أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - انْعِطافات الخراب














المزيد.....

انْعِطافات الخراب


كمال عبود

الحوار المتمدن-العدد: 5195 - 2016 / 6 / 16 - 02:09
المحور: الادب والفن
    


الانعطاف الأول ..
وكان صباحك يا دمشق .. ندياً .. من أين لك هذا السحر؟.
من وهب لكَ تلكَ الصباحات ياوطني شرقك غربك .. جنوبك شمالك .. سهلك والجبل والبادية ..
ما زلتُ أذكر غوطتيك يا دمشق ..
في سبعينات القرن الماضي كان في الغوطتين ستة مليون شجرة وعدد سكان سوريا يوم ذاك ستة مليون ونيف .. لكل مواطن سوري ظل شجرة في عاصمة بلاده ..
كيف تصحرت أرضنا وحياتنا؟
هذا الجيل أغلبه لا يعرف ولا يريد أن يعرف؟



الانعطاف الثاني ..
وكان الشروق أخّاذاً .. والغروب أسطورة الجمال ..
المطر ورعشة السواقي ياسمين دمشق .. ابتسامات البحر والجداول .. ..
كل شئٍ يبتسمٌ .. حتى نبات البادية وأشجار الجبال والقمح وأخواته .. أين بريق العيون التي تمتزج مع تنفس الصباحات الجميلة؟ ..
كنّا نذهب إلى الجامعة وكان المزارعون هم السبّاقون والعمّال إلى المصانع .. وحماة الديار الى ثكناتهم بأمل وثقة ..
هذا الجيل (أغلبه) لا يعرف نشوة الاستيقاظ باكراً .. ينام حتى ما بعد الظهر .. ويرعد ويزمجر مهدداً من يوقظه ..



الانعطاف الثالث ..
كانت البيوت متلاصقة تعانق بعضها وساكنوها محبون ودودون يحافظون على أسرار بعضهم يتشاركون في الأفراح والأحزان ..
يندفعون بشهامة .. تدفعهم المرؤة والشهامة الأصيلة للمشاركة للتخفيف عن الآخر قريباَ كان أم بعيداً ..
هذا الجيل (أغلبه) ابتعد عن الأصالة ..
إذا توفي جاره القريب ينتظر إلى اليوم التالي يحلق ذقنه، يلبس طقمه المكوي، يتعطر ولا ينسى تلميع حذائه ثم يذهب إلى خيمة العزاء .. (دقائق معدودات) ..


الانعطاف الرابع ..
لم تكن في سورية الوطن أسئلة يطرحها شخص على شخص غريب .. من أين أنت؟ من أي عشيرة؟ ما هو مذهبك؟ ..
كان المعيار الأخلاق، الأدب والإخلاص في العمل ..


الانعطاف الخامس ..
العمل يا سادتي هو واجبٌ وضرورة .. هو صدقٌ ومحبة وإتقان .. يزهو الجميع بما أنجز وبما أتقن .. نوعاً وكماً ..
العمل هو اللقمة الحلال الشريفة للعامل وأسرته ..
أما الآن فالهدف تغير وأصبح السؤال: هل يستطيع الموظف أن يغيب عن الدوام وهل هناك مجال (الشفط) ..
هذا الجيل (أغلبه) يريد وظيفةً لا تعب فيها ولا دوام بل دخلاً يتضاعف وفق حاجاتٍ ليس لها نهاية ..


الانعطاف السادس ..
لا أحد يبحث عن الزعامة .. عن رئاسة القرية أو الحي أو (الحزب) أو شيخ الكار/المهنة ..
الوجاهة والرفعة تلحق بالشخص لإعتباراتٍ فيه .. لعناصر قوة (فكرية، حكمته، تجارب تُحسب له ..) ..
هذا الجيل (أغلبه) لم يقارب ويلتصق بمن يختار ..


الانعطاف السابع ..
منذ سنوات حدثني صديقي (رياض): "قلتُ لإبني الذي استيقظ الساعة الثانية بعد الظهر: يا ابني لقدرات وزنك فوق ال 120 كيلوغرام .. حاجتك رغيفين عالفطور ورغيفين عالعشاء" ..
أجاب الولد (عمره 25 عاماً) وهو لا يعمل ولا يحب أن يعمل: "اسكت أو بكسر الدنيا عاراسك"! ..
(صديقي رياض أصيب بجلطة دماغية فأصبح مشلولاً ومرمياَ في زاوية البيت) ..
ابنه الشاب مازال يدخن ويسهر ويصرف من مدخرات والده المريض ..
هذا الجيل (أغلبه) لا يعرف الأصالة ..



الانعطاف الثامن ..
كانت المؤن قليلة والتعب كثير وكانت بركة ..
صارت المؤن كثيرة والحضارة أوسع ..
غابت البركة..


بعض هذه الانعطافات .. وغيرها كثير .. أحد أسباب خرابنا .. وسنذكر لاحقاً ما رأيناه من انعطافات أخرى ..

-----
2016
اللاذقية، القنجرة.



#كمال_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفاصيل
- تهويمات في زمن القتل بين برزخين


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - انْعِطافات الخراب