أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ه سعاد الكتبية - الإنسان العربي الفلسطيني في الإبداع العبري المعاصر.















المزيد.....

الإنسان العربي الفلسطيني في الإبداع العبري المعاصر.


ه سعاد الكتبية

الحوار المتمدن-العدد: 5109 - 2016 / 3 / 20 - 23:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لايمكن الحديث عن الأدب العبري المعاصر، وعن كيفية تعامله مع شخصية الإنسان العربي الفلسطيني بالاستناد إلى الأعمال الأدبية التي تناولتها من الداخل فقط ، بل يجب النظر إلى هذه الإنتاجات في إطار التحولات الاجتماعية الثقافية والسياسية التي شكلت إطارها العام .
إن الأدب العبري المعاصر هو نتاج لمجموعة من المعطيات السائدة في المجتمع، كما يعبر بوضوح عن واقعه الاجتماعي والسياسي، لذا فمن الضروري إعطاء نبذة تاريخية عن اتجاهاته الرئيسية.
يكاد يجمع نقاد هذا الأدب على أنه أدب ارتبط بالحروب، فتقسيمه جاء مرتبطا بالحروب التي خاضتها إسرائيل ضد العرب، فيقال أدب حرب 1948 ، أدب حرب 1967، وأدب حرب 1973.
غير أن ذلك لايعني أن الفترة التي سبقت هذه الحروب لم تشهد إنتاجات أدبية، فقد كان ليهود الهجرة الثانية التي ابتدأت سنة 1907، دورا رئيسيا في رسم معالم جديدة للثقافة العبرية في فلسطين. وقد ظل أدب هذه المرحلة يعكس أسلوب حياة يهود الشتات أو" الدْيَسْبُورَا" خاصة بأوربا الشرقية، بالإضافة إلى تطرقه لبعض الموضوعات التي تثير واقع الصراع بين المستوطنين اليهود ، أو ما يطلق عليهم بأصحاب الأرض.
عرفت فلسطين، مع بداية القرن، مجموعة من الأحداث، طبعت الأدب العبري بطابع خاص، أهمها:
- هجرات اليهود إلى أرض فلسطين والتي استمرت إلى حدود سنة 1929 (الهجرة الخامسة على وجه التحديد).
- الانتفاضة العربية ضد الاستيطان الصهيوني، اندلعت على إثرها ثورة امتدت من سنة 1936 إلى سنة 1939، تسمى ثورة عز الدين القسام .
- ثم وعد بلفور سنة 1917.
لعبت هذه الأحداث دورا رئيسيا في تقوية وتوسيع الاستيطان الصهيوني، الذي كانت له نتائج أولية على المستويين الثقافي والأدبي.
1. من الناحية الثقافية، نلاحظ بداية تكوين وعي جماعي صهيوني لدى جيل هذه المرحلة، الذي اعتبر في ما بعد المؤسس للكيان الصهيوني .
2. على المستوى الأدبي، تبنى أدباء هذه الفترة القيم الصهيونية، وصاغوها في قالب أدبي.
من أهم التيارات الأدبية التي برزت خلال الثلاثينيات ومنتصف الأربعينيات تيار سمي "بجيل البلد" "دور با آرتس " . في مقابل هذه التسمية، ظهرت مع منتصف الخمسينات مجموعة من الأدباء سميت " بجيل الدولة"، " دورهمدينا" أو الموجة الجديدة " جيل حاداش "، وهو تيار أدبي أقرب إلى الواقعية.
أما عن موقف الأدباء اليهود من الاستيطان بفلسطين، فقد كان موقفا تبريريا، بحيث نسبت للعربي الفلسطيني، المدافع عن حقوقه المشروعة، صفات سلبية، فتارة يوصف بالإرهابي الذي يقوم بعمليات إجرامية ضد المستوطنين اليهود، وطورا ينعت بالهمجية والتوحش، ومن تم يبرر طرده ومعاملته بقسوة.
وقد فرضت حرب 1948 على الأدباء التكيف مع الواقع الذي أفرزته، فجاءت كتاباتهم لتكشف عن الصراع بين الالتزام الصهيوني وبين البحث عن الذات المغتربة.
أهم ماميز الأدب العبري بعد حرب 1948، بروز شخصية" الصبار" الذي أضفى عليها الأدباء كل المواصفات التي تتلاءم مع قيم الحركة الصهيونية الاشتراكية، كالتضحية الذاتية في سبيل النحن، والحب الكبير للطبيعة الفلسطينية، فأضحت فلسطين موضوعا للوصف الأدبي.
ظل اليهودي من مواليد فلسطين أو" الصبار" يعتبر نفسه في حالة حرب وصراع دائمين مع أصحاب الأرض من الفلسطينيين، وهو ما نستنتجه من أدب هذه المرحلة، كما كشف هذا الأدب أيضا، وخاصة منه القصة القصيرة عن المشاكل الحقيقية للمجتمع اليهودي، كوصف الحياة داخل المستعمرات، ووصف عرب فلسطين، والحديث عن العلاقة بين الفلسطينيين واليهود بعد قيام الدولة.
أورد جورج فريدمان عالم الإجتماع الفرنسي المعروف في كتابه " ماهي نهاية الشعب اليهودي" الملابسات الإجتماعية والتاريخية التي صاحبت إطلاق تسمية الصبار. يقول فريدمان إن ذلك المصطلح أخد يتردد في أعقاب الحرب العالمية الأولى مباشرة، وأنه استخدم للمرة الأولى مع بداية الستينيات، ظهر جيل من الكتاب، منهم عدد من الأدباء الشباب كعاموس عوز، دافيد شحر، ألفب يهوشواع، إسحاق أورباز وغيرهم.....
لوحظ لدى هؤلاء الكتاب، إحساس قوي بالواقع الاجتماعي الإسرائيلي، ومن بين النماذج التي كانت موضوعا لإنتاجاتهم الأدبية، شخصية العربي الفلسطيني. ففي قصته "البدو الرحل والثعبان"، يصف عاموس عوز الفلسطيني باللصوصية والسرقة يقول: (( إن الظلام يشاركهم في جرائمهم، اللصوص يمرون في المعسكر، ولم يجدوا الحراس الذين أضفناهم إليهم.))
(( لم تسفر العمليات الهجومية المفاجئة التي تمت في المخيمات الممزقة عن أي شيء، وكأن الأرض قررت أن تتستر على السرقة وتنبه السارقين.))
أما إسحاق أورباز، فقد عبر عن موقفه السلبي اتجاه العربي الفلسطيني، في قصته على "سن الطلقة"، التي كتبها سنة 1959، والتي يصف فيها مشاعر الرعب والخوف التي سيطرت على العربي عندما وقع في قبضته، والتي حولته إلى أبله، يقول: (( وضعت السلاح بجانبي، ومضغ إبراهيم تبغا، وكان وجهه جامدا يعبر عن البلاهة.))

