أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود موسى الصباغ - على هامش النكبة: فلسطين الأرض والبشر















المزيد.....

على هامش النكبة: فلسطين الأرض والبشر


محمود موسى الصباغ

الحوار المتمدن-العدد: 5164 - 2016 / 5 / 16 - 05:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القضية الفلسطينية, كما كان يراها إدوارد سعيد, هي صراع "فكرة " لأن "فلسطين ذاتها هي مقولة و فكرة سجالية موضع نزاع بين الصهيونية و الفلسطينيين" .واذا كان الشرط الوجودي الفلسطيني عنيد بالنسبة لاسرائيل و عصي على الفناء فإن الأرض الفلسطينية بالمقابل اثبتت عنادا أكبر و استعصاء أشد صلابة , وإذن المعركة مركبة فالحرب الحقيقة ليست على حدود ثابتة و قضايا أمنية و مسائل الوضع النهائي بل هي معركة تساءل هذا الشرط الوجودي عن ماض ما زال يعيش بثقله بيننا ,وقد مثلت النكبة الفلسطينية -بحكم تعريفها وطبيعتها- أوضح جريمة ارتكبت بحق شعب اغتصبت أرضه في وضح النهار , و أجبر على العيش –لاحقا-حياة اللجوء سواء داخل الوطن وخارجه , وما انفكت النكبة تكثف الواقع الفلسطيني باعتباره "مصنعا للذاكرة" يتجذر عميقا في وجدان الشعب ،ولايزال اللاجئون بما يمتلكون من شعور راسخ بالغبن التاريخي الذي لحق بهم بسبب هذه النكبة , يغذون النضال الوطني الفلسطيني المتعدد الأطياف بنسغ الحياة و المقاومة.
قام العنف الجوهري للمشروع الاستعماري للصهيونية من خلال النداءات المتطرفة للمهمة المسيانية "لاسترجاع " يهودا والسامرة قلب الكتاب المقدس بتمزيق المشهد المكاني لفلسطين مرارا وتكرارا بعملية متعاقبة على مدى قرن من الزمن أدت إلى فتق غلالة الحياة اليومية وتشققها مكانيا، وهذا العنف لا يمثل اعتداء على الحياة الفلسطينية (المؤهلة سياسيا ضمن دولة مستقبلية محتملة على غرار بقية دول المنطقة ) فحسب، بل أيضا يمثل اعتداء على "الحياة المجردة" بحد ذاتها تم من خلالها دفع فلسطين والفلسطينيين نحو حافة التاريخ واليأس ,وإضفاء الصبغة الأداتية النفعية على الوجود الإنساني و التدمير المادي الكلي للمكان و الإنسان بآن معا ,وحيث الحلم الصهيوني لتوحيد الدياسبورا في دولة يهودية كان في جوهره مشروعا استعماريا، فقد تمثل ,مثله كل المشاريع على شاكلته, فلسطين كمساحة فارغة من سكانها العرب,مستخدما خليطا مدهشا من الأفكار و التصورات ليست في حقيقتها سوى طراز شاذً من التفكير يعيش أحضان وهم انطفأ منذ آلاف السنين ومن مشاعر يختلط فيها الديني بالصوفي و العنصري الرجعي بالفلسفي ويرجع في بعض من منابعه إلى شريعة و تاريخ اليهود القديم الذي يقتات مما يعرف بالتاريخ التثنوي كما يمتزج فيه الفكر القومي الاوروبي بالنزعة الاستعمارية للتوسع و السيطرة.وقد قمط هذا المزيج الغريب ,بفضل طوبولوجيا القوة, الأرض الفلسطينية بأقمطة استيطانية عنصرية هدفها النهائي هو تحويل حياة الفلسطيين إلى نوع "لايطاق" ,غير محكومة بقانون وغير محددة بخارطة ,وهي تستدعي في نهاية المطاف سلسلة من الالتواءات ضمن فضاء يكون استثنائيا يتكاثر فيه منسوب التطرف ويتداخل مع الواقع العنيد للفلسطينيين و القانون الاستعماري ذو النزعة الاستشراقية ويحاول-هذا الطراز-جاهدا عقلنة مشروعه الاستعماري , ولايوجدثمة تناقض هنا كما يبدو للوهلة الأولى فالعقلنة هي التي تجعل الدول الغربية ,على سبيل المثال ,لا تنظر لإسرائيل بوصفها استعمار (قد يرغب البعض بوصفها احتلال ولكن ليس استعمار) , كما أن "التطرف" أيضا هو الذي يسمح للبعض أن يعتبر أن من حق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها "المسالمين " بما فيهم المستوطنين في الضفة و القدس .
