أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - والله العظيم بريئ يا بيه















المزيد.....

والله العظيم بريئ يا بيه


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 5183 - 2016 / 6 / 4 - 20:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طال شوقي لتراب الوطن، وقررت رغم اعتراض الأبناء خوفا عليّ في هذه السن معاناة السفر، وخشية تعرضي لمعاملة غير لائقة من السلطات المصرية. وكان دافعي للسفر، شوقي لإبني الذي يعيش بمدينة الغردقة (محافظة البحر الأحمر) وأيضا مساهمة مني في إحياء عودة السياحة، حيث أنني أزور الوطن بصفتي مواطن كندي الجنسية. ذهبت لمكتب الأقصر للسفريات والسياحة الذي يديره الصديق رفيق بقطر، الذي دائما ما ييسر لي أفضل الرحلات وأقلها سعرا مع عمل خصم خاص، الذي قام بالواجب كاملا وحجز لي في موعد يتناسب وصول الرحلة لمطار القاهرة قبل قيام رحلة القاهرة الغردقة ببضع ساعات.
كانت الرحلة مريحة وممتعة لم أشعر فيها بأي إرهاق والحمد لله حتي وصلنا مطار القاهرة بسلام. أبرزت جوازيّ السفر المصري والكندي لضابط إنهاْء إجراءات الوصول، الذي طلب مني الانتظار قليلا حتي ينهي مكالمته التليفونية، بعدها أقبل ضابط آخر حياني باحترام وابتسامة عريضة علي شفتيه، طلب مني أن أتوجه معه إلي المكتب لإنهاء بعض الإجراءات الروتينية. في مكتبه قدم لي كوبا من الشاي الساخن قائلا: مرحبا بك في مصر مرة أخري. قلت له: هل مطلوب القبض عليّ ؟ أجابني والابتسامة لا تفارق شفتيه: فقط مجرد استفسار عن بعض الأشياء، طبعا سيادتك كانب مشهور في كندا. أجبته: أنا مجرد كاتب أما حكاية مشهور فلا أظن لأن عدد قراء صحيفتنا محدود بعدد من أفراد الجالية المصرية هناك. قال: أنت أيضا تنشر مقالاتك علي عِدّة مواقع بالشبكة العنكبوتية مما يجعل كتاباتك متاحة عالميا لكل من يقرأ العربية، وأنا أيضا أحد قراءك الدائمين. قلت له: شرف عظيم لي أن تكون قارئ لما أكنب.
سكت قليلا ثم فتح أحد أدراج مكتبه وأخرج منها ملفا، راح يعبث بصفحاته وتوقف عند إحداها، قال لي: سوف أقرأ لك مقطع من أحدي مقالاتك المدونة علي صفحتك الفيس بوكية:
"هذه الثقافة الإسلامية التقليدية لا تقف فقط ضد المسيحيين، ولكن ضد كل الأقليات، لعلك تذكر تهجير وحرق بيوت البهائيين على سبيل المثال. بل هذه الثقافة المتوحشة تحارب بكل قواها المختلف من ذات الدين. لعلك تذكر على سبيل المثال تعرية وسحل وقتل رجل الدين الشيعي حسن شحاته ومن معه في قرية زارية مسلم بمحافظة الجيزة منذ عدة سنوات.
كما أن هذه الثقافة الإرهابية ليست وليدة الوهابية السعودية. صحيح أن الوهابية تنشرها، لكن محمد بن عبد الوهاب مؤسس هذا المذهب الدموي لم يخترع هذا التشدد. ومثله داعش وطالبان وغيرها وغيرها من التنظيمات الإرهابية. كلهم استندوا الى ما يلي:
- آيات قرآنية تحرض مباشرة ضد المشركين و “النصارى” واليهود وغيرهم. وتطلب من المسلم حتى يرضى عنه الله سبحانه وتعالى ويدخله الجنة أن يصبح ارهابياً كارهاً لكل ما هو انساني. هذه الآيات هي صلب المذهب السني بتنويعاته، ما يتم تدريسه في الأزهر وفي التعليم العادي، في المنظمات السنية وفي المساجد وفي الإعلام وفي كل مكان.
احاديث صريحة تحرض على القتل والإرهاب ضد الآخر أياً كان، بما فيه المسلم المختلف. -
