أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم القبطي - تاريخ الإلحاد-العصر الإسلامي الأول -2















المزيد.....

تاريخ الإلحاد-العصر الإسلامي الأول -2


ابراهيم القبطي

الحوار المتمدن-العدد: 1320 - 2005 / 9 / 17 - 08:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في المقال الأول الذي كتبته عن تاريخ الإلحاد ذكرت أنه ظهر منذ الأزمنة القديمة ، حيث كان يتراوح بين مجرد الشك في الآلهة ، أو في التمرد على الآلهة، أو إنكار وجودها تماما. إلي أحيانا من يكتفي بالبقاء على الحياد فيما يسمى "باللاأدرية" Agnosticism مثل بوذا مثلا الذي رفض الإجابة فيما يتعلق بالله ، فما كان يعنيه هو القضية الإنسانية، و اليوم ننتقل إلى المرحلة الأسلامية.
***
بدأ الإلحاد في العصر الإسلامي و للغرابة منذ نشأة الإسلام، فإذا اعتبرنا أن الشك هو نوع بدائي من الإلحاد، فأول الملحدين أو الشكاكين في الإسلام هو نبي الإسلام نفسه، فقد كان محمد في بداءة الوحي يشك فيما أنزل إليه "فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ" (يونس 94) ، و قد إزداد العبء النفسي عليه بعد فتور الوحي عنه خاصة بعد وفاة ورقة بن نوفل القس ، فكان يذهب إبى شواهق الجبال يريد أن يلقي بنفسه من فوقها "..ثم لم ‏ ‏ينشب ‏ ‏ورقة ‏ ‏أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رءوس شواهق الجبال" (صحيح البخاري: 6467). و على الرغم من أن النبوءة و الشك لا يجتمعان فهذا كان حال محمد نبي الإسلام ، و لم ينقذه من الشك إلا البرهان الوحيد الذي ذكرته كتب السيرة و الحديث ، و هو برهان أفخاذ خديجة زوجته و تأكيدها أن من يأتي محمد هو ملاك لا شيطان لأنه لا يستحي من فخذيها و لكنه يستحي من وجهها ، و تلك هي القصة كما كتبتها المراجع الإسلامية:
قال ابن إسحاق : وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير : "أنه حدث عن خديجة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك ؟ قال نعم . قالت فإذا جاءك فأخبرني به . فجاءه جبريل عليه السلام كما كان يصنع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة يا خديجة هذا جبريل قد جاءني ، قالت قم يا ابن عم فاجلس على فخذي اليسرى ; قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عليها ، قالت هل تراه ؟ قال نعم قالت فتحول فاجلس على فخذي اليمنى ; قالت فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس على فخذها اليمنى ، فقالت هل تراه ؟ قال نعم . قالت فتحول فاجلس في حجري ، قالت فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس في حجرها . قالت هل تراه ؟ قال نعم قال فتحسرت وألقت خمارها ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في حجرها ، ثم قالت له هل تراه ؟ قال لا ، قالت يا ابن عم اثبت وأبشر فوالله إنه لملك وما هذا بشيطان" (سيرة بن هشام ج1: 238 ، 239)
وهكذا تحول محمد من الشك إلى اليقين ، و من بدايات الإلحاد إلى إيمان النبوة !!!!
***
و لعل من أهم الشخصيات التي أنكرت الدعوة و النبوة و إله الإسلام هو "عبد الله بن سعد أبي سرح" (توفى 659م) ،و كان من كتبة الوحي، و فيه تقول المغازي للواقدي ج2: 855 ، 856:
" وكان عبد الله بن سعد بن أبي سرح يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فربما أملى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سميع عليم فيكتب عليم حكيم فيقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول كذلك الله ويقره . وافتتن وقال ما يدري محمد ما يقول إني لأكتب له ما شئت ، هذا الذي كتبت يوحى إلي كما يوحى إلى محمد . وخرج هاربا من المدينة إلى مكة مرتدا ، فأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح (أي فتح مكة)" و الذي أنقذه هو عثمان بن عفان ، أخاه في الرضاعة. و هنا نقف مرة أخرى أمام حقائق غريبة من التاريخ الإسلامي ، فكاتب الوحي هو أقرب الناس إلى فم الرسول و قلبه ، و المفروض أن يبتعد عن الشك أو إنكار العقيدة ، و مرة أخرى يفاجئنا الإسلام باستثناءات مريبة !!
***
لا نستطيع أن ننكر أن الكثير من الشخصيات المرموقة و العوام تمردت أو ألحدت أو شكت في عهد الرسول ، و إلا ماذا كانت الحاجة إلى شراء إيمان الناس بالأموال ، كما في حالة المؤلفة قلوبهم (التوبة 60) ، ومن التاريخ الإسلامي نستطيع أن نؤكد أن هناك الكثير من الذين تشككوا في الدعوة الإسلامية ، فما أن توفي الرسول حتى أرتد الكثير من قبائل العرب ، و كان على أبي بكر أن يجيش الجيوش ليحارب المرتدين (632م)، و بالتأكيد هناك من القبائل التي أرتدت فقط عن دفع الجزية ، و لكن هناك في المقابل من أرتد عن الإسلام كلية ، و هذه حادثة غير مسبوقة في تاريخ الأديان أن تجد هذا الإلحاد الجماعي ، و مباشرة بعد أنتهاء الدعوة المحمدية (للمزيد إقرأ مختصر السيرة: ص173-176، البداية و النهاية لإبن كثير ج6: فصل في تصدي الصديق لقتال أهل الردة ومانعي الزكاة). وهناك قبائل بأكملها أنكرت الإسلام و بالتالي إله الإسلام ، ومنها أهل اليمامة تحت قيادة مسيلمة الكذاب (مدعي النبوة) ، و أهل البحرين بقيادة المنذر بن النعمان ، وقال قائلهم: لوكان محمد نبيا ًما مات ، و أهل مهرة بقيادة المصبح أحد بني محارب، و أهل عمان بقيادة ذو التاج لقيط بن مالك الأزدي، و الذي إدعى النبوة أيضا.
