أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - الحكيم البابلي - حين تعود بِنا الحضارة إلى عصور الخرافة !. عن الروايات وأفلام الخيال العلمي .















المزيد.....



حين تعود بِنا الحضارة إلى عصور الخرافة !. عن الروايات وأفلام الخيال العلمي .


الحكيم البابلي

الحوار المتمدن-العدد: 5005 - 2015 / 12 / 5 - 10:45
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


قبل أيام وصلني من أحد الأصدقاء مقالاً عن رواية عراقية جديدة بعنوان (( سائق الحرب الأعمى ))، للشاعر والروائي العراقي أسعد الجبوري.
أدناه إختصرتُ لكم المقال المذكور عن الرواية بإيجاز شديد، بعدها سأطرح رأيي حول ما يتعلق بالفنتازيا والخيال العلمي في الروايات والأفلام السينمائية بصورة عامة، وشكراً سلفاً لكل من سيتابع الموضوع الذي أعدكم بأنه سيعجبكم:
*******************************************************
يتم إرسال الشاب الأميركي ( زولا ) كمجند في حرب ( عاصفة الصحراء ) لتحرير الكويت من الغزو العراقي الصدامي سنة 1991 .
في الصحراء السعودية يجد المُجند زولا -كإفتراض خيالي- زواحف مُدرعة من فصيلة الضُبان أو الضِباب التي تنتمي لجنس العضايات!. يقوم بعدها بكتابة بحث مُطول عن تلك الزواحف المُدرعة، وينشر بحثه في مجلة ( فلاش ) الأميركية ليصبح أشهر من نار على علم. بحيث تقوم الحكومة العراقية بتوجيه دعوة خاصة له لزيارة العراق.
وعلى الرغم من الدمار الشامل تقريباً لما الحقتهُ حرب عاصفة الصحراء بالعراق، لكن تبقى هناك مُختبرات في أعماق الأرض العراقية لا تزال صالحة للإستعمال كما تقول الرواية !!.
ثم يقوم الدكتور العراقي ( قيس ) والذي مهمته حماية ( زولا )، كذلك الدكتور ( موفق ) المُختص بعلم البيولوجيا والذي سيُرتِبُ لزولا إجتماعاً لاحقاً مع عدد من الأطباء البيطريين والبيولوجيين والكيميائيين والمُختصين بعلم السلالات، لإن الدولة العراقية تزمع أن تُكلف زولا بجلب أعداد كبيرة من تلك الزواحف المُدرعة لغاية في نفس صدام !!.
ثم تتطرق الرواية إلى تلقيح لواء عراقي كامل بالمادة المُستخلصة من تلك الزواحف بغية تدريع جلودهم !!، لكنهم بعد التلقيح سُرعان ما يتحولون إلى ما يشبه الروبوتات التي يصعب التفاهم معها لإن اللقاح جعل هؤلاء الجنود عدوانيين يعجزون عن إقامة أية علاقة طبيعية مع أي شخص غير مُلقح بمن فيهم قائدهم ورئيسهم الديكتاتور نفسه !!. مما يدعو دكتور موفق إلى إتهام زولا بالعمل مع ال CIA، وإن فكرة جلب تلك الزواحف المدرعة هي ضمن مخطط أميركي للتآمر على العراق!.
بعدها .. وحين يزداد حجم التمرد بين الجنود العراقيين المُلقحين، يأمر الديكتاتور بإعدامهم جميعاًُ، لكنه يكتشف أن ابنه قد قام بتلقيح عشرة آلاف جندي من حراسه الشخصيين الذين وسعوا من مساحة وحجم التمرد في مناطق مُختلفة من العاصمة بغداد، الأمر الذي يدفعه للموافقة على أخذ اللقاح والقضاء على المتمردين !!!!، وهذا يعني مغادرة طبيعة جسمه القديم "ليصبح أشبه بوحش مُدرع في بحيرة التماسيح"!. كما تقول الرواية على ص 272 !!.
وقبل أن يُقدِم على هذه الخطوة يقوم بتلقيح أفراد الجيش، عناصر الأمن، أعضاء الحزب، الإعلاميين، المُغنين، كذلك يشمل التلقيح أفراد حمايته الذين يبلغ عددهم 50 الفاً إنطفأت شهواتهم الجسدية، فهاجرت النساء مثل الطيور هجرات جماعية كما تقول الرواية!!.
وبعد عام من التلقيح تظهر تشققات مُقززة مرعبة على جلود أجساد المُلقحين جميعاً!، ما عدى الديكتاتور الذي تلقح بعد أن تم تلقيح كل الآخرين، والذي لم يسلم لاحقاً من التشوه!.
لكن العلماء حسب الرواية يكتشفون عن طريق الصدفة المليونية علاجاً حين تسقط بصقة أحد الطبيبين المُتشاجِرَين فوق جلد جندي مُصاب، فيختفي التشقق من جلده وجسده مباشرةً !!!!!.
بعدها يقوم الأطباء بتدليك جسد الديكتاتور ببصاق الشعب في كل دقيقة من حياته!.
أما زولا، فيُحرره المُختَطِفون من قيوده ويُعلقونه بملاقط حديدية عملاقة على حبل غسيل في كهف مظلم، ويتركونه مع الصمت ومجموعة من تلك الزواحف المُدرعة، ص 282 . إنتهى.
***************************************************

