أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صفوان الطرابلسي - أنماط العيش والممارسات الثقافية















المزيد.....



أنماط العيش والممارسات الثقافية


صفوان الطرابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 4803 - 2015 / 5 / 11 - 22:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هذا المقال عبارة عن مناقشة تتناول إشكاليّة أنماط العيش، ترد فيه أهم الأفكار التي استقيتها من درس جامعي في ماجستير علم اجتماع "التغير الاجتماعي واستراتيجيات التنمية". ينقسم المقال إلى جزأين، الجزء الأول بعنوان: "المفاهيم وأدوات التحليل الأساسيّة" والجزء الثّاني بعنوان: "مداخل دراسة الحالة التّونسيّة". يسعى المقال إلى تبيين الطبيعة السوسيولوجي لأنماط العيش، إذْ لا تعتبر معطيات مسلّمة بل هي مبنيّة اجتماعيا على مدى سياقات تاريخيّة ممتدّة من التغيّر الاجتماعي، وترتبط هذه الأنماط بمستويات العيش المتفاوتة بين مختلف الأصناف الاجتماعية وتتأثر بالخصوصيّات الثقافيّة. كما نأخذ على مستوى التحليل الدّولة ما بعد الاستعمارية في تونس منتصف القرن العشرين لنبحث في العوامل المؤثرة والفاعلين المتدخّلين في هذه العمليّة ومدى مشاركة الدّولة في بناء وهدم وإعادة بناء نمط العيش.

************************************************************************************

تقديم عام:
تعتبر "أنماط العيش" مبحثا قديما في علم الاجتماع، برز مع بداية عشرينات القرن العشرين وقد اهتم بدراسته مجموعة من العلماء على مدى سياقات تاريخيّة مختلفة وانطلاقا من أطر نظريّة متعددة. من أوائل الباحثين في هذا الموضوع عالم الاجتماع الفرنسي "موريس هالبواكس"، الذي حاول في كتابه "الطّبقة العاملة ومستوى العيش" (1913) تحديد تصنيف لمستويات العيش. من أوائل الباحثين أيضا نجد عالم الاجتماع النرويجي " ثورستين فيبلين" الذي طرح في كتابه "طبقة اللهو"(1925) مسألة الفوارق في أساليب العيش وربطها بالسّلوكات الاستهلاكية المختلفة. لكن جذور التفكير في هذا المبحث يعود إلى بداية القرن التّاسع عشر مع الأدبيّات الماركسيّة وبالأخص أعمال " فريدريك انجلز" حول ظروف الطّبقة العاملة.
أمّا في الدراسات السوسيولوجية المعاصرة فنجد من أهم المؤلفات التي تطرّقت إلى هذا الإشكال، كتاب "التمايز" لعالم الاجتماع الفرنسي "بيار بورديو" والذّي طور فيه مفهوم "الهابيتوس" وربط فيه بين التنشئة الأوليّة داخل إطار طبقي ما والخيارات الثقافيّة للإنسان، بالتّالي فإن كل طبقة تتميّز بمجموعة من السلوكات والممارسات الثقافيّة التي تورثها لأبنائها جيلا بعد جيل. "برنار لاهير" أيضا عمل في نفس المبحث وقد انتقد رؤية "بورديو"، إذ اعتبر أن هذا الأخير اختصر التجربة الإنسانيّة في تأثير الطبقة وأهمل عامل التجربة الاجتماعية الذاتيّة وتأثيرها على خيارات الفرد الثقافيّة.
ما نلاحظه خلال هذه المقدّمة أن إشكاليّة أنماط العيش تتميز ببعدها الشمولي، إذْ نجد أنفسنا خارج التقسيمات التقليديّة لاختصاصات علم الاجتماع. لكننا لا نكتفي بدراسة المستوى الظاهري لأنماط العيش بما هو مجموعة السلوكات والممارسات التي تحدد هويّة مجتمع ما بل نتجاوزها لنتعمق في ظاهرة التغيّر الاجتماعي.

