أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هالة موسى - ستون عاما على ذكرى رحيل فنان و شاعر الوجوه محمود سعيد ( 8 أبريل 1897 8 أبريل 1964)















المزيد.....


ستون عاما على ذكرى رحيل فنان و شاعر الوجوه محمود سعيد ( 8 أبريل 1897 8 أبريل 1964)


هالة موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4650 - 2014 / 12 / 2 - 23:35
المحور: الادب والفن
    



ستون عاما مضت على رحيله، كان يوم رحيله هو ذاته يوم أن جاء للدنيا، كان له موعد مع القدر في الثامن من أبريل. فنان مازج بين فن التصوير الفرعوني و القواعد الكلاسيكية للفنون الأوروبية في عصر النهضة بجانب تأثره بدراسة القانون والتي أملت على أفكاره النظام وأهمية الالتزام به. إنه الفنان المصري العالمي محمود سعيد الذي تحل ذكرى وفاته في الثامن من أبريل .
أجاد محمود سعيد توظيف الأساليب الغربية للتعبير عن الذات الفردية والقومية وتتجلي هذه الحقيقة في أعماله المتتالية التي أنتجها منذ منتصف العشرينيات وحتى أواخر الثلاثينيات،وقد قام برسم مجموعة من الموديلات، حيث رسم المرأة في شكل عروس البحر وقد ملأت اللوحة الألوان الدافئة وحولها ألوان البحر والسماء في تكوين هرمي يظهر فيه سحر مدينة الإسكندرية. أما في مرحلة الأربعينيات فقد تمحور فنه حول البورتوريه أو الصورة الشخصية والتي اهتم فيها بإبراز العمق النفسي للشخصية بقدر ما اهتم بدقة الملامح وركز في تعبيرات الوجه. وهي مرحلة ينطلق فيها في تصوير الأشخاص، فكان محمود سعيد فنان (بورتريه) عالمياً، برع في رسم الأشخاص وخاصة النساء، فكانت لوحاته تحمل أعماق الوجوه، فقد كان يغوص في أعماق الشخصية التي يرسمها، معبراً عن الحالة النفسية لها.
ومن أشهر لوحات هذه الفترة هي لوحة " المدينة" وهي زيت على قماش ، مقاسها 330سم×220سم. وعند قراءة هذه اللوحة بصريا يمكن أن نري الفتيات في وسط اللوحة ، ونلمح في وجوههن وأجسامهن الإثارة التي كان ينشدها محمود سعيد، فملامح الفتيات هنا ذات العيون العسلية المميزة، ووقفتهن الشامخة يسيطرن على اللوحة ، ثم نجد وجه الرجل الجالس بابنه فوق الحمار له ذات العيون العسلية المصرية، وفي طرف اللوحة يظهر وجه أخناتوني لرجل يلقي على بقية اللوحة نظرة صوفية روحانية.

استطاع الفنان محمود سعيد أن يحقق القيم الجمالية الخاصة به في لوحة "المدينة" و تبرز فيهاالأجسام والعناصر بشكل تحققت فيه الألفة بين المتلقي وعناصر العمل، فنجد في وجه بائع العرقسوس ذو الألفة المصرية الأصيلة ومن الغريب في هذا العمل تجمع هذا الحشد من العناصر في ذلك الحيز ، فلم يطغ عنصر على الآخر ولكن كل منهم أخذ خطأ وافرا من الاهتمام و من الرؤية لدى المتلقي. والإيقاع في هذا العمل هو إيقاع صاخب ملئ بالحركة بدءا من حركة الفتيات وتقدمهن للأمام إلى حركة الحمار للخارج وحتى حركة حاملة الجرة داخل العمل وحتى بائع العرقسوس فيتضح لنا هنا الإتزان القوي بينهم والنسبة التي وضعها الفنان لكل عنصر بحيث يبدو وكأنه بطل ويصلح أن يكون لوحة بمفردة.

