أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوري أفنيري - بضربة قاضية أم بنحيب















المزيد.....

بضربة قاضية أم بنحيب


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 1309 - 2005 / 9 / 6 - 11:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"لكل وقت، ووقت لكل شيء تحت السماء: وقت للزرع ووقت لاقتلاع ما زُرع، وقت للهدم ووقت للبناء..." قال سليمان. وليس له تلميذ أكثر وفاء من أريئيل شارون.

إثباتا على ذلك: أقام شارون المستوطنات في قطاع غزة، وها هو الآن يهدمها بكلتا يديه. أقام الليكود، والآن – إنشاء الله، إنشاء الله – سيدفنه.



من يحتاج إلى تذكير أو من لم يكن قد وُلد في حينه: كانت إقامة الليكود هي إنجاز شارون الوحيد.

في عام 1973، في حرب أكتوبر، اضطر إلى اعتزال الجيش، حين سدّ الضباط الكبار طريقه إلى عرش رئيس الأركان. لقد كانوا يكرهونه لأنه كان ضابطا غير ودود، يكيد المكائد لقادته وينكّل بزملائه – خصائص ميّزت شارون طيلة حياته، كما هو الحال لدى الزعماء الذين يعملون للوصول إلى سلطة الشخص الواحد.

أحد مؤيديه أطلق في ذلك الحين الشعار: "من لا يريده كرئيس للأركان سيتقبله كوزير للدفاع". بحث شارون عن رافعة ترفعه إلى هذه الدرجة. وعندما لم يجد هذه الرافعة، أقام حزب الليكود.

كانت الفكرة بسيطة: توحيد اليمين. صحيح أنه كان لدى الحزبين الكبيرين في اليمين، حركة حيروت والليبراليين، في ذلك الحين كتلة مشتركة في الكنيست (جاحال)، ولكن كانت هناك شظايا يمينية أخرى – المركز الحر والقائمة الرسمية. استخدم شارون مكانته الجديدة وأجبر الجميع على التوحّد، رغما عنهم تقريبا.

سألته في ذلك الحين، ما الهدف من هذه المناورة. فحيروت والليبراليون كانوا موحّدين أصلا، والشظيتين الصغيرتين لم تضيفا أي شيء لهذه الكتلة. قال لي أن هذا مطلوب لخلق انطباع بأن اليمين موحّد كله. هذا سيستقطب الجمهور. يجب عدم إبقاء أي شخص في الخارج.

لقد نجح ذلك. في عام 1969 حازت جاحال على 26 مقعدا، وهو نفس عدد المقاعد في انتخابات عام 1965. غير أنه في عام 1973 كان الليكود الجديد قد فاز بـ 39 مقعدا، وفي عام 1977 وصل إلى السلطة وله 43 مقعدا.

وكما اعتاد شارون، فقد تشاجر مع زملائه الجدد في زعامة الليكود غداة إقامته. اعتزل الليكود وأقام حزبا خاصا به وأسماه ‘شلومتسيون‘. حين مُني هذا الحزب بهزيمة نكراء في انتخابات عام 1977، استخلص النتائج بسرعة البرق، وانضم إلى الليكود من جديد. غير أن بيغن تخوّف من تعيينه وزيرا للدفاع وعيّنه وزيرا للزراعة فقط. قال: "سوف يرسل الدبابات لتحاصر الكنيست"، قال ذلك، ربما بمزاح، ربما بجدية، وسلّم حقيبة الدفاع، وهي الأكثر طلبا، إلى عيزر فايتسمان.

بعد أربع سنوات فقط، وبعد استقالة فايتسمن، عُيّن شارون أخيرا وزيرا للدفاع. البقية معروفة: اجتياح لبنان، صبرا وشتيلا، لجنة كوهين، إقصائه عن وظيفته، أفول نجم بيغن، الشجار مع رئيس الحكومة إسحاق شمير، الشجار مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، هزيمة نتنياهو، التي خفضت مقاعد الليكود إلى 19 مقعدا بائسا. قام شارون بترميم الأنقاض وتحوّل إلى رئيس للحكومة. في الانتخابات لأخيرة، في كانون الثاني 2003، حقق الليكود إنجازا كبيرا: 38 مقعدا (انضم إليها مقعدا نتان شيرانسكي)، مقابل 19 مقعدا لحزب العمل. تحوّل شارون إلى زعيم لا تشق له غبار في الليكود وفي الدولة.



