أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - جرة الذهب، لبلاوتوس















المزيد.....



جرة الذهب، لبلاوتوس


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 4553 - 2014 / 8 / 24 - 10:22
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



هذه مسرحية كوميدية رومانية ل بلاوتوس، بعنوان "جرة الذهب". كتبت منذ قرون عديدة، إلا أنها تعتبر من أروع المسرحيات الكوميدية التي ظهرت حتى الآن.

أحداثها تتمركز حول رجل في حالة عشق وهيام. لا مع امرأة أو حيوان أليف أو عمله الفني أو حتى مع نفسه، ولكن مع جرة مملوءة ذهب. المسرحية جميلة خفيفة سهلة وشيقة، لا تشعر وأنت تشاهدها بلحظة ملل أو فتور.

في المسرحيات الكوميدية مثل هذه، ليس من الضروري أن تكون الأحداث واقعية. الهدف هنا أن نجعل الأحداث والحوار بسيط سلس، ينساب في سهولة ويسر.

العامل الوحيد الذي يمكنه أن يبطئ من سير أحداث المسرحية، هو نوبات الضحك التي تنتاب المشاهدين بصفة مستمرة. المهم هنا، أن يظل الممثلون يتقمصون شخصيات المسرحية، مهما علا ومهما طالت نوبات الضحك.

كثير من شخصيات المسرحية، عليها أن تقوم بمخاطبة المشاهدين مباشرة. عندما يحدث ذلك، من واجب الممثل أن يذهب إلى حافة المسرح، ويقوم بمخاطبة الجمهور بصدق.

بلاوتوس (254-184ق م)، كاتب مسرحي روماني. كتب مسرحياته باللغة اللاتينية القديمة. من مسرحياته أيضا، بالياتا كوميديا، ليفيوس أندرونيقوس، ومسرحية البيت المسكون. يُعتقد أنه ولد في سارسينا، وهي قرية صغيرة تقع وسط إيطاليا. بدأ حياته عاملا في المسرح، يقوم بتركيب الديكورات.

قام بدراسة الكوميديا الإغريقية في أوقات فراغه، خصوصا أعمال ميناندر. بلغ شهرة عاليه، إلى درجة أن مجرد ذكر اسمه،كفيل بنجاح المسرحية. مسرحياته الكوميدية، معدلة من المسرح الإغريقي لكي تناسب الجمهور الروماني. تعتبر من أقدم الأعمال الأدبية الرومانية التي وصلت إلينا مكتملة.


المسرحية بأسلوب مبسط (تصلح للمسرح المدرسي).

شخصيات المسرحية:
الراوي
يوكليو، البخيل
ستافولا، مدبرة المنزل
فايدريا، ابنة البخيل يوكليو
ميجادوروس، الجار الثري
لوكونيديس، ابن أخ الجار الثري
يونوميا، اخت الجار الثري وأم ليكونيديس
ستروبيلوس، خادم الجار الثري
كونجريو، طباخ
أنثراكس، طباخ
خادم ابنة أخ الجار الثري
خدم
عازفات لآلة الناي
***

الراوي: سيداتي آنساتي سادتي، أهلا ومرحبا بكم هنا! أنا مقدم برنامج الليلة. لذلك، سوف أخبركم بموضوع المسرحية التي ستشاهدونها حالا. هي مسرحية بعنوان "جرة الذهب". تأليف بلاوتوس، مؤلف كوميديا روماني. المسرحية عن أبخل رجل في العالم، يدعى يوكليو. من شدة بخله، عندما ينام يضع بالونا على فمه لكي يلتقط به زفيره فلا يذهب سدى. يبكي عندما يغسل يديه، لأنه يكره أن يفقد قطرة ماء واحدة من بيته. هذا مثالان يبينان شدة بخله.

يوكليو، لديه الآن جرة مملوءة بالذهب الخالص، يحتفظ بها في منزله. يقوم بحراستها كل لحظة، في الليل أو النهار. بالطبع، هو لا يثق في أحد سوى نفسه. يقوم بمعاينة الجرة بصفة مستمرة للتأكد من أنها لازالت في مكانها الخفي الآمن. لكن هناك شئ يحدث لهذه الجرة. أرجو لكم مشاهدة طيبة لهذه الكوميديا الرومانية الجميلة.

(يُرفع الستار عن ثلاثة أبواب تفتح على مسرح خالي. الباب الأوسط، هو بيت البخيل يوكليو. على اليسار، بيت جاره الثري. على اليمين، بيت خالي مهجور. يظهر يوكليو أمام داره، ويقوم بطرد مدبرة بيته.)

يوكليو: أنت أيتها العجوز الفضولية الحسود. اخرجي من بيتي. وإياك أن تريني وجهك العكر.

ستافولا: لماذا تطردني يا سيدي من بيتك؟ أريد أن أعرف أي ذنب جنيت؟

يوكليو: لا تدعين البراءة. أنا أفهم ألاعيبك الملتوية جيدا.

ستافولا: لماذا تعاملني هكذا؟

يوكليو: لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟ ستجدين المزيد من هذه المعاملة إذا استمريت في قول لماذا. اخرجي من بيتي.