لوحة " المدينة" ( زيت على قماش ، مقاسها 330سم×220سم.)
( تشير إلى مدينة الإسكندرية ، البحر، المراكب ، النساء في صدارة اللوحة بالعباءة السكندرية ، تضم عناصر التشكيل في اللوحة كل ما يشير إلى الشعب المصري، بائع العرقسوس، الفلاح الذي يحمل ابنه على الحمار، الفلاح بوجه إخناتون، وكأن اللوحة تشير إلى أن الفلاح المصري وارث لتاريخه من الفراعنة وحتى اليوم )
كانت هذه الفترة من عمر مشروعه الفني فترة صخب وإبداع كبيرين ، حاول فيها سعيد أن يعتصر وجدان مصر، ويستخلص روحها من "صفحة وجه" أولاد البلد والمصلين والكادحين. نجد أيضا من لوحات هذه الفترة لوحة " المنشدين " التي تعبر عن تمثله للوعي الصوفي، فهؤلاء المنشدين يدورون مع حركة الشمس في رقصة الطنبورة الشهيرة وما لها من بعد صوفي .

لوحة راقصي التنورة (اللوحة زيت على قماش ، مقاس 250×220 )
( لوحة راقصي التنورة تكشف البعد الصوفي الذي تمثله الفنان، ، فالراقصون يدورون مع حركة الشمس ، وحركة الكون لما في ذلك من رمزية التصوف )
لكن ما إن أتت مرحلة الخمسينيات من القرن الماضي حتى حدث تحول جذري في وعي محمود سعيد الجمالي، وصارت مساحات الضوء في لوحاته أكبر من مساحات الظل، وقل تعبير الفنان عن المشاعر الإنسانية ومال أكثر إلى تجسيد الطبيعة. وصار الفن عنده هروبا من صخب الواقع الإنساني إلى هدوء الطبيعة الصامت. وقد بدأ محمود سعيد فترة الخمسينيات مرتبطاً ارتباطاً شديداً بالمنظر الطبيعي وتعبيره الجامح عن الزمن والحركة وكانت هذه الفترة بعد اعتزاله القضاء وتفرغه تماماً للفن عند بلوغه سن الخمسين، وكثرت في هذه السن الأسفار والرحلات التي فتحت أمامه آفاق رؤية واسعة للحياة. فكانت معظم لوحاته تمثل المناظر الطبيعية للأماكن التي ذهب إليها في سفرياته إلى اليونان وإيطالياً ولبنان ومعظم الدول الأوروبية.




لوحة الطبيعة ( 1 ) ( لوحة زيت على قماش ، مقاس 250×220)
لوحة الطبيعة بما فيها من ألوان زاهية وشعرية واضحة، التي تصور النيل المصري في أسوان، فيه كتل حجرية ضخمة، على حافته الجبل ، يقف النخيل شامخا. مساحات الضوء تغطي اللوحة، انعكاس الضوء وألوان الجبل والسماء في المياه. حوارية بين الأزرق وصفائه ، والبرتقالي وبهجته .


لوحة الطبيعة الريفية المصرية ( 2 ) (اللوحة زيت على قماش ، المقاس 80×160.)
لوحة الطبيعة يريد الفنان فيها أن يعبر عن المهمشين في الريف أو في القرية حيث نجد امرأة تخرج من منزل تحمل الخبز ، وتتجه لمنزل آخر ف المقابل ، تقف أمامه أمرأتان ، تلوح البيوت قصيرة وبيضاء يتناغم اللون الأبيض الذي يغلف البيوت مع غيوم السماء البيضاء أيضا، كما تتناغم المساحات اللونية الزرقاء في خلفية اللوحة ورداء المرأة الأزرق مع زرقة المساء .


