أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد المساوي - -سيلفي- جون كيري مع الفيل اليتيم وغرقى المتوسط














المزيد.....

-سيلفي- جون كيري مع الفيل اليتيم وغرقى المتوسط


محمد المساوي

الحوار المتمدن-العدد: 4800 - 2015 / 5 / 8 - 20:58
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


مشهد أول
قبل أيام قليلة تناقلت وسائل الاعلام العالمية صورة “سيلفي” لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع فيل صغير، قِيل أن الفيل الصغير يتيما، يعيش في حديقة “شيلدرك” في نيروبي عاصمة كينيا، المخصصة لرعاية يتامى الفيلة، وبعد زيارة الوزير للحديقة أصرّ أن يأخذ صورة “سيلفي” مع الفيل اليتيم، كما أصرّ على أن يطبطب ويمسّد على ظهره لِيُخفّف آلام اليتم عليه.

وزير الخارجية الأمريكية تنقّل الى وسط أفريقيا مصحوباً بأزيد من 200 رجل أعمال، كما أن وسائل الاعلام كشفت أن جدول أعمال الوزير في القارة السمراء هو مضاعفة الجهود في التنسيق مع هذه الدول لمواجهة الارهاب، وخاصة حركة “الشباب الصومالي”.

مشهد ثاني

قبل أيام أيضا ليست بالكثيرة عرف المتوسط كارثة انسانية بكل المقاييس، في ظرف ثلاثة أيام غرق في البحر ما يزيد عن 1000 مواطن هاربين من الحرب والجوع والبؤس الاجتماعي، مواطنون ينحدرون من سوريا والصومال وايريتريا، والعديد من الجنسيات الافريقية خصوصا، نعم في سنة 2015 غرق ما يزيد عن 800 مواطن في رحلة واحدة، خرجت من ليبيا في اتجاه السواحل الايطالية، فامتلأ المتوسط بجثث الهاربين من أتون الحرب وطاحونة الجوع والبؤس، وتم رميهم في البحر دون أن يرف جفن للضمير الانسان العالمي ولا أن يرمش حتى.

المنظمة الدولية للهجرة قالت في بيان لها أن عدد الذي قضوا في المتوسط ينتظر أن يتجاوز 30 ألف مواطن هذه السنة، بزيادة عشر مرات على حصيلة السنة الماضية… نعم نحو 30 ألف قضوا وسيقضون هذه السنة محاولة منهم الالتحاق بالضفة الشمالية بحثا عن الخبز والكرامة المهدورين في بلدانهم الأصلية.

تركيب

كان حظ صورة “سيلفي” جون كيري مع الفيل اليتيم أفضل من صورة جثث المتوسط، صورة كيري والفيل اليتيم جالت العالم واستأثرت باهتمامه، بينما كان حظ غرقى المتوسط الندب واللطم والتنديد اللطيف، ثم خلصت الحدوثة بوجود ميل نحو اتهام قائد السفية ومساعده في مسؤوليتهم على الحادث، تماما كما حدث مع التحقيق في فاجعة طانطان بتحميل المسؤولية لسائقي الحافلة والشاحنة الذين قضيا نحبهما في الفاجعة؟؟؟

فاجعة غرقى المتوسط ليست بهذه البساطة والسذاجة حدّ الاستهتار بحيوات أناس كان قدرهما أن يولدوا في بلدان عانت الأمرّين: من استغلال ثرواتها من طرف القوى الاستعمارية، ومن بعد خروج هذه القوى عمدت الى تثبيت ركائزها في التحكم في هذه البلدان حتى يتم استمرار حلبها كما كان يحدث في عهد الاستعمار المباشر.