ستافولا: أنا يا سيدي، مدبرة منزلك. ظللت أخدمك عدة سنوات. لماذا تطردني الآن؟

يوكليو: إذا لم تتحركي الآن، سوف أجعلك تركضي أسرع من السلحفاء قليلا.

ستافولا: (تخاطب المشاهدين) أنا لا أدري لماذا أتحمل كل هذه المعاملة السيئة؟

يوكليو: (يخاطب المشاهدين) بماذا تتمتم هذه الحيزبون بينها وبين نفسها. (يخاطب ستافولا) قفي مكانك ولا تتحركي قيد أنملة.
(إلى المشاهدين) هذه المرأة، هي ألعن امرأة شريرة رأيتها في حياتي. أنا متأكد من ذلك. يبدو أن لها عينان خلف رأسها. امرأة خبيثة حقا. لا تكف عن الشمشمة لمعرفة أين أخفي جرة الذهب. الآن، يجب أن أذهب لكي أطمئن وأتأكد من أن الجرة لازالت في مكانها. (يدخل إلى بيته)

ستافولا: (إلى المشاهدين) أعتقد أن سيدي قد فقد عقله تماما. لماذا، في بعض الأيام، يطردني من بيته عشرات المرات؟ ولماذا، في بعض الليالي، يظل متيقظا حتى الصباح. له ابنة جميلة، لكنها فتاة تعيسة. لأنها تحب ولا تستطيع الزواج ممن تحب. لأن العجوز البخيل يعتقد أن تكاليف الزفاف باهظة.

(يظهر يوكليو أمام بيته)

يوكليو: (إلى المشاهدين) كله تمام، لقد اطمأنيت الآن قليلا. (إلى ستافولا) أنت أيتها العجوز، عودي الآن إلى البيت وباشري عملك المعتاد. خلي بالك على أشياء البيت.

ستافولا: كيف أخلي بالي على أشياء البيت؟ البيت ليس به شيئا يمكن أن أخلي بالي عليه أو يمكن سرقته، سوى خيوط العنكبوت في الأركان وعلى الحيطان. يا سيدي، ليس لديك ما يستحق السرقة.

يوكليو: حقا، أنا رجل فقير...فقير جدا، لا تنسي ذلك. ربما أريد أن أحافظ على خيوط العنكبوت في داري. أنا فقير، لكن قانع بفقري. الآن ادخلي الدار واغلقي الباب، وبحق الإله جوبتر، لا تسمحي لأي غريب أن يدخل داري. ربما يأتيك شخص يطلب نارا. لذلك، اتركي النار مشتعلة في الخارج. هل تسمعينني؟ عندما أعود، إذا لم أجدك قد وضعتي النار خارج الدار، سألقيك أنت خارج الدار. أيضا، إذا جاء من يسألك ماء، قولي له إن البئر قد جف. وإذا طلب منك أحد الجيران شيئا من أواني الطبخ، أخبريه أن كل الأواني قد سرقت. لا أريد أن يدخل داري أي شخص وقت غيابي. حتى لو كانت إلهة الحظ، فلا تفتحي لها الباب.

ستافولا: لا أعتقد أنك ترفض مجيء إلهة الحظ إلى هذا البيت. لا أعتقد.

يوكليو: صه! ادخلي الآن. (تدخل ستافولا الدار) الآن اغلقي الباب بالترباس. سأعود حالا. (إلى المشاهدين) آه، كم كنت أرغب في عدم ترك داري، لكنني مجبر على ذلك. العمدة يقوم بتوزيع الهبات إلى مواطني المدينة، وإذا لم أذهب، قد يعتقد الجيران أنني أخبئ ذهبا بالبيت. بالإضافة إلى أنه لن يبدو أمرا طبيعيا أن يتخلف رجل فقير عن استلام هبة مجانية. حسنا، سأذهب الآن حتى أعود بسرعة.

(يخرج مسرعا. ثم يأتي إلى المسرح، من الباب الذي على اليسار، الجار ميجادوروس وأخته يونوميا)

يونوميا: من حقي كأخت أن أكلمك بصراحة. أنت أخي وأريد أن أراك متزوجا. فأنت لم تعد صغيرا بعد.

ميجادروس: النجدة، النجدة.

يونوميا: لماذا تصرخ؟

ميجادروس: النجدة، النجدة.

يونوميا: ما خطبك؟

ميجادروس: كل مرة تزوريني فيها، تفتحين هذا الموضوع وتتحدثين عن زواجي. حسنا، دعيني أخبرك أنه من الأفضل أن تضربيني على رأسي بالنبوت، لأنني لن أسمع كلامك وأتزوج.

يونوميا: هذا كلام فارغ. أنت لابد أن تتزوج.

ميجادروس: كل أفعالك هكذا، أخبريني عن أمر واحد قمتي به يجلب السرور.

يونوميا: الزواج شئ مفيد لك.

ميجادرس: بحق الآلهة، هل تكفين عن الحديث عن زواجي؟ حسنا، سأتزوج حتى تكفي عني، لكن بشرط. هو أن تدخل العروس بيتي اليوم وتخرج غدا.

يونوميا: توقف عن هذا الهراء. أنا أعرف كيف أجد لك عروسا، مهرها غالي. سأقترح عليك واحدة.