إحدي لوحات الطبيعة ـ زيت على قماش ، مقاس 80×120
لوحة تعبيرية عن الطبيعة، الوجه الاخر من مصر، بعد أن صور القرية والنيل والبحر في لوحاته السابقة ، لم ينس المكون الثالث للطبيعة الجغرافية المصرية ، ‘إنها الصحراء بغموضها وسحرها، أشجار تقف شامخة لتبص على الرمال الناعمة للصحراء. بهجة الألوان تضفي سحرا وغموضا على المشهد، الأخضر والأزرق والفيروزي والأصفر والبرتقالي ، صخب الألوان وحوارها يدخل على التلقي بهجة .
كان محمود سعيد من أوائل مؤسسي المدرسة المصرية الحديثة في الفنون التشكيلية ، وقد تميزت خطوات تطوره الفني بالتماسك والصلابة والأصالة ، وجاءت أعماله ولوحاته معبره عن مراحل نضجه الشخصي كمثقف وفنان ومبدع ، تفاعل مع مراحل نضج الوعي المصري وامتزج بخصوصية الشخصية المصرية العربية ، فقد ترك منصة القضاء وتفرغ تماما للفن ، وقد اجتازت أعمال محمود سعيد التصويرية الزمان والمكان،استطاع سعيد أن يستوعب المدارس الفنية المختلفة ، يتمثلها،ويعيد صياغتها بمفهوم مصري جديد، مما أهل أعماله أن تحتل مكانا بارزا في ذاكرة الفن المصري المعاصر .ومن هنا تمر الإيام تسحب في إثرها الأعوام حتي جاء اليوم الذي نحتفل فيه بالذكرى الستين لرحيل عملاق كشف الوجوه الأول محمود سعيد.
المكان في لوحات محمود سعيد
تجلى المكان بكل أبعاده وتفاصيله في لوحات "شاعر الوجوه" كما أطلق عليه النقاد. ولد في الإسكندرية المارية التي وصف ترابها بأنه زعفران عام 1897م. فى قصر والده المجاور لمسجد المرسي أبوالعباس، القطب الصوفي المعروف و الذي سيصبغ لوحاته بالحس الصوفي فيما بعد .ولما بلغ سن التعلم ألحقه أبوه بالمدارس الأجنبية، كما جلب له مدرسين يعلمونه الموسيقى والأدب والرسم، مما استحث ونمَّى فطرته الفنية.إنه ابن الطبقة الأرستقراطية الذي عشق تراب مصر ، ناسها ، ريفها، مهمشيها ، وجوهها الطيبة والمتميزة، ابن عائلة أرستقراطية، حيث إن والده محمد سعيد باشا، رئيس وزراء مصر آنذاك، وخال الملكة فريدة، الزوجة الأولى للملك فاروق. كان الحي الذي يسكنه يسمى "حي بحري" وجاءت لوحته الشهيرة " بنات بحري " التي تشير إلى ولعه بإسكندرية المدينة الكوزموبولوتانية. تصور اللوحة ثلاث فتيات يتقدمن في خطى رشيقة ، يرتدين الملابس ذات الألوان الذاهية ، تظهر على ملامحهن الرقة والعذوبة ، والتحدي والشموخ، اللوحة هي زيت على قماش، ومقاسها 250سم×220سم. تتصدر الفتيات اللوحة وفي الخلفية يظهر البحر بألوانه الزرقاء الكابية، ملابس الفتيات وتفاصيلها لها خصوصية المدينة ، الألوان الكابية تشير إلى تصوير اللحظة وقت الغروب ورحيل الضوء. مجموعة الفتيات (بنات بحري) يعتبرن رمز للأنوثة الصارخة وكأن كل نساء في بحري لا بد وأن يكن بهذا الجمال والسحر والغموض فمتى لبسن الملاية اللف التي تبرز أكثر مما تخفي جعلهن أكثر إثارة فقد بدت من تحتها أثوابهم الملونة والمزركشة.

