أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - 600 يوم على الجريمة المستمرة في دوما















المزيد.....

600 يوم على الجريمة المستمرة في دوما


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4888 - 2015 / 8 / 5 - 15:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


جريمة خطف سميرة الخليل ورزان زيتونة وناظم حمادي ووائل حمادة التي ارتكبت في الشهر الأخير من عام 2013 لا تزال ترتكب كل يوم طوال ما يزيد على 600 يوم انقضت عليها. المرأتان والرجلان مغيبان دون معلومة عن مصيرهم منذ وقت الخطف الذي تتوفر قرائن كافية على مسؤولية تشكيل "جيش الإسلام" عنه، وتعلم قيادته دون أدنى ريب كل تفاصيل الجريمة منذ وقت ارتكابها. وهي مسؤولة سياسيا مسؤولية قطعية عن الجريمة، ليس فقط لأن دوما عاصمتها، ولها الولاية السياسية الأكيدة فيها، ولكن كذلك لأنها لم تحقق في القضية، ولم توفر في أي وقت معلومات عما حدث، لا لأهالي المخطوفتين والمخطوفين، ولا لأي هيئات سياسية وطنية، ولا لعموم المهتمين السوريين أو أية منظمات حقوقية محلية ودولية، ولا حتى للقضاء المحلي في منطقة دوما. بالعكس، على المستوى الأخير، عملت قيادة "جيش الإسلام"، وزهران علوش شخصيا، على تهريب مشتبه به أساسي بارتكاب الجريمة، اسمه حسين الشاذلي، من نظارة كان أوقفه فيها القضاء المحلي. فإن كان هناك من ليس مقتنعا بما جرى تقديمه مرارا وتكرارا من قرائن على مسؤولية قيادة "جيش الإسلام" عن ترتيب الجريمة، يُجمع أهالي المرأتين والرجلين على صوابها وكفايتها، فلا يمكن لأي شخص منصف أن يشكك في أن علوش وتشكيله، وهم سلطة الأمر الواقع في دوما ولديهم فيها مقرات أمنية وأكثر من سجن، على إحاطة كافية بملابسات الجريمة، وأنهم تالياً متسترون عليها وعلى الجناة المباشرين، هذا فضلا عن كونهم معرقلين للتحقيق المحدود الإمكانيات الذي قام به تشكيل قضائي في الغوطة. إعاقة العلوشيين للتحقيق في هذه الجريمة وغيرها، ومبادرتهم، بالمقابل، إلى خطف ناشطين وإعلاميين من الغوطة دون تخويل قضائي (من آخرهم الإعلامي أنس الخولي ووالده)، دفعت رئيس الهيئة القضائية المحلية، الشيخ خالد طفور، أبو سليمان، إلى الاستقالة من منصبه قبل أسابيع. الرجل كان صار رئيسا لهذه الهيئة بتوافق محلي في دوما والغوطة.
الجريمة مستمرة كل يوم بحق الأربعة لأنهم مغيبون، محرومون من الحرية، في بلدهم وبين مواطنيهم الذي قضوا أعمارهم وهم يعملون بينهم من أجل حريتهم. والجريمة مستمرة أيضا بحق أهالي رزان ووائل وناظم، وبحق سميرة التي غيب الموت والدها قبل أيام قليلة، وهو لا يعلم أنها مخطوفة، وهي لا تعلم أنه رحل. وما يظهر المدى اللاإنساني للجريمة أن خطف الأربعة وقع في شروط معلومة في البلد ككل، وفي الغوطة، تحول بين الأهالي وبين متابعة القضية بأنفسهم وفي مسرح الجريمة. هذا أسوأ بكثير، مثلا، من اعتقال سميرة على يد النظام عام 1987، حيث كان يمكن لذويها متابعة وضعها بدرجة ما، وبعد حين صار بإمكانهم زيارتها (في سجن النساء في... دوما بالذات). لا يستطيع أهل سميرة القيام بذلك اليوم، ولا يستطيع القيام به أهل رزان أو وائل وناظم. ولو أمكن لأحد منا الذهاب إلى الغوطة، فليس هناك أدنى مؤشر على استعداد سلطة الأمر الواقع للمساعدة في كشف القضية، إن كان المشتبه به تم تهريبه بترتيب شخصي من زهران، والقاضي اضطر للاستقالة. وإذا كان اغتيل عدة نشطاء، واعتقل محررو دوما والغوطة بالذات، فلا ضمانة بأن يستطيع أحد منا، الأهالي العزل للمخطوفين العزل، التقدم شبرا واحدا في معالجة القضية، هذا إن لم يغيبوا أو يقتلوا عاجلا، إن اقتربوا من كشف الحقيقة.
ولا ننس أنه لم توجه تهمة أبدا إلى المخطوفيتين والمخطوفين، لا في العلن ولا في السر، ما يعني أن بريئتين وبريئين مخطوفون، وما يعني أن الخاطفين تصرفوا كعصابة مجرمين، بلا قضية ولا مبدأ. بالمناسبة، لم توجه تهمة إلى سميرة، لا في العلن ولا في السر، وقت اعتقلها النظام الأسدي أيام الطاغية الأب. كانت مخطوفة أيضا، لكن في مكان معلوم يتيح لأهلها زيارتها والاطمئنان عليها.