الجزء الأوّل: المفاهيم وأدوات التحليل الأساسيّة:
I. مستوى العيش ومفهوم الارتقاء الاجتماعي:
في كتابه "الحاجز والمستوى" تطرّق عالم الاجتماع الفرنسي "ادمون غوبلو" إلى فكرة الشّرائح والفئات والأصناف الاجتماعيّة (تطوير هذه الفكرة أنتج ما نعبّر عنه اليوم بالأصناف الاجتماعيّة المهنيّة) مشيرا إلى وجود حواجز بين هذه الأصناف تعطّل عمليّة الارتقاء.
يركّز "غوبلو" في تحديد الأصناف الاجتماعيّة على الدّخل والاستهلاك أو ما نعبّر عنه اليوم بالقدرة الانفاقيّة، وهو معطى كمّي بالأساس، لكنّه في مرحلة ثانية يمر إلى تحليل علاقة الصّراع بين مختلف الأصناف. إذْ تبحث الشّرائح الدّنيا على اللحاق بالشرائح العليا فتستخدم هذه الأخيرة آليّات اجتماعية للحفاظ على التّفاوت. الطبقة الأعلى لا تكتفي بالهيمنة والسيطرة بل تسعى إلى الحفاظ على هذه الوضعيّة من خلال إعادة إنتاج وتجديد آليّات الهيمنة ويشير "بورديو" في كتابه "إعادة الإنتاج" إلى المؤسسة التعليميّة والعمليّة البيداغوجيّة داخلها كواحدة من هذه الأدوات التي تعيد إعادة إنتاج هيمنة الطبقة المسيطرة من خلال شرعنة وإعادة شرعنة ثقافتها.
من خلال هذا المثال نلاحظ المراوحة بين ما هو كمّي متعلّق بتحديد مستوى العيش وما هو نوعي متعلّق بآليّات المحافظة الاجتماعية وهو ما يحيلنا إلى نوع من المنطق الاجتماعي نناقش من خلاله مسألة التفاوت.
تناول "غوبلو" لمسألة الحاجز يحيلنا إلى فكرة ثانية، تناقضها، فكرة الحراك الاجتماعي. تشير فكرة الحراك إلى عمليّة الصّعود والنزول في التراتب ألصنفي داخل المجتمع. هذا التراتب يمكن أن يكون ما بين جيلي، نعتبره في هذه الحالة انتقالا اعتياديا إذ من المنطقي أن يكون الأبناء في مستوى أرفع من الآباء (مثال: طبيب من عائلة متوسّطة، أستاذ تعليم عالي من وسط فلاحي متواضع...) كما يمكن أن نتعرّض إلى حالات تخرق المنطق الاجتماعي عبر تطوير آليّات وميكانيزمات وأساليب للارتقاء الاجتماعي (مثال: مواطن فقير فاز بمليون دينار في مسابقة البروموسبور، عائلة الطرابلسيّة...) هذه الحالات موجودة عبر التاريخ وقد ذكرها أبن خلدون في إطار حديثه عن الرّابط بين المال والجاه والسلطة.


I. تحديد مستوى العيش وتكميم المؤشّرات:
تشير الأصناف المذكورة في العنصر السّابق إلى مستويات يمكن إدراجها ضمن سلّم تقييمي يحدد رتبة لكل انتماء. هذا التحديد في المواقع هو بالأساس مقاربة كمّية احصائيّة لإشكاليّة مستوى العيش وكل رتبة يمكن ترجمتها إلى جملة من المؤشّرات أو العلامات أو السّمات (مثلا: الإنفاق والدّخل والقدرة الشرائيّة والممتلكات...) تمكننا من توصيف مستوى العيش وتعميمه: حياة فقيرة، حياة متوسّطة، حياة باذخة...
في كل بلد هناك مؤسسات ومصالح إحصائيّة معينة تقوم بتكميم المؤشرات (مثال: في تونس نجد المعهد الوطني للإحصاء أو البنك المركزي...) وهو ما يخوّل لنا مراقبة حركة صعودها ونزولها. تسعى هذه المصالح دائما إلى استخدام مؤشّرات واضحة طبقا لوحدات استهلاكية معينة ( مثال: في تونس الوحدة الاستهلاكية هي الأسرة أي الأب والأم والأبناء) عند ذلك يمكن وضع مؤشّرات مكممة مرقّمة لمستوى العيش ويكون عبر تقسيم دَخْلِ الوحدة على عناصرها والنتيجة تكون رقما يمكن مقارنته بأرقام أخرى، كما يمكن إقامة مجالات من "أ" إلى "ب".
المناقشة في هذا المجال دقيقة وقياسيّة وهو ما ينم عن موضوعية في التعامل مع المسألة ظاهريّا وقد يحتوي هذا التقييم على بعض الجوانب النوعيّة، فداخل إنفاق الأسرة نجد ما نسميه "بالبنية الانفاقيّة" ونعني مجموعة العناصر التي تتوزع عليها القدرة الانفاقيّة وعلى رأسها ما يسمّى بضروريّات الحياة. بهذا المعنى يخرج الاستهلاك عن الإطار الاقتصادي المادّي ويتحوّل مؤشّرا يعبّر عن تصوّر خاص للحياة وأسلوبا في التعامل مع مقوّماتها، أي أن أفراد المجتمع من خلال قدراتهم وخياراتهم الانفاقيّة بما هي سلوك تجاه السّوق يعبّرون عن تصوّر للحياة والمجتمع. فحين نتحدّث عن مجتمع استهلاكي نعني بالأساس مجتمع كثير الاستهلاك وكثير الإنتاج وهو بالأساس مجتمع صناعي متقدّم يوفّر ما يفوق حاجياته الأساسيّة وحتّى الطبقات ذات الدّخل المحدود نسبيّا يمكن أن تكون طبقات مستهلكة إلى حد كبير مقارنة بالمجتمعات التقليديّة، أي أنها تنجح في توفير ما يفوق ضروريّات الحياة اليوميّة.