ميجادروس: اعلمي أنه هناك فتاة واحدة، أود الزواج منها.

يونوميا: حسنا، أخبرني. من تكون؟

ميجادروس: هل تعرفين يوكليو، السيد العجوز الذي يسكن جاري؟ انه رجل فقير جدا، و...و، حسنا أنا...

يونوميا: ماذا تريد أن تقول؟

ميجادروس: أريد أن أتزوج ابنة جاري الرجل الفقير. الآن لا تصرخي في وجهي. أنا أعرف أنها فقيرة على الحديدة مثل أبوها، لكن فقيرة أو ثرية، أنا أحبها.

يونوميا: باركتك الآلهة. (تدخل إلى البيت)

ميجادروس: (إلى المشاهدين) سأذهب الآن لكي أقابل الجار العجوز. أرجو أن يكون بالبيت. (يدخل إلى المسرح البخيل يوكليو وهو متعكر المزاج)

يوكليو: (إلى المشاهدين) أنا عندي احساس غريب بأن الأمور لن تكون على ما يرام اليوم. العمدة لم يحضر لتوزيع الهبات. لابد من الإسراع للبيت لكي أتأكد أن كله تمام. فلربما يكون قد حدث مكروه أثناء غيابي.

ميجادروس: يوكليو، منفضلك لحظة. أرجوا أن يكون كل شئ على ما يرام، بالنسبة لك والعائلة.

يوكليو: أشكرك، ميجادروس. باركتك الآلهة. (يهم بالدخول إلى بيته)

ميجادروس: أرجو أن تكون بصحة جيدة، يا يوكليو.

يوكليو: (إلى المشاهدين) لماذا جار ثري، مثل ميجادرس، يسهب في اطراء رجل فقير مثلي؟ أخشى أن يكون على علم بجرتي الذهبية. ربما يكون هذا سبب ظرفه المفاجئ.

ميجادروس: لعلك تكون بخير كما أحب.

يوكليو: لست كما أحب أن أكون.

ميجادروس: جميل تواضعك. أنت رجل سعيد، والسعادة هدفنا كلنا من الحياة.

يوكليو: (إلى المشاهدين) عندي احساس بأن مدبرة منزلي العجوز قد أخبرته بحكاية جرة الذهب.

ميجادروس: يبدو أنك تتحدث مع نفسك. هل هناك شئ يضايقك؟

يوكليو: ما يقلقني كوني رجل فقير. ربما تعلم أن لي ابنة غير متزوجة، وأنا فقير، فقير جدا، لا أستطيع أن أدبر أمر مهرها لكي تتزوج.

ميجادروس: لا تقلق كثيرا بشأن زواج ابنتك. سنجد لها شخصا، يصلح لزواجها. سأساعدك بكل جهدي. لا تتردد في اخباري، إن كان هناك ما أستطيع فعله. أعدك ببذل قصارى جهدي.

يوكليو: (إلى المشاهدين) لقد فغر فاه على مصراعيه، واستعد لشفط ما لدي من ذهب. لا أثق في هذا الرجل قيد أنملة. لن يستطيع خداعي بإظهاره لحفاوة مباغته، وإبدائه لصداقة مشكوك في أمرها. بعد أن كان لا يعيرني أدنى اهتمام. أنا أعرف هذا النوع من الناس. إنه شخصية لزجة، تعلق بأي شئ تلمسه. (يدخل يوكليو إلى بيته)

ميجادروس: (إلى المشاهدين) يوكليو هذا مهموم بحكاية فقره أكثر من اللازم، أكثر من أي شخص أعرفه. أخشى إن طلبت يد ابنته، يعتقد أنني أسخر منه.

(يأتي يوكليو إلى المسح بعد أن تحسن مزاجه)

يوكليو: (إلى المشاهدين) جرة الذهب في أمان، شكرا للآلهة. لقد كنت قلقا من قبل. كدت أجن من القلق. (إلى ميجادروس) الآن يا سيدي، ماذا تريد أن تناقشه معي؟

ميجادروس: أريد أن أسألك شيئا، وأرجو أن تجيبني بكل صراحة. هل ترى أنني انتمي إلى أسرة كريمة؟

يوكليو: أنا متأكد من أنك من عائلة كريمة.

ميجادروس: هل تعتقد أنني أتمتع بشخصية محترمة؟

يوكليو: نعم، شخصية ممتازة.

ميجادروس: وما رأيك في سمعتي؟

يوكليو: سمعة طيبة.

ميجادروس: حيث أنك لا تعترض على عائلتي أو شخصي، أرجو أن تسمح لي بالزواج من ابنتك. من فضلك قل أنا موافق.

يوكليو: هل تسخر من رجل عجوز فقير مثلي؟

ميجادروس: لا بحق السماء. لا أبغي السخرية منك.

يوكليو: إذن، لماذا تطلب يد ابنتي؟

ميجادروس: ظننت أنك ترحب بمصاهرة عائلتي، قدر ترحيبي بمصاهرة عائلتك.

يوكليو: يجب أن تدرك حقيقة أنك رجل واسع الثراء بالغ النفوذ، بينما أنا مجرد رجل فقير، فقير، فقير جدا. أفقر الفقراء. إنه من الحمق أن تربط عائلتك الثرية بمثل عائلتي الفقيرة.

