أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - شكيب الخياري - أكاذيب تكشفها حقائق: دور محمد سلام أمزيان في أحداث 1958-1959 بالريف















المزيد.....



أكاذيب تكشفها حقائق: دور محمد سلام أمزيان في أحداث 1958-1959 بالريف


شكيب الخياري

الحوار المتمدن-العدد: 1387 - 2005 / 11 / 23 - 09:48
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


شهدت منطقة الريف خلال سنتي 1958-1959 اضطرابات على مختلف الأصعدة بسبب تهميش الدولة الممنهج لها، إضافة إلى تلاعب الحزبيين بالوضع خاصة حزب الاستقلال و حزب الشورى و الاستقلال، و هو ما أدى في النهاية إلى وقوع أحداث دامية قادها ولي العهد آنذاك الحسن الثاني، مرفوقا بأوفقير، حيث تم إنزال قرابة عشرين ألفا من أفراد الجيش المغربي بمنطقة الحسيمة، لإخماد نار الفتنة التي أوقدها مجموعة من أبناء المنطقة غير المسؤولين الذين دعوا الساكنة إلى عصيان الدولة و في مرحلة موالية بمواجهة جيشها و هم لا يتوفرون على أية إمكانية لمواجهة العواقب الناجمة عن تبني مثل هذا الخيار،هذا الجيش الذي اجتهد في تقتيل أبناء المنطقة بتفجيرهم بالقنابل اليدوية و رميهم بالرصاص الحي و ذبحهم و اغتصاب نسائهم و بناتهم، و قنبلتهم بقنابل النبالم من خلال طائرات فرنسية و أمريكية، حدث ذلك بعد فرار زعماء الفتنة إلى أسبانيا حيث مكثوا في ضيافة الإسبان يستمتعون بكل ما لذ و طاب.
هذه المرحلة الهامة من تاريخ الريف لم يتم تغييبها من مناهج التاريخ الرسمي فحسب، وإنما لم يتم التطرق لها أبدا كموضوع مستقل حتى من قبل الباحثين والمتخصصين قبل صدور كتاب "الريف:بين القصر،جيش التحرير و حزب الاستقلال" لكاتبه الأستاذ مصطفى أعراب سنة 2001، هذا الكتاب الذي زاد للطين بلة ، حينما روج من خلاله كاتبه لمجموعة من الأساطير و الأكاذيب التي عقدت الفهم بعد محاولته اعتبارها المرجع و المعيار في فهم ما جرى في تلك الفترة، حتى وإن تم ذلك بغير وعي منه ، الشيء الذي أدى في نهاية المطاف إلى ترسيخ مجموعة من الأفكار في ذهن المهتمين بلغت عندهم درجة المسلمات.
نتج عن ذلك ، كمثال أول ،اعتبار الهارب "حدو عبد السلام أمزيان" كـ "أحد الرموز التاريخية بالريف"، حيث جاء في بيان "لجنة إعلان الريف" بتاريخ 12/08/05 مطالبة "هيئة الإنصاف و المصالحة" بتقديم تبريرها حول"أسباب فشل مساعي عودة المغترب حدو سلام أمزيان الذي كان يعتزم أن ينظم له احتفاء يليق برمزية الرجل" !
و لمن لا يعرف من هو حدو سلام أمزيان نقول : إنه كان مفتشا للشرطة بالحسيمة، و يقال أنه كان من أكثر المعتدين و المضطهدين للمواطنين بالمنطقة، و ذلك حسب شهادة المواطنين الذين عايشوه، و علاقته الوحيدة بالأحداث فراره قبل الهجوم العسكري إلى مليلية لمجرد أنه من عائلة محمد سلام أمزيان .. فمن أين له بهذه الرمزية يا ترى؟
هذا و كان الرابح الأكبر في هذه المسألة هو محمد سلام أمزيان الذي أصبح ، بمجرد صدور الكتاب سالف الذكر، أحد رموز هذه البلاد،و بدأت بعض العقول الفقيرة تساويه برموز التحرر من الإمبريالية و رمز الريف الأول الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، هذا في الوقت الذي لم يكن أحد من أبناء الجيل الحالي يعرف هذا الشخص من قبل.
و في هذا المقام سنحاول مناقشة بعض الأفكار المروج لها في هذا الباب، خاصة من خلال مناقشتنا لمضمون الحوار الذي أجراه المؤلف مع محمد سلام أمزيان قبل وفاة هذا الأخير بقليل بعد عمر ناهز السبعين، معتمدين في ذلك، إضافة للمعلومات الموثقة، على شهادات حية عن هذه الفترة عموما و عن محمد سلام أمزيان خصوصا، منها شهادة الحاج حسين أوشن، نجل عمر أوشن نائب الصدر الأعظم في المنطقة الخليفية،قمنا بإنجاز حوار معه-الذي رحل قبل شهور، هو الذي تعرف على محمد سلام أمزيان بتطوان و خبر كثيرا من الأمور بحكم علاقته الوطيدة بهذا الأخير الذي كان كثير التردد على منزل عائلة عمر أوشن بحي مالقا بتطوان ، في وقت كان فيه لوالده دور هام كأحد رجالات إسبانيا بالمنطقة ـ أما الشهادات الأخرى فتؤكد هي الأخرى كثيرا مما ذهبنا إليه ، إلا أننا نتحفظ ، مرحليا ، عن ذكر أصحابها.