* قرأتُ مُلخص الرواية أعلاه، وبغض النظر عن الأسلوب واللغة وترتيب وقائع الرواية وعدم التناسق في الأحداث، فهي برأيي الشخصي أحداث لقصة خيالية غريبة وجديدة على أدب الرواية العراقية، وقد سبقتها محاولات قليلة جداً منها رواية ( فرانكشتاين في بغداد ) للكاتب العراقي أحمد سعداوي التي حازت على المركز الأول لجائزة البوكر لسنة 2013، وبرأيي هي رواية تستحق القراءة رغم كونها هي الأخرى خارجة من رحم الخيال الخرافي!، حيث يتم في حبكتها قيام أحد العراقيين بتجميع أجزاء من جثث وأجساد القتلى وضحايا التفجيرات الإرهابية في شوارع بغداد، ويقوم بلصقها ببعض فتكون النتيجة خلق مسخ ( فرانكشتاين ) جديد!، والذي سيقوم لاحقاً بالثأر والإنتقام من المجرمين الذي تسببوا في قتل اًصحاب أجزاء جسده الفرنكشتايني العراقي!.
ملاحظة: القصة العالمية الأصلية ( فرنكشتاين ) كتبتها الأديبة الإنكليزية ماري شيلي عام 1818.
كل ذلك يقول لنا أن بعض الكُتاب العراقيين أو الشرق أوسطيين بدأوا يؤلفون على الطريقة الغربية ( ألخيال العلمي والفنتازي )!!، وهي الطريقة الأكثر رواجاً وقبولاً في عموم المجتمعات الأميركية والأوربية الغارقة في الخيال واللا واقعية اليوم!، ربما بطراً أو ترفاً أو لمجرد الخيال، حيث البحبوحة والعيش الرغيد والأمان يقودان إلى الترف الفكري والسباحة في عوالم الخيال اللذيذ !.

