أميرة الوصيف
الحوار المتمدن-العدد: 5054 - 2016 / 1 / 24 - 13:02
المحور:
الادب والفن
يوميات ساخرة
___________
في اعترافِ سَخيف لكاتبة "سخيفة" ؛ يَصعُب على المرء الجَهر بسُخفه , و سذاجته , و حماقته و مَلله .
إلا أننى أخشى أن تتفاقم الأمورأكثر , و تُصبح القصة رواية , و الفكرة موضوع , و المشكلة مُعضِلة , والأزمة كارثة .
أخشى أن أحتمل ذاتي أكثر , و أن أدور حول نفسي في مَركزية مُحَببة الي , وأخشى أن أُصَدق نفسي , فيصدقني الغير , ومن هُنا تحديداً يأتي "المًلل " .
عندما نُصَدق أنفسنا , و عندما يُبارك مَن حولنا حماقاتنا , يُصبح المرء منا مَلل يمشى على رجلين !
وكَم تستحق ثيابه , ونظارته , و خُصلات شعره الداكنة جائزة "نوبل " للتًحمُل
تلك التفاصيل الصغيرة تحتمل كُتَلة آدمية تقترب من العَفن بمسافة عادلة مع اقترابها من النقاء .
نحن أهل العَفن الأنقياء ! نبتهل سيرنا الذاتية ببراءة فيل ثم يأتى علينا وقت زمنى مُربِك نُصبح خلاله أكثر قَتامة من نفوسنا , فنخلع نِعالنا على أعتابِ عُمرنا المؤقت , ونذوب في تفاهات الحياة برشاقةِ كل الحافيين بدعوى "الموضة " .
قررتُ أن أكتب يومياتى كحافية , أخلع نعلي و أُمسك بقلمي غير المُميَز على الإطلاق , وأكتب بجَلد ما ألمسه بأم عَيني من سخافاتِ أنا سبب جَوهري فيها .
وهذة "الأنا" , سنلمحها مِراراً و تكراراً , فلولا وجودها عشرات المرات لما تحسستُ كونى سَخيفة .
" عليكَ أن تَملُك كُل شىء , قَبل أن تًملك كل شىء "
تماماُ مِثلك , كنتُ أفتح عيناى في بلادة يعهدها كل مواطن صالح في بلدِ نامي , لا أعرف أصلاً كيف كتبتُ تلك العبارة , وكأنني أرغب بصراحةِ ونرجسية أن أبدو "فيلسوفة "
ولكن مهلاً , يبدو أنني تذكرتُ دافعي لكتابة تلك اليوميات , فأنا أرغبُ في الشفاء من ذاتي الداعية للكآبة .
اذاً نعود الى ما تفوهت به عبثاً الآن , فنحن معشر الكُتاب السُخفاء بإرادتنا و رغماً عنا , تتلبسنا أرواحاً شريرة بعد مُنتًصف الليل , تأتينا على مَهل , تشرب معنا ما نشربه , تُمسِك بأيدينا , ونتجاذب أطراف الحديث , نمنحها طقوسنا التافهه كَهدية ليلية , فتمنحنا بعض من نارها , فنكتب و نكتب , ونحترق ونحترق , و يصفق القُراء , يصفقون طويلاً ..
ولكي تًملُك كل شىء , قبل أن تملُك كل شىء , عَليكَ أولاً وقبل أى شىء , أن تؤمن بأننى "مجنونة " , و اذا أردتً تَوثيق , سأجلبُ لكً يوماً شهادة مُعتَمدة من أهل الإختصاص ببلادي بأنني كذلك , فأنا مثلاً أرفضُ أى وظيفةَ "حكومية" في بلادي , أرفض "الزواج عن غيرِ حُب " , و أرفضُ تَقبُل نِكات الفِرق المسرحية ذات الزي الرسمي , و أرفُض قراءة مقالات رؤساء تحرير الجرائد القومية , و أرفُض قراءة "كذبة ابريل " لكل عام , و أرفُض مفهوم "الأدب النَسوي " , وأرفُض دَهشة أديب الدولة وقت اذاعة اسمه من المُكَرمين و كأنه لا يعرف .
فيا ياصديقي اذا كُنت على هذا المستوى من الجنون , فاليكَ ترحيبي الحار , و اليكَ عزائي أيضاً .
