أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - ج 2 ف1 أولا :أثر التصوف فى إهمال الصلاة الإسلامية فى مصر المملوكية















المزيد.....

ج 2 ف1 أولا :أثر التصوف فى إهمال الصلاة الإسلامية فى مصر المملوكية


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 4714 - 2015 / 2 / 8 - 08:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتاب (التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )
الجزء الثانى : العبادات فى مصر المملوكية بين الإسلام والتصوف الفصل الأول :أثر التصوف فى شعيرة الصلاة فى مصر المملوكية
أولا : أهمال الصلاة الإسلامية:
* : إهمال الوضوء :
فريضة الوضوء تسبق الصلاة ،وإهمال الوضوء – والإستنجاء- تحت أى دعوى يحمل فى طياته إهمالاً للصلاة ، إذ كيف تصح صلاة بلا طهارة..
وقد كان من فضائل الصوفى وكراماته أنه يبقى بلا حاجة إلى وضوء مدة تطول حسب درجته فى الولاية أو على قدر كمية الكذب فى الرواية .. يقول ابن العماد فى ترجمته شمس الدين الكردى ت 811 نزيل القاهرة ( كان يذكر أنه يقيم أربعة أيام لا يحتاج إلى تجديد وضوء ) . وذكر اليافعى أن أحدهم ( صلَى بوضوء واحد اثنى عشر يوماً) ،وعد ذلك من كراماته ، وذكر الشعرانى أن أبا السعود الجارحى كان ينزل فى سرداب تحت الأرض ( من أول ليلة فى رمضان فلا يخرج إلا بعد العيد بستة أيام وذلك بوضوء واحد ) . ونحن مطالبون بتصديق الشعرانى والجارحى مهما طال مكثه فى ذلك السرداب ، مع أن السرداب يوحى بقضاء الحاجة ويشجع عليها..
وأشهر الصوفية فى هذا المجال العفن هو تاج الدين الذاكر وقد تناقلت المصادر حكايته نقلاً عن الشعرانى ..وفيه يقول الغزى ( كان تاج الدين الذاكر يمكث إثنى عشر يوماً لا يتوضأ عن حدث ،(أى بول وبراز) ولم يعرف ذلك لأحد فى عصره إلا للشيخ أبى السعود الجارحى) . أى أنها مباراة عقدها العصر العثمانى وفاز فيها الإثنان معاً،كل منهما يظل بدون بول وبراز طيلة هذه المدة ،وبالتالى لا يتوضأ. ومطلوب منا أن نصدق ذلك .
ويقول فيه ابن العماد الحنبلى ( كان لا يتوضأ عن حدث إلا كل سبعة أيام ،وسائر طهارته تجديد ،وانتهى أمره أنه إلى أنه كان يمكث اثنى عشر يوماً لا يتوضأ عن حدث ،ولم يعرف ذلك لأحد فى عصره إلا للشيخ أبى السعود الجارحى ، وقال عند موته إن له أربعين سنة يصلى الصبح بوضوء العشاء) .
وقد نقل الغزى هذه المعلومات عن الشعرانى الذى عرض لذلك فى ( تنبيه المغترين) ،وقال عنه فى ( لواقح الأنوار) ،( كلما يصلي .. مايجدد الوضوء ، وكان لا يدخل الخلاء إلا من الجمعة إلى الجمعة ،وبقية الأُسبوع كله على طهارة ليلاً ونهاراً مع أكله وشربه على حكم عادة الناس ، وكل شيء نزل جوفه إحترق من شدة الحال ). والجملة الأخيرة هى مربط الفرس فمن كرامات صاحبنا أن شدة الحال عنده تحرق فضلاته وهو على أى حال تجديد فى الفكر الصوفى فيما يخص موضوع الإستنجاء والخلاء كمجالات إقتحمتها الكرامات الصوفية ..
إذ يقول الشعرانى فى معرض حديثه عن كراماته ( .. وعزم عليه جماعة فى جامع ابن طولون فدعوه إلى ناحية الجيزة فى الربيع ، وصاروا يعملون له الخراف والدجاج واللبن بالأرز وغير ذلك وهو يأكل معهم من ذلك كله ، ثم لايرونه يتوضأ لا ليلاً ولا نهاراً مدة تسعة أيام .. اى أن شهرة تاج الدين الذاكر فى هذا المجال تطلبت إجراء تجربة فاز فيها بلا شك بألوان من الأطعمة المسهلة وخرج منها ناجحاً إذ لم يتوضأ وكان يصلى بالوضوء الوحيد الذى حافظ عليه طوال المدة .. واعتقدوا فى صدقه ، إذ كيف يكذب الولى؟. وما سأل أحدهم عن جدوى ذلك كله والماء قريب ووفير؟؟. ولكنها الرغبة الصوفية فى الإستهزاء بالصلاة والطهارة فرائض الله تعالى ،فالصوفى يدعى كرامة له فى أنه لا يتبول ولا يتبرز ،ثم يصلى بلا وضوء ، ويصدقه الناس ، بل يقيمون له الولائم ليشاهدوا كراماته.
