أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - أكتاف خالتي بنية














المزيد.....

أكتاف خالتي بنية


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4883 - 2015 / 7 / 31 - 20:33
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


أكتاف خالتي بنية
نعيم عبد مهلهل
تحمل خالتنا الريفيات جمالية عفة العشب الطري على وسائد المطر ، وهن في مقاس الذكريات لوحات زينية رسمها اكثر فناني الطبيعة حرفة ، وربما في ليالي القمر المنزلق على اجفان الراديو في ليل الاهوار وهو يصدح بهدوء اغنية مديح الخالات : خاله شكو بصوت زهور حسين تسكننا رجفة الحنين لخالتي ( بنيه ) التي هرمت من كد الحقول وشتال الرز واعتناءها بطفولتنا يوم يجيء الصيف ونذهب بطفولتنا سياحا الى بستان جدي ، وكان كتفيها أجمل اراجيح حياتي عندما تهمس لي : ايها الطفل الحِضريّْ ، ابناء المدينة لايعرفون المشي في طين حقول الرز سأحملكَ على كتفي لترى السماء قريبة فقد تطير بفضاءاتها ذات يوم.
تقع اهوار غلوين قرب ناحية العكيكة في الحافة الشمالية للحقول التي يزرع فيها جدي العنبر بعد أن يجاهد كثيراً في اقناع اهل المشخاب ليبيعوا له بذوره ، فتشم نسائم القصب وهي تحتضن رائحة ( التمن ) حيث لا احد يسميه بهذا الاسم سوى العراقيون ويُقال انهم قرأوه بالخطأ على الاكياس التي حملت الرز الهندي ايام الاحتلال البريطاني ، وجيء بها بسفن الى ميناء الفاو وكانت ماركتها ( TEN MAN ) أي عشرة رجال فترجمها الحمالون بالخطأ وتصوروا اسم الماركة هو ما يطلق على الرز في الهند وإنكلترا فمشى الاسم ( تمن ) القريب من لفظ ( تين مان ).
بين عطر الرز العنبر وأكتاف خالتي بنية لاح لبصري لأول مرة في حياتي مدى الماء والقصب الذي يغطي الاهوار ، وعندما سألتها وأنا مرتبع فوق كتفيها كما المحفة التي يحملون فيها هيلاسلاسي امبراطور الحبشة :
خالتي ، هناك على مد النظر ، لا يوجد نخل ، ولابيوت طين ، فقط الماء والقصب.؟
قالت: تلك الاهوار ايها الصغير ولا تصل اليها سوى المشاحيف .
ــ إلا يذهب اليها جدي.؟
ــ كلا ، فنحن نزرع النخل والرز والقمح ، وهم يربون جاموس ويبيعون القيمر.
ــ وما الفرق.؟
ــ الفرق أن حياتهم اصعب واجمل من حياتنا.
ظلت تلك المقارنة تضرب في رأسي بصدى سحر ذلك المنظر المتسع ، وانا امسك اجفاني وكمن يتأمل من فوق سفينة سندبادية عالم تفتح زرقته الروح ، وتخيلت ضفائر خالتي ( بنيه ) شراعا امسكه كي لا أطير وهي تمشي معي في الحقل الموحل وتتحاشى بمهارة دايات الرز فلا تدوسها، وعندما تنزلني خالتي من كتفيها يضيع ذلك الافق ويختفي وسط سعف النخيل ذلك المدى المفتوح مثل نوافذ سماء لا حجم لها سوى أجنحة الطيور وقد صار بالنسبة لي كل شيء يوم الحقتني شهادة تخرجي من دار المعلمين لأعيش اجمل اعوام الوظيفة معلما في قرية حين ارى الامهات فيها يحملن اطفالهن على اكتافهم وهن يحصدن القصب او يوصلن قطعان جواميسهن الى الماء ثم يعدن معهن الى دفء المواقد اتذكر سفينة الحنان ، كتف خالتي بنيه ، واتخيل نبض قلبها وسائد اتكئ عليها وانا اتمنى في مقدمة تلك السفينة ان اصل يوما ما بمشحوف صغير الى ذلك العالم المكتسي بالخضرة والزرقة معا.
والآن وقد تحقق الحلم ، اتذكر خالتي في عمرها الطويل واتمنى لو أن امهر نجار في هذا العالم يصنع لي مجسما صغيرا لسفينة السندباد كي اهديها اليها..!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراويش الأهوار
- صَباغُ ثيابُ الحُزن
- الدراعة الانجليزية
- محمد الجزائري ( قطار البصرة ساعة 11 )
- الوصيُ وداخل حسن
- دموع ليلة الجمعة
- مليون عريف ومدينة واحدة
- الحلة والدلة
- براغيث قطار طوروس
- يامن بقيتم هناك ( أذكرونا )
- فرارية أثينا
- دشداشة لحية ابن صباح
- العيد وأرجوحة ارمسترونغ
- الإسكندر ينتظرُ البرابرة
- عمتي لميعة توفيق
- خرافة نهاية العالم
- ملح وسمك وغاندي
- دشداشة الملك
- مواويل البادَم والچِرك
- زمزم الغزلان


المزيد.....




- كتائب القسام تقصف مدينة بئر السبع برشقة صاروخية
- باستخدام العصي..الشرطة الهولندية تفض اعتصام جامعة أمستردام ...
- حريق في منطقة سكنية بخاركيف إثر غارة روسية على أوكرانيا
- ألمانيا تعد بالتغلب على ظاهرة التشرد بحلول 2030.. هل هذا ممك ...
- في ألمانيا الغنية.. نحو نصف مليون مُشّرد بعضهم يفترش الشارع! ...
- -الدوما- الروسي يقبل إعادة تنصيب ميخائيل ميشوستين رئيسا للوز ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 4 جنود إضافيين في صفوفه
- مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي يقرر توسيع هجوم الجيش على رفح
- امنحوا الحرب فرصة في السودان
- فورين أفيرز: الرهان على تشظي المجتمع الروسي غير مُجدٍ


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - أكتاف خالتي بنية