لوحة بنات بحري (زيت على قماش، ومقاسها 250سم×220سم.)
بنات بحري ، زيت على قماش ، ثلاث فتيات يتقدمن في تحد وشموخ، ملابسهن فلكولورية زاهية الألوان، الملاءة اللف السكندرية تشير إلى الهوية الثقافية للمرأة السكندرية.
منحت الإسكندرية ذلك الحي الذي احتفى بالأضرحة الكثيرة لأولياء الله الصالحين مشروع محمود سعيد الفني تميزا وفرادة، الإسكندرية التي توفرت فيها كل الطرق الصوفية المختلفة تتمثل فيه ويمتاز بحلقات الذكر الدائمة،وهو الحي الديني .ولقد كانت أسرته الثرية على مستوى اجتماعي رفيع، جعلته يهتم بالفنون والآداب ويقدر الأعمال الفنية. أثرت في طفولته فنانة إيطالية كانت تجيء إليه في منزل الأسرة تعطيه دروسا في الفن كما أنه قد تردد على مرسمها فى الإسكندرية، الذى كان يرتاده صغار الشباب من محبي الفن التشكيلي، قبل وجود أى مدرسة للفنون التشكيلية فى مصر.

لوحة صيادي السمك ( لوحة زيت على قماش مقاس 250× 220 )
لوحة صيادي السمك والمراكب ، مجموعة من الصيادين بملابسهم التي تميزهم ، ألوان التي تميزهم، الإزار السكندري ، وغطاء الراس الأبيض، يحاولون شد الشبكة التي تبدو مليئة بالأسماك، في الخلفية مراكب الصيد البيضاء تتهادى على صفحات الموج.

صيادو السمك 2، زيت على قماش ، مقاس 230×220
لوحة ثناية تمثل صيادي السمك، لكنها تختلف عن الأولى، فهذا مركب على النيل وليس البحر مثل اللوحة الأولى، النخيل يلف النيل من كل ناحية، المراكب البيضاء تتهادى، المرأة تقف وتساند الرجال ، الألوان هادئة ما بين النيلي والبني والأصفر القاتم. .

الفلاح والحمار ، زيت على قماش ، مقاس 120 ×60 .
الفلاح والحمار، فلاح يركب حمارا ، عيون الحمار هي ذات العين التي تتكرر في كل لوحاته، وكأنها تيمة فرعونية ، الفلاح يبدو عليه الفقر والتهميش، في الخلفية تبين بيوت القرية وبحيرة تتوسط اللوحة ، وقطع الغيم البيضاء تطل عليها المشهد.
عندما تخصص في دراسة الحقوق بجامعة القاهرة ذهب لدراسة الفنون في بعض المراسم الخاصة، ثم تردد على باريس عاصمة الفنون في ذلك الحين وواصل تعلمه في بعض أكاديمياتها، وشاهد متاحفها وزار متاحف كثير من بلدان العالم، ثم جرب ممارسة كثير من الاتجاهات التي شاهدها عند الفنانين العالميين الذين أولع بلوحاتهم. قبل أن يستقر على أسلوبه الخاص في نهاية العشرينات من القرن العشرين. حتى أعتبر أحد الأوائل من رواد الفن المصري، وواحد من أبرز فناني الحركة التشكيلية المصرية الحديثة، وقد عرف بأنه مصور حاذق لا يعير اهتماما للبناء النسيجي للوحة فحسب بل ويهتم بالعناصر المرسومة وتوزيع الضوء والظلال والحركة.في فترة العشرينات والثلاثينات لوحات كثيرة "بائع العرقسوس" ، "جولة على الحمار"و" بنت البلد "، "ذات الرداء الأزرق "و "ذات الجدائل الذهبية "و " حاملة الجرة". وتمثل لوحة حاملة الجرة قدرة سعيد على اللعب بالألوان ، والمزج بين الألوان الباردة والساخنة، وجاءت اللوحة محتفية بتفاصيل القرية المصرية، الوجوه القروية الكحيلة العيون، والمباني الريفية والسماء التي تحتشد بغيوم تبدو محملة بالمطر، والفلاح الجالس على مصطبته الطينية. اللوحة زيت على قماش، وهي مقاس 250سم×220سم.