II. نمط العيش ومسألة التغيّر الاجتماعي:
تطرح مسألة التغيّر الاجتماعي إشكاليّة نمط العيش وتربطها بمجموعة من التساؤلات حول أسلوب العيش واختلافه ومستوى العيش وتفاوته بين الأصناف والفئات الاجتماعية. في هذا الاطار تتعدد المفاهيم والمصطلحات حيث نجد ما هو ذو طبيعة كمّية (مستوى العيش) وما هو ذو طبيعة نوعيّة (أسلوب العيش). "هالبواكس" في مؤلّفه "الطّبقة العاملة ومستوى العيش" بيّن أن نمط العيش قد لا يتناسب بالضّرورة مع مستوى العيش وفي تحقيقه الميداني سنة 1925 اكتشف أن التناسب بين مستوى العيش ونمط العيش ليس آليّا، إذ يمكن أن نجد في نفس الطبقة مستويات مادّية متطابقة تقريبا لكنّها مختلفة جذريّا على مستوى نمط العيش. يبرز "هالبواكس" ذلك من خلال التركيز على اختلاف العادات والوجهات الاستهلاكية والسّلوكات الاجتماعية التي لا تتعلّق مباشرة بالمعيشة اليوميّة (مثال: الممارسات الترفيهيّة، زينة المنزل، طبيعة الألبسة...)، هذا التباين يعبّر عن اختلاف في المتمثلات وفي النّظرة للحياة.
من منظور علم الاجتماع يجب أن نكون حذرين إزاء المؤشّرات الكمّية لأننا نعتبر أن هذه الأرقام قد تخفي وراءها تفاوتا. إذ أن مسألة نمط العيش تدخل في باب التغيّرات الاجتماعية ويمكن أن نرسم خطّا تطوّريا في الزمن لهذه التغيّرات كما يمكن أن نسجّل تغيّرات عائدة لاختلاف الأوساط الاجتماعية والقطاعات الجغرافيّة ( مثال: أحياء شعبيّة/ أحياء راقية، مدينة/ ريف، الشمال الغربي/ السّاحل...). هذا يدل على أن هناك تفاوت في الخيرات التي يمكن تحصيلها بنفس القدر من الأموال.
علم الاجتماع يبحث في هذه المسألة منذ أواسط القرن التّاسع عشر ومن أبرزها الدراسات الماركسّية إذْ أنجز " فريدريك انجلز" ثلاث بحوث حول مسألة السّكن وبين أن ظروف سكن الطبقة العاملة يمكن أن تكون مؤشّر على مستوى الحياة المتدنّي لهذه الطّبقة. فالثورة الصّناعية في أوروبا كانت السّبب في ظهور الأحياء العمّاليّة حول المصانع والمناجم، وهذه الإشارة مهمّة لأن المناقشة حول نمط المعيشة ومستواها بدأ في التوسع والتشعب مع ميلاد الثورة الصناعية وبروز طبقات جديدة.
يمكن أيضا الرّجوع إلى "جورج زيمل" في كتابه "طبقة اللهو" الذي انتبه فيه إلى هذه الظّواهر وجسّد ذلك في الاشكاليّة القائمة على السّؤال التالي:كيف نفهم اختلاف الحياة كما تبدو لنا في مسارها اليومي العادي؟ وركز في إجابته على ما يسمّيه التقسيم الزمني للحياة اليوميّة (وقت عمل، وقت راحة، وقت الاسرة...). انطلاقا من مظاهر انسيابية الحياة اليومية والتقطيع الزمني لساعات اليوم يمكننا معاينة الاختلاف بين الأصناف الاجتماعية. وجود أنشطة إنتاجية أو خدماتية في مجتمع ما تنتظم تحت عنوان الوظيفة العمومية، الوظائف الخاصة، القطاع الصناعي، أنشطة تقام في أماكن مخصصة (مستشفى، مدرسة، مصنع..) وفي زمن محدد مقسم حسب الأيام وحسب نظام حصص معين ( حصّة صباحية، حصّة مسائيّة مع ثمان سعات للعمل يوميا) يفرض التعامل مع هذا الوضع وتطوير استراتيجية لنمط حياة تتوافق مع هذا النظام من أجل توفير الوقت اللازم لباقي الأنشطة الاجتماعية الاخرى كالترفيه والزيارات العائليّة...
نلاحظ هنا أننا نغوص في الاشكالية من وجهة نظر نوعية، نحن أقرب إلى مفهوم أسلوب العيش منه إلى مفهوم مستوى العيش، أي نمط العيش بما هو الطريقة التي نحيا بها، أي مجموعة الانشطة والأفعال والممارسات التي نؤثث بها أعمارنا. هذه الافعال والحركات تخضع بالضرورة إلى دوافع وتسعى بالضرورة إلى غايات وتندرج ضمن سياقات ( شخصيّة عائليّة، مجتمعية خاصة، مجتمعية شاملة...)، بالتالي النقاش في مسألة نمط العيش يتجاوز ما هو كمّي اقتصادي ويمتد لإدماج ما هو نفسي اجتماعي حيث تتمظهر التطلعات والتمثلات والرغبات وهذا ما يعكس المرجعيّات الثقافيّة في الممارسات.