غرائب في تصريحاته:

إن مجرد قراءة تصريحات محمد سلام أمزيان المتضمنة في الحوار المشار إليه آنفا يتبين ، بما لا يدع مجالا للشك، أن أسلوب اختلاقه للأحداث و الروايات أمر غير طبيعي، قد يكون سلوكا متجذرا فيه كما ذهب إلى ذلك بعض ممن عرفوه عن قرب،أو هو ناتج عن كبر سنه و مرضه لحظة إنجاز هذا الحوار ... غير أن ما تجدر الإشارة إليه، هو أن الأمر لم يقف عند حد تحريف تاريخ المرحلة المعنية فحسب ، وإنما تعداها ليشمل تاريخ حرب الريف عموما . فهاهو الأستاذ جرمان عياش في ص346 من كتابه "أصول حرب الريف " يصف كتابات محمد سلام أمزيان بأنها تضفي على الأمير(ابن عبد الكريم الخطابي) صبغة وطنية بألوان صبيانية - و أضاف متحدثا عن الأمير الخطابي:"لا يوجد ما هو أنسب لحجب شهرته من الصمت المخيم على ماضيه أو من تراهات سلام أمزيان و أحمد البوعياشي" ص348. هذا و قد استنكر سعيد الخطابي - نجل الأمير الخطابي- مضمون رسالة قرأها أمامه الأستاذ زكي مبارك و هي من الوثائق التي لا تتوفر سوى لدى محمد سلام أمزيان،عبارة عن رسالة- حسب مضمونها- أرسلها الأمير الخطابي لجمال عبد الناصر يدعوه فيها لدعم الانتفاضة التي يقودها محمد سلام أمزيان،و فيما يلي بعض من هذه الروايات التي لن نتمكن من التطرق لها مجتمعة لضيق المجال.
بعد ثلاثة أشهر من الاستقلال ،انتقل محمد الخامس لتطوان، و عن تلك الفترة قال محمد أمزيان:"...قضينا الليلة في فندق "درسة"حيث كان علال الفاسي، بن بركة و جماعتهم نازلين به أيضا. في اليوم التالي أتاني شاعر الريف - ابن الفقيه بولحيان-و قال لي أن علال الفاسي، بن بركة و جماعتهم وضعوا خطة أطلقوا عليها خطة غزو الريف...ذهبت مع شاعر الريف إلى فندق درسة و رأيت علال و المهدي و الجماعة في حالة اجتماع في إحدى القاعات..."-ص 205 من كتاب ( الريف بين القصر وجيش التحرير وحزب الاستقلال ) و هذا القول مجانب للواقع، ذلك أن علال الفاسي و طيلة الفترة الممتدة من قبيل استقلال المغرب و إلى غاية8 غشت 1956 كان خارج البلاد رافضا الدخول للمغرب،متنقلا بين مجموعة من الدول الأوروبية و العربية، حتى أن لقاءاته التنظيمية الحزبية كان ينجزها في الخارج،و لم يدخل في هذه الفترة سوى مرة واحدة إلى تطوان لم تستمر سوى بضعة أيام قبل أن يعود مجددا للقاهرة، حيث سيقرر الدخول نهائيا للمغرب من منفاه الاختياري سنة 1957، فكيف رآه محمد سلام أمزيان في فندق "درسة" بعد ثلاثة أشهر من الاستقلال سنة 1956؟ ثم إن مناقشة الاستقلاليين لخطة ما ، خصوصا إذا كانت سرية، تكون داخل المكتب السياسي بما لا يسمح لشخص مثل القاضي الفقيه بولحيان أن يعرف ذلك .
و أضاف في حواره ذاك:"...سمعنا فكرة تنظيم حفلة في قرية بامحمد استقبالا للمقيم العام .اختاروا قرية بامحمد ليزورها المقيم العام و قادة المغرب...قيل أنهم سيتكلمون عن تعيين الملك، و بدأ الحديث عن شخص من الكتانيين، كان أستاذا في القرويين و كنت أعرفه، و بما أنني كنت معلما للعربية هناك، اختاروني لكي ألقي كلمة أمام المقيم العام و الموظفين. كتبت خطابا بالشكل الذي كانوا يريدونه، تكلمت عن فرنسا و منجزاتها، و عن استعمارها،ثم أعطيت نسخة من الكلمة للكومندان، موظفي الإدارة و القاضي...إلخ،لكنني كنت قد كتبت كلمة أخرى مغايرة احتفظت بها لنفسي حتى موعد تقديمي لها أمام المقيم العام.التحقت مآت القواد و الباشوات بحفل المقيم العام كما حضرنا نحن أيضا. قرأت الكلمة ثم التحقنا بإدارة القاضي، أخرجوا النسخة التي كانت عندهم و أخرجت أنا النسخة التي كتبتها عن الظروف الحقيقية للمغرب. حينما كنت أقرأ كان الجميع يتحرك في مقعده لأن معظمهم كان يفهم العربية،ارتعش القاضي نوعا ما في مقعده. أوقفوني و انتهت الحفلة. لما رجعت إلى البيت، أتاني المقيم العام و أمرني ألا أخرج من البيت، و في المساء لم يأت القواد الذين كانوا يترددون على بيتي، و بعد يومين أو ثلاثة، أتاني حاكم فاس و الباشا الفاطمي بن سليمان مع الشرطة، فتشوا البيت و أمروني ألا أسافر إلى طنجة"-نفسه، ص 192-.