لوحة حاملة الجرة ( زيت على قماش، وهي مقاس 250سم×220سم.)
لوحة حاملة الجرة تصور فتاة مصرية ريفية تحمل الجرة على رأسها ، لون الثوب فيروزي، لون الجرة برتقالي فاتح على الرأس يرد عليه لون برتقالي من ذات الدرجة على أكمام الثوب ، وعقد اللؤلؤ الذي يطوق رقبة الفتاة ، الثوب ، بجانب فتاة الجرة توجد امرأة أخرى تركب على الحمار وتحتضن صغيرتها ، عيون الحمار مرسومة على النسق الفرعوني في رسم العين، ملابس المرأة الأخرى يمتزج فيها اللون البني مع البرتقالي الذي يحتل اللوحة ، في بقع ضوء الشمس المتناثرة في الطرقات، وفي الخلفية البيوت الريفية والسماء التي يتخلل غيومها ضوء الشمس ليفرش الطرقات، والفلاحون بكل تفصيلات حياتهم موزعة على اللوحة.
يعد محمود سعيد نموذجاً لتوظيف الأساليب والتكنيك الغربيين عن الذات الفردية والقومية وتتجلي ذلك في لوحاته عن الإسكندرية الذي كتب عنها الفنان حسين بيكارقائلا :إذا كانت منارة الإسكندرية قد أصبحت مع الأيام رمزا للسفر الذي يطل علي أعرق بحار الدنيا فإن الفنان محمود سعيد استطاع أن يجعل من بنت البلد شعارا ينافس المنارة العتيقة، ويرمز لهذه المدينة المضيافة لقد أضحت بنت بحري السمراء الفاتنة التي يشع من عينها وشفتيها سحر غامض، ظاهرة تميز محمود سعيد، الذي خالط عامة الناس وترجم عالمهم إلي خطوط وألوان وظلال.وعن بنات بحري قال الفنان عصمت داوستاشي متمثلا صوت وفكر ورؤية محمود وكأنه كان يحاوره فرد قائلا( موديلاتي اللاتي أرسمهن من بنات البلد بأسمائهن الجميلة:هاجر ،ونعيمة،وراجية،وفاطمة وحميدة".

لوحة وجوه مصرية ( اللوحة زيت على قماش، مقاس 200 ×150 )
الملامح الفرعونية للمرأة ، العيون المرسومة بالكحل ، الأنف المنتصب الحاد ،الشعر الأسود، الوقفة الناهضة الرشيقة أمام النيل، النيل ظهر في الخلفية يحتضن المراكب الصغيرة.


وجهان مصريان جديدان. صور في وجوهه السابقة وجه المرأة الشعبية ، والمرأة الريفية ، والمرأة السكندرية ، لكنه لم ينس أن يصور وجوه فتيات الطبقة البرجوازية , كما يظهر من ملابس الفتاتين ، وتسريحة شعرهما، وجهان يشيران إلى الطبقة الوسطى، وكأنه يريد أن يستعرض كل المكونات الثقافية للمجتمع المصري، وللمرأة المصرية . الألوان هادئة وتشير إلى رقي ذوق الفتاة . الوجه مصري أصيل ، الأنف الحاد والعيون المصرية والبشرة السمراء.

الفتاة ذات الرداء الأحمر ، زيت على قماش ، مقاس 80×80
وجه الفتاة ذات الرداء الأحمر، وهي وجه شعبي من حارة شعبية لمدينة ما، إن الحارة المصرية أحد مكونات الجغرافية المصرية ، لكن العيون الفرعونية ، والبشرة السمراء هي القاسم المشترك الأكبر بين كل الوجوه، لا فرق بين بنت الحارة وبنت الريف وبنت الطبقة الوسطى.

أما عن سماته التشكيلية المميزة، والتي لها مضمون رمزي نراه يتجلى في التعبير عن خصوبة الجنس، و الإحساس بفكرة الحياة والموت، وإبراز المحتوى الرمزي لمعنى العبادة والعمل، فالمرأة عنده رمز للخصب والجنس، كما في لوحاته عن الفتيات المصريات. والموت شاغل آخر من شواغله كما في لوحاته عن (المقابر) و(ليلة الدفن) وحتى لوحته المسماة (نعيمة) التي صورها سنة 1924م وتبدو جالسة وخلفها مدافن الموتى ومواكبهم. وقد وصل سيطرة هاجس الموت عليه أن رسم نفسه ميتا ويحمله المشيعون للمقابر.

