أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - دموع صديقة الملاية














المزيد.....

دموع صديقة الملاية


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4912 - 2015 / 9 / 1 - 21:51
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    




أخبرني صديق أسكنه الهجر الباريسي اغترابا طويلا ، وبات لا يفرق بين ابتسامة سيمون دي بوفار وظلال وجه جدته التي لم يبق من خيالها سوى طيف حكايات عن جنيات حقل الرز وفراشات البستان وسمك الفرات وهو يقفز فوق سوابيط ليالي الأهوار ويداعب شفاه النجوم بالقبلات ..
إنه يكاد ينسى طيف الصورة العراقية لولا أسطوانة الأغاني التي كانت الرابط الوحيد لذاكرته ليستجمعَ البلاد التي هجرها منذ ثلاثين عاماً . ويقول : إنه لكي يتذكر شيئا من ليل بغداد ، وكليات باب المعظم ومقاهي الميدان وأرصفة أبي نؤاس فأنه يذهب لصديقة الملاية ليجمع مع صوتها نثار ذلك النأي المتباعد بسبب ظروف الوطن الذي عمقَ جروحهُ بالحروب والمنافي وصنع الدموع المدافة بالخبز وبطاقاتِ التموين وبشظايا المدافع .
ويقول صديقي : إن أصدقاءه الفرنسيون عندما يسألونه عن هذه البحة الجميلة لصوت صديقة الملاية ، يقول لهم : تلك مدام بغداد وقد جلبتها هنا لتستمع بها السيدة باريس .
أتذكرُ رغبة صديقي . واتساءل عن بغداد ( المدام ) .وكيف تغادرها بهجة الأصوات الى مهاجر الدول المجاورة . مسرحيون ، مغنون ، تشكيليون ....فنانون من شتى رؤى الاشتغال ، يسافرون بعيدا عن مدامهم ويتركون صديقة الملاية وحدها تأن في نهار الصالحية الكئيب حيث كانت زالت الإذاعة مدمرة ، ومبنى التلفزيون تطبخ فيه العوائل المهجرة حزن اليوم العراقي ، فيما مبنى وزارة الاعلام ، أغلقت نوافذه بالطابوق والاسمنت ..وأسدل الستار على أزمنة ، كانت رغم عذاباتها ومحنتها وشموليتها تعطي شيئا من نغم القيثار والصوت الصباحي لبلبل الإذاعة وبرنامج أصوات لا تنسى ، وأخرى من ذاكرة مقامات أحلامنا .
يزعل صديقي من رد كهذا ويهتف بتساؤل منزعج : يا أخي تريد أن تعيدنا الى الوراء . الى زمن الصحاف ، واللحاف ، والجفاف ...
أرد : أنا لاأريد عودة لزمن أعرف إنه لن يعود ، ولكني أريد العودة الى زمن فيه بعض ممكنات الحب والفن متوفرة في ظل حلم طبيعي لصباح تشرق فيه حنجرة صديقة الملاية في صباح مدام بغداد .
يسألني : وكيف ؟
أقول : أسال الحكومة .
يرد : الحكومة همها أكبر ، هاجس الامن وتحديات الواقع ، واشكاليات ماتركه بريمر وتبعات المحاصصة ، واختلاف المنهج الجديد على شخصية تعودت 35 عام على نمط معين من الثقافة والتفكير والولاء .
قلت : أنا معك في كل هذا . ولكننا كنا نسمع فيروز كل صباح من الإذاعة العراقية.
قال : وبعدها تسمعون أنشودة ياشبل زين القوس ..سلم على القسطل .
قلت : عندها لست مجبرٌ على سماع الأنشودة وأغلق المذياع . لأن احدٌ لم يرغمني على السماع .
قال : عليك أن تصبر .
قلت : على الحكومة أن تنتبه وترعى الفن بشيء من الحرص اكثر مما تقدمه اليوم.إن بقي الإهمال هكذا ، سيضيع الصوت العراقي والفن العراقي . ومدام بغداد ستخاف حتى أن تطلق صوت صديقة في مذياع مقهى من مقاهيها .
قال : أنا أثق بالحكومة .
قلت : وأنا ايضا ولكني أحمل قلقي المشروع .
صمت . صديقي ..لا أدري إن كان راضيا عن رؤاي وأرائي . قال : لنعود الى صديقة الملاية لتهتف لنا شئياً من تذكر طفولتنا .
غنت صديقة الملاية .قال ستبتهج باريس كلها .وعسى مدام بغداد تبتهج ايضا .
كانت صديقة تغني ، يتساقط من أحداقها دمع .يختلط بدمع آتٍ من عيون مدام بغداد ...



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد الحمراني .. الوفاء لفراشات ميسان ...!
- حضيري يبيع الورد في التظاهرات
- في ذكرى كامل شياع
- مصلحة المبايعات الحكومية
- رسائل الطواحين والنواعير
- الأهوار أنموذجا لعطش ميزوبوتاميا ..............!
- الوزير والغجرية والعميد الركن حمودي
- فيزا للمتظاهر عادل امام
- سأجيء وبيدي لاب توب
- أريج الوطن وقلب أمْ........!
- سماء سنجار ومياه الأهوار
- ( سنجار من دون طاووس وقيثار )
- مطار لجراد الأهوار
- احاديث ليل الزعفران
- الطفل ونهد الدمية
- أكتاف خالتي بنية
- دراويش الأهوار
- صَباغُ ثيابُ الحُزن
- الدراعة الانجليزية
- محمد الجزائري ( قطار البصرة ساعة 11 )


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - دموع صديقة الملاية