ميجادروس: هذا كلام فارغ، مجرد هلوسة. من فضلك اقبل عرضي بالزواج من ابنتك.

يوكليو: أنا أحذرك، فليس لدي فلسا واحدا يمكن أن تعطيه ابنتي لك مهرا للزواج.

ميجادروس: هذا لا يهمني، حتى لو لم تعطها شيئا. يكفيني زواجي منها.

يوكليو: أقول لك هذا حتى لا تظن أنني أمتلك ذهبا أخفيه عن الناس.

ميجادرس: أعرف أنك أفقر من بالمدينة، وهذا لا يهمني البتة.

يوكليو: ما هذه الضوضاء؟ يا إلهي العظيم جوبتر، لقد خرب بيتي.

ميجادرس: ما الخطب؟

يوكليو: أعتقد أنني أسمع صوت مجرفة تحفر. (يندفع مسرعا إلى داره)

ميجادرس: (إلى المشاهدين) إلى أين يندفع يوكليو مسرعا هكذا؟ بدون أن يقول شيئا، ذهب مسرعا. ربما جرعة كراهيته لي كانت مركزة. تصرف غريب منه! (يعود يوكليو من بيته) هل تحاول السخرية مني بسلوكك هذا؟

يوكليو: آسف يا ميجادروس.

ميجادروس: حسنا، ما هو ردك؟ هل تسمح، أو لا تسمح، لي بالزواج من ابنتك؟

يوكليو: يمكنك الزواج منها، لكن تذكر أنها لن تحصل على فلسا واحدا مني.

(يقوم الإثنان بالمصافحة)

ميجادرس: فلتبارك الآلهة هذا الزواج.

يوكليو: أرجو ذلك. ومع هذا، لا تنسى أنك وافقت على عدم دفع المهر.

ميجادروس: لن أنسى.

يوكليو: بعض الأحيان، أنتم معشر السادة الأثرياء المحترمين، تقومون بلعبكة ما اتفقتم عليه.

ميجادروس: نعم، نعم، بالتأليد لا مهر. أنا موافق! هل هنا أي سبب يمنع عقد الزواج الآن؟

يوكليو: فكرة ممتازة.

ميجادرس: حسنا، سأذهب لترتيب ما يلزم لعقد القران.

يوكليو: بالتأكيد. نهارك سعيد يا ميجادروس.

ميجادروس: (ينادي خادمه) ستروبيلوس!

(يدخل ستروبيلوس قادما من بيت ميجادروس)

ستروبيلوس: نعم، سيدي.

ميجادروس: تعال معي إلى السوق. (يخرج الإثنان)

يوكليو: (إلى المشاهدين) إنه لن يقدر على خداعي البتة! أراهن أنه سمع شيئا عن امتلاكي لزلعة مملوءة بالذهب مدفونة في مكان خفي. لهذا، يا أصدقائي، كله حرص على مصاهرتي. (ينادي على ستافولا مدبرة المنزل) ستافولا! ستافولا! تعالي هنا. ألا تسمعينني؟ اخرجي وتعالي هنا!

ستافولا: نعم سيدي.

يوكليو: بسرعة، قومي بتنظيف الأواني الفخارية. ابنتي ستتزوج الثري ميجادروس اليوم.

ستافولا: اليوم؟ هذا مستحيل! لا يمكنها أن تتزوج فجأة هكذا!

يوكليو: اخرسي. من الأفضل لك أن تجعلي كل شئ جاهز عند عودتي. أنا ذاهب الآن إلى السوق. تأكدي أنك تغلقين الأبواب، ولا تفتحي لأحد أثناء غيابي. (يخرج من المسرح)

ستافولا: هذا مستحيل. لا أدري كيف أستطيع أن أجعل كل شئ جاهز في هذا الوقت القصير. (تدخل إلى البيت. ثم يأتي الراوي)

الراوي: الآن، سيداتي آنساتي سادتي، هل صدقتم أن يوكليو هو أبخل عجوز في هذا العالم؟ إن كنتم، فأنتم على حق! الآن، الوقت متأخر، وأنا أرى ستروبيلوس، خادم الثري، أسفل الطريق. عائدا حاملا من الطعام الكثير. البعض قام بإحضار الطهاة، وآخرون قاموا بالإتفاق مع فرقة العازفات، لزوم الترفيه لحفل الزفاف.

(يخرج الراوي، ويأتي ستروبيليوس ومجموعة خدم)

ستروبيليوس: حسنا، لقد عدنا. هذا هو المكان! سيدي ميجادروس، يريد تقسيم الكل إلى جزئين.

أنثراكس (الطباخ): بحق هرقل، لن يستطيع أحد قسمتي نصفين! سأذهب إلى حيث أريد، ولكن كتلة واحدة.

ستروبيليوس: لم أعني هذا. الآن انصت جيدا. سيدي ميجادروس سيتزوج اليوم من ابنة يوكليو العجوز الفقير جدا. نصف الخدم ونصف الطعام تذهب إلى دار يوكليو، النصف الآخر يذهب إلى دار سيدي.