تعريف الخيال العلمي:
[ الخيال العلمي ويعرف في اللغة الإنجليزية بمصطلح Science Fiction ويشار إليه اختصارا بـ "Sci-Fi" أو "SF"، هو نوع من الفن الأدبي يعتمد على الخيال حيث يخلق المؤلف عالما خياليا أو كونا ذا طبيعة جديدة بالاستعانة بتقنيات أدبية متضمنة فرضيات أو استخدام لنظريات علمية فيزيائية أو بيولوجية أو تكنولوجية أو حتى فلسفية. من الممكن أن يتخيل المؤلف نتائج هذه الظواهر أو النظريات محاولا اكتشاف ما ستؤول إليه الحياة ومتطرقا لمواضيع فلسفية أحيانا. وقد تتناول موضوع القيم في عالم جديد مختلف.
ما يميز أدب الخيال العلمي أنه يحاول أن يبقى متسقا مع النظريات العلمية والقوانين الطبيعية دون الاستعانة بقوى سحرية أو فوق طبيعية مما يجعله متمايزا عن الفانتازيا. غالبا ما يكون الإطار الزماني لرواية الخيال العلمي في المستقبل القريب أو البعيد. أمّا الإطار المكاني فيمكن أن يكون على الأرض أو على إحدى الكواكب السيّارة أو في أي بقعة من الكون أو حتى في أماكن خيالية كالأبعاد المتوازية. ومن الممكن أن نجد الخيال العلمي في الكتب والمجلات وفي الأفلام والمسلسلات، كما يمكن أن نجده في الأعمال الفنية مثل الرسم والنحت والألعاب والمسرحيات وغير ذلك من وسائل الإعلام. عناصر الخيال العلمي تتضمن:
▪-;- في إطار زمني مثل أن تكون في المستقبل، في عصر زمني بديل أو في ماضي تاريخي يتناقض مع الحقائق المعروفة التاريخ.
▪-;- في إطار مكاني مثل الفضاء الخارجي، أو في عوالم أخرى، أو في باطن الأرض.
▪-;- شخصيات الخيال العلمي عادة ما تكون خارجية قادمة من الفضاء، المسوخ، الروبوتات والأندرويد (روبوتات بشرية).
▪-;- تكنولوجيا مستقبلية مثل مدافع الليزر، الانتقال الآني (من مكان إلى آخر دون عبور الحيز المادي بينهما) وأجهزة الكمبيوتر الآلية.
▪-;- مبادئ علمية جديدة أو قوانين تتعارض مع المعروفة سابقا مثل السفر عبر الزمن، الثقوب الدودية والانتقال أسرع من الضوء.
▪-;- نظم سياسية أو اجتماعية جديدة ومختلفة مثل الديستوبيا ونهاية العالم وما بعدها.
▪-;- قدرات خارقة مثل السيطرة على العقل، التخاطر، التحريك العقلي والوجود في مكانين في نفس الوقت.
▪-;- أكوان وأبعاد أخرى والسفر بينهما. ]. إنتهى . إقتباس من ويكيبيديا الموسوعة الحرة.

أما فنتازيا الروايات والأفلام السينمائية والفنون الأخرى .. الخ، [ فتعتبر نوعاً أدبياً يعتمد على السحر وغيره من الأشياء الخارقة للطبيعة كعنصر أساسي للحبكة الروائية، والفكرة الرئيسية، وأحياناً للإطار. تدور أحداث الكثير من أعمال هذا النوع في فضاءات وهمية أو كواكب ينتشر بها السحر. وتختلف الفنتازيا، بصفة عامة، عن الخيال العلمي والرعب في توقع خلوها من العلم والموت، على التوالي، كفكرة أساسية، على الرغم من وجود قدر كبير من التداخل بين الثلاثة (التي تُعد أنواعاً أدبية مُتفرعة من الخيال التأملي).
طالما كانت العناصر الأسطورية وغيرها التي تُميز الفانتازيا ومختلف فروعها جزءاً من أعرق الأعمال الأدبية وأكثرها شهرة، وذلك بدءاً من ملحمة كلكامش، وأولى الوثائق التي عرفتها البشرية؛ وطالما ألهمت العوالم السرية الغامضة أعداد كبيرة من الجماهير؛ من الأودِسة لبيو وولف، ومن ماهابهاراتا لألف ليلة وليلة، ومن رامايانا إلى رحلة إلى الغرب، ومن أسطورة آرثر والرومانسية في العصور الوسطى إلى الشعر الملحمي مثل الكوميديا الإلهية، والمغامرات الخيالية التي ترصد شجاعة الأبطال والبطلات، والوحوش القاتلة، والعوالم السرية المهجورة. من هذا المنظور، نجد أن كل من تاريخ الفنتازيا وتاريخ الأدب جزءاً لا يتجزأ من الآخر ]. إقتباس - ويكيبيديا الموسوعة الحرة.

