أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضحى عاشور - ضوء ومنشفة ولايك














المزيد.....

ضوء ومنشفة ولايك


ضحى عاشور

الحوار المتمدن-العدد: 4759 - 2015 / 3 / 26 - 00:40
المحور: الادب والفن
    


في الأغنية الفيروزية، تحتفل العاشقة بحبيبها، وتخبرنا عن ميزاته: فهو ليس الفارس المغوار ولا المقاتل البطل ولا الزعيم المحنك وليس النجم الوسيم ولا الحبيب المُنكفء وقد أقعدته لواعج الهوى. إنه الرجل المشتاق ابن الواقع المعقد الذي يفهم شرطه ويعي قيوده، فيتحايل ويناور عبر "تكتيكات" يستلهم فيها الممكنات المتفلتة من حصار السلطات . فالعاشق متمرّد بطبعه، وها هو يقترح على حبيبته أكثر من وسيلة يستطيعان عبرها مدّ الجسور واجتراح الحلول تحدوه لهفة التجاوب وتوكيد العهود.
"كل ليلة عشية قنديلك ضوّيه، قوي الضو شوية وارجعي وطيّه، بيعرفها علامة ..."
تفرح العاشقة بانتصارهما، فتخبرنا عن كشفهما في مسعى، مفعم بالزهو، لتعميم الخبرة. فالعشاق "أمة" متآخية متضامنة، والعاشق الحق هو من يحب كل العشاق ويؤازرهم ويرفدهم بخبراته ويناصر قضاياهم!
اشارات الأمان
لا أدري من هو الرفيق الذي استلهم تكتيك العاشق الفيروزي ونقله إلى حيّز تنظيمنا السرّي في سورية منتصف ثمانينيات القرن الماضي.
تلاحقت حملات الاعتقال على حزبنا اليساري (حزب العمل الشيوعي)، وكانت السلطات قد قررت القضاء عليه بكل السبل المتاحة، وبسرعة أخذت تكتياتنا تهترئ أمام الهوس الأمني بسحق التنظيم. وسيلة مثل اللقاءات الشارعية للاطمئنان على سلامة بعضنا وتبادل بعض الأخبار والرسائل الصغيرة، لم تعد مجدية، وقد تسببت في اعتقال أكثر من رفيق مهما غيّر وبدّل من هيئته، فقد استطاع الأمن أن يجنّد مخبرين لصالحه، ويجبر رفاق على الخروج معهم في السيارات ليدّلوا على رفاقهم. كانت رسالة صغيرة كفيلة أن تكون اثباتاً على صلة مستمرة بالحزب ما سيودي بصاحبها إلى المهالك، وأمرّها اضطراره إلى الاعتراف على مواعيد أخرى ورفاق آخرين سيتم اعتقالهم! ما العمل؟
تراجع العمل السياسي في حرب التصفية، ولم يبقَ لنا إلا الحفاظ على الجسد التنظيمي أو بعضه. نريد فقط أن ننقذ ما يمكن انقاذه من البشر. وكيف سنطمئن على بعضنا؟
كان هناك من استعار الخبرة الفيروزية: على كل رفيق أن يعلّق منشفة ملونة على حبل غسيل مثلاً، أو أن يُطفئ الضوء ويشعله عدة مرات ساعة الاجتماع ليطمئن القادم أن الوضع آمن، فيدخل إلى اللقاء/ الاجتماع، أو يمضي مغتبطاً بأن رفيقه بخير يسجل حضوره على قيود الوجود خارج قبضة الأمن. وإن كان علينا ألا نكشف كل منازل بعضنا، طوّرنا التكتيك بأن نمّر في المكان نفسه والزمان ذاته دون أن ننظر إلى عيون بعضنا، فقط علينا أن نحمل كيساً بلون معين، أو حقيبة، أو نظارة أو ولاعة سجائر...الخ. ولم تخلُ تلك التكتيكات الساذجة من ثغرات وعثرات كانت تثير فينا الضحك والسخرية من ضيق ذات اليد، واتساع الآمال وكأننا "دونكيشوتات" صغيرة!
الفضاء الأزرق واللايك
في سورية اليوم، مازال الخيار الأمني يحايث الخيار العسكري في مواجهة السوريين عشاق الحرية. حراس أمن السلطة، يؤمنون بنجاعة أساليبهم ووفرتها في القضاء على بؤر التمرد وسحقها، وقد أصابوا كثيراً من النجاح في اصطياد عقول الثورة وقلوبها، عبر تصفيتهم أو أَسرِهم أو بعثرة قواهم، وصولاً إلى طردهم وتشتيتهم في المنافي.
في سورية اليوم لم يعد للمنازل شرفات تحمل حبال الغسيل ليُعلق عليها اشارات الأمان، ولم يعد للسوريين لا منازل ولا عناوين، مشردين في الداخل، يخضعون لتبدلات جغرافية تقّطع بالحواجز والكمائن والركام والقناصة، ووسائل نقل متهالكة عاجزة عن الوصول بمواعيد محسوبة.
وخارج سورية، كم من السوريين ابتلعتهم المتاهات ومحّت أثرهم في أعماق البحار وعلى تخوم الخيام الأممية في دول الجوار الشقيقة، وكم منهم ضاعت أخباره على حدود دول صديقة للإنسان وفي مطاراتها وعلى شطآنها... وحده اللايك المُطمئن، كان يحمي أكباد الأحبة وأفئدتهم من التصدع كمداً وحسرة على وحشة الغياب وصمته الرهيب.
يستعير السوريون الفضاء الأزرق (الفيس بوك وأمثاله)، لإثبات الحضور، ليطمئنوا عن بعضهم، عن وجودهم وأخبارهم وتمنياتهم وآلامهم وأفراحهم النادرة وذكرياتهم الكئيبة ومرحهم المفتعل، مؤكدين عهودهم على التمسك بمشتركات باتت تتلاشى على أرض يجري اعادة ترسيمها جغرافيّاً وبشرياً.
وبتواطؤ غير مُعلن، يبتهج القلب عندما يجد صديقاً أو قريباً من الداخل وقد وضع (لايكاً) على منشور. وبفعل التكرار والعادة سنحفظ مواعيد عودة الكهرباء في منطقته، ومدى توافر شبكة الانترنيت هناك، كما سنترقب مواعيد نومه القلق على أصوات القذائف، وسنقطع معه الحواجز العسكرية في طريقه إلى سلّة المساعدات الغذائية، أو العمل، أو المسرح لمَ لا (ثمة عشاق لايزالون يكتبون ويمثلون ويغنون ويتجادلون ويبتكرون خططاً للحرب والحب).
"ابعتلي جواب وطمّني" هكذا رّدد العاشق في زمن انقضى. اليوم، ضع لايكاً وطمّني. العاشق مؤمن بطبعه، لكنه لجوج يتحرّق إلى طمأنينة مجسدة بفعل، بحركة، بإشارة تفتح باب وصال محتمل على جدران افتراضية. بعض "الأصدقاء" إما أنهم بخلاء مترفعين عن نزق قلوب أحبتهم ولهفتها، أو زاهدين عن الحب والاعجاب كله، مع ذلك نطمئن عليهم عبر الضوء الأخضر بجانب أسمائهم، موجودون اذن، وإن لم نتيقن من مدى الخير الذي أصابوه أو أصابهم.
رغم هشاشتها، لم تزل الشبكة العنكبوتية ضالة السوريين وفضاء اجتماعهم وقد تقطعت بهم سبل التلاقي!



#ضحى_عاشور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضحى عاشور - ضوء ومنشفة ولايك