ففي هذه الرواية يتحدث محمد سلام أمزيان عن اختياره لتلاوة كلمة أمام المقيم العام باعتباره معلما للغة العربية، في حين أن المعيار في هذه الحالة هوأن يتقن من يلقي الكلمة اللغة الفرنسية تسهيلا لفهم المقيم العام ، وليس اللغة العربية،هذا من جهة، و من جهة أخرى ، و تجاوزا لما سبق ، هناك ادعاءه امتلاك كل هذه الشجاعة ليكتب كلمة أخرى مغايرة فاضحا فيها الوضع الحقيقي للمغرب أمام المقيم العام و قادة المغرب إذاك ، ونتساءل كيف يعقل للمقيم العام ، الذي يتحكم في المخزن ذاته، أن يقصد شخصيا بيت محمد سلام أمزيان الذي لم يكن سوى معلما متواضعا في هذه القرية الصغيرة المهمشة (قرية ابا امحمد)، حتى يأمره بعدم الخروج من البيت؟
و في موضع آخر من نفس الحوار يقول"كان أوفقير قد اتصل بي من قبل، و حينما قدم إلى الريف حاول إغرائي للتعاون معه حتى نقلب النظام و يتعاون الشمال مع الجنوب -أوفقير من الجنوب- لكنني رفضت هذا التآمر. لتقيته مرتين و حاول في كل مرة أن يظهر صدق ما يقوله لكنني كنت أرفض باستمرار...إن أوفقير الذي كان - و أبوه أيضا-عميلا للفرنسيين، يريد مني أن أتعاون معه...هذا مستحيل"- نفسه،ص 216-.
و هنا يظهر بوضوح كيف يختلق محمد سلام أمزيان القصص، إذ كيف يعقل لأوفقير الذي أضحى حديثا الرجل الأكثر ثقة لدى محمد الخامس، و الذي لم يكن حينها ليتجاوز رتبة نقيب، أن يفكر في إنجاز انقلاب، و بالأخص معية شخص غير معروف لا حول له و لاقوة، بل الأفظع من هذا ، أن يقول محمد سلام أمزيان، أن أوفقير ظل يلح عليه للقبول ، لكنه كان يرفض في كل مرة ! و بعدها يقول :إن أوفقير و أبوه كانا عميلين للفرنسيين ، لهذا استحال التعامل معه. كيف يقول أمزيان هذا، وهو أيضا ، و بنفس منطقه، يعد هو و أبوه عميلين للإسبان، فأبوه كان شيخ القبيلة في حين أصبح هو بدوره مقدما في حضيرة الإسبان دائما .
أما الأفظع من كل ما سبق هو ما يبينه تصريحه التالي:"..حدث مرة أن اخرجني الضابط -لأسباب لا أعرفها- من إشبيلية و ذهبنا إلى مدينة رئيس الحكومة الإسبانية فيليبي غونزاليس، تعرفت على أم غونزاليس و حكت لي عن ابنها كما كان الضابط قد حكى لي عن وطنية غونزاليس - قلت أنا ذلك لفرانكو فيما بعد و أصدر عنه العفو من عقوبة السجن التي كانت قد تقررت ضده...إني أعرف بعض الشيء عن قصة غونزاليس-..."-نفسه،ص225-، فمحمد سلام أمزيان أصبح بقدرة قادر حاكما في إسبانيا يؤخذ بكلامه ورأيه من قبل فرانكو نفسه حتى ولو تعلق الأمر بالإفراج عن معارضيه، وبفيليبي غونزاليس بالضبط الذي اختبرته الاعتقالات و المنافي متعنتا، و لم يشفع له أحد غير محمد سلام أمزيان ! في هذا التصريح يتحدث هذا الأخير عن لقاء جمعه بفرانكو، والذي يؤكده في موضع آخر حيث يقول:"...بعدها اتصل الجنرال، حاكم مليلية بفرانكو و أبلغه الأمر، طلب منه فرانكو أن ينقلني من مليلية، كانت هناك باخرة ستتجه إلى مالقا، و كان الميناء غاصا بالمسافرين، ذهبت مع الجنرال و بقيت معه حتى يتم إفراغ الباخرة. تم الإفراغ فعلا، لكن الجنرال لم يثق أول الأمر و طلب مني ألا ندخلها إلا بعد التفتيش ثانية و إذا بهم يجدون بعض رجال حزب الاستقلال في القبو الذي توجد فيه المحركات. اعتقلهم الإسبان و ضربوهم. بعدها اتصل الجنرال بمصلحة المياه الإقليمية و طلب باخرة حربية صاحبتنا إلى "مالقا" حيث استقبلني جنرال آخر، هو و جنوده"-نفسه،ص 225-و يضيف:"...حصل اتفاق بين محمد الخامس و فرنسا يتعلق باستغلال المياه الإقليمية للمغرب و لم يتم إشراك إسبانيا، أراد أن يعرقل الاتفاق و قرر إخبار جمال عبد الناصر و عبد الكريم. اختارني لكي أوصل رسالته إلى عبد الناصر و عبد الكريم، استدعاني فرانكو و قدموا لي جواز سفر ديبلوماسي و ذهبت إلى القاهرة مصحوبا بضابطين اسبانيين..."-نفسه،ص226- . هنا يظهر ثانية و كأن فرانكو لم يجد من يقحم في ملفات أسبانيا الداخلية غير محمد سلام أمزيان، و كأن سفير إسبانيا في القاهرة دون مستوى هذه المهمة، هذا إذا صّدقنا أصلا أنه قد تم نقله بواسطة باخرة حربية نحو إسبانيا.