* موضوع الفنتازيا والخيال العلمي ليسا بالشيء الجديد على القارىء أو المتفرج السينمائي المتمرس والذواق، وقد تابع الكثير مِنا رواد هذا الفن منذُ بداياته، خاصةً مع روائيين عمالقة أمثال: الدوس هسكلي في روايته Brave New World.
و إسحق أسيموف الكيميائي الروائي الأميركي الروسي المولد.
والكاتب الفذ هربرت جورج ويلز البريطاني تولد (1866) والذي تنبأ من خلال الكثير من رواياته بالعديد من الأمور العلمية التي تم فيما بعد إختراعها مثال نُبوءته عن القنبلة الذرية في روايته: ( The world set free ) سنة 1914 وتم بعد هذا التأريخ صُنع القنبيلة الذرية فعلاً!!. كذلك تنبأ بصُنع الدبابة قبل أن يتم تصنيعها بعشر سنوات حيث تم إستعمالها سنة 1916 في الحرب العالمية الأولى!. كذلك تنبأ هذا الكاتب بسلاح الليزر من خِلال روايته ( حرب العوالم ) 1898 حيث يقوم الغزاة المريخيين بتحطيم ومسح المُدن الأرضية بقوة سلاح الليزر!.
أجمل ما قرأتُ عن ما قيل في الروائي هربرت جورج ويلز هو: "أنه لم يكن نبياً، لكنه أثبت أن الخيال هو معجزة الله في خلقه، وحين يُضاف إلى الخيال تفكير علمي مُبدع، فسيتم إنتاج عين قادرة على إستبصار الغد".
كذلك هناك الروائي الفرنسي جورج فيري المُلقب ( رائد الخيال العلمي ) وأشهر مؤلفاته ( رحلة إلى مركز الأرض - Journey to the center of the earth )، وأيضاً روايته الشهيرة جداً ( عشرين الف قدم تحت الماء - twenty leagues under the sea ).
وحتماً لن أنسى ذكر الروائي الرائع كارل ساكان، وهو فلكي أميركي وأحد أشهر رواد البحث عن الكائنات الذكية خارج كوكب الكرة الأرضية!، حيث كان هذا العالِم يؤمن أن الكون الشاسع اللا نهائي يحوي كواكب لا حصر لها بعيدة عنا ومأهولة، لكن حضارتنا الطفلة ليست كافية أو قادرة اليوم على إكتشافها والتعرف عليها!.
أنا شخصياً اؤمن وأثق بأفكار مُشابهة لأفكار كارل ساكان، وقد سبق لي أن نشرتُ مقالاً بعنوان: (( هل الأرض مُخترقة فضائياً !؟))، وأدناه رابط المقال لمن يود القراءة والتعرف على بعض ما أعتقده إثباتات أرضية منطقية جداً تقول بأننا لسنا وحدنا في هذا الكون اللا نهائي!.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=231298
أغلب الروايات الشهيرة لكُتاب روايات الخيال العلمي هؤلاء، تم تحويلها إلى أفلام سينمائية لاقت نجاحات منقطعة النظير، لكنها كانت في حدود المقبول من الخيال العلمي الذي لا يعبر الحدود التصورية ليصبح خيالاً إعجازي الحدوث وعسير المضغ والهضم معاً والذي لن يحدث أبداً حتى لو قَطَعَت حضارتنا الأرضية آلاف السنين المستقبلية!.

* الكثير من روايات وأفلام ( الخيال العلمي والفنتازيا ) اليوم تدور في فلك الخرافة والرعب والمجهول الكوني الغامض المستغلق على فهم وإدراك البشر، والأمور التي هي أبعد من مجرد الخيال!، ومنها ما هو إمتداد لبعض ميثولوجيا الشعوب القديمة، وأجد في بعضها أحياناً حنيناً وعودة ًإلى الماضي السحيق والخيال الخصب اللا محدود في كل ما أعطته لنا تلك الحضارات القديمة ( السومرية والبابلية والفرعونية والإغريقية والرومانية والهندية والصينية وحتى حضارات المايا والأنكى والآزتيك -غير المكتوبة- في جنوب أميركا ).. الخ.
وكمثال … تم كتابة روايات وسيناريوهات عديدة، وإخراجها كأفلام سينمائية لا حصر لها منذ -ربما- منتصف القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر ولحد اليوم، إعتماداً أو إقتباساً من الفكرة الرئيسية في الحضارة السومرية والبابلية عن ( عالم الأموات، العالم السفلي، عالم اللاعودة )، زائداً أغلب ما تركه لنا إنسان وادي الرافدين ووادي النيل وغيرهما من خيال وخرافة وأساطير وحيوانات وهمية تصورية وأبطالاً خارقين منذُ زمن ملحمة كلكامش وما تلاه من عصور!، واليوم نراها مكررة جميعاً -بصورة جديدة مُعاصرة ومُنقحة- في غالبية أفلام الأسطرة والخرافة والخيال الجامح والرعب وكل ما يتعلق بعالم الأموات الغامض!، ومنها كمثال مسلسل الرعب الشهير جداً الذي يُعرض حالياً -منذ عدة سنوات- في التلفزيون الأميركي (( الأموات السائرون أو الماشون - The walking dead ))، وغيره المئات من أفلام الرعب، خاصةً تلك التي تتعلق بما يُسمى ( الزامبي )، وقيام الموتى من قبورهم البائدة، ومهاجمتهم للأحياء!!، وهي مشابهة للفكرة الأصلية في عالم الأموات السومري والبابلي والتي لسنا بصدد الدخول في تفاصيلها الآن.  

