أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - قاسم علي فنجان - ثقب اسود














المزيد.....

ثقب اسود


قاسم علي فنجان

الحوار المتمدن-العدد: 4722 - 2015 / 2 / 16 - 08:48
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


(أن ذاكرتي مثقلة بهموم الأمس" مطلع مسرحية كنا نشاهدها في أيام الحصار الأسود, كانت هذه الكلمات تثير فينا الشجن والحزن, فهذه الذاكرة تمتلئ بذكريات حزينة ومؤلمة وهي إلى الآن باقية تخزن وتسجل ما تشاهده وتسمعه من الآم وقهر, فهي دائما وستضل مثقلة بهموم الأمس واليوم والغد, فمنذ سنين طويلة ننام ونصحو على عويل وبكاء نساءً فقدن أحبتهن في مشهد يكرر نفسه كل يوم، ومأساة تعاد على مدار سنين وسنين, الآم وإحزان وأوجاع لا يمكن لأحد وصفها.
فمن حرب القوميين "بقادسيتهم المجيدة" ونظامهم البوليسي المكثف نفسه بشخص "القائد الملهم", تلك الحرب التي دامت ثمان سنين مريرة ولم نعرف لها أفق, أو كيف بدأت؟ وقبل كل ذلك لماذا بدأت؟ وإلى ما ستؤول؟ تركت هذه الحرب -وكل حرب- ذكريات قاسية بقيت عالقة في الذهن, فعندما كنا نسير في الشوارع نرى تلك القطع من القماش الأسود المعلقة على جدران البيوت وقد كتب عليها عبارة "الشهيد البطل", كنا نتساءل عن معنى "البطولة" في ذلك الوقت ولم يجبنا أحد, واليوم بتنا نشاهد نفس تلك القطع السود وقد كتب عليها عبارة "الشهيد السعيد", كان "بطلاً" فيما مضى أو بالحرب القومية, وأصبح"سعيدا" الآن بهذه الحرب الطائفية, انتقلنا من مفهوم ملحمي إلى مفهوم رومانسي, لكن الحزن هو هو والألم أيضا هو هو لا فرق عند من يحبونهم أو الذين يفتقدونهم أكانوا "إبطالا" أم "سعدا", لأنهم مضوا ولا غير ذلك.
ثم إلى غزو الكويت وما جر من ويلات وإحداث مروعه, فإلى تلك الوقائع المزلزلة والمدوية في آذار 1990 بهستيريا البطش لدكتاتور خائف ومرتعب على عرشه, ويحاول بكل ما أوتي من قوه أن يتمسك بهذه السلطة التي قاربت أن تكون "وهما". ثم تأتي الحلقة المرة بسلسلة الذكريات الأليمة,"الحصار الاقتصادي" الذي كان موجعا مؤلما حد المبالغة, حصار لم يبقي للكرامة أو الكبرياء الإنسانية على شيء منها, بداء الناس يبيعون كل شيء ليدفعوا ضريبة نيل "الحرية" أو حتى هامش منها, أو بالأحرى ليعملوا في كل شي لسد رمق من تركوهم في "الوطن", لقد كان"سفر خروج" أول في مسلسل الألم الذي لا نهاية لهُ.
هنا يختتم عصر بطولات "القائد الضرورة" بعذاباته وآلامه وخريفه الذي تساقطت فيه مليون ورقة, ليبدأ شتاء الاحتلال البغيض والقاسي, ولندخل في سيناريوهاته المظلمة والتعيسة, فكان القادم دائما أسوأ وأسوا, بدئوا بعزف سيمفونيتهم الحزينة والبائسة لواقع جنائزي محولين هذه البقعة من الأرض إلى مقبرة كبيرة, فكانت بحق "قداس موت", أوتار الطائفية تدق بقوة, وطبول القومية تقرع, لا صوت يعلو عليها, أصبحت المدن مدن أشباح, شوارع خالية, أزقة تبحث عن ساكنيها, هجرها أهلها أو هجٌروا منها, بسبب الحرب الأهلية المستمرة والتي أيضاً لا نعرف أي أفق لها أو نهاية "كأي حرب أخرى", بدأ الناس يتكدسون في مناطق سميت بأسماء طوائف -هم