كيف وصل شارون، خلال سنتين ونصف، إلى وضع يهدّد فيه الليكود، ثمرة إبداعه، بإقصائه عن السلطة وتنصيب سياسي محتال كثير الإخفاق؟



السبب الوحيد هو، بطبيعة الحال، تفكيك المستوطنات في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية. يبدو لأول وهلة أن هذا السبب يتعارض ومسيرة شارون حتى الآن. فهو الذي أقام المستوطنات وأعلن أن "مصير نتساريم كمصير تل-أبيب". وها هو الآن يُرسل الجرافات لهدمها، بيتا بعد بيت، على مرأى من الكاميرات. لقد "خان مبادئ الليكود"، وهو "يحقق برامج اليسار"، إنه "يُحدث تمزقا في الشعب".

هذا صحيح جزئيا. صحيح أن شارون قد أحدث سابقة تاريخية من إخلاء المستوطنات في أرض إسرائيل. لقد وضع حدا لرؤيا اليمين حول أرض إسرائيل الكبرى، وحوّل تقسيم البلاد إلى حقيقة. غير أنه من خلف هذه الصورة اليسارية يستتر برنامج يميني: لقد ضحى بغزة ليضم جزءا كبيرا من الضفة الغربية وليمنع إقامة دولة فلسطينية قادرة على البقاء. بعد "الانفصال" يواصل توسيع المستوطنات في الضفة الآن أيضا وبناء "الجدار الفاصل"، وهدفه الحقيقي هو تحديد حدود إسرائيل الموسّعة من جانب واحد.

إحدى مشاكل شارون الكبيرة تتجسد بطبيعته. بعد أن أحرز نصره الكبير في الانتخابات، لم يألو جهدا في أن يخفي عن حزبه وعن الجمهور عامة نظرته المُحتقِرة. شعر 3300 عضو من أعضاء مركز الليكود، ومعظمهم من الوصوليين الصغار أصحاب الشهية الكبيرة، شعروا (بحق) بأنه يهزأ منهم (وهذا أيضا صحيح).

لم يبذل شارون، في أي مرة من المرات، جهده ليشرح للجمهور دوافع خطة الانفصال الخاصة به. كان من الممكن التكهّن فقط. التجهيزات العسكرية كانت دقيقة، ولكن لم تكن هناك أي استعدادات إعلامية. رغم ذلك، أيّد الجمهور الواسع تنفيذ الخطة من خلال وفائه للديمقراطية ومن خلال أمله في السلام. حتى لدى هذا الجمهور، لم تكن هناك أية حركة جماهيرية كبيرة وجارفة لصالح الانفصال.



يواجه الليكود الآن حالة تمرّد. الوضع يكاد يكون سخيفا: الحزب الحاكم يهدد بعزل رئيس حكومته، الذي وصل إلى قمة شعبيّته، ومن خلال ذلك خسارة الحكم أيضا. أعضاء الكنيست الذين حظوا بمناصبهم الذي طالما عملوا للوصول إليها، بفضل شارون فقط، يهددون بحل الكنيست، رغم أن معظمهم لا يتمتع باحتمال انتخابه من جديد. لا توجد معرضة قادرة على أن تحل محل الليكود. الحلبة السياسية كلها تعاني من وضع من الفوضى.

تبيّن استطلاعات الرأي صورة مشوّشة: في مركز الليكود، وهو الهيئة المقررة، هناك أغلبية كبيرة ضد شارون ولصالح نتنياهو. حتى بين أعضاء الليكود ("المنتسبين")، هناك أغلبية ضد شارون. غير أنه بين مصوّتي الليكود، هناك أغلبية لصالح شارون. وبين أوساط عامة المنتخبين يحظى شارون بأغلبية كبيرة مقابل نتنياهو.



في مثل هذا الوضع، ما هي الاحتمالات المتوفرة؟



الاحتمال رقم 1: سيتغلّب شارون. سينعقد مركز الليكود وسيقرر إجراء انتخابات داخلية في الحزب، ولكن في اللحظة الأخيرة سيتخوّف أعضاء المركز من إقصاء شارون، خوفا من أن يفقد الليكود الحكم. سيفضّل آلاف أعضاء الليكود، الذين شغلوا وظائف سمينة بفضل عضويتهم فيه فقط، الحكم مع شارون المكروه بدل البقاء في المعارضة بزعامة نتنياهو. سيواصل شارون تقلد منصب رئيس الحكومة حتى موعد الانتخابات في شهر تشرين الثاني 2006، مع احتمال معقول في أن يُنتخب من جديد من قبل الجمهور كله لأربع سنوات أخرى (حتى سن 81).



