أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - ضي رحمي - النساء في الثورة الروسية















المزيد.....

النساء في الثورة الروسية


ضي رحمي

الحوار المتمدن-العدد: 6170 - 2019 / 3 / 12 - 09:48
المحور: ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا
    


ترجمة ضي رحمي
بدلت الثورة الروسية حياة النساء تمامًا وسددت ضربة قوية للتمييز القائم على أساس الجنس بشكل لم تنجزه أي ثورة سابقة أو لاحقة. إنَّ الامتيازات التي حصلت عليها النساء خلال الشهور الأولى التي تلت أكتوبر 1917، مثل الحق في الإجهاض والزواج المدني والخلع ودعم الدولة للمرأة الحاضنة وإلغاء العمل ببعض القوانين التشريعية المجحفة والمساواة في الأجور مع الرجال وأجازة الأمومة لكل النساء وإلغاء سن الرشد وتوفير الدولة للمطاعم والمغاسل العامة ودور رعاية الأطفال (الحضانات)، كلها إنجازات لم تتحقق بعد بشكل كامل في أي مكان في العالم حتى الآن بعد مرور أكثر من تسعة عقود على إندلاعها.

لكن تلك الانتصارات، على أهميتها، ما هي إلا جانبًا من القصة. فمن العوامل الهامة التي ساهمت في تغيير وضع المرأة داخل المجتمع الروسي، المشاركة الجماعية للنساء، إلى جانب الرجال، في النضال الثوري ضد النظام القيصري وأرباب الأعمال الذين تسلطوا عليهم بظروف عمل شديدة القسوة وتمييز جنسي مريع.

التحول الهائل في المواقف والممارسات داخل المجتمع كانت نتيجة حتمية بعدما سيطرت ديمقراطية للطبقة العاملة، ما أكد صحة مقولة لينين بأن الثورات هي “أعياد المضطهدين”. كانت الاحتجاجات التي قادتها العاملات في فبراير 1917 هي الشرارة التي أشعلت الثورة. ففي يوم المرأة العالمي، غير ملتفتات ولا مبالايات بتحذيرات رفاقهم من الرجال، أضربن النساء العاملات عن العمل وخرجن في مسيرة تجوب شوارع بتروجراد، وطالبن الآخرين بالانضمام لهن. وكانت مطالبهن إنهاء الحرب ووضع حد لإرتفاع الأسعار والجوع والحرمان التي تثقل كاهل العمال.

إحدى الروايات المتناقلة تصف كيف “توقفن جميعهن عن العمل، ثم غادرن المصانع وانتقلن سريعًا في مجموعات كبيرة من مصنع إلى آخر.. كانت النساء [يقذفن] بكل ما طالته أيديهن من (حجارة وكرات ثلج وعصي) نوافذ وأبواب المصانع كما [اقتحمن] المباني”.

حفزت تحركاتهن غيرهم من العمال على الإنضام إليهن ليس فقط في الإضراب، ولكن على البدء في تشكيل هياكلهم الديمقراطية الخاصة لمواجهة النظام، وأرباب الأعمال والحرب، الحرب التي كان الأغنياء على استعداد للتضحية من أجلها بأعداد لا تعد ولاتحصى من العمال، وإفقار كثيرين غيرهم. وبحلول أكتوبر، تمكنت هذه الهياكل، التي عرفت بإسم “السوفيتات” أو المجالس العمالية، من الإطاحة ببقايا الحكم الرأسمالي وإقامة دولة عمالية ديمقراطية.

ونظرًا لتسخير عدد ضخم من الرجال للمشاركة في الحرب، شكلت النساء نسبة كبيرة من الطبقة العاملة الروسية، وصلت إلى حوالي 40% في بتروجراد، وكانت مشاركتهن النشطة من الأسباب الحاسمة في نجاح الثورة. ولأن الإنضمام للسوفيتات كان إنضمامًا طوعيًا، كان الاحترام المتبادل والمساواة بين جميع الأعضاء من العوامل الهامة لنجاحها.

وقادهم هذا لمراجعة كثير من الأحكام المسبقة المنحازة ضد المرأة والتي طالما كانت معتمدة ومعمول بها قبل الثورة. فكرة أن دور المرأة الطبيعي هو القبوع في المنزل لتنشئة الأطفال، أو أن عليهن الإذعان لسلطة الرجال، أصبح ينظر إليها باعتبارها أفكارٍ تتعارض مع مصالح العمال.

رصدت إحدى القائدات البلشفيات هذا التغيير في أحد الاجتماعات مع شباب الثوار. حيث سجلت الآتي: ” كان من بين الإمور التي على الجميع تعلمها الحياكة. عندها سأل زميل بلشفي شاب: “لماذا علينا جميعًا أن نتعلم الخياطة؟ الفتيات، بطبيعة الحال، يجب أن يتعلمنها، وإلا لن يتمكنّ من تثبيت الأزرار على سراويل أزواجهن فيما بعد، لكن لماذا نتعلمها نحن الرجال؟”

أثارت هذه الكلمات عاصفة من السخط بين المجتمعين، حيث أعرب الجميع، وليست الفتيات فقط، عن استيائهم وأخذوا يتماوجون غضبًا على مقاعدهم. “على الزوجة خياطة أزرار السراويل؟ ماذا تعني؟ هل تريد التمسك بالاستعباد القديم للنساء؟ الزوجة هي رفيقة الزوج، وليست خادمته!” وأمام هذا السخط الجماعي لم يكن أمام الفتى صاحب الاقتراح سوى الاستسلام.