كونجريو (الطباخ) : ألا يقدر العجوز أن يوفر وليمة العرس لابنته؟ انها لن تكلفه كثيرا من المال.

ستروبيليوس: هيه!

كونجيريو: ماذا تعني ب "هيه"؟

ستروبيليوس: انك لو عصرت حجرا، ربما تحصل منه على شئ، لكن هذا العجوز الشحات، لو عصرته، لن تنال منه شيئا. دعني أخبرك، إنه يفقد عقله إذا رأى الدخان يتصاعد من مدخنته. أما إذا فقد حصوة ملح، فإنه يصرخ طالبا النجدة، كأنه شاهد جريمة قتل!

أنثراكس: هل تتكلم بجد؟

ستروبيليوس: عندما يقلم الحلاق أظافر رجليه، يأخذ قصاصة أظافره إلى بيته.

كونجيريو: يا له من مخلوق كئيب بائس.

ستروبيليوس: مثل هذه الحكايات، عندي منها الكثير. لكن لدينا الآن ما يجب عمله. الآن يا كونجريو، أنت والخادم وفرقة العازفات، اذهبوا إلى دار يوكليو. الباقي يأتون معي إلى دار سيدي.

كونجريو: ليس هذا عدلا! هذه حيلة خبيثة أن تجعلني أعمل في خدمة هذا البخيل النتن.

ستروبيليوس: بالعكس. أنا أقدم لك خدمة عظيمة!

كونجريو: أية خدمة هذه؟ هل تمزح؟

ستروبيليوس: استمع لي، في هذا البيت لن تجد شيئا يقع في طريقك ويعوق حركتك. لأن البيت، تقريبا، خالي الوفاض. بينما في بيت سيدي، ستجد الهرج والمرج والضيوف كلما سرت. أطباق من الذهب هنا، وصواني من الفضة هناك، عليك أن تقوم بغسلها وتلميعها وتنشيفها. كل أنواع المفارش يجب غسلها وكويها ووضعها على الموائد. كما أن في بيت يوكليو، لن تجد شيئا يحرض على السرقة، لأنه لا يوجد شئ على الإطلاق يستحق السرقة. بذلك تكون قد حميت نفسك من وسواس نفسك، وتأكدت أنك لن ينتهي بك الأمر إلى السجن.

كونجريو: حسنا، معك حق.

(يقوم ستروبيليوس بالطرق على باب يوكليو)

ستروبيليوس: (ينادي) ستافولا، افتحي الباب.

ستافولا: (من الداخل) من الطارق؟

ستروبيليوس: أنا ستروبيليوس، خادم الثري ميجادروس.

(تخرج ستافولا من الباب)

ستافولا: حسنا، ما الخطب؟

ستروبيليوس: لقد أحضرت لكم طباخا وخادما وفرقة عازفات وبعض متطلبات الزفاف. كل هذا على حساب سيدي الثري. أفسحي لهم الطريق.

ستافولا: تعالوا معي.

(يدخل الجميع البيت، ويبقى ستروبيلوس ومجموعته)

ستروبيلوس: الآن دعونا نبدأ العمل في بيت ميجادروس.

(يدخلون بيت ميجادروس. ويعود يوكليو من السوق)

يوكليو: (إلى المشاهدين) كل شئ غالي الثمن في السوق. اللحوم سعرها مريع، وكذلك السمك والخضراوات، أسعارها كلها نار. عل كل حال، إذا بذرت أموالك بحماقة في المناسبات والأيام السعيدة، لن تجدها في الأيام الممطرة. لذلك اشتريت لابنتي بعض البخور وصحبة الزهور هذه.

(يدخل يوكليو داره فيلاحظ أن الباب ترك مفتوحا)

يوكليو: يا آلهتي، النجدة! ما هذا؟ الباب مفتوح على مصراعيه! وما هذه الضجة بالداخل؟ لابد أنني سرقت. أنا متأكد من ذلك.

كونجريو: (من الداخل) لا أستطيع أن أضع كل شئ في هذه الجرة الصغيرة. إنها صغيرة جدا. دعنا نبحث عن جرة أكبر منها.

يوكليو: (إلى المشاهدين) لقد عثروا على الذهب. وجد كنزي الثمين! آه! لقد خرب بيتي! أيها الإله أبوللو، اسرع لنجدتي! أبوللو، أقتل بسهامك لصوص الذهب هؤلاء. آه، لا أقدر على الانتظار حتى تأتي النجدة من أبوللو. لابد أن أفعل شيئا بنفسي. لابد من فعل شيئا ما الآن وبسرعة، وإلا أكون قد أنتهيت إلى الأبد.

(يوكليو يندفع إلى داخل بيته، بينما أنثراكس الطباخ يأتي من بيت ميجادروس)

أنثراكس: (إلى المشاهدين) أحتاج إلى جرة أخرى. سأستعير واحدة من كونجريو في البيت المجاور. لكن، لماذ كل هذا الضجيج الآتي من بيت العجوز؟ من الأفضل أن أعود إلى البيت، وأن أنسى موضوع استلاف الجرة.