لوحة المقابر (اللوحة زيت على قماش ، مقاس 220×200)
لوحة المقابر ( المقابر المصرية التي يحتضنها الجبل في البر الغربي الذي اتخذه المصريون الفراعنة مكانا لدفن موتاهم، النساء في اللوحة ما بين واقفة وجالسة لا تظهر ملامحهن، يغلفهن الحزن والصمت ، سكون الموت يغلف اللوحة ، الألوان الكابية لها رمزية الموت ـ).
تحتل المرأة في لوحات سعيد مساحات كبيرة ، فالمرأة هي رمز للوطن ، وهي رمز للخصوبة كما أشرنا ، رمز للصلابة المصرية، انتبه ابن الطبقة الأرستقراطية إلى الوجوه المهمشة المصرية، فقلما نجد وجها من الطبقة المخملية فيي لوحاته ، إنها كلها وجوه مصرية من الحارة والقرية ومن جنوب مصر ، كلهن لهن ملامح مقتربة ومتشابهة ، كلهن مصر ، مصر التي صورها محمود مختار في تمثاله الشهير " نهضة مصر " الذي ينهض في وجه الزمن ليخبر العالم أن مصر سوف تظل باقية.كل لوحات النساء المصريات لهن ذات الملاح، الأنف الفرعونية الحادة ، العيون اللوزية الكحيلة، البشرة السمراء. يقول محمود سعيد عن لوحاته في مقال نشر في مجلة الكاتب :" .لقد اصبحت ميالا إلى هذه التكوينات القوية بألوانها الثرية في رسم بنات البلد بفطرتهن الاصيلة"، ثم يروح يعرض للمرأة في تجلياتها، ليكشف محمود سعيد لنا من خلال أن المرأة المتوهجة كانت رمزا لذلك الزمن الذي عاشه الفنان ولقد عبر عن أسلوبه الذي عرف به فيما بعد في هذه اللوحات عن قوة الفن التي تعبر عن التطلع إلي الحياة.
لوحة لوجه من الوجوه النسائية

لوحة لوجه امرأة مصرية ( اللوحة زيت على قماش ، مقاس 220×200)
لوحة لوجه امرأة مصرية ، ملامحها الفرعونية واضحة ، العيون الكحيلة ، الأنف الحاد، البشرة السمراء ، الملابس بلونها الفيروزي في الأصفر يعطي للوحة بهجة ، الأكسسوارات في يد المرأة يشير أنها من بيئة شعبية ،).


لوحة أمومة، زيت على قماش ، مقاس 250×220.
هي وجه جديد من وجوه المرأة المصرية ، التكوين اللوني هادئ ما بين الطوبي، والأسود، نظرة الأم في حالة ترقب وتطلع . الوجه ايضا بملامحه المصرية يكشف عن اهتمام الفنان بالمرأة المصرية .
لقد انغمس محمود سعيد فى ملامح الواقع الشعبى، كحياة القرويين، وصور الصيادين والموالد والدرويش والصلاة لتصبح هذه الأعمال تعبيراً تشكيلياً مماثلاً لما كانت عليه فى أعمال نجيب محفوظ وفى نماذج بنت البلد نقف على متناقضات هذه الشخصية حيث الصفاء الروحى والاشتعال الغرائزى والمرح والحزن.كما رسم مراكب الصيادين ذات الأشرعة على نهر النيل، ورسم المصلين في المسجد، وقد ظهروا راكعين في خشوع وهم يلبسون عمائمهم وعباءاتهم التي غطت أجسادهم فساد جو اللوحة الخشوع والسكينة، وقد أضفى رسمه لأعمدة وعقود المسجد أجواء صوفية روحانية تدل على مكان العبادة والصلاة. ومن المواضيع الدينة التي رسمها أيضا لوحة المتصوفين الذين لبسوا طرابيشهم وثيابهم الفضفاضة وظهروا وهم يمارسون واحدة من طقوسهم وهي الدوران حول أنفسهم في ساحة مسجد تظهر في الخلفية مجموعة من الأعمدة والعقود التي تعطى الإحساس بالاستقرار في اللوحة، في ضوء دافئ معتم يجعل المشاهد يسبح في الدلالات الدينية والصوفية في العمل الفني. لقد تمثل محمود سعيد الوعي الصوفي فظهر ذلك في لوحات كثيرة صور فيها المنشدين والدراويش والمشايخ. يجسد محمود سعيد حبه للمتصوفة في لوحته التي هام فيها دائما وأبدا بأصحاب "الذكر".


