أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - صالح بوزان - إعلان دمشق يستحق التأييد















المزيد.....

إعلان دمشق يستحق التأييد


صالح بوزان

الحوار المتمدن-العدد: 1380 - 2005 / 11 / 16 - 12:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


.. وأخيراً اتفقت غالبية المعارضة السورية على وثيقة برنامجية تعتبر أرضية صالحة للحوار الوطني الشامل في سبيل الوصول إلى تقاطعات عمل مشترك يفتح الطريق أمام تحرك وطني مسؤول لتحقيق التغيير المنشود الذي يعبر عن التطلعات الجوهرية للشعب السوري، بهدف الوصول إلى نظام وطني ديمقراطي. هذا النظام الذي لا يقبل الفكر الشمولي وتجلياته العملية، وينبذ العنف في ممارسة العمل السياسي، ويعتمد على الديمقراطية كإطار عمل بين فعاليات الشعب السوري بدون استثناء. وهكذا فإعلان دمشق يسعى إلى بناء دولة حديثة يقوم نظامها السياسي على عقد اجتماعي جديد ينتج عنه دستور ديمقراطي عصري يجعل المواطنة معياراً للانتماء.
يستدرك الإعلان بعض الحيثيات التي يعاني منها المجتمع السوري، والتي كانت من الأسباب الرئيسة ليس لكل المظالم التي انهارت على المواطن السوري فقط، بل كذلك كانت أرضية خصبة لولادة واستشراء الفساد وعرقلة التطور على مختلف الأصعدة، فيشير الإعلان إلى إلغاء جميع أشكال الاستثناء من الحياة العامة، وضمان حق العمل السياسي لجميع مكونات الشعب السوري على اختلاف الانتماءات القومية والدينية والاجتماعية.
من المؤكد أن بناء دولة عصرية لا يمكن أن يتم دون تحديد وظيفة الجيش وإخراجه من الصراع السياسي الوطني واللعبة الديمقراطية، والاكتفاء بدوره الأساسي في الدفاع عن الوطن ضد العدو الخارجي، وأثناء الكوارث الطبيعية. وكانت لفتة جيدة في الإعلان عندما ينادي بإعادة المنظمات الشعبية لتمارس دورها الوظيفي الذي تشكلت من أجلها، وبالتالي تحريرها من وصاية الدولة والهيمنة الحزبية والأمنية. لقد كان موقعي البيان موضوعيين مع الواقع السوري عندما أكدوا على إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية السورية ضمن الإطار الوطني الذي يعزز تفاعل وحدة المكونات الشعب السوري.
بالرغم من الانتقادات العديدة للإعلان، وبعضها جاءت حادة أكثر من اللازم، فالإعلان لا يشير إلى أن الموقعين عليه يعتبرون أنفسهم أوصياء على غيرهم، فجعلوا باب الحوار مفتوحاً، بل اعتبروا آراءهم قابلة للنقاش. إن المسألة الأهم في الإعلان أنه يفتح قنوات الحوار الوطني الشامل والمتكافئ لجميع مكونات الشعب السوري سواء في الأطر الموجودة فيها، أو على الصعيد الفردي. والأهم من ذلك أنهم لم يحصروا هذا الحوار في مركز ما بل ليشمل جميع مناطق البلاد، وأعتقد أن هذا التوجه يفتح المجال للمشاركة الفعلية العامة على صعيد البلاد كله في صياغة وممارسة التغير، مما يعطي للإعلان طابعاً شعبياً بعيداً عن المركزية الفوقية.
أعتقد أن الإعلان توصل إلى استنتاجين هامين، الأول ضرورة التغيير الجذري في البلاد، واعتبار جميع أشكال الإصلاح والتطوير، ولا سيما تلك التي نادى به النظام، عبارة عن تطويل لعمر الأزمة التي يعيشها البلاد. وسبق أن أشرت في مقالات سابقة أن بنية النظام التي تركبت خلال عقود لا يفسح المجال للتطوير أصلاً, لا من الناحية السياسية ولا الاقتصادية، ولا من الناحية الفكرية. فالنظام يدوم على عطالته الذاتية. وهو عندما تهرب من الإصلاح والتطوير، فلأنه مقتنع أن أي تحريك للواقع الراكد للنظام سيؤدي إلى انهياره.
