أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد جيجاك - مثقف سنكلوز














المزيد.....

مثقف سنكلوز


محمد جيجاك

الحوار المتمدن-العدد: 5130 - 2016 / 4 / 11 - 11:10
المحور: الادب والفن
    


المثقف سنكلوز

محمد جيجاك



تأبط كتاباً ضخماً وجرّ الكرسي البلاستيكي خلفه، اختار مكاناً مكشوفاً لكل عابر في صالة كامب استقبال اللاجئين المزدحم. رمى رجلاً فوق رجل، قلّب الكتاب مستعرضاً العنوان للمارة اللامبالين - سياسة الاستعمار في شرق الأوسط - فتح الكتاب لا على التعيين على صفحة ما في المنتصف، ضبط نظّارته الأنيقة على مسافة مناسبة، ثبّت نظره على صفحة الكتاب موحياً لناظره أنه مستغرق بالقراءة، كلّما مرّ بجانبه أحد رفع نظره ليتلصص عليه من فوق النظارة المنزلقة حتى نصف أنفه، إذا كان المارُّ موظفة في ادارة الكامب رفع رأسه ورماها بابتسامة مجانية، ترد له الموظفة الابتسامة وتعبره دون مبالاة بمشهده الشاذ في صالة الكامب، داهمه شعور احباط مؤقت من عدم تحرش الموظفة به، على الأقل سؤاله عما يقرأ، أو استفسار عن طبيعة عمله في وطنه!.
جاءت إليه زوجته قائلة:
- يجب أن تذهب للاصطفاف في الدّور سيوزعون الرواتب
نظر إليها مستهجناً طلبها، قال آمراً :
- اذهبي أنتِ واقبضي الراتب عن كل العائلة
- الذين في الدور كلهم رجال من جنسيات مختلفة !
حدّق في وجهها مغتاظاً من ردّها، قال حاسماً الأمر:
- اذهبي لا يمسّكِ أحد بسوء، تعرفين جيداً في الكامب بعض أهلنا في الوطن، ليس لائقاً أن يروني في الدّور لأجل راتب تافه.
طأطأت الزوجة رأسها، مستسلمة لحجته الوجيهة، ذهبت للإصطفاف في الدور بين الرجال، حفاظاً على مكانة زوجها السياسي والاجتماعي، فهو مثقف وطني معروف على امتداد قريته وبضع قرى مجاورة في الوطن الذي هرب منه بألف توسل.
عادت الزوجة إليه تخبره أنهم اقتطعوا من راتبه عشرين فرنكاً، غرامة على تدخينه السجائر لمرتين في الغرفة. صُعق الزوج المثقف بجدية تنفيذ العقوبة بحقه، اعتقد أن التهديد الذي تلقاه في المرة الأولى لتدخينه في الغرفة كانت مزحة عابرة من الموظفة، ثم راتبه بالأصل اثنان وعشرون فرنكاً في الاسبوع، فلا يُعقل أن يخصموا كل راتبه! كيف سيشتري السجائر الآن ؟!
تناول راتب العائلة من يد زوجته وأمرها :
- اذهبي لدور توزيع وجبة الطعام
- لا أستطيع وحدي جلب الطعام للعائلة كلها
- حين يأتي دورك سأرسل الأولاد لمساعدتك
- سآخذهم معي لينضموا إلى الدور
عادت الزوجة بدون وجبة زوجها المثقف، انتفضَ المثقف في وجهها موبخاً شخصيتها الضعيفة وسوء ادارتها لأمورها. ردّت الزوجة باستكانة:
- لم يقبلوا تسليمي وجبتين معاً، قالوا، فليأتي زوجك بنفسه ويستلم وجبته
جال المثقف بنظره على وجبات أولاده وزوجته، اقترح عليهم أخذ لقمة من كل وجبة، كي يعفي نفسه من إهانة الوقوف أمام المطبخ في يده صحن وملعقة وشوكة. رضخ الأولاد وزوجته لمشيئته وتبرعوا كل منهم بلقمة له.
في صباح اليوم التالي كالعادة اتّخذ المثقف مكانه المعلوم في الجلوس وقراءة كتابه الضخم. لمح دنو الموظفة نحوه مباشرة، في يدها مصنف كبير وتنظر إليه بتركيز، تسارعت دقات قلب الرجل المثقف، استبشر خيراً من الاعتراض الذي قدمه في الأمس على حسم راتبه بالكامل. ألقت الموظفة عليه التحية، قفز الرجل المثقف من جلوسه كمن حظي بجائزة على غفلة، لغلغ بكلام مبهم رداًعلى التحية، لم تفهمه الموظفة السويسرية، سألته الموظفة :
- أنت السيد سنكلوز ؟
- يا..يا
- اليوم دورك في غسيل المنافع الصحية، اعطي الكتاب لزوجتك وتعالى معي...



#محمد_جيجاك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميلانيا
- حيز واسع من الهشاشة
- وحي برائحة العفن
- وحي برائحة العَفَن


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد جيجاك - مثقف سنكلوز