في هذا الصدد ينفي الحاج حسين أوشن ـ بحكم قرب عائلته من النظام الإسباني في هذه المرحلة أولا وبحكم معرفته الجيدة بمحمد سلام أمزيان ثانيا ـ وجود أية علاقة لهذا الأخير بفرانكو، بل ينفي أية علاقة له بأي مسؤول إسباني،أضف إلى ذلك أن الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي لم تربطه أبدا أية علاقة أو اتصال مباشر بفرانكو، الشيء الذي يؤكده كل من الدكتور عمر الخطابي و الأستاذ أحمد المرابط ، بل و تتحدث مصادر إسبانية على أن فرانكو ظل بعيدا عن مثل هذا الاتصال بعبد الكريم.
في مكان آخر يضيف ، محمد سلام أمزيان قائلا :"..دخلنا نحن بأسلحتنا و استقبلنا السلطان، قدم الشيخ مزيان كلمة تهنئة باسم الوفد . و بعد ذلك، تكلم السلطان و شكرنا على العمل الفدائي الذي قمنا به في إطار جيش التحرير و قال لنا أن جيش التحرير هو الذي أعاده إلى العرش، ثم طلب منا أن نعد له تقارير عن الشمال لأنه لا يعرفه، آنذاك تدخل الشيخ مزيان و قال:"صاحب الجلالة، ابن أخي هذا أجدر بهذه المهمة"، عقبت و أظهرت استعدادي لهذه المهمة. هكذا كلفني السلطان بأن أعد له تقارير عن الشمال لأنه لا يعرفه"-ص 206-.إذا ما تجاوزنا قوله بدخوله و عمه الشيخ مزيان حاملان السلاح على محمد الخامس، و بكونهما عضوان في جيش التحرير الذي لم ينتميا إليه في أية لحظة ، فإننا نطرح الأسئلة التالية : كيف لا يعرف محمد الخامس الشمال، أليس لمحمد الخامس من يكتب له التقارير عن منطقة مندرجة ضمن حكمه، حتى يأتي القدر بمحمد سلام أمزيان الذي سيكتبها له و يكون بذلك قد تعرف محمد الخامس على منطقة الشمال على يديه ؟

المعتصمون و السلاح الموعود:

تضاربت الأقوال بين مؤكد و مشكك حول إمداد المعتصمين بالسلاح،و قد تضمنت التقارير التي توصل بها المخزن معلومات تفيد إمداد الإسبان للمعتصمين بالسلاح، و هو ما أدى بالحكومة للاحتجاج بشكل رسمي على أسبانيا في إبانه ،فكان ذلك أهم حجة تذرع بها المخزن لتبرير قمعه للمنطقة.
و عن بواخر السلاح،قال محمد سلام أمزيان:"..في نفس الأثناء وصلت باخرة أخرى إلى "قابوياوا"في كبدانة. تبين فيما بعد أن الباخرة وصلت بموافقة جمال عبد الناصر و تحت إشراف فتحي الذيب، مدير مكتب المغرب العربي و كان صديقا لعلال الفاسي. أخبر فتحي الذيب علال الفاسي عن تفاصيل إرسال الباخرة من مصر إلى " قابوياوا". حينما وصلت الباخرة إلى الشاطىء سأل عني الربان و بعث لي أشخاصا من الحزبيين، و لما جاؤوا إلي نفيت أن تكون لي أدنى علاقة بالباخرة و قلت لهم أنها موجهة ربما لأحد غيري و ليس لي أنا"-نفسه، ص 219-. فالباخرة الوحيدة التي جاءت إلى قابوياوا و أرسلها عبد الناصر تحت إشراف فتحي الذيب هي الباخرة " دينا" بتاريخ 5 مارس 1955 من الإسكندرية للمقاومين الجزائريين و المغاربة ، و قد كان على متنها هواري بومدين، فقد حصل عليها الجزائريون و المغاربة بعد اتصالات قام بها بن بلة و آخرون مع المصريين ، خاصة مع فتحي الذيب، و ساهم في تفريغ الأسلحة مجموعة من المقاومين من بينهم أبناء منطقة الناظور مثل: شوراق حمدون و القايد محمد بلعيزي و الحاج أحمد واعليت و محمد بوراس و أحمد بوراس وغيرهم. و هنا نتساءل، في تلك الفترة كان محمد سلام يشتغل " مقدم " في قبيلته و هو بكل تأكيد لا علاقة له بجيش التحرير و لا بالمقاومة أصلا، فكيف سيسأل عنه الربان و الحزبيون؟و ومتى تعرف عليه في تلك الفترة جمال عبد الناصر أو فتحي الذيب حتى يرسلوا له الباخرة، و بأية صفة؟ هذا و ما تزال أحداث الريف بعيدة بخمس سنوات تقريبا،و ربان هذه الباخرة هو مناضل من أصل سوداني اسمه إبراهيم نيال، و هو الذي قصده حينما تحدث عن الباخرة الأولى التي زعم أنها جاءت إلى بقيوة حيث قال:"ظهر - يقصد حدو أبرقاش- بعد أن تسربت معلومات تفيد بوجود باخرة محملة بالسلاح في شاطىء باديس. جمع رجاله و اتجه إلى الشاطىء لاستلام السلاح. لكن ربان الباخرة - سوداني الأصل- كان بحوزته نصف صورة لثور و النصف الآخر بعث إلى الريف على أساس أن يسلم لربان الباخرة النصف الثاني للصورة سيسلم له الأسلحة. لا أتذكرفي هذه اللحظة كيف حصل أخي عمر - كان شرطيا- على النصف الثاني من الصورة و بعثه لي. ذهب حدو أبرقاش و رجاله إلى باديس و طلب من ربان الباخرة أن يسلم له السلاح و حينما سأله عن كلمة السر، لم يفهم أبرقاش شيئا،لهذا امتنع الربان عن تسليمه الأسلحة. حينما تلقيت كلمة السر أرسلتها مع " عيسى" و قلة من الرجال إلى باديس، لكن حينما وصلوا هناك وجدوا الباخرة عادت لأن الربان خاف ربما من رجال حدو أبرقاش. و هذه الباخرة كان قد أرسلها سي محمد عبد الكريم - أخ محمد بن عبد الكريم الخطابي-"-نفسه،ص 218-219-، و هنا نتساءل مرة أخرى،ألا يفترض في عملية إرسال كهذه خصوصا و أنها من طرف الأمير الخطابي أن تتوفر فيها شروط بديهية، مثل توقيت الإرسال و توقيت الاستلام، و توفر المرسل إليه الذي يفترض في هذه الحالة أن يكون جماعة منظمة؟ ثم هل يعقل أن يعيد الربان باخرة قادمة من المشرق حتى باديس محملة بالأسلحة لمجرد أن شخصا جاءه بلا كلمة السر؟ هذا و قد تبرأ حدو أبرقاش من ذلك حيث قال:"لقد قيل للملك من طرف بعض الوشاة إن باخرة سلاح ستأتي من إسبانيا إلى الثوار الريفيين، و في الحقيقة لم يكن هناك لا سلاح و لا هم يحزنون"- الصحيفة، العدد47-.
و في الحقيقة أن وعودا بإمداد المعتصمين بالسلاح كانت قد قدمت لمحمد أمزيان و جماعته من طرف الإسبان، لكنها كانت مشروطة، و عن ذلك يقول حسين أوشن:"كانت للإسبان رغبة في استغلال انتفاضة الريفيين ضد الأوضاع القائمة بالمنطقة، قصد الانتقام من المغرب و فرنسا بسبب تهميشهما لها في المنطقة بعد الاستقلال،و لهذا أعطى الإسبان وعودا بدعم الحركة ببواخر السلاح بشرط أن يتم تنظيم الحركة بشكل جيد بحيث يكون لها هيكل تنظيمي يمثلها"، بعد ذلك تابع الأسبان من خلال معاونيهم بالمنطقة الوضع جيدا، و في هذا الإطار أرسل ذات مرة عمر أوشن أحد أبنائه مرفوقا بعبد السلام حدو أمزيان إلى محمد أمزيان، و هنا يقول حسين أوشن:" قال له السي امحمد على أن مشكلة المنتفضين هنا تكمن في فقدان التنظيم، خصوصا في القبائل البعيدة، حيث يريد الكل أن يصبح زعيما للانتفاضة، و لذلك قرر على أن يبذل قصارى جهده للعمل على توحيد القبائل تحت نظام واحد"، و يضيف:"نعم لقد ظل المنتفضون ينتظرون الباخرة و هم مرابطون بالجبل، و لكنها لم تأت لأن رجالات اسبانيا و على رأسهم والدي، و من بينهم عبيد الله و شوحو و الشراط و بورجيلة و غيرهم أخبروا الأسبان على أن هذه الانتفاضة ستتسبب في فوضى عارمة سيصعب معالجتها سواء بالنسبة للريفيين أنفسهم أو بالنسبة للمغرب و يمكن أن تضر حتى باسبانيا في مليلية، و ما يجب التأكيد عليه هو أن أسبانيا كانت ترغب في مد المنتفضين بباخرة السلاح، و لكنها لم تجد أجوبة مقنعة على مجموعة من الأسئلة مثل: لماذا مد الريفيين بالسلاح ؟ ما هي الأهداف الحقيقية للمنتفضين من وراء ذلك؟ ما هي الجهة الرسمية الممثلة للانتفاضة و التي ستتسلم السلاح؟ كل هذه الأسئلة دفعت بأسبانيا للتراجع عن دعمها... و أكثر ما كان يثير تخوف الأسبان من هذه الانتفاضة هو انقضاضها فيما بعد على مليلية".

