أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امال رياض - انسانية حائرة














المزيد.....

انسانية حائرة


امال رياض

الحوار المتمدن-العدد: 5023 - 2015 / 12 / 24 - 01:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن الإضطراب الهائل الذي يعصف بمقدرات الإنسانية في وقتنا الحاضر لم يسبق له مثيل، وعواقبه وخيمة، وأخطار فاقت التصور تكالبت على الإنسانية عبر تاريخها وتركتها حائرة مذهولة. إن أعظم خطأ يرتكبه قادة العالم في هذا المنعطف الفاصل من عمر البشرية، أن يَدَعوا الأزمات تلقي بالشكوك على ما يمكن لعملية التطوير أن تهبنا من نتائج باهرة، ولا شك أننا الآن نشاهد عالماً جديداً يناضل من أجل ولادته على أنقاض عالم تتداعى أركانه. فالمفاهيم والتقاليد التي تراكمت، والمؤسسات التي ارتفعت عبر القرون تواجه الآن امتحانات لا شك أنها ضرورية لعملية التطوير هذه ولا مفر منها. وما يطلب من شعوب الأرض قاطبة توخي الإعتدال في الدين والفكر والعقيدة بطهارة القلب ونقاء السريرة، فيتوجهون بعزيمة لا تنثني لاستقبال قوى التأييد الهائلة التي أنعم بها خالق كل شئ على البشرية في هذا الربيع الروحاني من عمرها.

فإن أهمية الخطوات التي اتخذت إلى الآن لا يمكن إغفالها، وأنه مهما يكن من أمر الموقف الحالي للعصبة أو النتائج المترتبة على حكمها التاريخي، ومهما يكن أيضاً من أمر التجارب والتيارات المضادة التي سوف تقع فيها وتواجهها في القريب العاجل، فإنه يجب الإعتراف بالحقيقة بأن ذلك القرار الخطير (أي تشكيل عصبة الأمم) يكوّن أبرز علامة في الطريق الوعر الطويل الذي يصل بها إلى هدفها وهو المقام الذي تصبح فيه هيئةُ جميع الأمم المبدأَ الحاكم على الحياة العالمية. وعلى ذلك فتلك الخطوات التاريخية ليست إلا وميضاً خافتاً في الظلام المحيط بإنسانية مضطربة، وأنها مجرد لمعة تظهر بين الحين والآخر في وسط ارتباك يمتد غوراً. إن عوامل الانحلال لا بد تستمر بشدة وأثرها الشديد لا بد أيضاً يتأصل في قلب عصر ممزق، وآلام كثيرة لا تزال ضرورية لصهر شعوب البشر ومذاهبه وطبقاته وأجناسه في حوض البلاء العام، ولصقله بنيران العدل الشديدة حتى يستحيل إلى أداة لحكومة واحدة ونظام فسيح موحّد ملتئم فعّال، ولهذا فإن الحوادث القاسية، والأزمات والصدمات التي لا تخطر على العقل، والحرب والمجاعة والأمراض الفتاكة، كل هذه قد تتضافر على جيل غافل وتنقش على قلبه الحقائق والمبادئ التي رفض الاعتراف بها واتِّباعها. وما من دافع لأشدِّ شلل عُرف في التاريخ ما سوف يصيب جهاز هيئة اجتماعية محطمة قبل أن يُعاد بناؤها وتجديدها.

وقد يتساءل جيل حائر عما عساه يبقى لإصلاح هذا التشقق الذي يتسع باستمرار ويهدده بالإبتلاع يوماً ما. ودلائل الإنحلال المتجمّعة، وعلامات العذاب والإفلاس التي تُرى حيثما اتجه البصر قد جعلت ذوي العقول من الرجال والنساء يرتابون في كل خطوة من خطوات الحياة على وجه التقريب ما إذا كانت الهيئة الإنسانية في نظامها الحالي تستطيع بجهودها المفككة تخليص نفسها من اللّجة التي تغمرها بازدياد. فكل نظام افتقد توحيد البشر قد جُرِّب وجُرِّب ووُجد ناقصاً، واشتعلت الحروب واحدة تلو الأخرى، وانعقدت مؤتمرات لا حصر لها، واستُنفِدت الجهود في صوغ المعاهدات والضمانات وإحكام المواثيق وتنقيحها، وجُرِّبت قواعد الحكم بكل جَلَدٍ وتناولتها أيادي الإصلاح والتعديل، ووضعت مشاريع الإنشاء الإقتصادي بكل عناية ونُفِّذت بغاية الدقة، ومع ذلك والأزمة تعقبها أزمة، بما يضاعف سرعة تدهور عالم غير مستقرٍّ، ويعجِّل الأخطار المحدِقة والهُوَّة السحيقة الفاغرة فاها، الأمر الذي ينذر بحلول نكبة عامة تنزل بالعالم على السواء لا فرق بين شعوب راضية وأخرى متذمرة... فالإنسانية الدامية الضالة قد فقدت بغير شك توازنها، كما يبدو أنها فقدت إيمانها ورجاءها وهي تترنح بغير رادع ولا تبصرة على حافة القضاء الذي يوشك أن يحل بها، يخيّم على حظها أطباق من الظلمات كلما اجتازت المعابر الأمامية في طريقها إلى أظلم منطقة في حياتها المضطربة. ومع ازدياد هذه الأشباح ألا يجدر بنا أن ندعو إلى خيوط الرجاء التي تطلع في فترات متقطعة على الأفق العالمي وتبدو خلال طبقات الظلام المحيط بالإنسانية؟ أليس من الحق أن نقول أن في عالم ٍ هذا حالُه من تقلقل العقيدة وتشويش الفكر، عالم يزداد تسلحه وتشتعل فيه نيران البغضاء والثورات التي لا يُطفَأُ لها لهيب، تشاهد مع ذلك تقدم العوامل التي مهما يكن شأنها فهي تعمل على وفاق مع روح العصر؟ ومع أن نعرة القومية التي ظهرت بعد الحرب تشتد وتزداد يوماً بعد يوم فإن عصبة الأمم التي ما تزال بعد في مقام النواة، والتي تقوى العواصف المحيطة بها على طمس معالمها وقلب أداتها لمدة من الزمن، تدل على أن الاتجاه الذي تعمل في محيطه فكرة تكوينها هو في ذاته هام للغاية. فإن الأصوات التي ارتفعت منذ تكوينها والجهود التي بذلت والعمل الذي قامت به يمكن أن نستشف من ورائه مدى ما قُدِّر في النهاية لهذه المؤسسة الحالية أو لأية هيئة أخرى قد تحل مكانها من الغلبة والنصر. - الكشف عن المدنية الالهية،



#امال_رياض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما حقيقة مسألة التّناسخ التي يعتقدها بعض الملل؟
- الأنبياء قسمان
- موازين الأدراك
- المرأة لها نفس حقوق الرجل
- معآ نتعايش من أجل السلام
- اذا الشعب يوما اراد الحياه
- معرفة الإنسان نفسه
- انما الأعمال لا الأقوال
- ياريت نتعلم
- دور قادة الأديان
- نسيان التّعاليم الإلهيّة
- اثر الدين على الفرد والمجتمعات
- عالم إنسانى موحد
- الجو العائلى اساس بنية الإنسانية
- طبيعة الأحكام البهائيّة
- للكلمة الإلهية قوة خلاقة
- التمثيل والتشبيه في الكتب السماوية
- السلام العالمى ” حلم البشرية “
- حاجة العالم الى دين جديد (2)
- حاجة العالم لدين جديد


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امال رياض - انسانية حائرة