III. تأثير الممارسات الثقافيّة على نمط العيش:
مناقشة نمط العيش مسألة معقّدة ومركّبة لا يكفي النظر فيها من جانب واحد على أساس أنها إشكالية ذات بعد اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي بالمعنى الكلاسيكي للكلمة. مسألة نمط العيش تجمع عناصر متعددة تتعلق بالتمثّلات والتصوّرات والعادات والتقاليد، أي أن نمط العيش في أي مجتمع في لحظة تاريخية معينة ليس نابعا عن قرار مجرّد يتخذه الأفراد. المقصود هو تبيين أثر العوامل الخارجة عن مجال قرار الجماعة مثل الجوانب الثراثيّة التقليدية والتي يمكن أن تأثر في قولبة نوعيّة الحياة.
نأخذ مثال القبائل الرّحل. حياة هذه القبائل القائمة على الترحال والتنقل لا تعكس فقط الحاجة للحصول على القوت بل هي مجموعة من الممارسات والأنشطة التي تدرّجت شيئا فشيئا لتصبح عادات وتقاليد. نمط الترحال يقوم على جملة من الأنشطة ذات الأثر المباشر على تحصيل القوت، فالثروة الأساسية لهذه القبائل هي الحيوانات أي أنها تحتاج إلى التنقل لتوفير الغذاء. تفرض طبيعة الترحال الدّائم تقسيما خاصا للعمل يكون في بعض الأحيان حسب الفصول أو حسب العمر(كل فئة عمريّة لها عمل معين) أو حسب الجنس( هناك أعمل نسائية وأعمال رجاليّة) أو عبر المرفولوجيا السّوسيولوجيّة التي تخضع للتصورات والتمثلات وهو ما يجعل هذا التقسيم ذو أثر مباشر في نمط العيش. هذا التحليل يرسّخ القاعد القائلة بأن المجتمعات أو نمط حياة المجتمعات لا يؤسس بقرارات بل هو مبني اجتماعيا ويجمّع مختلف المكونات: سياسية، اقتصادية، اجتماعية، انثروبولوجية، تقافيّة...
فنتناول أكلة ما في مناسبة ما بعينها وبطريقة مرتبة وشبه ثابتة يجعل هذا النشاط من قبيل ما يمكن تصنيفه سوسيولوجيا تجت عنوات " الممارسات الاجتماعية" هذه الممارسات بكل عناصرها تشير إلى فكرة أو تمثّل ما للحياة يعكس إرادتنا ورغباتنا وهو ما يحثّنا على التفكير في مدى قدرة الممارسات الثقافيّة على قولبة نمط العيش.
مفهوم الممارسات الثقافيّة هنا هو بالأساس مفهوم أنثروبولوجي من مجال الإناسة، وليس الممارسات الثقافيّة من منظورها السوسيولوجي بما هي الممارسات المتعلّقة بالخيارات الثقافيّة أي كل المنتجات والبضائع الثقافيّة المطروحة في السّوق. مفهوم الممارسات الثقافيّة في هذه الإشكاليّة يتطلب فهما أوسع والمقصود هو الممارسات الاجتماعية المعقدة والمنظّمة والمرتبة والتي تترافق مع القيم والعادات والتقاليد والأعراف وتدل على فهم معيّن للحياة وعلى تصوّر لها وعلى تبنّي نظام قيمي معيّن.