- تاريخ خلافة قريش (لا اعتبرها اسلامية، مثلها مثل العثمانية وغيرها) مليئ بالغزوات والإحتلال لشعوب اخرى وطبعاً مثلما فعلت كل الإمبراطوريات القديمة، قمع وديكتاتورية واستبداد وتمييز وجرائم، فلم يكن تاريخاً وردياً، بما فيه الأندلس (هي بالمناسبة احتلال استيطاني)".
توقف عن القراءة وهو يركز نظره مباشرة علي عينيّ وقال: أليس هذا ذمّ في القرآن الكريم والسنة الشريفة، وقدح في الصحابة رضي الله عنهم، وتحقير للفتوحات الإسلامية، مما ينطبق عليه قانون ازدراء الأديان ؟ ولهذا السبب أنت علي قائمة انتظار الوصول للقبض عليك وتسليمك للنائب العام.
وفي مكتب النائب العام، أعاد المحقق تلاوة نفس المقطع وسألني: ألست أنت كاتب هذا الكلام؟ قلت له مؤكدا: بالقطع لا، أنا لست بكاتب هذا الكلام. عاد وسأل: أليس هذا الكلام منشور علي صفحنك بالفيس بوك؟ أجبته: نعم، ولكن هذا المقطع جزء من مقال قرأته وأُعجبت به فوضعته علي صفحتي. قال وابتسامة الانتصار تملأ شفتيه: هذا يكفي لإدانتك سيان كنت أنت الكاتب أو أنت من وضع هذا الكلام علي صفحتك، اعتراف صريح يدينك بمخالفة القانون ووقوعك تحت طائلة قانون ازدراء الأديان. قلت: هذا جزء مبتتر من مقال ولا يعبر بصدق عما يعنيه الكاتب، ولو قرأت المقال مجملا لوجدته مختلفا عما تظن. نظر إلي كاتبه دون أن يكترث باعتراضي وأمر بحبسي 14 يوما علي ذمة التحقيقات. فصرخت به طالبا حضور سفير كندا كوني مواطن أحمل الجنسية الكندية، فأردف قائلا: وكمان عاوز تستقوي بدولة أجنبية؟ وهذا يزيد من جرمك. استيقظت من نومي وأنا أصرخ مرددا: والله العظيم بريئ يا بيه. وحين أفقت حمدت الله أنني ما زلت في كندا بلد الحريات والعلمانية.
نعم أنا بريئ من كتابة هذا المقال ولكني أحترم كاتبه وأهنئه علي جراءته وكتابته هذا المقال دون خوف، في بلد لا يحترم حرية الرأي والتعبير ويتصيد الأخطاء لمن يريد الخلاص منه، واستخدام قانون ازدراء الأديان لوضعه في غياهب السجون.
ألمح قارئا يقول لنفسه عني: هذا كاتب لا يحترم الأديان ويريد بوضع هذا المقطع علي أنه حلم أن يبرئ نفسه من تبعات القانون. ولهذا القارئ ولكل من يفكر مثله بأنني أتواري خلف الحلم، أأكد أن هذا الجزء مبتور من مقال كتبه الكاتب الصحفي المحترم سعيد شعيب، تحت عنوان: أنا مسلم وأكره المسيجيين. وكما تعلم عزيزي القارئ أن المقال عادة ما يتكون من المقدمة التي يطرح الكاتب فيها باختصار فكرة المقال، ثم المتن وهو لب الموضوع بإسهاب، تم الخاتمة التي ينهي الكاتب بها مقاله. والجزء المنشور أعلاه هو متن المقال وإليكم مقدمة المقال: "نعم ،أنا مسلم أكره المسيحيين، فكراهيتهم واجب ديني اسلامي، واحتقارهم ضرورة، فهم ليسوا من طينة البشر، إما أن تهجرهم خارج بلاد المسلمين أو يقتلوا، واذا كنت مسلماً كريماً فتتركهم يعيشون، لكن مذلولين مهانيين، يدفعون الجزية وهم صاغرين. هذا بوضوح جزء اساسي من الثقافة الدينية الإسلامية.
لذلك ارجو ألا نقع في فخ أن ما حدث في المنيا ومن قبلها ومن بعدها سيحدث في اماكن اخرى، بسبب السلفيين المتزمتين المتشديين أو الوهابية السعودية. فهو نتاج طبيعي لما تعلمته انا كمسلم وعشته طوال حياتي: في المسجد، المدرسة، الجمعية الشرعية، البرامج الدينية في الإعلام الرسمي وغير الرسمي. لقد تعلمنا أن الطريق الى الجنة يتطلب منا، طبقاً لما أمرنا الله سبحانه وتعالى، أن نكره ونهين ونؤذي ونقتل لو امكن. محافظ المنيا ومدير الأمن والرئيس وغيرهم وغيرهم من مؤسسات الدولة هم نتاج طبيعي لهذه الثقافة العنصرية والنهج غير الإنساني. وهو ما اسماه صديقي العزيز الباحث الشهير مجدي خليل الدولة الإسلامية العميقة. لذلك محافظ المنيا تهزه خرافة أن لفظ الجلالة مكتوب على بيضة، ولكن لا تحرك مشاعره حرق وتهجير وتعرية المرأة المسيحية".