ولأن البلاشفة كانوا القوة السياسية الأكثر إلتزامًا بأحقية العمال في السلطة علم 1917، كانوا أيضًا التنظيم الذي كرس جهدًا كبيرًا لتنظيم النساء العاملات. لقد نظموا العاملات في مهنة غسيل الملابس (الغسالات) وزوجات الجنود، وهما فئتين من أكثر الفئات النسائية المسحوقة. طبعوا كتيبات ووزعوا نشرات تتناول الظروف القاسية التي تحيط بالنساء العاملات. لقد أعترف البلاشفة بالرابطة الوثيقة بين مصير سلطة العمال وتحرير المرأة.

في أكتوبر، كان للنساء دورًا في الثورة، فانضممن للحرس الأحمر وشاركن في اقتحام قصر الشتاء. وكانت مسئولية تنظيم حركة الترام في بتروجراد أثناء الثورة، من نصيب الشابة البلشفية العاملة، ألكسندرا روديونوفا. التي وصفت التأثير الكبير للثورة على حياتها وحياة غيرها من النساء، قائلة: “شعرت أن حياتي المألوفة التي اعتدتها تتهاوى، وكنت فرحة وسعيدة بإنهيارها”.

لكن لاحقًا، دُمرت كل مكتسبات الثورة. فقد محت ثورة ستالين المضادة كل آثار سلطة العمال، ومعها المكاسب التي تحققت للنساء. لكن هذا لا يقلل بأي حال من الأحول من الإنجازات الثورية للعمال في عام 1917، ولا يمحو ما تركوه لنا من تبصر بقدرة الثورات العمالية على هزيمة كل أشكال الظلم الاجتماعي.

دائمًا ما تتعمد الروايات السائدة عن الثورة تهميش أو تجاهل دور العمل الجماعي للعمال، ولا سيما دور العاملات. ويعمد أصحاب هذه الروايات من المؤرخين إلى تشويه السياسات الجذرية والعمل الجماعي الجماهيري من أجل الخضوع للوضع الراهن. لكن ثورة 1917 أثبتت أن هناك بديلاً ممكنًأ للرأسمالية.

لقد وضحت لنا كيف يتصدر المظلوم المشهد ليعيد تشكيل المجتمع أثناء النضال الثوري، كيف يعيد المجتمع النظر في الأحكام المسبقة المتحيزة ضد المرأة ، كيف يمكن أن تقوض الطبقة العاملة كل أشكال الظلم والاضطهاد. إنّ استيعابًأ وفهمًا حقيقيًا لهذه العملية واجبًا حتميًا على كل المؤمنين بقضية تحرير المرأة.

* المقال منشور باللغة الإنجليزية في 12 فبراير 2014 بموقع جريدة الراية الحمراء الأسترالية



#ضي_رحمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حملة مقاطعة إسرائيل بعد انتخاب نتنياهو
- الاقتصاد الصيني: اضطرابات وأزمات
- اليونان: فوز “سيريزا”.. بين الفرحة والآمال
- الولايات المتحدة والمملكة السعودية: شراكة مرضيّة من أجل البق ...
- كيف تتغير الأفكار؟
- الثورة الفرنسية العظمى
- أكاذيب حول الثورة الروسية
- الولايات الطبقية الأمريكية
- يعقوب سفيردلوف.. المنظم البلشفي المهيب
- الجبهة المتحدة عندما تصبح الوحدة قوة
- الجبهة المتحدة.. عندما تصبح الوحدة قوة
- قراءة -البيان الشيوعي- اليوم
- أسباب فشل الرأسمالية
- دور السوفيتات في الثورة الروسية
- حوار مع المناضل الاشتراكي طارق علي: الهيمنة الغربية والربيع ...
- هل الثورة العالمية ممكنة؟
- العسكر.. والعمال


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- الإنسان يصنع مصيره: الثورة الروسية بعيون جرامشي / أنطونيو جرامشي
- هل ما زَالت الماركسية صالحة بعد انهيار -الاتحاد السُّوفْيَات ... / عبد الرحمان النوضة
- بابلو ميراندا* : ثورة أكتوبر والحزب الثوري للبروليتاريا / مرتضى العبيدي
- الحركة العمالية العالمية في ظل الذكرى المئوية لثورة أكتوبر / عبد السلام أديب
- سلطان غالييف: الوجه الإسلامي للثورة الشيوعية / سفيان البالي
- اشتراكية دون وفرة: سيناريو أناركي للثورة البلشفية / سامح سعيد عبود
- أساليب صراع الإنتلجنسيا البرجوازية ضد العمال- (الجزء الأول) / علاء سند بريك هنيدي
- شروط الأزمة الثّوريّة في روسيا والتّصدّي للتّيّارات الانتهاز ... / ابراهيم العثماني
- نساء روسيا ١٩١٧ في أعين المؤرّخين ال ... / وسام سعادة
- النساء في الثورة الروسية عن العمل والحرية والحب / سنثيا كريشاتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - ضي رحمي - النساء في الثورة الروسية