* يعتمد الغرب وخاصةً أميركا -حالياً- في الكثير من مؤلفاتهم وأفلامهم على مواضيع الخيال العلمي والفنتازيا، وأغلبها جميلة في مضمونها وعرضها للصراع الأزلي -بصورعديدة- بين الخير والشر، وبطُرق فنية مُشوقة رائعة في كل ما يتعلق بالفلم السينمائي من تمثيل وإخراج وموسيقى ومؤثرات صوتية وتقنية وتكنلوجيا إعجازية مُذهلة!!، وتعتبر أميركا الرائدة المتميزة بلا مُنافس في عالم الفلم السينمائي حتى رغم بعض العنف الموجود في الأفلام، كالأفلام الجميلة غير الواقعية التالية على سبيل المثال وليس الحصر:
Avatar
The lord of the ring
Jurassic park
Star wars
King kong
The planet of apes

بينما نجد روايات وأفلام أخرى يتحول الخيال العلمي فيها إلى مسخرة وفوضى وتسطيح في المضمون والمعروض، والأهم من كل ذلك المبالغة في الخيال الخارق للمعقول والمُتَخَيَل لدرجة الإسفاف والسخف مما يجعل تلك الأفلام خالية من المضامين الهادفة التي يطلبها المتلقي الواعي الذواق الذي لن يكتفي بالمتعة التي تُدغدغ جلده وأحاسيسه الخارجية فقط، ثم ينسى كل شيء بعد مغادرته صالة العرض السينمائي !!.
أفلام كهذه للأسف نراها تستقطب شغف وعقول الأطفال والمراهقين التي تشبه الأسفنجة، تمتص كل ما يُقدَمُ لها، مهما بلغت درجة عنفه وتعقيده وهشاشته والخيال الضحل الغارق جداً في لا معقولية الموضوع فيه !، كما في الأفلام التالية كمثال: (
Thor the god of thunder )، وهو فلم عن نزالات إسطورية بين عدة شخصيات بشرية خيالية مُفترضة تتمتع بقوى خارقة سحرية تعجيزية كافية لتدمير الكرة الأرضية فيما لو أرادت!!، لكنها تكتفي بتدمير بعضها البعض .. حمداً للقدر !!!!.

transformer ويجمح الخيال بنا بعيداً جداً في هذا الفلم لحد الإشتطاط والضحك على ذقون المشاهدين!، حيث تتحول الروباتات القادمة من كواكب أخرى لغزو البشر في لحظة واحدة إلى سيارة مُدججة ثم دبابة وتنقلب لتصبح طائرة مقاتلة ثم تقفز لتتحول إلى وحش خرافي فائق الشراسة والتدمير .. الخ من سخافات ومبالغات لا يهضمها أو يتمتع بها إلا عقل الطفل أو المراهق الذي تمت قولبته وتهيئته على مدى سنين لتقبل هذه السفاسف التجارية البحتة التي تُسَطِح وتمتص العقل والنقود معاً !.وهي مبالغات لم يدعيها حتى الأنبياء رغم معجزاتهم المزعومة!!.

fantastic four ورغم صبيانية أفكار هذا الفلم المُعكر لمزاج الإنسان البالغ، فقد حقق أرباحاً خيالية في شباك التذاكرالأميركي وصلت إلى ( 56.117.548 ) -$- مليون دولار!، ووصلت أرباح مبيعات عروض هذا الفلم في كل العالم ( Worldwide ) إلى ( 168.ooo.ooo ) -$- مليون دولار !!!!!، وهذا لوحده يحكي لنا عن حجم ومدى تردي وهبوط الذائقة العامة لمضامين وأبعاد الفلم السينمائي في عموم أميركا والعالم !!!.