ثم ينهي الكاتب مقاله بالآني: "المسلم السني العادي محمّل بكل هذه الأثقال الغير انسانية، حاربت السلطات السياسية والدينية على امتداد تاريخ خلافة قريش ومن بعدها العثمانيون أي محاولة لنشر اجتهاد يعيد التأويل. بل حرضت على قتل وسحل المجددين العظام مثل المعتزلة وابن رشد والعظيم محمود محمد طه ونصر حامد ابو زيد وسيد القمني وفرج فودة واسلام البحيري وغيرهم. هؤلاء العظام حاولوا مثلاً أن يشرحوا أن الآيات التي تحرض على العنف كانت مرتبطة بظروقها التي نزلت فيها. فالرسول عليه الصلاة والسلام هاجر الى المدينة وبدأ في خوض صراع سياسي لنشر وفرض الدعوة، أي أنها آيات لا تصلح لزماننا، فقد كانت مرتبطة بظرفها التاريخي. واجتهاد اخر يقول أن الأصل هو الآيات المكية، أما الآيات التي نزلت في المدينة فهي الفرع، ولا يجوز للفرع أن يلغي الأصل. فالأصل في الإسلام هو“لا اكراه في الدين"،”ولكم دينكم ولي دين”، وما يخالفه كان مناسباً وقتها ولا يصلح الآن.
باقي الأديان الإبراهيمية سيطرت نسخ منها أو تأويلات عنيفة ارهابية، واستطاعت المجتمعات، خاصة الغربية، انسنتها، أي نشر تأويل أو نسخة انسانية منها. لابد أن نكون صرحاء ونعترف كمسلمين سنة أن لدينا كارثة كبرى ضد انفسنا وضد الآخر. المسلم العادي مسكين افهموه وحشوا رأسه بأنه اذا اراد رضا الله وجنته، حيث يتناول فطوره مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ويحظي بالحور العين، لابد أن يكون كتلة من الحقد والكراهية، ارهابي، يفرح ويشعر بالفخر لتعرية سيدة قبطية لأنها قبطية، يحرق ويقتل وهومبتسم، فهو يد الله جل علاه ضد اعداءه. فالطريق الى الجنة مفروش بدماء الكفار.
علينا أن نسعى لتبني ونشر نسخ انسانية من ديننا العظيم، نسخة ترفض رفضاً قاطعاً تعرية سيدة المنيا وحرق بيوت البهائيين. ومطاردة الملحدين وحرق الأسرى احياء. نسخ تتصالح مع الحياة ولا تكون سبباً في تدميرها. وكل من يقف ضد ذلك من سلطات دينية وسياسية هم في الحقيقة اعداء للإنسانية. بقلم: سعد شعيب
تحياتي واحترامي وتقديري للكاتب الشجاع سعد شعيب وأرجو وأتمني ألا يكون مصيره مثل مصير آخرين تجرأوا فكان مصيرهم المحاكمة بتهمة ازدراء الإسلام، وهو ما لا نرجوه أو نتمناه له.







.








.



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا نايمين في العسل لايم وصل
- أبطال من ورق المتراجعون
- أزمة نقابة الصحفيين والداخلية في مصر
- تيران وصناقير والمؤامرة الأمريسعودية
- البلد رايحة علي فين ؟
- كوميدية اختطاف الطائرة المصرية
- أنفاق الفوضى تشتد إظلاما
- مصر ومخططات الأبالسة (الأخيرة)
- مصر ومخططات الأبالسة 8
- مصر ومخططات الأبالسة-7
- مصر ومخططات الأبالسة-6
- نقيضان لا يجتمعان الدين والسياسة
- مصر ومخططات الأبالسة-5
- زمن عزّت فيه المعجزات
- مصر ومخططات الأبالسة-4
- أنا أحلم والكل يحلم أيضا
- مصر ومخططات الأبالسة-3
- مصر ومخططات الابالسة-2
- مصر ومخططات الأبالسة
- صعيدي من جرجا في بلاد الفرنجة


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - والله العظيم بريئ يا بيه