الدور الحقيقي لمحمد سلام أمزيان في أحداث 1958-1959:

ولد محمد سلام أمزيان و اسمه الأصلي هو محمد سلام موح أمزيان البوخلفي، أواخر سنة 1925 بآيت بوخلف من قبيلة آيت ورياغل بإقليم الحسيمة، خلال الثلاثينات تلقى تعليمه في عدد من المساجد بالريف و جبالة، قبل أن ينتقل بداية الأربعينات إلى مدينة الحسيمة ليتابع دراسته بالمعهد الديني،و في أواسط الأربعينات انتقل إلى جامع القرويين بفاس ليحصل على شهادة العالمية، و في بداية الخمسينات عمل لمدة قصيرة معلما بقرية بامحمد ، قبل أن ينتقل في نفس الفترة ، على أبعد حد، سنة 1952إلى تطوان- كما يؤكد الكثير من الذين تعرفوا عليه بتطوان- و هناك ربط علاقة مع أبناء عمر أوشن، و في هذا الصدد يقول حسين أوشن:"تعرفت عليه شخصيا أواخر سنة 1952 بتطوان، حيث كانت تقطن بها مجموعة كبيرة من أصدقائه و عائلته من الحسيمة و أذكر هنا الشيخ مزيان، لكنه فضل أن يستقر مع عائلتنا لأزيد من ثلاثة أشهر، معي و مع أخي الأستاذ امحمد الذي كان مؤخرا باشا على مدينة تطوان، و أخي حسن - والي الدار البيضاء و الصحراء مؤخرا - حيث كنا نقطن بحي اسمه باريو مالقا"، لكن محمد سلام أمزيان لم يتحدث قط و لو باٌلإشارة للعلاقة التي ربطته مع عائلة أوشن، فهل خوفا من أن تلحقه تهمة التعامل مع عمر أوشن الذي فضل في الماضي التعاون مع الإسبان ضد الأمير الخطابي ؟ قد يكون ذلك ممكنا في جانب منه ...فمحمد سلام أمزيان كان يلتقي في كل مرة بأفواج من الطلبة الذين كانوا يأتون لزيارة عائلة أوشن -التي كانت تساعدهم دوما على حل مشاكلهم- حيث وطد العلاقة معهم، و هناك سار يحرضهم ضد حزب الاستقلال، و في هذا الصدد يقول حسين أوشن:"كان السي امحمد يقول:" كيف يعقل أن نكون نحن الريفيون من جاهد و قاوم الاستعمار و يعود لنا الفضل في الاستقلال، و في الأخير يحتكر حزب الاستقلال كل شيء ؟"، و قد بدأ ينشر هذه الفكرة في تطوان، مستغلا بذلك الإشعاع الذي كان لعائلتنا في كافة ربوع الريف، حيث كان الجميع يزورنا هناك و كان بدوره يتحدث إليهم في بيتنا عن الموضوع مرددا في كل مرة نفس هذا الكلام".
و في سنة 1954 انتقل محمد سلام أمزيان إلى قريته في أربعاء تاوريرت بعد أن تم تعيينه من طرف الإسبان"مقدم" بها، و ذلك خلفا لوالده الذي كان شيخا لنفس القبيلة،و الملاحظ أن ذلك لم يذكره في حواره المطول سالف الذكر ! بعد الاستقلال الذي منح للمغرب، استغنى المخزن عن خدماته. فحدث مرة أن جاء المخازنية على خيولهم يعتدون على السكان فخرج محمد سلام أمزيان ليرى ما يحدث، فرأى ابنته الصغرى نعيمة تحت أقدام الخيل ميتة، فحرر رسالة شديدة اللهجة في حق الحكومة، كما صرح للقاضي الأستاذ عبد السلام الدبي ،فتم اعتقاله بسبب ذلك سنة 1957 بالحسيمة ثم تم نقله فيما بعد إلى سجن العلو في الرباط ومنه إلى سجن القنيطرة، حيث قضى تقريبا سنتين في هذه السجون، من دون محاكمة.
و طيلة هذه المدة كان الشوريون ، و على رأسهم الحاج معنينو من قياديي حزب الشورى و الاستقلال، متتبعين لوضع محمد سلام أمزيان خلال اعتقاله و متوسطين له لدى أصدقائهم من المسؤولين،و ذلك لسبب بسيط جدا، لأنه" ينتسب لحزب الشورى و الاستقلال منذ نعومة أظافره،منذ كان طالبا بجامعة القرويين بفاس" حسب الحاج معنينو – في تأبينه للمعني بالأمر (ص 230). بعد مغادرته للسجن، يقول محمد سلام أمزيان:"ذهبت إلى بيت معنينو في سلا و هناك أقام الشوريون حفلة بمناسبة خروجي من السجن، اشتروا لي الملابس و بعض اللوازم الأخرى. قضيت هناك سبعة أيام".و خلال سبعة أيام، تم الاتفاق بين الشوريين و محمد سلام أمزيان على أن يتم تنظيم الريفيين لمواجهة غطرسة حزب الاستقلال الذي يريد محاربة الملك محمد الخامس، و ذلك تنفيذا للاتفاق الذي جمع الشوريون و المخزن على أن يتحدا معا لمواجهة حزب الاستقلال،ومباشرة من سلا ، قصد محمد سلام أمزيان قبيلته أربعاء تاوريرت.