ما يجعل الجريمة مستمرة أيضا أن جميع المعنيين وكثير من السوريين يعلمون تفاصيل لا بأس به عن الجريمة وقرائن لا بأس بقوتها تشير إلى مرتكبيها المرجحين. يعلمون أيضا أن مبادرة تحكيم بين أهالي وأصدقاء المخطوفتين والمخطوفين وبين زهران وجماعته، أطلقها في في 21 أيار شركاء في القضية العامة لسميرة ورزان ووائل وناظم، لم تلق أي تجاوب من المتهمين، رغم أنها توفر لهم فرصة لإثبات براءتهم المزعومة. لكن كثيرا من العارفين لم يحركوا ساكنا، وبعضهم كان متواطؤا مع المجرم مشككا بمن يتشككون به، ما يضعهم من الوجهة الأخلاقية في موقع شركاء في االجريمة.
ويبدو أن إجرام الأسديين المستمر طول أكثر من 52 شهرا، وجرائم داعش المشهدية، واللامبالاة الدولية بالمحنة السورية الفظيعة، كلها تجعل من قضية سميرة ورزان ووائل وناظم قضية واحدة من آلاف القضايا التي تهمل لكثرتها وهولها. فكأنما يجري تطبيع الجريمة حين تتوالى الجرائم كل يوم، فتنزع عنها الصفة الجرمية، وتعتبر في أسوأ الأحوال حادثا سيئا، حدث في زمن لا تكاد الجرائم ترتكب فيه حتى تتقادم وتنسى.
لكن هذا ما يتوهمه الجناة، وليس هو ما يراه المعنيون بتغييب الأربعة من أحبابهم وأصدقائهم. ولا شيء يمكن أن يجعلنا ننظر إلى الجريمة كشيء وقع في يوم غابر، ونترك النسيان يتسرب إليه. ولسنا بعد نحو عام وثمانية شهور من الجريمة أكثر قبولا مما كنا في أي وقت سبق لأن يكون جرم تغييب أو قتل أو اعتقال أحبابنا واقعة عابرة متقادمة. لدينا اليوم ملف يغتني بالتفاصيل والقرائن عن القضية، ولنا شركاء سوريون ودوليون، ونحن ماضون في جهدنا العادل لنزع الثقة عن الجاني، وعن شركاه والمتواطئين معه، في الداخل والخارج.
نزع الثقة به أمام السوريين أولا. لا يفاجئنا أن من غدر بثائرين مسالمين مثل سميرة ورزان ووائل وناظم، هو نفسه من يتطلع إلى سلطة مطلقة تخصه ولو على حارة، وهو نفسه من أقام سجونا في عاصمته قبل أي شيء آخر، وهو نفسه من يختطف ويعتقل على هواه دون قاعدة قانونية أو حس بالعدل والكرامة الإنسانية، وهو من خذل الثورة ضد نظام الطغمة الأسدية مرارا وتكرارا، وهو نفسه من يضيق على السكان المحليين في الغوطة ودوما في معاشهم. وهل من المفاجئ بعد هذا كله أن تتدنى الثقة العامة بقائد "جيش الإسلام"، على نحو ينعكس على التشكيل الذي يقوده؟ المسألة سياسية وعامة وليست مزاجية أو كيدية. فهذا الفاعل العام لم يظهر من المسؤولية وحس العدالة ما يسوغ الثقة العامة به.
ولا يحتاج السوريون إلى صفنة لمعرفة من يشبه هذا الذي له ذلك السجل المشين خلال عامين ونصف بالكاد. فقد ثاروا ضده ويعرفون سيرته في أجسادهم وفي بيوتهم المهدمة، وفي قبور أحبابهم: دولة العصابة الأسدية.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الليل السياسي، حيث تتخلق الأشباح وتنتشر
- ما بعد انهيار الإطار الوطني للصراع السوري
- من الثورة إلى الحرب: الأرياف السورية تحمل السلاح
- تعريبان وتكريدان وما شابه
- تل أبيض وما بعدها
- تدمر كسياسة: عن المصنع السري للدولة الأسدية
- مقابلة/ سورية، مصر، الإسلام، الثورة والثورة الثقافية
- فلنسلّح المجرم: عن الأكاديميا الألمانية والقضية السورية
- الثائرون والسلطان: أدوار ونماذج، واستحالات
- بعد 48 عاما على 1967، و67 عاما على 1948
- تأسيس الإبادة
- من السيادة إلى ... السياسة أم الإبادة؟
- رزان زيتونة: قوة الرمز
- تحديق في وجه الفظيع: مساهمة في النقاش السوري حول الصور
- الثورة السورية ومصير التدين المقاتل
- ثلثا قرن على النكبة
- عن منفى السوريين، عن سورية كمنفى
- الأمل، تأملات عن هشاشته وقوته
- الثقافة كميدان كفاح تحرري/ مقابلة
- من -القاعدة- إلى -داعش-: الإرهاب والمخابرات


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - 600 يوم على الجريمة المستمرة في دوما