(يدخل أنثراكس بيت الثري. كونجريو الطباخ والخدم يندفعون خارجين من بين يوكليو)

كونجريو: (إلى المشاهدين) النجدة! النجدة! أنقذوني، يا عالم! أيها الناس، انجدوا الطباخ المسكين! حقا إنه مستشفى مجانين. العجوز استخدمني مثل كيس ملاكمة. لقد تورم جسمي في كل مكان. آه، ها هو يخرج. أنا طباخ متوفي بالتأكيد.

(يقفذ كونجريو من على المسرح إلى صفوف المشاهدين. يخرج يوكليو مسرعا من داره)

يوكليو: تعال هنا! عد ثانية. أوقفوه! أحدكم يوقفه!

كونجريو: ماذا تريد مني؟

يوكليو: سوف أبلغ أمرك للشرطة.

كونجريو: لماذا؟

يوكليو: لحملك سكينا.

كونجريو: الطباخ لابد أن يحمل سكينا ليطبخ!

يوكليو: ماذا تفعل في منزلي؟ إه، ماذا تفعل في منزلي بدون إذني؟ أجب على هذا!

كونجريو: كنت أحضر الطعام لزفاف ابنتك، أي شئ آخر؟

يوكليو: وما شأنك بذلك؟ وماذا إذا كنت أفضل أكل الطعام نيا؟ لأنه أصح وأوفر في النفقات.

كونجريو: لقد اختلط علي الأمر الآن. هل المفروض أن أقوم، أو لا أقوم، بتحضير الطعام للزفاف؟

يوكليو: وأنا كل ما أريد معرفته هو، هل كل ممتلكاتي بالبيت ستكون في أمان، أثناء وجودك ببيتي؟ أخبرني بذلك.

كونجريو: هل قلت أو فعلت شيئا أغضبك؟

يوكليو: أنا أعرف ماذا فعلت. لقد دخلت كل الغرف بدلا من البقاء في المطبخ حيث يجب أن تكون. إذا اقتربت من هذه الدار ثانية، ستنال المزيد من الكدمات والنتوءات.

(يدخل يوكليو إلى داره)

كونجريو: ارجع أيها العجوز البغيض. أعطني الجرار التي أحضرتها معي، وإلا سأبقى هنا طول الليل أصرخ وأقول أنك لص! (إلى المشاهدين) ليس هذا يوم سعدي بالتأكيد. بدلا من كسب بعض النقود، سأنفق ما لدي على الطبيب لكي يهيل جروحي ويجبر عظامي المكسورة. ما أشقاني!

(يعود كونجريو إلى المسرح. يظهر يوكليو قادما من بيته، ومعه جرة الذهب يحملها تحت ابطه)

يوكليو: (إلى المشاهدين) آه، كم أنا سعيد، زلعتي حبيبتي المملوءة بالذهب سليمة، هي في أمان تحت ابطي. لن أدعها تغيب عن عيني مرة أخرى! (يقوم بتقبيل زلعة الذهب). لا، لن أتركها وحدها ثانية! لأنه من الخطورة بمكان لو فعلت. الآن، أيها الطباخ، أيها الخدم، وأنتن أيتها العازفات، ادخلوا جميعا بيتي وجهزوا المطلوب للزفاف. اسرعوا.

كونجريو: حسنا، لقد حان وقت العمل.

يوكليو: أنتم هنا لتعملوا، لا لتتكلموا. توقفوا عن الثرثرة وادخلوا. (كونجريو والخدم يدخلون البيت. يوجه يوكليو كلامه للمشاهدين) حسنا، لقد تخلصت منهم. الاستعداد للزفاف يكاد يصيبني بالجنون، وخصوصا عندما أتذكر ما قد أفقته على البخور والزهور! آه، ها هو ميجادروس، زوج ابنتي قادم نحوي. أعتقد أنه من واجبي التحدث إليه.

(يدخل إلى المسرح ميجادروس)

ميجادروس: أهلا، حماي. ألا تعتقد أنه من الواجب أن تتزين لهذه المناسبة؟ أليس لديك ملابس أفضل من هذه لكي تلبسها؟

يوكليو: عزيزي ميجادروس، الناس التي تلبس فاخر الثياب، هي الناس المريضة بحب الظهور. إنهم يتباهون فقط بممتلكاتهم.

ميجادروس: تماما كما تقول حماي العزيز. ألا يجب أن نحتسي معا شيئا من النبيذ الليلة؟

يوكليو: لا، لن أفعل.

ميجادروس: لقد أرسلت برميل نبيذ إلى دارك لهذه المناسبة.

يوكليو: لا، أشكرك. أنا لا أشرب سوى الماء القراح.

ميجادروس: كلام فارغ! يجب أن نشرب سويا، وسأراك على الطاولة.

يوكليو: (إلى المشاهدين) الآن اكتشفت حيلته الماكرة. لقد أتى لكي يسكرني بشرب النبيذ، لكي يسرق زلعة الذهب مني. سوف أخدعه وأخبئها في مكان خارج البيت. سوف يضيع وقته ونبيذه فيما لا طائل من ورائه.

ميجادروس: الآن حان الوقت لكي أستعد للزفاف. عذرا يا يوكليو.