الجزء الثّاني: مداخل دراسة الحالة التّونسيّة
I. الدولة ما بعد الاستعمارية والتحضّر اللاّمتوازن:
بدأت سياسات الدّولة في التّوضّح منذ السّنوات الأولى وخاصّة مع بداية السّتينات من خلال سياسة التعاضد. المهم ذكره هنا هو التدخّل المباشر للدولة في التنمية من خلال الإشراف على عمليّة مراكمة الثورة وبناء المشاريع وبناء المؤسسات الصناعية الكبرى ( مصنع الفولاذ منزل برقيبة، تكرير النفط ببنرت، تطوير الصناعات المنجمية...) وهذا ما يدل على أن الدّولة كانت الرّاعي للنموذج التنموي الذي يهدف بالأساس إلى تدعيم الصناعات الثقيلة والإستراتيجية وهو ما يؤثر مباشرة على التركيبة المجتمعية خصوصا في السبعينات مع ما يعرف بقانون 72 الذي أرسى الصناعات التصديريّة (ملابس، أحذية..).
أهم هذه التغيرات هو تنامي الطبقة العمالية وتنوعها. كما أن توسيع القاعدة الاقتصادية وخاصّة الإستراتيجية منها كان له أثر على قطاعات مثل البناء والصناعات الميكانيكية. إذا نحن إزاء تغير في البنية المجتمعية ما يغير في المورفولوجيا الاجتماعية أي ما نقصد به توزع المكونات السكانية على الفضاء الجغرافي.
هذه الحركة تزامنت مع ظاهرة التحضّر حيث تحوّلت المدن الحاضنة لهذه المشاريع إلى مدن كبرى. في بداية الستينات كان عدد سكان الحواضر أقل من 30% أما مع بداية القرن الواحد والعشرين فنلاحظ انقلابا جذريا حيث أصبح عدد سكان الارياف أقل من 30%. أدّى هذا الانقلاب إلى تغيرات عميقة في تركيبة العلاقات الاجتماعية حيث أن أساسها لم يعد دمويا أو عائليا أو قبليا بل أصبح قائما على الزمالة أو الجيرة.
عندما نشير إلى التحضر بوصفه ظاهرة شاملة ناتجة عن سياسات الدّولة فإننا نعتبر أن هذه الظّاهر مؤثرة في نمط عيش المجتمع. لكن هذه التغيرات لا تكون في كل الأحيان تغيرات مبرمجة فالساكنة التي تتكاثف في مناطق صغيرة تجبر الدّولة أو السلطة على انتهاج سياسات سكانية معينة. الأمر لا يتعلق فقط بالأثمان أو بالسياسات العمومية المنتهجة في ما يهم صبغة الأراضي ( تحويل الصبغة من فلاحيه إلى سكنية ويمكن أن تنشأ الدولة مؤسسات خاصة بمثل هذه العمليات كالمحكمة العقاريّة وزارة الإسكان وأملاك الدّولة... ) بل كذلك بالشكل السكني، الذي يؤثر بدوره في طبيعة العلاقات الاجتماعية ( شقق، فيلات، أحياء... تختلاف العلاقات باختلاف طبيعة السكن، سكان العمارات أقل تواصلا من سكان الأحياء...)
منذ تأسيس مدرسة شيكاغو نعرف أن هناك ما يسمّى أثار غير متوقّعة أو غير مرغوب فيها وهي التحليلات التي اتخذت من المدينة مسرحا، فشيكاغو مدينة استقبال للهجرة من الداخل والخارج. ما يهمنا هنا هو الأثر غير المرغوب فيه والذي يمكن أن يؤثر على طبيعة الاجتماع الانساني حسب تعبير إبن خلدون. السؤال هنا: ما الذي يضمن هذا التجاور وتواصل العلاقات وانسجامها بين مجموعات مختلفة الثقافات؟
الدّولة يمكن أن تخطط لتجميع العمال وفق أسلوب وإستراتيجية معينة لكنها لا تضمن انسجام هذه العلاقات. نفهم من هذا المثال أن التحضّر الناتج عن سياسات التصنيع في تونس أنتج ظواهر تتعلق ببناء الصلات الاجتماعية التي ترتكز بالضرورة على بناء أطر الحياة المشتركة وهذا من صميم القضايا التي يشملها نمط العيش.

