساحات المياه العذراء , تنفث دخان يحيل الفضاء الى ليل ثقيل . طيور النورس ترفرف في الأعالي , خرساء , مذعورة , وطنها البهي يحتله الغرباء , لهاث ساذج الى تلويث الاوطان , دونما أدنى وخز ! ..

ومثل سمكة مذعورة , ينزلق بثيابه وسط الماء , مندفعا يتسلق سطحه , تطفو الى جنبه كل نفايات الارض , يواصل أندفاعه الى الضفة الأخرى بتوتر أفقده رؤية الزوارق التي تندفع صوب المرافئ الغريبة ! .. كاد أن يتهشم في ذلك الصفيح الصدأ .. كفيه تبطش في كتل الماء الهائجة .. على ضفاف النهرمن جهة الشرق , أرتمى مترنحا , على ظهره , ونظراته الى قلب نخلة لم تزل شامخة ..

الى حيث تستكين الروح , ويخفق القلب , حط ببقايا جسد واهن , أنهكه التسكع , وتسلقه الهزال . في حضن الشيخ , حيث ملاذه الآمن , أستسلم الى أغفاءة ..

الى يمينه وشماله , شباب يتقاربون معه في العمر , لكنهم يتفوقون عليه في الحجم , تصافحوا بعد أن أنهوا طقوسهم , تهامسوا مع بعض . خرجوا على عجالة , سيارة صغيره تنتظرهم في شارع مظلم , زحفت بهم الى بستان في أقصى المدينة .. رجل ضخم , تكسوه ملامح صارمه , وزع عليهم حقائب سوداء وبنادق , دس في أيديهم مغلفات بيضاء .. على مشارف المدينة كانت هناك مجموعة تحرس بناء فخم , المكان مضاء بأنوار كاشفه , رشقات عنيفة من الرصاص تخترقهم . تبعثروا في عدة أتجاهات , أشتبكوا مع الهدف , دوي أنفجارات عنيفة تفزع سكون الليل , تلاشى كل شيئ .. فزع من أغفاءته , وجد نفسه معانقا جسد الشيخ وهو يرتجف مذعورا .. يتحسس جسده النحيل , وبسمة أمتنان أخترقت كل كله ..



#عبد_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرس أبيض للتمدن والحوار خاص بالملف
- قصه قصيره / أحلام يقظه
- اعتقال الكاتب عبد الكريم نبيل سليمان
- قصه قصيره
- حقوق المرأة الدستورية
- قصة قصيرة


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد شاكر - في أعالي الحلم / قصه قصيره