(يدخل ميجادروس إلى داره)

يوكليو: آه، يا زلعتي يا مسكينة، أنت دائما في خطر أن يقوم أحد بسرقتك مني. لكن لا تخافي، سأقوم بحمايتك. سأخبؤك في هذا البيت الخالي المهجور. الناس تخاف دخول هذا المنزل، لأنها تعتقد أنه بيت مسكون بالعفاريت. ستكونين في مأمن هناك، يا زلعتي العزيزة الثمينة. (يدخل يوكليو الباب الثالث على المسرح)

(يأتي خادم إلى المسرح)

الخادم: (إلى المشاهدين) مرحبا! الخادم الجيد هو من يخدم سيده بدون تردد، وهذا هو أنا. أنا خادم جيد جدا. مصلحة سيدي تأتي أولا! حتى لو كنت أغالب النعاس. أنا دائم التفكير فيما يمكن أن أفعله لكي أسعد سيدي. دائما أتوقع أوامر سيدي قبل أن يقولها. سيدي الشاب، كان قد وقع في غرام ابنة العجوز يوكليو الشابة. ثم سمع لتوه أنها ستتزوج من عمه الثري ميجادروس.

أنا هنا الآن لكي أرى ما يجري بالضبط، حتى أخبر سيدي بالتفاصيل. إذا لم يكن لديكم مانع، سأجلس مختبئا ساكنا في هذا الركن، أراقب كل شئ.

(يجلس الخادم في أحد أركان المسرح. يأتي يوكليو إلى المسرح من باب المنزل الخالي)

يوكليو: الآن، بيتي الجميل، الخالي المسكون بالعفاريت، من فضلك لا تخبر أحدا عن زلعة الذهب التي خبأتها بداخلك. أنا واثق من عدم عثور أي واحد عليها بالصدفة. أيها البيت الخالي، أتوسل إليك أن لا تدع أحدا يدخلك. ادخل الرعب في قلوبهم إن حاولوا. الآن أنا أتركك حتى أغتسل قليلا للزفاف. أريد أن يأخذ ميجادروس ابنتي فايدريا بأسرع ما يمكن. حتى يقل عدد الأفواه التي أطعمها بالبيت. مرة أخرى أيها البيت الخالي، لقد أمنتك على أموالي، زلعة الذهب. تركتها أمانة في عنقك.

(يدخل يوكليو داره)

الخادم: (إلى المشاهدين) يا كرم الآلهة! ماذا سمعت؟ لقد خبأ هذا الرجل جرة مملوءة بالذهب في بيت مهجور مسكون بالعفاريت! سأقوم بالبحث في المنزل عن هذا الكنز.

(يدخل الخادم البيت المهجور. ثم يظهر يوكليو قادما من بيته)

يوكليو: عندي إحساس غريب بأن هنالك شئ ما ليس على ما يرام. لقد سمعت غرابا ينعق، هذا فأل سئ وسوء طالع. من الأفضل أن أطمئن على جرة الذهب. (يدخل البيت المهجور. ثم يُسمع من داخله صوت زعيق وصريخ. يخرج يوكليو وهو يجر الخادم إلى الخارج.) أنت أيها البرص اللعين، ماذا فعلت، محت الآلهة اسمك وشخصك من الوجود؟ لم أرك هنا من قبل. بما أنك قد وقعت، أيها النتن، فستكون نهايتك على يدي. سأعطيك شيئا لن تنساه أبدا! (يبدأ في ضرب الخادم)

الخادم: لماذا تضربني؟ لماذا تجرني وتطردني من بيت خالي لا أحد فيه؟

يوكليو: أنت لص! لص! لص!

الخادم: أخبرني ماذا سرقت؟

يوكليو: أعد ما قد سرقته أيها الحيوان.

الخادم: أعيد ماذا؟

يوكليو: أنت تعرف ماذا أعني!

الخادم: من فضلك إصغ، أنا لم أسرق شيئا منك أو من البيت.

يوكليو: اعطني إذن ما لم تسرقه!

الخادم: لا أفهم ماذا تعني.

يوكليو: أرني يديك أيها اللص اللعين.

الخادم: (يفرد كفيه) ها هي، انظر!

يوكليو: هل هذا كل ما لديك من أيادي؟

الخادم: (إلى المشاهدين) هذا العجوز لابد أنه فقد عقله!

يوكليو: أخبرني، ماذا سرقته من البيت الخالي؟

الخادم: لتعاقبني الآلهة إن كنت قد سرقت شيئا منك.

يوكليو: ماذا تخفي تحت قميصك؟

الخادم: لا شئ.

يوكليو: أرني يديك مرة ثانية.

الخادم: ها هي، انظر ثانية.

يوكليو: أنت تضيع وقتي الثمين، والوقت لا يجب أن يضيع سدى. أنا أعرف أنك قد أخذتها!

الخادم: أخذت ماذا؟

يوكليو: لن أقع في فخك وأخبرك. أعطني ما قد أخذته، فإنه ملكي.

الخادم: لقد فتشتني أكثر من مرة ولم تجد شيئا.

يوكليو: أعتقد أنني سمعت شخصا آخر معك في البيت الخالي، فمن هو زميلك؟ تكلم! نعم، هناك شخص آخر في البيت. يمكنك الانصراف. الآن، سأذهب لكي أمسك اللص زميلك. حذاري أن أراك تحوم وتجول حول هذا البيت المهجور مرة ثانية! (يدخل يوكليو البيت المهجور)

الخادم: (إلى المشاهدين) الآن، لن يجرؤ على ترك كنزه في بيت خالي مهجور. سيجد مكانا آمنا آخر، وسوف أراقبه. صه! صه! سوف أختبئ في هذا الركن المظلم.