لوحة المنشدين ( اللوحة زيت على قماش، مقاسها 200×150).
( اللوحة تصور مجموعة من المنشدين، رجال الله الذين يقيمون حلقة ذكر صوفية، ما بين معممين ومطربشين،الألوان ما بين البني والذهبي ، الأجساد تتمايل في نشوة ، لا تظهر ملامح الوجوه، فقط الأجساد تتمايل، وهي تشير إلى الحس الصوفي في أعمال الفنان )
كذلك صور سعيد المصلين في حالة الركوع. لقد كونها هندسيا من الألوان والإنحاءات التي يقوم به المصلون مع استقامة الأعمدة والضوء الدافيء المتشرب داخل المسجد من الشبابيك المزينة بالزجاج الملون والقناديل المعلقة، لذا جاءت اللوحة وكأنها بناء معماري مدروس بطريقة هندسية تعود للفن المصري القديم مما أكسبها هذا السحر.

لوحة المصلين ( اللوحة زيت على قماش، 100×150)
( لوحة المصلين تصور مجموعة من المصلين في حالة ركوع ، لا تظهر ملامحهم ، فقط تظهر الأجساد في حالة خشوع ، الألوان متنوعة ، وكأنها تشير إلى تنوع طبقات وفئات المصلين والمتدينين في المجتمع ).
وقد نالت المناظر الطبيعية، التي تجمع ما بين صفاء البيئة، وجماليات المكان، نصيبــاً كبيراً من لوحاته الفنية، منها لوحة «شط الإسكندرية»، ولوحة «مرسى مطروح»، ولوحة «الخريف»، ولوحة «ميناء بيريه»، ولوحة «فينيسيا»، ولوحة «البحر الأحمر»، ولوحة «منزل بعنيت»، في لبنان، ولوحة «مشهد سيروس»، وغيرها.. وهذه اللوحات جلّها، تم رسمها في السنوات العشر الأخيرة، من حياة الفنان، ويغلب عليها أُسلوب التجريد، والتخلُّص الشديد من درجات الألوان، إلى جانب ذلك يبدو التأثير، في الفراغ السماوي، الذي يُمثل عُمقــــاً تعبيريــــاً بالغ الحيوية.

لوحة الشادوف ( اللوحة زيت على قماش، مقاسها 100×150).
(لوحة الشادوف تصور لقطة من لقطات الريف المصري، عناصر اللوحة تتكون من الشادوف وهو آلة رفع المياه من الآبار والعيون لري الأرض، الرجال مشدود الجسد يدفعون الشادوف في فتوة وقوة ، يظهر في اللوحة النخيل والجبل والنيل والمرأة التي تحمل الجرة ، وبجوارها الحمار ذو العيون الفرعونية المسحوبة.).


الحارة المصرية ـ زيت على قماش، مقاس 150×150 .
تصور امرأة تحمل على رأسها الطعام، تخرج من منزل تتجه للحارة، تجلس بجوار المنزل أمرأة أخرى يبدو عليها الفقر تحمل صغيرتها، تتكئ على الجدار في إشارة ربما لفقرها ووضعيتها الاجتماعية. الألوان تتمازج ما بين الأزرق والأخضر والأصفر.