ورغم معرفة الصهاينة الأوائل جيدا أن العرب يعيشون على الأرض، ورغم معرفتهم، أيضا، أنهم لن يتخلوا عنها عن طيب خاطر. فقد عملوا ، في لفتة استعمارية جوهرية، على اختزال الفلسطينيين إلى مجرد "شيء" أخرس ,شيء ما طارئ من التاريخ، إلى مجرد أناس حصلت معهم أمور ما في زمن ما وتاريخ ما .إن عدم الاعتراف بهم كأناس لهم موضوعاتهم الخاصة بهم يتوافق مع الطبيعة الإحلالية الاستيطانية للمشروع الصهيوني الذي يتكأ على أسس إثنية/دينية تميل للتفوق المطلق , و متسلح بعقيدة تدميرية للغير حفاظا على "نقاء الدولة". لقد وضع هذا المشروع الفلسطينيين وجوديا أمام مسارين :الموت و/أو النسيان .و إذا كان الموت عاملا طبيعيا في حياة البشر فالمقصود بهذا العامل على مستوى المجتمع هو النتائج الكارثية التي نجمت عن تدمير البنى الأساسية للمجتمع الفلسطيني قبل العام 1948 م.غير أنه ليس هناك من يستطيع أن يؤكد زاعما أن النسيان كحالة إنسانية كان رهانا إسرائيليا ناجحا , فبحسب بعض التقديرات الإحصائية يتواجد نحو من 1،5 مليون يعيشون داخل الخط الأخضر بالإضافة إلى 4,5 مليون تقريبا في الضفة و غزة , الأمر الذي يسبب قلقا متزايدا للإسرائيليين و إخفاقا واضحا بشكل أو بآخر لجوهر المشروع الصهيوني و عقدة حل مستعصية , واللاجئون اليوم الذين يقدر عددهم بحوالي 6 ملايين من إجمالي عدد الفلسطينيين يمثلون خمسة أضعاف ما تم تهجيره من 675 قرية و مدينة , لم يخمد حماسهم يوما حتى في أحلك الظروف قتامة و لم يخفت صوتهم تعبيرا عن إيمانهم العميق بحقهم في العودة لديارهم ,وهذا الحماس المدهش في تنويعاته إنما هو دلالة وعي يتجدد و يتجسد في إدراكهم لقدرتهم على الاستمرار في الوجود والعيش بحلم عودة لا يخفت بريقه ,الأمر الذي يجبر العديد -حتى من أشد المؤيدين لإسرائيل- بالرجوع دائما للمربع الأول,أي اغتصاب الأرض و تشريد الشعب ،بمعنى الاقتلاع الوطني و الاضطهاد القومي ،وذلك عند الحديث عن أي مفاوضات محتملة .وتصريح كلود شيسون أثناء لقاءه مع ياسر عرفات في تونس (7/4/1988) خلال لقاءه مع الرئيس عرفات في تونس (7/4/1988) والذي جاء بعد أشهر من الانتفاضة الفلسطينية الأولى "انتفاضة الحجارة" يعبر عن هذه الحقيقة ،حين قال "إن مسؤولية الغرب عما يحدث جسيمة ،ففي العام 1948 عندما أقيمت دولة إسرائيل حكمنا على شعب بالتحول إلى لاجئين ،هناك أمثلة قليلة في التاريخ تشبه ما حدث عام 1948 ،و الواجب الآن العمل على أن يستعيد هذا الشعب حقوقه" ( لوموند 9/4/1988).
إن استيطان الأرض و تشريد الشعب ,بوصفهما أحد المضامين الأساسية للنكبة, شكل ,ومازال على الدوام, يشكل استحضارا للقرار الشهير 194 ,لاسيما البند الحادي عشر منه و الذي يخص بالقول بأن اللاجئين" الذين يريدون العودة إلى منازلهم و العيش بسلام مع جيرانهم يجب أن يسمح لهم بالعودة في أقرب وقت عملي ممكن و أن يدفع التعويض عن الممتلكات لهؤلاء الذين يقررون عدم العودة أو للضرر في الممتلكات و فقا للقانون الدول



#محمود_موسى_الصباغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحاجز: هندسة جديدة للخوف!


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود موسى الصباغ - على هامش النكبة: فلسطين الأرض والبشر