أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد شبل - لا بديل عن دور الدولة














المزيد.....

لا بديل عن دور الدولة


السيد شبل

الحوار المتمدن-العدد: 4911 - 2015 / 8 / 31 - 20:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أعتقد أن منصفًا، منحاز إلى مصالح وطنه، متحررًا من أسر الأيدولوجيات الليبرالية الحديثة، يمكن أن يجادل في أن للدولة دور لا يمكن استبداله مطلقًا، هذا الدور لا يقتصر على تقديم الخدمات الأساسية، وإنما لا بد له أن يمتد ليسيطر على السوق ويضبط إيقاعه في موازنة دقيقة تتحاشى طمس دور القطاع الخاص، وتتجنب في الآن ذاته ترك الساحة له منفردًا يعيث فيها كيفما يشاء دون وجود خطة اقتصادية تنموية شاملة يعمل في ظلها، محاطًا بالقطاع العام، منضويًا فيه.

انسحاب الدولة التدريجي الذي جرى في الأربعة عقود السابقة ليناير 2011، لم يكن ناجمًا فقط عن سوء تقدير واختلال في ضمير الحاكم، وإنما كان تنفيذًا حرفيًا لإملاءات أجنية جاءت عبر صندوق النقد والبنك الدوليين، حيث كانت الأوامر قد صدرت بتصفية القطاع العام، خطوة تتلو الأخرى، بداية من منتصف السبعينات، فتم التنفيذ. علمًا بأن القطاع العام في ذلك الوقت لعب المهمة الرئيسية في تمويل القوات المسلحة وتوفير نفقات حروب التحرير، وتلك معلومة تجعل الإلحاح الغربي على تفكيكه منطقيًا. ولولا أن المؤسسة العسكرية رصدت الخطر مبكرًا، والتفت حول قوانين الخصخصة وأمّنت لنفسها وللمجتمع من خلفها جدارًا صلبًا يتمثل في جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، لكان المجتمع المصري وبدون أية تهويلات يستند اليوم إلى الفراغ، ولصارت مصر سوق كبير يباع فيه كل شيء بداية من كرامة الجندي ومرورًا بشرف السياسي وحتى عقلية المثقف وانتهاءًا بما لا نهاية له.

وكان من البديهي، أن تتربص دوائر صنع القرار الغربية، بالمؤسسة العسكرية المصرية، كونها أفلتت ومن ثم جذبت معها الدولة ككل، بعيدًا (بالنسبة طبعًا) عن أسر الشركات الدولية عابرة القارات (إمبراطوريات العصر الحديث) التي صارت لها الكلمة العليا اليوم، فتحرض على الحروب.. وتمول نفقاتها.. وتعزل حكامًا.. وتعين آخرين وتفرض على ملايين بأكملها النزوح أو اللجوء دون أن يطرف لها جفن.. فالمهم هو المكسب لا أكثر ولا أقل.. شأنها شأن أي تاجر واسع النشاط لم يتدرب على كبح جماح شهواته.

عود على بدء، نلمس الآن أكثر من أي وقت مضى الآثار السلبية التي ترتبت على انسحاب الدولة في العقود الماضية من مسؤولياتها، وتخليها عن أدوارها في ضبط الإيقاع الاستهلاكي وتوجيه العملية الاقتصادية، لا تقتصر تلك الآثار على ارتفاع الأسعار وحدها وما يمثله ذلك من أعباء مضافة على أرباب الأسر، وإنما يمتد بشكل أو بآخر ليهدد تماسك المجتمع ووحدته، من خلال بروز الفوارق الطبقية بشكل يشبه ما كان عليه الحال قبل يوليو 52، مع توحش وإفراط ملموس في الاستهلاك وتوجه أغلبيته لسلع ترفيهية غير إنتاجية.. هناك، أيضًا الفراغ الذي خلقه انسحاب الدولة من مهامها، والذي أتاح لحركات التأسلم السياسي الفرصة الكاملة لشغله، ليس لوجه الله، كما يزعم قادتها، وإنما لحظ نفوسهم التي تطمع في الرياسة والهيمنة على الخلق.