لوحة فتاة من أسيوط ، زيت على قماش ، مقاس 230×220
فتاة من أسيوط ، وجه أقرب للوجه النوبي،بأنفه الأفطس ، وملاحه الصارمة، وبشرته السمراء ، الملابس بيضاء دون نقوش ، يقف النيل في الخلفية ساكنا رائقا ، يحدث تناغم شكلي بين جسد الفتاة الجالسة والمراكب التي يحتضنها النيل.

شيخ المسجد ، زيت على قماش ، مقاس 120×100
شيخ المسجد، لوحة من المرحلة الصوفية ، الشيخ يجلس في مجلس علمه، يقرأ القرآن، وفي الخلفية يجلس طالب علم منكفئ على كتابه ، وفي ركن اللوحة يقف طالب آخر يقرأ في مصحفه، ومما يشير إلى أنه يمسك بمصحف ، وليس مجرد كتاب طريقة إمساكه بالمصحف، الألوان زاهية وناريه، الورود تتوسط المائدة ، والزخرفات والنقوش تفرد سطوتها على المشهد ،
إن لوحات محمود سعيد، التي أُحصي منها ما يقارب الــ 400 لوحة، ليست مُجتمِعة حاليــاً في مكان واحد، حيث يضم متحفه بالإسكندرية 58 لوحة، وخمس لوحات بمتحف الفن المصري الحديث بالقاهرة، وبعض لوحاته موجودة بمتحف الفنون الجميلة، ومتحف الحضارة المصرية بالقاهرة، والمتحف الزراعي بالدقي (الجيزة)، ورئاسة الجمهورية، ومؤسسة الأهرام، وبنك مصر، والمتحف العربي للفن الحديث، الكائن في العاصمة القطرية الدوحة.. كما أن بعض الأفراد يقتنون عدداً ليس بالقليل من لوحات محمود سعيد، مثل د. محمد سعيد الفارسي، رئيس بلدية جدة السابق، والسيدة شيرويت الشافعي، والدكتور سيد القيم،أحد أصدقاء الفنان.
وقد كان محمود سعيد أول فنان تشكيلي مصري، يحصل على جائزة الدولة التقديرية للفنون، وتسلَّمها من الرئيس جمال عبدالناصر، عام 1960م. وقد شارك محمود في الكثير من المعارض الخاصة، والجماعية.. ونذكر منها :
معارضه الخاصة::
• معرض أُقيم عام 1937م، في مدينة نيويورك الأمريكية.
• معرض أقيم في أتيليه الإسكندرية عام 1943م.
• معرض بجمعية الصداقة المصرية الفرنسية بالإسكندرية عام 1945م.
• معرض بالقاعة المُستديرة بأرض المعارض بالقاهرة عام 1951م.
• معرض بمتحف الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1964م.
أما المعارض الجماعية، التي شارك فيها، فنذكر منها:
• معرض باريس الدولي عام 1937م.
• بينالي فينيسيا الدولي لأعوام 1938م، و1950، و1952م.
• معرض الربيع بالقاهرة عام 1953م.
• معرض اليونسكو للفنانين العرب في بيروت عام 1953م.
• معرض الفن المصري بالخرطوم عام 1953م.
• المعرض المصري بموسكو عام 1958م.
وقد حصد محمود سعيد في حياته، عدداً من الجوائز المهمة، عن إبداعاته، وأعماله الفنية التشكيلية، منها::
• الميدالية الذهبية، في معرض باريس الدولي.
• منحته فرنسا، وسام اللجيرون دونير، عام 1951م.



#هالة_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسس الفلسفية لما بعد الحداثة
- الهوس الديني والعنصرية في رواية أعلنوا مولده فوق الجبل
- خزانة شهرزاد ، قراءة جديدة للأجناس الأدبية في الليالي
- حب في السعودية


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هالة موسى - ستون عاما على ذكرى رحيل فنان و شاعر الوجوه محمود سعيد ( 8 أبريل 1897 8 أبريل 1964)