وعندما أستحضر أمريكا في هذا الموضوع، ليس للبحث عن مشجب لا ناقة ولا جمل له في القضية، بل لقناعة راسخة لديّ أن أمريكا هي بمثابة حكومة العالم، ألا يقال أنها دركي العالم؟ أو لنستعين بمثال أقرب إلى واقعنا، أمريكا بالنسبة الى العالم مثل الملكية بالنسبة الى المغرب، صحيح ثمة حكومة وثمة برلمان ومؤسسات جهوية ذات علاقة بتدبير الشأن المحلي، لكن الملكية هي الحاسم في كل القضايا الكبرى، الحكومة وباقي المؤسسات يظل لعبها محدوداً، لا يمكن أن يطال الموضوعات الاستراتيجية، وذلك ما عبّر عنه بنكيران بوضوح حين قال ما مفاده: لو أقدم الملك على قرار أراه غير شرعي ويتنافى مع الشرع فإنني سأعمل بقرار الملك رغم قناعتي انه غير شرعي. كذلك شأن أمريكا مع العالم، هي المتحكمة وهي المسؤولة عن كل القضايا الاستراتيجية، بينما يبقى لباقي الدول حظ حكومة بنكيران والمؤسسات المحلية المنتخبة، وكلّ الكليشيهات التي قد تُظهر هذه الدولة أو تلك بأنها خارج الصف فهو مجرد ادعاء أجوف يطفو بصدد القضايا غير المصيرة أما عند ساعة الحقيقة/ ساعةوماما أمريكا، انذاك الكل يسبح بحمد البيت الأبيض، لا الدب الروسي ولا التنين الصيني ولا الملا الايراني بمكنته أن يهدهد مصالح أمريكا الاستراتيجية.

الهجرة هي قضية انسانية عالمية، ليست هي مشكلة دولة بعينها ولا حكومة فقط، بل هي نتيجة لهذا النظام الواضع قبضته على رقاب البشرية، أي النظام الرأسمالي في مرحلة انحلاله وتحلله…

أبناء القارة السمراء الذي يتوجهون مغمضي العينين لمراودة حلم الالتحاق بجنة الشمال، لا يفعلون ذلك لأن اللون الأبيض يجذبهم، ولا لأنهم تستبدّ بهم رغبة البحث عن شقروات أوربا، بل هم كذلك لأن بلدانهم وخيراتهم تعرضت لأبشع استغلال من طرف الاستعمار، ومازالت كذلك بفضل حكومات بيروقراطية فاسدة ومستبدة لكنها تحظى بعطف وحماية الغرب الامبريالي..

أبناء افريقيا الغرقى في المتوسط ليسوا أبدا ضحايا قائد السفينة، ولا ضحايا العصابات المتاجرة بمآسيهم فقط، بل هم أساساً ضحايا نظام عالمي استغلّ ومازال يستغل خيراتهم وينهب مستقبلهم، ثم بعد ذلك يكشف السيد كيري عن عاطفته الجياشة تجاه فيل إفريقي يتيم، وهو الذي اصطحب معه أزيد من 200 من مصاصي الدماء، جاؤوا إلى افريقيا للبحث عن امكانات استغلال أكثر، أي البحث عن الايقاع بضحايا أكثر، سيكونون أخيراً مجبرين على دغدغة حلم الالتحاق بالضفة الاخرى ولو عبر المقامرة بحياتهم عبر ركوب أمواج المتوسط.



#محمد_المساوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعا عن الكتاب
- معنى أن تكون ماركسياً حتى النخاع، على هامش تدوينة الاستاذ مح ...
- معركة إلغاء العفو الملكي؛ دروسٌ و عِبر.
- صراع الدمى: رشيد نيني وحزب “العدالة والتنمية”.
- حول التدخل الامبريالي في توجيه مسير -الربيع العربي-
- الريع الثقافي؛ من وحي المهرجان الوطني للفيلم بطنجة
- هلوسة
- قبلة -سبايدرمان- ونزعة ترقية موضوع الجنس
- وطن -السنطيحة-
- قبلة المطار
- بنكيران من الشعبوية المفرطة الى الفاشيستية
- حوار صريح مع صحفي غير صريح
- المسكوت عنه في قرار انسحاب -العدل والاحسان- من حركة 20 فبراي ...
- السيدة هلاري و-الشيخ- القرضاوي يشيدون بعرس الذئب؟
- الملكية وحزب العدالة والتنمية الاسلامي
- افتحوا الابواب:شبيبة المغرب الكبير قادمة
- في مديح الردة
- العرابthe godfather
- بنكيران، خيرات، شعو، ووزارة الداخلية؟؟؟
- إني أتهم،المثقف :كلب الحراسة الجديد


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد المساوي - -سيلفي- جون كيري مع الفيل اليتيم وغرقى المتوسط