عكس أدب ما بعد حرب 1969 التوتر والشك اللذان يعيشهما الإسرائيلي، إذ عمد أدباء هذه الفترة إلى الاهتمام بالفرد أو" الأنا" عوض النحن. خلفت هذه إنتاجات أدبية، كشفت بصدق عن المشاكل النفسية التي عاشها الإسرائيلي آنذاك، كالإحساس بالمأساة والخوف اتجاه العربي الفلسطيني. ولم يعد الشك في عدالة صراع إسرائيل ضد العرب منحصرا في المنظمات التقدمية والأحزاب الشيوعية بإسرائيل، بل أثير أيضا في بعض الأعمال الأدبية.

الأدب العبري المعاصر بعد حرب أكتوبر 1973. ( مرحلة السبعينات والثمانينات ).

تميز أدب هذه الفترة بالتأرجح بين إتباع الخط السياسي الذي تتهجه الدولة لإسرائيلية وبين الخروج عنه. فظهرت في المجتمع الإسرائيلي خلال هذه المرحلة مفاهيم، مختلفة نذبل ومتناقضة حول الصراع العربي الإسرائيلي. تمثل ذلك في ظهور قوى تقدمية تدافع عن حرية التعبير وعن الديمقراطية، وتعارض ضم أراضي فلسطينية لم تكن ضمن أراضي إسرائيل قبل 1967، كما تنادي أيضا بالتعايش السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. في حين نجد اتجاها آخر يصف العربي الفلسطيني بالعدوانية والانفعالية، وكذا الضعف الحضاري والقصور الفكري.
وقد عكس الأدب العبري المعاصر مختلف هذه التصورات فطرحت بعض الأعمال الأدبية نموذجا جديدا للعربي الفلسطيني بطريقة جديدة ومختلفة، فلم تعد تعطيه صورة الإرهابي الذي يخشى من عدوانيته. كما سعت بعض القصص الموجهة للأطفال إلى التركيز على مبدأ التعايش والساكن بين مختلف الفئات خاصة بين العرب والإسرائيليين، ودعت أيضا إلى علاقات حسن الجوار بينهما.
سنحاول بعد هذا العرض الموجز للتيارات الأدبية التي تجاذبت الأدب العبري المعاصر، إعطاء بعض النماذج للأدباء يهود، عكست بعض إنتاجا تهم الأدبية التصور الذي يضفيه هؤلاء على الشخصية العربية بكل مكوناتها، والتي سبقت إثارتها في هذا العرض.