وإذا كان ترك الوضوء فضيلة صوفية تستحق أن يقول تاج الدين الذاكر ليلة وفاته أنه حافظ عليها أربعين سنة ، فإن صوفياً آخر هو يوسف الحريثى اعترف بذلك للشعرانى ليلة أن توفى فقال له (خرجت من الدنيا وما عرفت أن أتوضأ ) . وهو بلا شك أفضل من تاج الدين الذاكر فلم يصبغ ذلك بكرامة أوافتراء، وإنما صدق مع نفسه فقال الحقيقة مجردة ،أنه أمضى حياته دون أن يتوضأ ،وبالتالى دون أن يصلى .
* صوفية لا يعرفون الوضوء ولا الصلاة :
وقد سأل الشعرانى أحد الأشياخ المعتقدين فى عصره عن شروط الوضوء والصلاة فلم يعرفها، وكانت النتيجة أن غضب منه الشيخ الصوفى وقاطعه ، وأجبر بعضهم الشيخ بركات الخياط على أن يؤدى صلاة الجمعة فقال (مالى عادة بذلك ولكن لأجلكم أصلى اليوم) وتعلم على أيديهم كيفية الوضوء .
وقيل فى ترجمة أبى بكر البجائى المجذوب المعتقد (كان يفطرفى نهار رمضان ولا يتوضأ ولا يصلى) . أما الشيخ ابن عصيفير فى عهد الشعرانى فقد (ترك الصلاة حتى صلاة الجمعة والجماعة وصار لايستنجى قط)
* صوفية لا يصلون :
هناك أسطورة صوفية مشهورة عن رجل انقطع فى جزيرة ، وحدث أن وصل إليها بعض الناس ،وحزنوا حين وجدوا ذلك الرجل الطيب لا يعلم الصلاة فعلموها له وتركه فى الجزيرة ، وأبحر بهم مركبهم ، ففوجئوا بالرجل يلحقهم يمشى على الماء يطلب منهم أن يعيدوا تعليمه لأنه نسى الصلاة،فعجبوا منه وتركوه، لأنه ـ وقد عرفوا درجته وكرامته ـ ليس فى حاجة إلى صلاة ..وهذه الأسطورة التى تقرب لأذهان العوام مبدأ إسقاط التكليف كانت عاملاً ساعد على تحلل الكثيرين من الصوفية من فريضة الصلاة ما داموا قد وصلوا وتحلوا بالكرامات وشهد لهم عصرهم بذلك .. حتى أن اليافعى روى مفتخراً أنه قيل لأحدهم : لم لا تصلى ؟(فتكلم بكلام عجيب وأنشد شعراً) أى أن كلامه العجيب وشعره يكفيانه حجة له على تركه الصلاة ..
2- ولم يعدم الصوفية وسيلة يبررون بها تركهم للصلاة ويرفعون بها من شأنهم فى الطريق الصوفي فى نفس الوقت ،فالفرغل ذلك الأمى الذى لا يحفظ القرآن كان لا يصلى محتجاً بأن له فى كل إقليم بدناً أى جسداً(فواحد من الأبدان يصلى والباقى ليس عليهم ذلك)
3- والمجذوب مقامه كبير عند الصوفية وهو بالطبع لا يكلف فقلبه جذبه الرحمن (تعالى عن ذلك علواً كبيراً) يقول الدسوقى (من غاب بقلبه فى حضرة ربه لا يكلف فى غيبته) والمجذوب مستمر فى غيبته لذا ارتفع عنه التكليف .لذا كان أداء المجذوب للصلاة ظاهرة تسترعى النظر من المؤرخين المعاصرين له ،يقول ابن الصيرفى فى ترجمة الشيخ صالح المجذوب 876(كان يصلى ويتعبد مع جذبته)
4- وترتب على إهمالهم للصلاة أن أهملوا القرآن الكريم فلم يحفظوا منه ما يستعين به المسلم على صلاته وقد قلنا أن الفرغل كان لا يحفظ القرآن ، وتفوق عليه آخرون فكانوا لا يحفظون الفاتحة نفسها ،فقد ورد فى التبر المسبوك أن بعض كبار الصوفية عقد لهم السلطان مجلساً للتحقيق فى بعض إنحرافاتهم وسأل المشايخ عن قراءة الفاتحة فلم يحسنوا قراءاتها .