وعلى نفس طريقة هذه الأفلام تم تجهيز عالم الأطفال والمُراهقين بآلاف التقنيات الحديثة جداً لكل ما هوعائد لمنتجات ما يُسمى ب Electronic gaming devices على إختلاف أنواعها وأحجامها وأسعارها، والتي جميعها تعتمد وتدور حول محاور ( المبالغة بلا حدود، العنف، الموت، القتل والقتل الجماعي، التحطيم والتهشيم والمحق الكلي للموجودات، محاولة الإبادة والإسئصال الجماعي للعرق البشري والعكس بالعكس، الإرهاب والتوحش، كثرة الدماء المسفوحة كما في أفلام ( دراكيولا ) مصاص الدماء، وكذلك كل أفلام الهلوين و .. الخ من المواضيع والمشاهدات التي تم حشرها في العاب الأطفال!، والتي ليس من المفروض صنعها لتسلية الأطفال والمراهقين.
وكنتيجة حتمية ومنطقية .. نسمع ونرى في نشرات الأخبار المحلية اليومية، رصداً لعشرات من حوادث قتل الأطفال والمراهقين بعضهم للبعض الآخر في المدارس والشوارع وبقية مرافق الحياة الإجتماعية، كونهم إستسهلوا فكرة القتل والموت بعد سنوات من ممارسة مشاهداتهم لكل أنواع القتل العشوائي عبر ألعابهم وما وفرته لهم التكنلوجيا التجارية من وسائل لإدمان العنف، وبصورغير محدودة أو مدروسة أو خاضعة لرقابة الدولة أخلاقياً وتربوياً!!.
كل ذلك خطيرٌ جداً، حين يصبح العنف أمراً حياتياً إعتيادياً يومياً مألوفاً ولا أحد يعترض عليه أو يقوم بأية محاولة جادة لإيقاف نزيفه وتغلغله داخل عمق وكيان الفكر والوجود الإنساني !!.
كل المجتمعات الغربية اليوم، تُدرك أن واحدة من أهم الأسباب لموجة العنف في مجتمعاتها هي نتائج حتمية متوقعة جداً بسبب كل ذلك الإنفلات واللا حذر والفوضى التي خلقتها بكل أنانية تلك الشركات التجارية التي لا هم لها إلا الربح السريع حتى لو كان على حساب حطام الآخرين !!، وعلى قول المثل العراقي: "يحرق مدينة حتى يُوَرِث جكارة" !، أي يحرق مدينة من أجل ان يوقد نار سيكارته !!.
طبعاً هنا لا أتكلم عن العنف والفوضى والإرهاب الذي تُغذيه وتضخه وتمارسه بشراهة ووحشية وغباء وراثي كل المؤسسات الدينية السلفية الكونكريتية الثوابت والآيدلوجيات لبعض الأديان الترهيبية التي إبتلت بها البشرية، فذلك موضوع آخر منفصل وخطير وهو ليس من ضمن موضوعنا اليوم.

هناك أيضاً أفلام عن الحيوانات المندثرة والمُنقرضة تأريخياً كأنواع الداينصورات التي يتم إستحضارها من الماضي السحيق - 60 مليون سنة وأعمق- لذاكرة وتأريخ الكرة الأرضية!. كذلك عشرات الأفلام التي إستخدمت موضوع الكوابيس للحيوانات والحشرات البرية والمائية والجوية التي تحولت بقدرة قادر إلى أحجام تفوق حجمها الطبيعي بعشرات ومئات المرات، وراحت تهاجم وتفترس البشر!!.

أما أفلام قصص الحروب فبرأيي لا بأس بأغلبها رغم المبالغات وحجم العنف ( الحتمي ) فيها، كونها أفلام حروب ودمار والتي تصبح مهضومة ومقبولة حين تطرح مضمون الفلم من منظار إنساني يحكي المآسي البشرية، كما في فلم: ( looking for private ryan )، بطولة الممثل القدير ( تام هنكز )، وأنصح الكل بمشاهدته كونه من أجود ما شاهدتُ من أفلام حربية، قصةً وتصويراً وإخراجاً وتمثيلاً وموسيقى.