- الإنسان العربي في القصة العبرية المعاصرة .
سوف نقتصر في هذا المقال الموجز على أربعة أدباء، تطرقوا في إنتاجهم القصصي للإنسان العربي، وهم:
ـــ مردخاي طببيب .
ـــ دافيد شحر.
ـــ كرشوم شوفمان.
ـــ ورفقة باز .
معظم هؤلاء الكتاب عاشوا مرحلة السبعينيات، بل حتى الثمانينيات، ومنهم من لايزال على قيد الحياة كمردخاى طبيب على سبيل المثال. من أهم أعماله الأدبية روايته "مثل عشب الحقل" صدرت سنة 1948." المنبوذ" طبعت سنة 1957. ومن قصصه أيضا "قيثارة يوسي" التي صدرت ضمن مجموعة "طريق ترابي" ( ديرخ شل عافار)، "اللقاء الأخير" و"الصبي يحيى من اليمن". سوف نركز بشكل أساسي على هاتين القصتين الأخيرتين.
يصنف النقاد أدب طبيب على أنه " أدب طائفي"، فمعظم قصصه تهتم أساسا بيهود اليمن، حيث أثار الكاتب عدة جوانب من حياتهم، سواء منها الاجتماعية، الثقافية، أو الدينية، وذلك قبل وبعد هجرتهم إلى فلسطين. كما يبرز من خلال قصته " الصبي يحيى من اليمن"، حلم يهود اليمن الدائم عبر التاريخ إلى أرض فلسطين، وشوقهم للوصول، وجهودهم لتحقيق حلم الدولة.
من بين الموضوعات التي أثارها "طبيب" في قصصه، شخصية العربي الفلسطيني، التي أصبغ عليها مجموعة من الصفات السلبية. ففي قصة "قيثارة يوسي"، يؤكد الكاتب على أن العرب متوحشون بطبعهم، وأنهم السبب في وقوع خطبين شنيعين. المصيبة التي لحقت "بيوناه" و"مقتل يوسي". و"يوسي ويوناه"، شخصيتين بارزتين في قصة طبيب، فالأول ابن لأرملة يهودية تدعى "يديدا"، قتل ابنها إبان الحرب ضد العرب. و"يوناه" فتاة أصيبت بالجنون، فأصبحت محط سخرية واستهزاء من طرف الشباب العرب، يقول: (( فإن يوناه كما هي اليوم ضعيفة وواهنة نفسيا وجسديا، أما هؤلاء الصغار الذين يثيرونها فإنهم متوحشون بطبعهم.))
أما قصته "اللقاء الأخير" فتتحدث عن مرحلة تاريخية، هي فترة 1969، حين كانت حرب الاستنزاف تلحق أضرارا بالغة بالجيش الإسرائيلي. بالرغم من مما كانت تثيره هذه في المجتمع الإسرائيلي من انهيار نفسي، إلا أن الكاتب حاول أن يظهر ذلك الارتباط الدائم والأبدي بالقدس القديمة، وبكل مظاهر الحياة في إسرائيل، وذلك من خلال شخصية دانيال.
في سياق حديثه عن التجنيد الذي أصبح ضروريا بعد قيام الدولة، لكل فتى أو فتاة وصلت السن القانوني لذلك، يدرج طبيب
رأيه حول العربي فيقول:
((.....إن قوى الطبيعة تمارس عملها في كل يوم بصورة دائمة، وفي كل يوم منذ أن جاءت الدولة إلى العالم، ويموت الشباب بيد الإسماعليين العرب المجرمين، والمتسللين، وناصبي الكمائن وكل ما شابه ذلك من الأعمال .))
يتابع طبيب بطله في قصته " الصبي يحيى من اليمن ( هنعر يحيى متيمن)، كفرد هو محور الأحداث، منذ هجرته منها وحتى وصوله إلى فلسطين، واستقراره بإحدى المؤسسات المعدة لاستقبال الأطفال المهاجرين، واستقراره بإحدى المؤسسات المعدة لاستقبال الأطفال المهاجرين، وكأن ما يريد طبيب إيصاله إلى قراءه هو أن هجرة يهود اليمن إلى إسرائيل، هي الحل الوحيد الذي ينهي "اليهود التائه" لتبدأ بعد ذلك نهضة اليهود القومية. ولكي يصل إلى الهدف، استخدم الكاتب عدة أدوات إجرائية، أولها وأهمها، تشويه صورة المسلمين أوال"ﯖ-;-وييم" ، الذين ظلوا في نظره، يضطهدون يهود اليمن قبل نزوحهم إلى فلسطين. يقول:
((....عند رجوعه من الكتاب إلى المنزل، يهرول يحيى كعادته لخوفه من أطفال المسلمين الذين يضربون كل طفل يهودي مار بالحي.))
يظهر طبيب تنامي الارتباط النفسي بالقدس عند الصبي "يحيى" من خلال عنصرين:
* الأول: الأخبار التي تنتقل إليه عن المدينة المقدسة، وما تزخر به من مظاهر الحياة العصريةّ.
* الثاني: التركيز على إظهار شخصية العربي بمظهرين مختلفين، مع التأكيد دوما على جوانبها السلبية. فعربي اليمن قوي متسلط، في حين نجد الفلسطيني مهدن بل مستسلم، يقول:
((....في القدس لايخشى من أبناء الغرباء "أي الفلسطينيين" يسمع الصبي يحيى بأن هناك بأرض إسرائيل، يبني اليهود لأنفسهم قرى ومدنا ليقطنوا بها، وكلهم أشداء لاخوف عليهم من الفلسطينيين.))

