أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الباسوسي - فتاة لا تغطي شعرها














المزيد.....

فتاة لا تغطي شعرها


احمد الباسوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4991 - 2015 / 11 / 20 - 23:03
المحور: الادب والفن
    


فتاة لا تغطي شعرها (قصة قصيرة)
متباهية، شعرها الناعم المصبوغ بلون أشقر رمادي بلاتيني يتراقص بحرية مع نسمات هواء البحر الهادئة. التفتت نحوه، اصطكت عيناها العسليتان بصفحة مياهه الودودة الطيبة، قفزت من عينيها فرحة اهتز لها كيانها الرشيق، وما تزال كلمات زوجها على الشاطئ المقابل تطن بعشق داخل اذنيها الدقيقتان،كانت تنظر للقمر الذي أعلن اكتماله الليلة، توحد وجهها المستدير بلون الحليب مع دائرة النور المبتهجة في تناغم مجنون. أشارت بأصبعها نحو زوجها البعيد جدا، وكانت ما تزال بريئة، طليفة، تضحك من فرحتها. المساء يلف الكون، والضحكات والسكون وحتى الهمهمات، وكانت متحمسة على الرغم من مناوشات بعض زملائها في العمل. ما تزال الوحيدة من بين الاناث التي يتطاير شعرها الأشقر مع الهواء، ويفرح مع نسماته، وتباهي به نفسها. كانت تدري أن نظرات الآخرين من خلف ظهرها مثل طلقات الرصاص تثقب تفاصيلها الانثوية الجميلة، وان زميلاتها وغيرهن ممن اعتدن اخفاء الشعر والوجه، والتسربل بالعباءت السوداء الفضفاضة يرمقنها بغيظ وغيرة. لكنها اعتادت على ذلك منذ عقدين من الزمان. صبية جميلة كانت في الصف الأول الاعدادي، تجلس في الصف الأول، البنت الوحيدة في المدرسة التي لا تغطي شعرها بحجاب، لا تبالي شعورها بالاختلاف عن الجميع، تجد في مشاعر التمرد تعويضا مناسبا عن مشاعر الوحدة والنبذ من الاخريات ونظرات الاستهجان القاسية من قبل بعض المدرسات والمدرسين. استمرأت التمرد، أصبح خط دفاعها الأول في عالمها حيث استماتت في حماية انوثتها والتباهي بها في وجه عالم أصبح قاسِ يدفع الأنثى نحو الاختباء والاختفاء. في الجامعة كان عالمها الداخلي أكثر قسوة وارتباكا. جميع الطالبات تقريبا أخفين شعرهن، وبعضهن بالغن وأخفين الوجه تماما وارتدين العباءات الفضفاضة، القاتمة اللون. غابت الانوثة عن ردهات الكلية وقاعات المحاضرات، إتستعت مساحة الكآبة في كل مكان، لم يعد الطلاب يمرحون أو يضحكون مثل زمان، بل صرامة وتجهم، ولحى طويلة متدلية للركبة. مناعتها بدأت تفتر، تسرب الوهن الى مقاومتها. لم تعد مشاعر التمرد والتباهي تجدي نفعا في عالم أصبح فيه الآخرون لايجيدون سوى الحديث في الحلال والحرام. اهتزت الأرض من تحت قدميها ومع ذلك ظلت صامدة، تتحدى العالم من حولها بتفوقها في الجامعة، وتفوقها في الاختلاف والسفور وسط عالم سيطر عليه قانون الاخفاء والاختباء. لكنها لم تعد مثل زمان، وهنت المقاومة، ضعفت العزيمة. أصبحت وحيدة، منبوذة، مرفوضة. لم يعد بوسعها أن تتحمل المزيد نتيجة رغبتها في التمرد والحرية والمباهاة بانوثتها في واقع تغيرت ثقافته، وأفكار الناس. تاقت الى رحلة في بلاد الحرمين وأداء عمرة. اكتشفت وهي تطوف حول الكعبة انها لم تعد فتاة الصف الأول الاعدادي المتمردة البريئة، بل امرأة في حاجة للدوران في فلك الآخرين لكي ترتاح، عادت من هناك بعد اسبوعين ترتدي العباءة السوداء الفضفاضة، وتغطي شعرها الناعم المصبوغ باللون الاشقر بالحجاب مثل الآخريات، ولم يعد يلحظها أحد بعد اليوم.
د. احمد الباسوسي
5سبتمبر 2015



#احمد_الباسوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اضطراب قطبي من النوع المسكوت عنه (الطبيبة الحائرة)
- مزاج اكتئابي واحتراق نفسي
- كيف تحمي مؤخرتك
- - البدون - الحائر
- العجوز والحرب (قصة قصيرة)
- ممنوع عليك غلق باب الحمام
- الموكب (قصة قصيرة)
- لذة ممنوعة
- طلاق بالأمر (العلاج النفسي)
- تلاشي (قصة قصيرة)
- الصعيدي الذي قهر الفصام


المزيد.....




- خاطرة.. معجزة القدر
- مهرجان الجونة يحتضن الفيلم الوثائقي -ويبقى الأمل- الذي يجسد ...
- في روايته الفائزة بكتارا.. الرقيمي يحكي عن الحرب التي تئد ال ...
- في سويسرا متعددة اللغات... التعليم ثنائي اللغة ليس القاعدة  ...
- كيت بلانشيت تتذكر انطلاقتها من مصر في فيلم -كابوريا- من بطول ...
- تظاهرة بانوراما سينما الثورة في الجلفة بطبعتها الثانية
- -بطلة الإنسانية-.. -الجونة السينمائي- يحتفي بالنجمة كيت بلان ...
- اللورد فايزي: السعودية تُعلّم الغرب فنون الابتكار
- يُعرض في صالات السينما منذ 30 عاما.. فيلم هندي يكسر رقما قيا ...
- -لا تقدر بثمن-.. سرقة مجوهرات ملكية من متحف اللوفر في باريس ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الباسوسي - فتاة لا تغطي شعرها