***
و بعد فترة القلاقل التي عاشتها الأمبراطورية الإسلامية الوليدة ، و ما تبع حروب الردة من حروب داخلية على الحكم بين علي بن أبي طالب و معاوية و ظهور الشيعة و الخوارج ، حكم الأمويون الدولة الإسلامية بقبضة حديدية ، و توسعوا في الغزو ، وهنا تلتفت الأنظار إلى إلحاد صريح لبعض الخلفاء الأمويين ومنهم:
1) يزيد بن معاوية (680-683م): ثاني الخلفاء الأمويين
هاجم جيش يزيد المدينة ، حين رفض أهلها بيعته وقاتل أهلها قليلاً ثم انهزموا فيما سمى بموقعة ( الحرة ) عام 683م فأصدر قائد الجيش أوامره باستباحة المدينة ثلاثة أيام قيل أنه قتل فيها أربعة آلاف وخمسمائة ، وأنه قد فضت فيها بكارة ألف بكر ، وقد كان ذلك كله بأمر يزيد إلى قائد جيشه ( مسلم بن عقبة ) :
ادع القوم ثلاثا فأن أجابوك وإلا فقاتلهم ، فإذا ظهرت عليها فأبحها ثلاثاً ، فكل ما فيها من مال أو دابة أو سلاح أو طعام فهو للجند ، فإذا مضت الثلاث فاكفف عن الناس ) .
ولم يكتف مسلم باستباحة المدينة بل طلب من أهلها أن يبايعوا يزيد على أنهم ( عبيد ) له ، يفعل فيهم وفي أموالهم وفي أولادهم ما يشاء، ويرد عليه أحدهم كأنه يلقمه حجراً : ( أبايع على كتاب الله وسنة رسوله ) . ولا يعيد مسلم القول ، بل يهوى بالسيف على رأس العابد الصادق. ويستقر الأمر في النهاية لمسلم ، ويصل الخبر إلى يزيد ، فيقول:
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
أما من هم أجداده غير بني أمية، فهو يتمنى لو كان أجداده من بني أمية ، ممن هزمهم الرسول والمهاجرون والأنصار في بدر، أن يشهدوا ما فعلة بمدينة الرسول و الصحابة و الأنصار في موقعة الحرة، ويضيف ابن كثير بيتاً يقوله على لسان يزيد:
لعبت هاشم بالملك فلا ملك جاء ولا وحي نزل
(البداية و النهاية-ابن كثير ج8، منقول عن كتاب الحقيقة الغائبة لفرج فودة).
فهو لا يؤمن بالرسالة ولا الرسول ، و يعتقد أن اللعبة تدخل في إطار السياسة و الملك ،لا الدين و الوحي.
***
2) عبد الملك بن مروان(683-705م): ثالث الخلفاء الأمويين
حكم مدة تقترب من 22 عام ، كان فيها مثالا لسياسي البارع ، و لكنه يعترف أن القرآن و الإسلام لا علاقة لهما بحكمه فقد "قال ابن أبي عائشة : أفضى الأمر إلى عبد الملك ، والمصحف في حجره فأطبقه وقال : هذا آخر العهد بك" (تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 217) -من كتاب الحقيقة الغائبة.
***
3) الوليد بن يزيد (743-744م): الخليفة التاسع من خلفاء الأمويين
كان أبعد ما يكون عن الأخلاق ، و تحكي كتب التاريخ الإسلامي أنه قرأ ذات يوم في المصحف " واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ، من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد " – فدعا بالمصحف فنصبه غرضاً للسهام وأقبل يرميه وهو يقول:
أتوعد كل جبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم الحشر فقل يارب خرقني الوليد
وذكر محمد بن يزيد المبرد " النحوي " أن الوليد ألحد في شعر له ذكر فيه النبي وأن الوحي لم يأته عن ربه ، ومن ذلك الشعر:
تلعب بالخلافة هاشمي بلا وحي أتاه ولا كتاب
فقل لله يمنعني طعامي وقل لله يمنعني شرابي
عن كتاب الحقيقة الغائبة-فرج فودة -فصل :قراءة جديدة في أوراق الأمويين.
وهو هنا يعيد ما أكده الخليفة الأموي الثاني يزيد بن معاوية ،و وينكر النبوة و الرسالة الإسلامية
***
و في هذه القراءات الثلاثة لخلفاء مسلمين ، يتضح مدى تغلغل الشك و الإلحاد و اللايقينية بين حتى الخلفاء.
وفي الوقت نفسه نستطيع أن نستشف مما سبق ظهور مبكر غير مسبوق للإلحاد و الشك في الإسلام منذ المؤسس الأول "محمد بن عبد الله"
يتبع....



#ابراهيم_القبطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصطفي بكري .. و الوسواس الخناس -اسرائيل في صدور الناس
- تاريخ الإلحاد: مدخل للدراسة و التحليل -1
- قل لي من تعبد ... أقول لك من يحكم -أنظمة الحكم في العالم الا ...
- اسطورة القرآن-مشكلة الوحي في الاسلام
- عن القمص زكريا بطرس.. و التناقد الداخلي للإسلام - في الرد عل ...


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم القبطي - تاريخ الإلحاد-العصر الإسلامي الأول -2