إن المثلث الذي تشكل أطرافه ثلاثة عناصر، اليهودي الإسرائيلي ثم العربي الفلسطيني والذي نجده في معظم الإنتاجات العبرية المعاصرة، والذي يظهر أيضا من خلال أعمال الأديب الإسرائيلي دافيد شحر.
من مواليد القدس سنة 1926، من أهم إنتاجاته الأدبية التي حظيت بالشهرة والنجاح، روايته" هيكل الأواني المحطمة" (هيخال هكليم هشبوريم )، نشر الجزء السابع منها سنة 1990 ، وقصته عن الأحلام "عل هحلوموت"، صدرت سنة،1995موضوع دراستنا.
يصف النقاد قصصه بكونها واقعية كلاسيكية، تكشف عن واقع المجتمع الإسرائيلي بكل قضاياه ومشاكله، وهو الطابع الذي تميزت به أيضا قصته " عَلْ هَحَلومُوتْ"، والتي سمي فصل منها ب "عادات بطبع الإنسان"، (دْفَاٍريمْ شبتيبع هأدام).
بطل القصة إيبي، يهودِي وُلِدَ بأمريكا، ثم هاجر إلى فلسطين وعمره خمسة وعشرون سنة، استقر بمنزل أخته المتزوجة بالقدس. يركز الكاتب على أحد أطفالها أي سيلعب دورا هاما داخل القصة. إذ بواسطته يتم التعرف على شخصية إيبي، شخصية تتميز بالغربة والعزلة والانطواء، إذ لم يستطع هذا الأخير العيش من دون الإحساس بالانتماء الاجتماعي، لذلك قرر الرحيل إلى الكيبوتس . ومع مرور الأيام التقى إيبي بامرأة يمنية، رافقته إلى منزل أخته ليتم التعارف بينهما. ظل إيبي يؤمن بقيم ومبادئ الصهيونية، بالرغم من كونه عاش فترة من عمره في أمريكا، في بيئة تطبعها العلمانية، الحرية الفردية والديمقراطية. نستنتج ذلك من المقاطع التي خصها الكاتب للحديث عن العربي الفلسطيني، والتي تنم عن نظرة ملؤها التعالي، يقول:
( حين جاء إيبي من أمريكا، كان يرى بالقدس كل شيء يبعث على الفرح، الأرض طيبة، بناياتها جميلة، أناسها طيبون، غلاتها حلوة، بالرغم من وجود العرب والعربيات الذين يبيعون الصبار، والذين من صفاتهم النهب والسرقة.)
في مكان آخر من النص، تعبر الأخت عن حسرتها اتجاه أخيها الذي فضل الاقتران بيمنية، تقول:
(حمدا لله، إذ لا يوجد في الكيبوتس عربيات، وإلا تزوجت بواحدة منهن.)
نستنتج من هذا المقطع عنصرين أساسين:
1- نزعة اليهود الأشكناز العنصرية اتجاه السفراد.
2- النظرة الدونية التي ينطلق منها الكاتب في تعامله مع العربي الفلسطيني بشكل عام، والمرأة بشكل خاص.
من الأعمال القصصية التي تناولت أيضا الإنسان العربي الفلسطيني، قصة "قبل الهدوء" (بيرم أرجعا) للأديب جرشوم شوفمان. ولد بروسيا سنة 1880، عاش بها لعدة سنوات، ثم هاجر بعد ذلك إلى فلسطين عام 1938. اتسمت قصصه بالقصر، وعباراته بالفصاحة، حصل كرشوم شوفمان على جائزة "بياليك" وجائزة "إسرائيل" ومات بحيفا سنة 1972.
تدور أحداث قصة "قبل الهدوء" بسهل بالقدس يدعى "سهل عيجول". والنص عبارة عن وصف مطول للمظاهر الطبيعية التي يزخر بها المكان والتي تضفي عليه رونقا وجمالا، وبذلك يكون الكاتب قد اعتمد في قصته على أسلوب تصويري أكثر منه قصصي.
إذا كان الجو العام الذي ساد القصة هو الإحساس بالغبطة والحبور لجمالية وسحر المكان، فإن الشعور بالخوف كان ينتاب الكاتب من حين لآخر، الخوف من الجار الفلسطيني الذي أصبح "عدوا " كما عبر عنه بقوله:
(.....بالتأكيد يجلس الخصم هو الآخر "بسهل عيجول" للتربص من هناك، ولا أحد يعرف ما سوف يأتي به الغد.)
ويعكر صفو الجالس بالسهل صوت تبادل القذائف والطلقات، الشيء الذي يعكس استمرارية الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يقول:
(.....الحرب مع الفلسطينيين مازالت قائمة.)
شوفمان من الأدباء الإسرائيليين القلائل الذين استعملوا في قصصهم لفظة فلسطينيين "بلشتيم " عوض العرب.
يعكس النص أحاسيس متناقضة كان يحس بها الكاتب، فتارة يشعر بالظلم والإحباط، وطورا يحس بحلاوة الانتصار، وكلها أمور حاول من خلالها إبراز الصورة التي يريد رسمها للقارئ، وهي نموذج الإسرائيلي المقاتل الذي عانɉ-;- ـيعاني كثيرا من أجل البقاء في مواجهة الفɄ-;-سطيني الذي يتعقبك ويطارده، يقول:
(طردنا وأبعدنا من جميع البلدان، ونحن نطارد حتى هنا، إلا أننا تقوينا في الأخير.)