الاحتمال رقم 2: سيتم عزل شارون. سيقرر المركز إجراء انتخابات مبكرة في الليكود، وسيُنتخب نتنياهو زعيما لليكود. سيقيم، في الكنيست الحالية ائتلافا عنصريا-دينيا. أو أنه سيتم حل الكنيست وستجرى انتخابات جديدة، يتزعّم فيها نتنياهو الليكود الموحّد. شارون سيعود إلى مزرعته. سيكون هذا بمثابة انتصار ساحق للمستوطنين وسيَثبت أن من يفكك المستوطنات وكأنه ينتحر عن سابق علم.



الاحتمال رقم 3: الانفجار الصغير. سيخسر شارون الانتخابات الداخلية في الليكود وسينقسم الليكود إلى جزئين، سيأخذ شارون معه ثلث الكتلة. سيقيم ائتلافا جديدا مع اليسار والحريديم وسيستمر بالحكم حتى انتخابات تشرين الثاني 2006. بعد الانتخابات أيضا، التي سيفوز بها، سيستمر في تقلد منصب رئيس الحكومة، كزعيم ليكود ب‘.



الاحتمال رقم 4: الانفجار الكبير. سينقسم الليكود كما ورد أعلاه، إلا أن شارون سيقيم كتلة سياسية جديدة مع حزب العمل وشينوي. ستحل الكنيست وستحظى الكتلة الجديدة، بزعامة شارون، كما تبيّن استطلاعات الرأي الآن بانتصار كبير. يدعى هذا "الانفجار الكبير".



يبذل الرئيس بوش كل ما في وسعه لتحقيق الاحتمال الأول. إنه يعمل جاهدا ليضمن لشارون نجاحات سياسية كبيرة، مثل اللقاء بالرئيس الباكستاني، زيارة ملك الأردن إلى القدس وغيرها.

من ناحية المسيرة السلمية، يُفضّل إجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن، وذلك لكي لا تنشأ فترة مرحلية طويلة يسود فيها الجمود، ويتواصل الاستيطان وتنشب انتفاضة ثالثة. لا يمكن الاعتماد على الأمريكيين في منع ذلك.

غير أن المصلحة الأساسية لمعسكر السلام هي انهيار الجهاز السياسي القائم كله. منذ سنوات تسود إسرائيل حالة سياسية غريبة: تكاد لا توجد أية علاقة بين توزيعة الآراء السائدة في الجمهور، كما تبيّنها استطلاعات الرأي العام المتواصلة، وبين توزيعة القوة في الكنيست. حزب العمل هو جثة تتحرّك، دون وجهة نظر ودون برنامج سياسي مشترك، دون زعماء يستحقون اللقب. ميرتس بقيت جسما شاحبا وهزيلا. ليس لدى الجمهور الواسع، المستعد للسلام، أي تمثيل حقيقي في الكنيست.

تحتاج الدولة إلى زلزال، يحوّل الجبال إلى أودية والأودية إلى جبال. إذا أدت الأزمة الحالية إلى سحق الحلبة السياسية الحالية وإعادة تسويتها برمتها – فإن خيرا في ذلك.



تنبأ الشاعر ت. س. إليوت: "هكذا سينتهي العالم / ليس بضربة قاضية بل بنحيب". لربما يكون مصير الليكود معاكسا: لن ينتهي بنحيب بل بانفجار كبير.



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المستوطنون الغاليون
- هذا هو اليوم
- مسيرة القمصان البرتقالية
- ثلاثة في سرير واحد
- نهاية عهد بوغي
- طريق مرصوفة بالنوايا السيئة
- ماذا نتذكّر؟ كيف نتذكّر؟
- الحملات الصليبية الجديدة
- احذروا الكلب فهو ينهش!
- والنتيجة كانت التعادل
- من يحسد أبا مازن؟
- قبل الكارثة المقبلة
- إكليل بلير
- الجبل والفأر
- أعطني فرصة
- تحطيم أبي مازن
- لا تفرح بسقوط عدوك
- مميّز في عصره
- أنهى دوره
- على طريق حرب أهلية


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوري أفنيري - بضربة قاضية أم بنحيب