وقوميات-هم, فصارت هذه المدينة أو المنطقة للطائفة كذا, وتلك للقومية كذا, ومن هذه المعزوفة الصاخبة والنشاز خرج ملوك الطوائف والقوميات والهة الحرب والموت, أسسوا كتائب وأفواجا وجيوش وفرقاً للموت, ولأول مرة يصبح لديك ملء الاختيار بالكيفية التي تريد بها أن تموت، بالمفخخة, أم العبوة, أو بالكاتم, والقائمة تطول, الحزن والسوداوية والانكسار والإحباط واليأس كانت هي العلامات الفارقة لهذه الفترة الممتدة إلى اليوم.
وغداة هذا الصراع الرهيب والمخيف, شاخت بغداد وبدا أنها تهرم, وأصبحت فاسدة دنُسَ جسدها وروحها, ففي جانب معارك وجراح لا تندمل ولا تشفى, وفي جانب آخر حمامات دافئة وولائم يقيمها القادة الجدد الذين جيء بهم, أو خرجوا من رحم هذا الصراع المميت وجلسوا في"المنطقة الخضراء", في ذلك الوقت يبدأ "سفر الخروج" الثاني, الهجرة الأخرى وهذه المرة "جماعية", لكن لم يحن بعد الهدوء, وبدأت اوركسترا الاحتلال تعزف أقوى وأكثر صخباً, وعلا ضجيجها وارتفع قرع طبولها لتخرج لنا بنغمة جديدة, ستشكل منعطفا, في حياة كٌل إنسان يعيش على هذه البقعة, أنها (تنظيم الدولة الإسلامية) لا تجد له وصفاً يشفي قناعتك وقد تلجأ إلى "هايدجر" في تساؤله الميتافيزيقي "ما هو الشيء" نعم ما هي "الدولة الإسلامية" هل تخضع لتحليل وشرح؟ أو هل هي شيء منطقي؟ هل نستطيع أن نقول أنهم بقايا مجتمع قديم عاش في القرون الوسطى, لأنهم مارسوا كل أنواع القتل بأشكاله القديمة, من نحر, وحرق, ورمي من منحدر, ودفن أحياء, واغتصاب وقتل وبيع أطفال ونساء, لقد جٌردت الإنسانية في وجودهم وإنتاجهم من كل القيم والأخلاق, بدا كأنهم (ثقب أسود) يلتهم كل شيء قريب منه أو عندما يقترب هو من أحد ما, "ثقب أسود" ليس في الفضاء أو على بعد ضوئي بل هو هنا وألان وهو يتمدد ويبتلع كل شيء, "ثقب أسود" براياتهم بعمائمهم بلبسهم بتعاليمهم وقوانينهم ولغتهم, تنظر عبر شاشات التلفزيون وبنقل مباشر..
لترى الناس تركض تهرب لاهثة ًلتنجو بنفسها, لا مجال لحمل شيء, أي تأخير يتسبب بنهايتك وستكون مفجعة, ويبدأ الهروب الجماعي الأكبر, هجرة ونزوح داخلية وخارجية هذه المرة, ليعيشوا زمن التيه والضياع, وليحاصروا في البراري والجبال ليمتلئ شريط ذكرياتهم بالحزن والمأساة والألم, مسجلين "سفر خروج" آخر وليس أخير في مسيرة الوجع أللانهائية, لكن دائما هناك شيء اسمه الأمل, أمل يحدونا لأن نغير نمط الحياة هذه ونكنس في يوم ما كل هذه الأوساخ وننظف شريط ذاكرتنا ونردد مع "هاملت" (هدوءاً أيتها النفس, أن الجرائم لابد ظاهرةً إلى وضح النهار, ولو غطتها الأرض قاطبةً لتخفيها عن أعين الناس, هدوءاً أيها القلب)..



#قاسم_علي_فنجان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعادة رسم الصورة
- في تجربة النقد
- عمال الصناعة ووهم التفاوض
- العبادي واللبراليين في العراق
- المرحلة الفمية لمجلس النواب
- الفارماكوس نعيم عبوب
- المالكي: الأضحية المقدسة
- بؤس العقل السياسي حول (تجريم الطائفية)
- تفكك الشخصية الوطنية


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - قاسم علي فنجان - ثقب اسود