5- وبعضهم لم يكتف بترك الصلاة وإنما كان يعاقب من له عليه سلطان إذا صلى ، مثل الشيخ شهاب الدين النشيلى وقد ترجم له الشعرانى فقال فيه (وكان الشيخ شهاب الدين الطويل النشيلى ينادى خادمه وهو فى الصلاة فإن لم يجئه مشى إليه وصكه ومشى به ، وقال كم أقول لك لا تعد تصلى هذه الصلاة المشئومة ،فلا يستطيع أحد أن يخلصه منه) . ونفهم من النص أن ذلك كان يحدث مراراً وتكراراً ، والشعرانى يكتب هذه الحادثة عن شيخه النشيلى فى معرض الفخر به ومدحه .
* ترك صلاة الجمعة و الجماعة :
وهى صلاة طابعها الظهور ،وإهمالها يعنى إهمال الصلاة الأخرى التى تؤدى بإنفراد ،وقد يتدرج الصوفى من ترك الصلاة المنفرة الى ترك صلاة الجمعة والجماعة كما قيل عن ابن عصيفير سالف الذكر (ترك الصلاة حتى صلاة الجمعة والجماعة ) . ، وقد توحى بعض الروايات الصوفية أن بعضهم كان يهمل فى صلاة الجماعة والجمعة فحسب فقد سئل أبو العباس المرسى عن صوفى شهير لا يحضر صلاة الجمعة ، ويقول الشعرانى محتجاً على صوفية عصره (كثير من سكان المساجد يفرطون فى الوضوء أول الوقت حتى تفوتهم صلاة الجماعة بحجة أن الوقت متسع ، وكثير من لا يواظب على صلاة الجماعة) ، وإذا كان أولئك وهم سكان المساجد يتباطئون عن صلا ة الجماعة فيها – وأنظار المصلين الوافدين للمساجد تتجه إليهم ، فكيف بالآخرين فى حرصهم على الصلاة ؟ .أو كيف بهم فى تأدية الصلاة على إنفراد ؟ وهم وإن أعرضوا عن الإنكارعليهم بترك الصلاة فى جماعة فهم فى ترك الصلاة المنفردة أولى بالإنكار عليهم .
ويقول الصفدى عن الصوفى الشهير فى عصره ابن عبد الله المرشدى 737 (أقام مسجداً ومنبراً للخطيب يوم الجمعة ، وكان يأمر الناس بالصلاة ولم يصل مع أحد ، وصلاة الجماعة لا يعدلها شيء ، وأمره غريب والسلام) ، فالصفدى يتعجب من شأن المرشدى المشهور بالكرامات والضيافات ، كيف أنه يأمر بالصلاة ولا يُرى مصلياً ، ويبدو أن الصفدى لم يعرف بالقاعدة الصوفية التى تقول بإسقاط التكليف على الصوفى الواصل .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو كنت .. مكان السيسى
- معاملة الأسير فى الاسلام .( فى إثبات أن داعش أعدى أعداء الاس ...
- الاعدام حرقا فى الأديان الأرضية : تعليقا على حرق داعش للطيار ...
- لمحة عن الجزء الثانى :( العبادات فى مصر المملوكية بين الإسلا ...
- ج1 ب2 ف 4: أنواع الكرامات
- ج1 ب2 ف 4: نظرة عامة لخرافات الكرامات الصوفية
- ج1 ب2 ف 4:الاعتقاد في الكرامات الصوفية .الكرامات في فكر الخا ...
- ج1 ب2 ف 4 :مهام خرافية للأولياء الصوفية : الحملات والنظرة وا ...
- ج1 ب2 ف 4 :المجاذيب وأرباب الأحوال وأصحاب النوبة والوقت
- ج1 ب2 ف 4 : أنواع الأولياء الصوفية : القطب والخضر
- ج1 ب2 ف 3 : الصوفية أولياء الشيطان
- ج1 ب2 ف 3 : الصوفية يفضلون الولي الصوفي على الله تعالى
- ج1 ب2 ف 3 : في تفضيل الولي الصوفي على الأنبياء
- لن ندعو بالرحمة للملك السعودى عبد الله بن عبد العزيز
- المحمديون إتّخذوا القرآن مهجورا
- ج1 ب2 ف 3 : عبودية المريد لشيخه
- ج1 ب2 ف 3 : تحريم ( إشراك المريد بشيخه ) الولى الصوفى لا شري ...
- ج1 ب2 ف 3 : فى علاقة المريد بشيخه : المريد يحبُّ شيخه حُب تأ ...
- ج1 ب2 ف 3 : زعم الصوفية أنهم يملكون الغفران ويتحكمون فى الجن ...
- ج1 ب2 ف 3 : زعم الصوفية أنهم يخلقون البشرويُميتونهم ويحيونهم ...


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - ج 2 ف1 أولا :أثر التصوف فى إهمال الصلاة الإسلامية فى مصر المملوكية