I. الدولة ما بعد الاستعمارية وشعار التحديث:
تدخل الدّولة لم يكن مجرّد سياسات إجرائية، ماديّة، تنفيذية، تتخذها إدارات معنية وتنفذها، بل كانت مصحوبة بخطاب سياسي يشرّع لها ويتبنّاها نظريا. الشعار العام لهذا الخطاب السياسي مر بحالتين متلاحقتين:
• المرحة الأولى من منتصف الخمسينات إلى منتصف الستينات: خلال هذه الفترة تكرر شعار الاستقلال وبناء الدولة الوطنية، من بين المعارك التي خيضت تحت هذا الشعار، معركة الجلاء العسكري والزراعي عام 1964، إذْ بدأت الدولة تعمل على إرساء مقومات استقلالها.
• المرحلة الثانية انطلقت من منتصف الستينات: خلال هذه الفترة بدأنا نرى تحول نحو تبني شعار "التحديث" وكان الشعار الرسمي للدولة، التي تعتبر أن من أبرز مهامها تحديث المجتمع وإخراجه من التخلّف واللّحاق بالأمم المتحضّرة.
المصطلحات تشير إلى ما استخدمته العلوم الاقتصادية في نظريات التحديث، إذ أن الدّولة مهمتها حمل المجتمع على تجاوز مظاهر التخلّف من خلال تطوير سياسات إسكانية و سياسات تحضّر على غرار حملات "إزالة الأكواخ". هذه الحملات المتتالية تدل على وجود توجّه يحاول أن يؤثر بشكل مباشر في الأشكال الظّاهرة لنمط الحياة. الدولة تعتبر نفسها مسئولة عن تغيير مظاهر الحياة من خلال بناء "الملاجئ" وتعبيد الطرقات وبرامج التنمية الريفيّة.
السياسات الرسميّة للدّولة تعتبر التخلّص من نوعيّة مساكن معينة بالتوازي مع تعميم التعليم ( ليس إجباريته فقط وإدخال افواج للمؤسسات التعليمية بل تعتبر المدرسة أداة أساسيّة لنشر المعرفة ونشر قيم التحديث الأخرى كقيم الصحة والنظافة والتنظيم العائلي) وإعادة بناء العلاقات الأسريّة (تدخل الدّولة لا يقتصر على بعض السياسات الإجرائيّة بل يهدف إلى تحديث الأطر والعلاقات بين الرجل والمرأة بمجلّة الأحوال الشخصيّة على خلاف النمط السّائد والذي يحددها بالرجوع إلى النصوص الدينية) طريقة لتشكيل وإعادة تشكيل الوحدات العائليّة من خلال تحديد حجمها وإعادة صياغة تعريفها المرتبط اساسا بمفهوم الأسرة المعاصر. كل ذلك دليل على أن تدخل الدولة كان واعيا ومبرمجا ومنظّما ومركّزا على ثلاث محاور أساسيّة:
• محور اقتصادي : تناول مسألة التصنيع من خلال تجديد أساليب وعلاقات الانتاج والتوزيع
• محور اجتماعي : تناول مسألة تشكيل وإعادة تشكيل شروط الحياة حيث أن التحضّر يمثّل شرطا ماديا ظاهريا لكن في بعده العميق هو شرط اجتماعي
• محور سياسيّ : تناول مسألة التحديث كشعار سياسي مركزي