أما الأفلام الكوميدية في السنوات الأخيرة!!، فأفضل أن لا أكتب عنها، لإن أغلبها يُثير الوجع في ذائقتي الفنية وخاصةً في موضوع الكوميديا التي أصبح السخف والضحك الرخيص يُلازمها وربما سينتحر معها !!.

أغلب ما تقدم من كلامي كان حول الخيال، وأحياناً إغراق مُمل وسقيم ومُضجر وحتى مُعكر للمزاج في نوعية ذلك الخيال الذي يصل لحد التخمة بالنسبة للقاريء أو المُشاهد الطبيعي الذي لم ينشأ في بيئة أو مجتمع أو حاضنة تطفح بمثل هذه الأفكار والمشاهدات المبتعدة كلياً عن واقع الحياة الحقيقية.

أحياناً أصبح من الصعوبة بعض الشيئ في حياتنا هنا في أميركا العثورعلى فلم رومانسي أو درامي إجتماعي في العروض السينمائية في دور السينما حولنا يُصلح لمشاهدة العائلة التي حتماً أغلب أطفالها ومُراهقيها سيرفضون الفلم الرومانسي والدرامي أو حتى أفلام ( والت ديزني ) التي خُلقت أساساً للأطفال!!، وهو شيء يدعو ليس للأسف أو السخرية، بل للإغراق في الضحك !!، والضحك أحياناً كالبكاء "يضحك الطير من شدة الألمِ" !!. 

* وعودة للروائي العراقي سعد الجبوري مؤلف رواية السائق الأعمى الذي قاد العراقيين إلى الحرب، ولا أعرف هل يعيش في أميركا أم لا !!؟، لكنه ربما قد تشبع بروايات وأفلام وألعاب الخيال العلمي، ولهذا بدأ يكتب على الطريقة الغربية عن مثل هذه الأمور التي تُبعد القارىء والمشاهد عن الحياة الواقعية اليومية، بالضبط كما تفعل المُخدرات بمن يتعاطاها، وهو هروب زمني نسبي ومحدود جداً إلى عالم خاص يُريح أعصاب المُدمن !!، بينما المفروض بالناس الأصحاء الأسوياء الأقوياء مواجهة الحقيقة والحياة اليومية بكل قُبحها وقسوتها ومحاولة التغلب عليها وتطويعها لصالح الإنسان ومصيره المستقبلي!.
وعساني لا أكون قاسياً على كاتبنا السيد ( أسعد الجبوري ) لو قلتُ أنه كان بالإمكان جداً كتابة رواية واقعية عن حياة ومعاناة ومآسي العراقيين كأفراد أو مجاميع أثناء الحروب الصدامية الفاشلة التي كانت البداية لفتح كل بوابات الجحيم البشري في وجوهنا جميعاً، وهناك آلاف وربما ملايين النماذج من القصص الواقعية اليومية التي ربما كانت ستفيد القارىء العربي أو العراقي على وجه الخصوص حول ما دار وما زال يدور في تلك الحروب التي ستمتد إلى ما لا علم لنا بهِ من السنين العِجاف القادمات!!.

برأيي المتواضع، أنه لا بأس من الخيال والحلم في حياة الإنسان، فهما ضرورة ومتعة بشرية نُمارسها جميعاً ولو بنسب مُختلفة، وبجرعات معقولة لا تشوه العقل وتخرج بنا من جلد آدميتنا عن طريق الإفراط في عالم الخيال وتوظيف أنواع الكوابيس !!، فكل ذلك يشبه إلى حد ما شرب العرق والخمرة !، قليلها لذيذ جميل ومُفيد حتى صحياً، ويقود إلى السعادة والفرفشة، وكثيرها مؤذِ قبيح ويقود إلى الفوضى والهلوسة والبهذلة والتعاسة وخراب النفس والبيت والمجتمع !.