إن ترك المسائل هكذا تجري بغير تخطيط، وبدون ضوابط أو قواعد تنبثق من حاجة الناس وواقعهم، لن يثمر فلاحًا على أي وجه، فلن تصحح التجربة أخطاء ممارسيها، فقط ما سيجري هو أن الدولة الوطنية ستتنحى عن موقعها كمخطط للاقتصاد وآلية توظيف الموارد وإلخ، ليشغله غيرها من القوى الدولية التي تتربص وتتحين الفرصة لتقفز على أي بلد من البلدان لتستولي على مقدراتها عبر آليات نهب ممنهجة تتخفى وراء شعارات الاقتصاد الحر والليبرالية الاقتصادية؛ إذن فالتخطيط للعملية الاقتصادية سيبقى.. فقط ما سيتغيب هو مصلحة الجماهير وحقها في خيرات بلادها.

لا شك أن الدولة قدمت خلال الفترة الماضية نموذجًا في قدرة القطاعات الحكومية، ممثلة في الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، على المنافسة. حيث أثبتت قدرتها على وكفاءتها في تنفيذ (بالإشراف والإدارة والمشاركة) مشروع القناة الموازية الجديدة بطول 72كم، وكان في هذا ثمة رسالة على القطاع الخاص أن يلتقطها ويستوعبها ويجهز نفسه للتعايش معها. كذلك فعلى الدولة أن تعززها وتطورها وتؤكد أن هذا مسارها الذي تنوي السير فيه، وإلا تتحول إلى خطوة على الرمال يزول أثرها مع أقل نسمة هواء.

ليست القضية قضية كلمات وشعارات تلوكها الألسن، كعادة لغوية، بين الحين والآخر، وإنما قضية شعب يريد أن يشعر بحضور دولته أكثر في مختلف النواحي، في مقدمتها الشأن الاقتصادي كون الآثار المترتبة عليه تنسحب على مختلف النواحي.

كذلك لا يمكن السماح لثقافة السوق أن تستمر وتنتشر أكثر من ذلك، وليس مقبولًا أن تستمر عملية الاستنزاف للمواطن المصري بالشكل الذي يجعل آدميته ذاتها مهددة وفي طريقها للاندثار. لا بد أن تُفسح له المساحة ليتنفس بعيدًا عن الخنق المادي. ولا بد للدولة أن ترعاه ثقافيًا وفنيًا ووجدانيًا، وأن تخلي له ما يؤهله لممارسة حياته الطبيعية كإنسان يؤثر ويتأثر ويتفاعل دون أن يكون عنقه في كل لحظة مهددًا بالبتر تحت ساطور التجار. صحيح أن صندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة، وعبر فعاليات عدة، يقوم بدور يستحق الإشادة في رعاية وتدريب مواهب شابة، وفي الإعداد لندوات تثقيفية، وفي تنظيم مهرجانات فنية وثقافية تحافظ على الهوية الوطنية بسلاسة وبدون تصنع، لكن مثل تلك الأمور الجليلة لا تعطي أثرها المطلوب في مناخ تحاصره الماديات من كل جانب، وتلوثه سلوكيات سوقية عديمة الذوق صارت تنتشر في الشارع، فتخصم من المعاني الإيجابية التي طالما جسدها الشارع والحارة والزقاق في مصر.



#السيد_شبل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجمهورية العربية المتحدة تنتصر
- من يتهم الغرب بالإبادة الجماعية ؟!
- الجزر المنعزلة داخل المجتمع الواحد!.. بقلم السيد شبل
- الإنسان قبل الأيدولوجية
- الربيع العربي وفقًا للمفهوم -الثوري- الأمريكي
- الدولة لا تزال في قبضة النظام السوري.. لأنه لم يفقدها من الب ...
- أوكرانيا.. وما تكشفه من أسرار اللعبة الدولية
- وكالة المخابرات الأمريكية.. تاريخ حافل من التجارب في البشر
- بعد لطمة اليونان.. القارة العجوز ليست عصية على التأديب
- العرب يشهدون حربًا عالمية.. ولا أقل
- لا تخنقوا النَفس الثوري بالكلية.. هكذا!
- أزمة غياب البديل
- مصر وروسيا.. من جديد
- من يتصدى لنداءات الإخوان بإشعال الحرب الأهلية في مصر؟
- هل تنطق روسيا اليوم بلسان القومية العربية؟
- الحشد الشعبي مفتاح الحسم
- ماكينة صك الشعارات الجوفاء!
- الجيش المصري خارج حدود الدولة! (تصويب مفاهيم)
- أما آن للدولة المصرية أن تنظر في أمر الزوايا!
- الآن.. عن -السيسي- نتحدث


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد شبل - لا بديل عن دور الدولة