II. الدّولة ما بعد الاستعماريّة ومعضلة المركزيّة:
سننطلق في هذا العنصر من معاينة عامة للسياسات التنموية للدّولة ما بعد الاستعماريّة في تونس وما أنتجته من تغير اجتماعي. هذه السّياسات خلقت العديد من الإشكاليّات أبرزها:
• تطوير قطاع صناعي على حساب القطاع الفلاحي
• مركزيّة في اتخاذ القرار
• تطوير الشريط السّاحلي على حساب المدن الداخليّة
• تطوّر المدن على حساب الارياف
هذه الإشكاليّات تجرّنا إلى مناقشة مسألة مهمّة في علاقة بالممارسات الاجتماعية وبتأثير العنصر الثقافي على قولبة نمط العيش. فالسياسات العموميّة تسجّل تفاوتا بين مختلف القطاعات وقد لا تأخذ بالحسبان الآثار غير المرغوب فيها وطبيعة التكوين الثقافي للمجتمع ومدى قدرته على المقاومة. سياسات الدّولة تهدف بشكل أساسي، عبر تدخّلها، إلى بناء وهدم وإعادة بناء نمط العيش. لكن المجتمع التقليدي يبني نمط عيشه بشكل مغاير، على اساس آليّات التضامن والقرابة أو ما يسمّيه إبن خلدون بالعصبيّة ولا يأخذ بالاعتبار حضور الدّولة لأن حضورها في قطاعه ضعيف وتأثيره في نمط العيش غير محسوس، هذه العلاقة مبنيّة على تفاوت تدخّل الدولة بين مختلف القطاعات والفئات.
هذا الوجه الأول للمسألة، أما الوجه الثّاني فلا يرى الدّولة كمجرّد جسم بعيد وغير مؤثر بل هي جسم غريب وغير شرعي بالتالي تدخل الدولة ليس فقط غير عادل بل هو تدخل قسري وظالم يهدف إلى السيطرة والهيمنة على أساليب ومقوّمات العيش. هنا تنقلب العلاقة إلى علاقة صراع ومقاومة من قِبل المجتمع وتتحوّل الدولة من عنصر مؤثّر إلى عنصر متأثّر يحاول التفاعل مع مقاومة المجتمع للهندسة الاجتماعية (مثال البناء الفوضوي وهي ظاهرة تقوم على أساس التضامن القبلي العضوي وإمكانيات هذه المقاومة غير محدودة.). هذا الصراع يفتح الباب للتضارب بين عاملين أساسيين: قدرة سياسات الدولة على بناء وهدم وإعادة بناء أنماط العيش، قدرة المجتمع التقليدي على الرد والمقاومة لنمط العيش الجديد. وهنا تكون عمليّات البناء والهدم وإعادة البناء خارج سيطرة الدّولة وناتجة عن استراتيجيات مجتمعية بالمعنى الأونثروبولوجي للكلمة بحيث تكون الدّولة مجرّد فاعل من بين عدّة فاعلين.