و اذا أردتً أيها المجنون الرائع , اتباع قواعد أن تَملُك كل شىء قبل أن تَملكه , فإستمع الي :
"تحذير"
هُناك هذيان مُرَتب قادم في الأسطر التالية !
لا تمش على الأرضِ , ارفع قدميك الناضجتين بأمر الخُطى , و الق .. الق بجسدك في الفضاء , اطلب من ذاتك ألا تهرب منك باكراً , امنح لبصرك تأشيرة السفر الطويل الى حيثُ السهول , و الهضاب , والأفلاك , والطب , والهندسة , و أبواب الحانات القديمة
ياصديقي اذا كُنتَ مجنوناً مثلي : ارفع قدميك الآن من على أرضك الجدباء , و تًخيل جلستك مع عارف فَوَتته صفحات الصوفية الى عالمك المادي
اخرج قلمك المكسور الآن و ليس بعد دقيقتين , و أصلحه , و اكتب في مُنتصف ورقتك : أنا هُنا ..
لا .. لا تُحَدق في هكذا كما لو كنتُ أبدو لكَ خبيرة تنمية بشرية , الأمر لا يحتمل أرجوك
الأمر برُمَته لا يحتمل سخافات , فأنا بطبيعة الحال سَخيفة , وواقعنا سَخيف , فلا تُقلدنا يا صديقي والزَم مدينتك العاجية
فلا جدوى من مُخالطة السُخفاء الا العَدوى !
وبأوطاننا لم ينشئون بَعد دار شفاء للروح , و ما أقساه من شعور أن تُجَن روحك , و لا تجد الا نفسها مُغتربة غَريبة .
ولكي تَملُك كل شىء قبل أن تَملكه , قُم بزيارة فُجائية على عقلك , و اسأله بأداءِ يقترب من الصراخ لا من الحديث الفاتر , أأنتً عقلي أم عقل السابقين ؟
هام جداً هذا السؤال , هام جداً أن تهذي في العًلن و أن يكون عقلك شاهداً عليك , ربما حينها .. حينها تَصِل الى فلسفة لم يَصِل اليها أحد .
ولكي تَملُك كل شىء قبل أن تَملكه , عليكَ أن تنطَرح على كُرسيك بقوةِ مَن أنهكته الرحلة , و فَتش بسرعة عن روحك , هل تقرأ كما عينيك ؟ هل تأكل كما معدتك ؟ هل تتنفس كما رئتيك ؟ هل تُفِكر كما عقلك ؟
صديقي هل لروحك عقل ؟
أترتعش كما قلبك كُلما قَذفتك دُنياكَ بقُبح التصق بوجهك أو آذى رؤيتك ؟
كى تَملُك كل شىء قبل أن تَملُك كل شىء عليكَ بارتداء ثيابك البسيطة لأنها تُعجبك , لا لأن رئيسك في العمل أمرك أن ترتديها .
ليس ظالماً أن يكون المرء منا مزاجياً فيما يَخصُه .
مادامت مزاجيتك البريئة لن تقلب ليلنا نهارنا , ونهارنا ليلنا , كُن مزاجياً , ما دامت مزاجيتك لن تقتل المُسنة التى تحبو بأول الطريقِ العام كُن مزاجياً , اذا كانت مزاجيتك لن تقلب شاحنة بها طفلين كُن مزاجياً , واذا كانت مزاجيتك لن تسمح بظهور كِرشك بعد تعيينك وزيراً بأسبوعين , كُن مزاجياً
مادامت مزاجيتك "بريئة " , كُن مزاجياً ..
و لكى تَملُك كل شىء , قبل أن تَملُك كل شىء
عليكَ أن تُطيل السَهر الى حَد مُصادقة الأقمار و النجوم والطيور الليليلة , كُن فرداُ من عائلة الليل , اطمئن على أولاده اذا غاب , و قر عين زوجته , و وودع نجماته المُراهقات , واستقبل الناضجات , و رتب السماء بما يليق بجنونكما معاً
اذا كنتَ يا صديقي أحد أبناء السهَر , ستدرك أن السماء أُمنا الحنونة , فطرياً هي كذلك , ستعلم وحدك و دون مُساعد أن بصدر تلك الأم الرؤوم سِر تمنحه فقط لمَن يَعظم شأنهم .
هؤلاء ممن يَعظم شأنهم ؛ يعرفون جيداً كيف يقرأون سُخف مَن يُلاصقوهم الجِوار
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