والاستنتاج الثاني الهام، هو رفض التغير من الخارج. وإذا كانت هناك مزايدات على هذا الصعيد لأغراض مبطنة، ولاسيما على صعيد النظام وجبهته العتيدة، وكذلك على صعيد بعض الشخصيات التائه في السياسة العالمية المعاصرة، فإن الإعلان يشير إلى حقيقة موضوعية بأن من الوهم إجراء التغيير دون الأخذ بعين الاعتبار جدلية العلاقة بين العامل الداخلي والعامل الخارجي. وكانت هذه الجدلية موجودة عبر التاريخ البشري، وليس محصوراً في العصر الراهن فقط. وقد دل سلوك حكام العرب على هذه الحقيقة بكل جلاء، فبعض التغيرات الشكلية و حتى بعض الشطحات الديمقراطية لهذه الأنظمة جاءت نتيجة الضغط الخارجي. وأقول حصراً نتيجة خوفهم من أمريكا.
كانت الأحزاب الشيوعية في العالم كله تبدأ برامجها من فقرة أساسية بعنوان "سمة العصر"، لأنه بدون أن إدراك هذه السمة يستحيل بناء سياسة داخلية وخارجية قابلة للتنفيذ على مختلف الصعد، ولاسيما على الصعيد الاقتصادي. ولذلك يجب الكف عن المتاجرة بهذه المسألة بالمطلق، فالعامل الخارجي بالنسبة للدول المتخلفة أو تلك التي تعيش على هامش الحضارة له أهميته المركزية. ويجب أن يبقى الجانب المرفوض منه محصوراً في عدم القبول أو المشاركة مع العامل الخارجي في حال الاعتداء على الوطن أو تبرير الاحتلال. أعتقد جازماً أن الشعب السوري، من ديريك إلى حوران، لن يقبل العدوان على بلده سواء هو مع النظام أو ضده.
أنا مع الذين يبدون ملاحظاتهم تجاه الإعلان، ولدي أيضاً ملاحظات أعتبرها جوهرية، وسأتطرق إليها لاحقاً في مقالات أخرى. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فالفقرة المتعلقة بالإسلام هي صحيحة من حيث الواقع والتاريخ، لكنها غير مقبولة من أجل بناء دولة حديثة حسبما يطالب بها الإعلان. فالدولة الحديثة لا تبنى إلا بفصل الدين عن الدولة. وخلال تاريخنا الطويل كان امتزاج الدين بالدولة يؤدي إلى الاستبداد. وفي العصر الحديث كان الدين ستاراً للأنظمة من أن أجل تبرير الطغيان وإلغاء دور الشعب، فالحاكم الذي يحكم بالدين هو ليس خليفة الله على الأرض، أو خليفة الرسول فقط،، بل الأخطر من ذلك أنه يعتبر نفسه وصياً على الشعب. ولهذا فكلمة منه تحرق الأخضر واليابس. وكما هو معروف في تاريخنا الحديث أن جميع الحركات الدينية السياسية مارست الاستبداد والاغتيالات السياسية، ليس فقط تجاه من خالف اتجاهها السياسي فقط، بل كذلك تميزت هذه الحركات بالاغتيالات الداخلية أكثر من غيرها، وكما هو معروف فأي تنظيم مبني على بنية تنظيمية استبدادية فهو سيحكم بالاستبداد إذا استلم السلطة، سواء بالانقلاب أو بالانتخابات الديمقراطية.
لا أنكر أن للدين دور اجتماعي إيجابي عموماً، ولكن عندما يكون هذا الدور بعيداً عن السياسة اليومية، وفي بعض الحالات التي يكون هناك عدوان خارجي، أو ضد المحتل. عندما ننظر إلى دور رجالات الدين(المفتي العام) وأئمة المساجد في الوطن العربي نجدهم حلفاء الأنظمة العربية الراهنة . ولهذا أعتقد أن مبدأ فصل الدين عن الدولة هو أولوية رئيسية في بناء الدولة الحديثة. فليس من المعقول أن يمنع مسبقاً السوري الآشوري المسيحي والكردي اليزيدي والعربي الدرزي من أن يصبح رئيساً للجمهورية، ومهما كان وطنياً عظيماً، لكونه ينتمي إلى أقلية دينية. وكيف يمكن قطع الطريق أمام المرآة من أن تصبح رئيسة للجمهورية لكونها ناقصة العقل حسب الإسلام.