بعد وصوله إلى الحسيمة، وجد محمد سلام أمزيان الوضع يغلي، و الساكنة ساخطة على الوضع،خاصة من جراء التعامل الذي يلاقونه من الحكام المحليين،و هنا وجد نفسه حاملا لورقة بيضاء من طرف المخزن عبر حزب الشورى و الاستقلال، و نفس الشيء تم في مناطق أخرى بتنسيق هذه المرة بين أبناء المنطقة و الحركة الشعبية و فق نفس البرنامج،حينها قام المعتصمون بالجبال و بتوجيه من قياداتهم بإحراق مقرات حزب الاستقلال و بالاعتداء على أعضاء الحزب،و هي الوسيلة المثلى لإثارة انتباه المخزن لسخط أهل المنطقة على تدبير حزب الاستقلال لشؤون المنطقة، و هي الورقة التي سيستغلها المخزن لإضعاف الحزب، و في هذا الصدد يقول الأستاذ عبد السلام حادوش متحدثا عن المعتصمين :"إن الأمر أوحي إليهم بالقيام بتظاهرة في الجبال على أساس أكذوبة أن الملك مهدد و أن القصر سينصفهم فيما بعد، و بالفعل فإن السلطة أعطت أوامرها للمسؤولين المحليين بعدم التدخل كيفما كان الحال، و الحرص فقط على عدم تمكين المتمردين من الأسلحة، حيث و بالفعل تخلى ممثلو السلطة عن أي دور في تأمين الاستقرار بالمنطقة، و هرب كل ممثلي السلطة تقريبا من المنطقة خوفا مما يقع من غليان، و من الأمثلة الفاضحة على أن الأمر كان مفبركا هو أن القائد العسكري الكولونيل علوش خطب في الناس بدائرة بني عمارت، و قال لهم : إن هؤلاء-يقصد أنصار الحركة الشعبية- أحرار يفعلون ما يريدون" (الصحيفة، عدد47)، و تصريح الكولونيل علوش تؤكده شهادات أخرى، و من ثم فإن كل ما حدث من غليان كان تحت رعاية المخزن و من تنفيذ رجالات حزب الشورى و الاستقلال و الحركة الشعبية، و من بينهم محمد سلام أمزيان في الحسيمة و الشيخ زريوح في الناظور من الشوريين إضافة لآخرين من أتباع الحركة الشعبية، و هو ما يفسر أجواء الفوضى التي لم تمكن من تنظيم الحركة التي بقيت مقسمة بين الحزبين بتدبير من المخزن كما أسلفنا، لأن احتكار أي حزب للحركة سيشكل مشكلة جديدة للمخزن إذاك .
بعد الاضطرابات التي حدثت بالمنطقة، أرسل محمد الخامس لجنة لتقصي الحقائق ترأسها وزير الدفاع الوطني أحمد اليزيدي، و في تلك الأثناء أذاع الملك نداءا يدعو فيه القبائل لإعادة النظام،بعد ذلك ذهب وفد من القبائل الريفية للقاء محمد الخامس حيث أبدوا"استياءهم من أعمال الجور التي كان يرتكبها رجال الإدارة المحليون، و أبدوا سخطهم لقلة تعيين عدد من أفراد قبائلهم في الوظائف، و أبدى من كان من رجال جيش التحرير المتمرسين في الحرب أعضاء هذه البعثة أنهم لم ينالوا الحظوة اللائقة بهم لدى الحكومة، و قالوا أنه كلما أعطيت لهم فرص أكثر للاتصال المباشر بالملك، نجم عن ذلك رضاء عظيم بين رفاقهم"(التطورات السياسية في المملكة المغربية،ص274). بعد ذلك عاد الهدوء للمنطقة بشكل نسبي، لكن سرعان ما عادت الفوضى من جديد ابتداء من يوم الاثنين 27 أكتوبر 1958، مما اضطر معه الملك إلى إرسال لجنة ثانية ترأسها عبد الرحمان أنجاي مدير الديوان الملكي آنذاك و في عضويتها محمد داوود و الكومندار محمد المذبوح،لدراسة تظلم 900 ألف شخص في أقاليم تازة و الناظور و الحسيمة،و الذي قُدم له في أوائل ديسمبر، وجاء فيه أن السبب في حدوث تلك الاضطرابات يعود لأخطاء موظفي إدارة البادية(التطورات السياسية في المملكة المغربية،ص274) لكن تحول جزء من المعتصمين إلى متمردين ضد العرش،دفع بمحمد الخامس لأن يبعث بنداء أخير يحذر فيه من الاستمرار في ذلك،معلنا "أن لن نسمح لأي فرد و لا جماعة من الدجالين و دعاة الفتنة و التفرقة بالاستمرار في مخادعة الشعب و تغليطه و مواصلة أعمالهم الهدامة و التآمر على وحدة الوطن و استقلاله" ) مصطفى اعراب، ص228-229(.
فمع مرور الوقت انفلتت الحركة من يد المخزن بعد أن دخلت إسبانيا على الخط، مما اضطر محمد الخامس إلى دعوة المعتصمين للنزول من الجبال و وضع حد للاعتصام. فهذه الفرصة لم تفوّت على الأسبان وسارعوا للرد على تهميشهم ، بعد منح الاستقلال للمغرب ، بعد استحواذ فرنسا على كل شيء،فعمدت من خلال عملائها في الريف للاتصال بقادة هذه الاعتصامات في مختلف المناطق و من بينهم محمد سلام أمزيان فقدموا لهم إغراءات للعمل وفق مشروعهم، على أن يتم تسليح المعتصمين، فراح يبشرهم هو و جماعته ليحثهم على الاستمرار في الاعتصام، و لهذا ظلوا في الجبال يحملون الهروات و قضبان الحديد،في انتظار السلاح الموعود،و هي النقطة التي سجلها دافيد هارت بدوره حيث قال:"طيلة شهرين أو أكثر....كان أفراد آيت ورياغل مسلحين بـ" الآلآت الحديدية" المستعملة لقطع الخشب و أيضا بالعصي. من الدلالة البالغة أن يكون محمد نرحاج سلام قد وعدهم بالأسلحة لكنه لم يف بوعده بتسليمها") مصطفى أعراب،ص156 (،و هو ما تؤكده شهادات كثيرة، حيث يصرح الشهود أن محمد سلام أمزيان كان يعد المعتصمين بالسلاح.