إذا كانت الأعمال التي تطرقنا إليها تتسم بالسلبية اتجاه العربي الفلسطيني، فإن بعض الإنتاجات العبرية مثلت عكس ذلك. نخص بالذكر قصة " السياج المخترق "هڴ-;-در نفرصا " للأديبة الإسرائيلية رفقة ڀ-;-از.
والقصة تحكي عن طفل إسرائيلي، كان يلعب بالكرة داخل حديقة بيته المحاطة بسياج من كل جانب، فلم تلبث الكرة أن سقطت خارج الحديقة، ليفاجئ بطفل عربي فلسطيني يعيدها إليه. كان لهذا الحدث عدة آثار إيجابية، أولها وأهمها، نشوء علاقة مودة وصداقة بين الطفلين، وثانيهما بداية تلاشي ذلك السياج أي كان يحول بينهما. بل تطورت هذه الصداقة لتشمل عائلتي الطفلين، محمود ويورم.
تقول ڀ-;-از في نهاية قصتها :
(( هكذا حصل التعارف بين والدة كل واحد منهما، إنهما يتقابلان بصورة دائمة، لقد تقاربت قلوبهما بالرغم من السياج الذي يفصل بينهما، إذ لايعوق المودة الحقيقية جدار أوسياج، الآن بعدأن اخترق السياج، اتسع طريق للحب والمودة.))
إن السياج المشار إليه في النص، يرمز إلى مجموعة من العوائق التي تحول دون نشوء علاقة طبيعية بين جميع مكونات المجتمع، وعليه، نستنتج أن الدين والمستوى الاقتصادي والاجتماعي، لايمكن اعتماده كأساس للتمييز بين بني البشر.
ونعتقد أن موقف الكاتبة من الصراع العربي الفلسطيني هو بمثابة رد فعل ضد أولئك الأدباء الذين أظهروا على الدوام استحالة خلق وضع طبيعي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ورفقة ﭛ-;-از من أولئك الأدباء الإسرائيليين القلائل الذين يطمحون إلى إقامة مجتمع إنساني جديد، يقوم على المساواة.



#ه_سعاد_الكتبية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ه سعاد الكتبية - الإنسان العربي الفلسطيني في الإبداع العبري المعاصر.