طبعاً هذا لا يعني أن لا تكون هناك أحزاب دينية أو قومية، فوجود مثل هذه الأحزاب لا يتعارض مع الدولة الحديثة، ولكن شريطة أن لا تطبع هذه الأحزاب الدولة بطابعها الحزبي والايدولوجي، ليس فقط من ناحية سيطرة أعضائها على جميع مؤسسات الدولة، بل الأهم من ذلك أن لا تتماثل الدولة في الحزب المعني.
وملاحظة أخرى سريعة. فبالرغم من إشارة إعلان دمشق إلى إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في سوريا، وهذا تطور هام في تفكير المعارضة السورية بلا شك، إلا أن تفسير هذا الحل يتعامل مع الأكراد وكأنهم جالية أجنبية حسب الإعلان. أي لهم حق اكتساب الجنسية السورية وتعلم لغتهم القومية، وضمان بقية الحقوق الدستورية والسياسية والاجتماعية والقانونية على قاعدة وحدة سوريا أرضاً وشعباً. قد لا يقصد موقعو الإعلان ما ذهبت إليه، غير أنه لا بد التأكيد على أن الأكراد في سوريا يشكلون أحد الشعوب الرئيسة التي يتكون منها الشعب السوري عامة إلى جانب الشعب العربي الذي يشكل الأكثرية. لابد الاعتراف أن الأكراد السوريين يشكلون القومية الثانية في سوريا، أقول هذا من أجل عدم بقاء المسائل مجتزأة، لأنها عندئذ سيستمر الاستنزاف الوطني إن شئنا أو أبينا. فما دمنا تقر أن العالم تغير، وأن ثمة ضرورة لوضع أسس عادلة ودائمة للوطن والوطنية والتعايش الأبدي المشترك، فلا يجوز ابتلاع حقوق الغير لا بالقوة ولا بالتضليل.
ومع هذا، فإعلان دمشق وثيقة هامة تستحق الاهتمام والتأييد والدعم، ولا يجوز رفضه من خلال الدخول في الحيثيات. إنها أرضية معقولة وواقعية للحوار الوطني والعمل الوطني من أجل التغيير المنشود، في سبيل الخروج من المأزق الذي تعيشه سوريا وطناً وشعباً، ومن أجل إفشال الضغوط الخارجية الراهنة التي، وإن كانت موجهة بالدرجة الأولى ضد النظام، كما هو معلن، ولكنها ستلحق الضرر الكبير بالوطن والعمل الوطني أيضاً.
صالح بوزان



#صالح_بوزان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفدرالية الكردستانية ضمانة للعراق الديمقراطي
- عندما تعتقل الكلمة
- الاصلاح وسيكولوجية الشعب المقهور
- دعوة لتشكيل جمعية وطنية للاضراب عن الكتابة
- وجهة نظر في بيان جماعة الاخوان المسلمين حول القضية الكردية
- أول شهيد للفكر التنويري في سوريا اليوم
- الماركسية إلى أين؟
- مظاهرة قامشلي والدرس الكردي
- من وراء اختطاف الشيخ معشوق الخزنوي؟
- تنويم الشارع السوري يعرقل التغير
- أزمة التغير في سورية
- العفو الرئاسي والتسامح الكردي
- الحوار العربي الكردي يحتاج إلى تغير العقلية السابقة
- حداث قامشلي ونظرية المؤامرة
- خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء
- حل المسألة الكردية في سورية استحقاق وطني
- العراق الموعود وتناقض المواقف
- تحية إلى التجمع العربي لنصرة القضية الكردية
- أي دور للدولة؟
- كلمة شكر ولكن


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - صالح بوزان - إعلان دمشق يستحق التأييد