بعد الندائين الملكيين، استجابت جل القبائل،و بقيت قبيلة آيت ورياغل الحالة الشاذة، كما وجدت مجموعة أخرى لم تعمد للنزول من الجبل إلا احتراما لأوامر قيل لها أنها من الأمير الخطابي !!! فالحاج حسين أوشن يروي أن: "من المغرب جاء إلى دار الكبداني في قبيلة بني سعيد كولونيل يدعى بنكيران و معه القبطان ادريس شوحو بزي عسكري، و حينها نزل بعض الثائرين من قرب زاوية سيدي الحاج ميمون، حيث تم إعلامهم على أن ابن الأمير عبد الكريم الخطابي يتواجد معهم و يريد التحدث إليهم، لم يقولوا لهم اسمه و لم يكن هو ابنه، و فعلا نزل البعض، فالمخزن اختلق هذه الفكرة لعلمه بمدى قوة تأثير اسم الأمير محمد ابن عبد الكريم الخطابي على نفوس الريفيين، و طلب منهم هذا الشخص أن يعودوا لبيوتهم، الأمر الذي استجاب له البعض، و لكن في المقابل رفضه البعض الآخر و هم المتشددون، الذين كانوا يرغبون في الانفصال، الشيء الذي دفع قوات الجيش لأن تتقاتل معهم ، حيث ،على ما أعتقد، قتلوا واحدا من المنتفضين و أصابوا آخرا بجروح، و مجموعة منهم توجهت إلى أزغنغان قبل أن يتم القبض عليها من قبل الجيش الذي كان مجهزا حتى بالخيول" و مجموعة محمد سلام أمزيان هي من المجموعات التي أرادت الانفصال، رضوخا لإغراءات إسبانية.
و بعد الهجوم على المنطقة في مارس 1959، كان محمد سلام أمزيان من بين أوائل الهاربين،الذين كان ضمنهم عبد السلام حدو أمزيان و عبد الله التهامي و غيرهما،و التحقوا كلهم بمليلية حيث كان الإسبان في انتظار استقبالهم، و في حينه ، وفروا لهم الأكل و الشراب و راتبا قارا ، قبل أن يتم نقل جزء منهم بالباخرة إلى ألميريا،و هو ما يفضح بجلاء التواطؤ الذي سلف و أن تم بينهم..فمحمد سلام أمزيان و مجموعته لم يضمنوا مطالبهم خروج القوات الإسبانية من المنطقة إلا تمويها للمخزن ومعه الأحزاب السياسية وقتذاك ، فلو افترضنا ، جدلا ،أن هذا المطلب كان فعلا إحدى شروطهم البدئية أو أن هذه الحركة كانت ترغب فعلا في زعزعة التواجد الأسباني بالمنطقة؟ فكيف يعقل لهؤلاء الإسبان أن يوفروا لمحمد سلام أمزيان و مجموعته كل هذه الحماية و العناية التي استقبلوا بها من لدنهم ؟
بعد بضعة أشهر قضاها في إسبانيا قرر محمد سلام أمزيان الالتحاق بالأمير الخطابي في القاهرة، كان ذلك يوم 5 أبريل 1960، بقي هناك بجانب الأمير يأتي إليه في كل حين ليكتب ما يمليه له من تفاصيل حول تاريخ حرب الريف.
بعد وفاة الأمير الخطابي،بدأ يشارك في انتقاد النظام المغربي بجانب مناضلي القوات الشعبية في برنامج إذاعي من ليبيا أنشأته منظمة الاختيار الثوري- تيار داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية- برنامج كان مفتوحا في وجه باقي المعارضين أنذاك أمثال: الفقيه البصري و عبد الرحمان اليوسفي و آيت قدور و الحسين المانوزي و غيرهم.
في نهاية الستينات، حدث له مشكل مع المصريين فتدخل أحد أعيان مصر تربطه علاقة متينة بعائلة الخطابي لحله. بعد ذلك قرر الالتحاق بالجزائر في أبريل 1973 ثم إلى العراق ابتداءا من صيف 1981،حيث استقر هناك إلى غاية أ ن اضطره المرض للانتقال إلى هولندا للعلاج يوم 18 ديسمبر 1994، و بقي يعاني من المرض حتى فارق الحياة يوم 9 سبتمبر 1995، و بعد أسبوع تم نقل جثمانه إلى مسقط رأسه بآيث بوخلف / الحسيمة حيث تم دفنه وسط أبنائه وعشيرته .



#شكيب_الخياري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تأسيس لجنة بتحريض من الوالي؟
- انتفاضة يناير 1984 بالناظور..الأسباب و النتائج


المزيد.....




- هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام ...
- زيلينسكي يشكو.. الغرب يدافع عن إسرائيل ولا يدعم أوكرانيا
- رئيسة وزراء بريطانيا السابقة: العالم كان أكثر أمانا في عهد ت ...
- شاهد: إسرائيل تعرض مخلفات الصواريخ الإيرانية التي تم إسقاطها ...
- ما هو مخدر الكوش الذي دفع رئيس سيراليون لإعلان حالة الطوارئ ...
- ناسا تكشف ماهية -الجسم الفضائي- الذي سقط في فلوريدا
- مصر تعلق على إمكانية تأثرها بالتغيرات الجوية التي عمت الخليج ...
- خلاف أوروبي حول تصنيف الحرس الثوري الإيراني -منظمة إرهابية- ...
- 8 قتلى بقصف إسرائيلي استهدف سيارة شرطة وسط غزة
- الجيش الإسرائيلي يعرض صاروخا إيرانيا تم اعتراضه خلال الهجوم ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - شكيب الخياري - أكاذيب تكشفها حقائق: دور محمد سلام أمزيان في أحداث 1958-1959 بالريف