III. الدّولة ما بعد الاستعمارية ودولنة التنمية:
الدولة تحتل مكانة مركزية في تشكيل وإعادة تشكيل أنماط العيش في تونس، فهي من يرسم السياسات والاستراتيجيات والمخططات (مخططات خماسية، عشريّة...) و تشكل شروط الحياة وتضع القوانين. نتطرق في هذا العنصر إلى مفهوم "الدّولنة" بما هو مفهوم مركزي في سياسات الدّولة ما بعد الاستعماريّة في تونس ونعني به أن الدولة تضع تحت سيطرتها المركزية أغلب القطاعات وتتحكم بها. هذا المركزيّة أنتجت مجموعة من الظواهر التي طبعت المجتمع التونسي وأولها ما يلاحظه علماء الجغرافيا من مركزيّة العاصمة بوصفها قطبا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وعلميا وخدماتي (في تعداد 2004 تجاوز سكان تونس الكبرى أربع مليون ساكن)، الخاصّية الثانية تتمثل في وجود شبكات من المدن الوسيطة مثل بنزرت وسوسة وصفاقس...
يمكن أن نعتبر أن ثلاث ارباع السكان حضّر لكن أغلب هذه المدن موجودة على الشريط الساحلي ما ينتج تفاوتا في النسيج الحضري بين المدن الساحلية والمدن الداخليّة. كما نلاحظ بعض المدن التي تتركز على صناعات معينة (بنزرت تكرير النفط، قفصة الفسفاط، قابس المجمع الكيميائي..). الفريد في هذه الصّورة أن هذا الامتداد السكاني للقطاع الحضري لا يعكس تقلص في مساحة القطاع الريفي، فالمساحة الجملية للمدن لا تتجاوز 10% من المساحة الجملية للتراب الوطني، لكن حركة السكان من الارياف إلى المدن ظاهرة مستقر في تونس طوال القرن العشرين.
لكي نفهم أكثر طبيعة هذا النزوح علينا أن نتعرض بالأساس إلى خاصيات المناطق الطاردة و علاقة هذا الاشكال بظروف العيش مثل إمكانية التزوّد بالماء الصّالح للشراب وإمكانية التزود بالكهرباء وإمكانيّة النفاذ إلى شبكة المواصلات العامة وعدد المستغلات الفلاحيّة، وهو مؤشر يمكن أن يدل على مدي توفر إمكانيات كسب الرزق والاستقلال الاقتصادي وإعالة الاسرة. في هذه النقطة يمكننا أن نشير إلى أن عدد المستغلات الفلاحية يتتبع خطا تطوريا في تونس و له ثلاث سمات كبرى:
• تزايد عدد المستغلات شكليا
• تراجع مساحة المستغلات
• الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية مثل الماء واستنزاف الأرض
ما نلاحظه هو أن رغم تزايد عدد المستغلات نسجّل تراجع في عدد المستغلين وتراجع عدد السكان الناشطين في هذا المجال. في نهاية التسعينات 35% فقط من السكان يعملون بهذا القطاع مع العلم أن القطاع الفلاحي يعتبر القطاع الأساسي في الاقتصاد التونسي. هذا دليل على أن سكان الارياف الذين استعرضنا بعضا من شروط حياتهم هم سكان ريفيون بالإقامة فقط اذْ أن نشاطهم الاقتصادي مرتبط بالمركز الحضري القريب ( استعمال وسائل النقل العمومي للتنقل للعمل في المدينة) هذا يضع إشكالية جديدة أمام علماء الاجتماع لأنه لا يمكن استخدام المؤشرات الكلاسيكية المعروفة فسكان الريف لا يعيشون في الظروف التي نفترضها إذْ أن احصائيات النقل العمومي تبرز نسبة تنقل تتجاوز معدل 100كلم يوميا، كما أن نسبة الارتباط بالكهرباء أكثر من 80% في نهاية القرن الماضي. هذا يعني أن المنزل الريفي يقترب في مقوّماته من المنزل الحضري ويترجم نوع من الهجانة في نمط العيش، إذ ليس هناك خصائص ريفيّة خالصة ولا خصائص حضريّة خالصة، نمط العيش ليس نقيا.

الخاتمة:
تناولنا في الجزء الأول من هذا المقال مسألة أنماط العيش في علاقتها بالممارسات الثقافيّة وقد اشرنا إلى أن هذه المسألة تتناول جانب كمّي وجانب نوعي بالإشارة إلى مستوى العيش وأسلوب العيش ونوعيّة العيش وغيرها من المفاهيم الفرعية حتّى نصل إلى مفهوم نمط العيش الذي يعتبر مفهوما إشكاليّا شاملا. لدراسة هذه الإشكاليّة يجب العودة إلى السياسات وأنماط التصنيع وما يمكن أن يؤثر على نمط العيش، وما هي ردود فع المجتمع العميق. أمّا فيما يخص تأطير الإشكالية فاعتمدنا في الجزء الثّاني، كمثال، تونس في منصف القرن العشرين وهو ما يعرف "بالدولة ما بعد الاستعمارية". قد يثير هذا المصطلح الكثير من النّقاش، إذْ هناك من يفضّل عبارة دولة الاستقلال أو دولة البناء لكننا خيّرنا اعتماد هذه التسمية لأن إشكال استقلالية الدوّل في خضم نظام العولمة وانفتاح الأسواق وعدم تكافؤ التبادلات(نظرية التباعية) يبقى مسألة إشكاليّة وتتطلّب الكثير من النّقاش.









#صفوان_الطرابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدّمة في علم اجتماع التنمية


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صفوان الطرابلسي - أنماط العيش والممارسات الثقافية