الشعوب الغربية سبقتنا بمسافات شبه خرافية في رقيها وبحبوحتها بحيث أصبح بميسورها -إلى حد ما- التمتع بالبطر والترف عن طريق روايات وأفلام كهذه، بينما نحنُ في الشرق لا زلنا نزحف تخلفاً وجوعاً ومرضاً وجهلاً وأدياناً مُضحكة، ولا أعتقد أن هذه الروايات والأفلام يُمكنها أن تعطينا الونسة والمتعة والفرفشة ونحنُ نموت كمداً وحزناً وإرهاباً وتخلفاً كل يوم، رغيف خبزٍ اليوم يضاهي ويُعادل ويخدم أحسن من الف فلم في الفنتازيا والخيال العلمي التي لم تُصنع لنا أساساً!.

كنتُ أتمنى قراءة كامل رواية (( سائق الحرب الأعمى ))، ولكن .. لا بأس حتى بملخصها، حيث لستُ بصدد نقدها، لكني إنما أكتب ناقداً ذلك ( الخيال العلمي ) المُغرق في الخرافة التي تصل أحياناً إلى حد السخافة !، بالضبط كما في بعض الأديان الترهيبية!.
هذا الخيال الذي بدأ يصل إلى الكُتاب الشرقيين كما المرض المُعدي، او ربما كحتمية واقعية جميلة ومرغوبة كما قد يراها البعض غيري، ولا بأس برؤياهم، فكلٌ يرى من زاويته الخاصة، والقدح الذي نصفه فارغ، قد يبدو قدحاً نصفه مملوء بالنسبة لعينٍ أخرى!!.

ومن يدري ... فقد يقرأ رواية ( سائق الحرب الأعمى ) مُنتج أو مُخرج أو مُمول سينمائي يحترف أفلام الخرافة ومتاهة المبالغات والخيال العلمي والفنتازيات فيُعجَبُ بها !!، وحينها سيصبح السيد أسعد الجبوري مليونيراً بين ليلة وضحاها!!.
وبرأيي أيضاً أن روايته هذه -بعد المقارنة-، أجود بكثير من عشرات الروايات غير المعقولة التي تم إنتقائها وتبنيها وتحويلها إلى أفلام سينمائية في أميركا، حيث شباك التذاكر هو البوصلة والوازع الرئيسي لفرض نوعية الأفلام المُنتَجَة سنوياً !، بغض النظر عن مستواها من كل النواحي، حيث المهم أنها تتلائم وتتناغم وتتماشى مع مستوى وذائقة القطيع الأكبر في مجتمعٍ ما !!، وهذا يؤكد الحكمة القائلة بأن كل شيء في حالة تغير وتبدل مستمران، نحو الأحسن أو الأسوء، المهم أن الأرض لا زالت تدور، وستستمر!.

المجدُ للإنسان.
December - 5 - 2015
طلعت ميشو.  



#الحكيم_البابلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (( بيت العِز يا بيتنا )).
- العثور على رسالة قديمة مُوجهة إلى صدام حسين !.
- خوذَة الجندي العراقي عبد علي !.
- جِناح خاص لصلاة المسلمين في مطار أورلاندو !!!.
- حول لهجات مسيحيي ويهود بغداد + لهجات الموصل وتكريت .
- وفاء سلطان وإحتمال عودتها للنشر في موقع الحوار المتمدن !.
- صور تذكارية قديمة حانَ زمن دفنها !.
- جذور العنف والفوضى، الضاحِكُ الباكي. (3) .
- جذور العنف والفوضى، وأثرها في إضطهاد مسيحيي العراق. (2).
- جذور العنف والفوضى - البيت، المدرسة، الدين . (1).
- مُُفردات سومرية أكدية آرامية لا زالت مستعملة في اللسان العرا ...
- مُفردات سومرية آكدية آرامية لا زالت مُستعملة في اللسان العرا ...
- بابا نويل أسيراً عند داعش !.
- كيف تعامل الرافدينيين مع الموت والمصير ؟.
- (( قصيدة للموت والسيف المكسور ))
- حينَ يصبح التهريج سيد الفنون !.
- البحث عن اللآلئ .. تأريخي مع الكِتاب.
- الجذور التأريخية لشخصية الشيطان الغيبية .
- وضاح اليمن .. الشاعر الذي غُيِبَ لأنه أحب زوجة الخليفة !.
- هَلَوينهم وهَلَويناتِنا !.


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - الحكيم البابلي - حين تعود بِنا الحضارة إلى عصور الخرافة !. عن الروايات وأفلام الخيال العلمي .