(يأتي يوكليو قادما من البيت المهجور)

يوكليو: هذا البيت القديم كاد أن يحطم حياتي. لحسن الحظ، قد سمعت نعيق الغراب، وإلا لما شككت في أي شئ. يجب أن أقابل هذا الغراب لكي أقدم له هدية. حسنا، لقد غيرت رأيي. بدلا من الهدية، سأقوم بشكره. الآن يجب أن أجد مكان آخر أكثر أمنا، أخبئ فيه جرتي الجميلة. أعرف مكان بستان معزول خارج جدران المدينة. مليئ بالحشائش الضالة والبوص. هناك، سأقوم بإخفاء جرة الذهب.

(يخرج يوكليو من المسرح ومعه جرة الذهب)

الخادم: (إلى المشاهدين) مرحي، مرحي! الآلهة تقف إلى جواري. سأتبع هذا الرجل على أطراف أصابعي، وسأراقبه وهو يدفن جرته. حقا، لقد طلب مني سيدي عدم ترك المكان، إلا أنني لا يمكنني أن أدع فرصة الحصول على زلعة مملوءة بالذهب تفلت من يدي. (يتبع الخادم يوكليو)

(يدخل الراوي)

الراوي: (إلى المشاهدين) مسكين أيها البخيل العجوز! أعتقد أن زلعته المملوءة بالذهب في خطر محدق. الآن سنقابل لأول مرة لوكونيديس، ابن أخت الجار الثري. إنه في حالة غرام مع فايدريا، ابنة البخيل يوكليو. لكن فايدريا، كما تعلمون، قد تقرر زواجها من الثري ميجادروس. ها هو لوكونيديس يظهر مع والدته يونوميا، اخت ميجادروس.

لوكونيديس: نعم يا أمي، لا يمكنني العيش بدون ابنة يوكليو. هي تحبني وأنا أحبها ونريد الزواج. أرجوكي أن تقنعي خالي ميجادروس، بالتراجع عن زواجها. أرجوكي!

يونوميا: سأبذل ما في وسعي، لكن الوقت ضيق والزفاف على وشك الحدوث.

فايدريا: (من داخل بيت يوكليو) لوكوبيديس، أحبك جدا. أنقذني من هذا الزواج!

لوكونيديس: أمي، هل تسمعين بكاءها من أجلي؟

يونوميا: تعال ندخل إلى البيت لنتحدث إلى خالك ميجادروس! (تدخل يونوميا إلى بيت أخيها ميجادروس)

لوكونيديس: (إلى المشاهدين) من المفروض أن يقابلني خادمي هنا. لا أدري أين هو؟ حسنا، يجب أن أدخل لكي أسمع كيف يتحدد مستقبلي! (يدخل لوكونيديس بيت خاله. بينما يعود الخادم ومعه جرة الذهب)

الخادم: (إلى المشاهدين) انظروا، انظروا، انظروا إلي! أنا ثري. أنا ثري نتن! أنا أغنى من الملك! أليس هذا يوم رائع، يا أصدقائي؟ آه، آه! ها هو يأتي. سأزوغ بزلعة الذهب بعيدا عن هنا. (يخرج، ويدخل يوكليو)

يوكليو: (إلى المشاهدين) ما أشقاني وأتعسني... لقد اختلط علي الأمر ولا أدري إلى أين أتجه. لا تكتف بالجلوس هناك، وليوقف بعضكم اللص الذي سرق كنزي المدفون! لكن، من هو؟ ليست عندي أدنى فكرة. أنا مرتبك، لا أدري حتى من أنا؟ أنقذوني، أيها المشاهدين المحترمين. أخبروني بمن سرق زلعتي المملوءة بالذهب.

أنتم، يا من تجلسون في الصف الثالث، يبدو من وجوهكم أنكم أمناء. فأخبروني بمن استولى على كنزي. أنتم تضحكون علي. حسنا، سأعالج الأمر. هذا الجمهور، ربما يكتظ باللصوص أيضا! كلكم، يا من تجلسون مرتدين أفخر الثياب. أنتم، يا من تجلسون في الصف الأخير، هل معكم جرة الذهب؟

آه، أنا رجل محطم! المصائب واللعنات قد حطت علي. أنا أتعس رجل في هذا العالم. لقد قمت بحراسة جرتي هذه طول حياتي، والآن ذهبت بح. لم يبق شئ لي، إلا البكاء والنواح. لا أستطيع تحمل ذلك، ولا أقدر عليه.

(يبدأ في النحيب. يدخل لوكونيديس)

لوكونيديس: لماذا هذا البكاء والنواح يا يوكليو؟

يوكليو: لقد تحطمت كلية. تحطمت، هل سمعتني؟ جرتي المملوءة بالذهب سرقت مني.

لوكونيديس: ربما أستطيع مساعدتك في البحث عن جرتك.

يوكليو: هل يوجد أدنى احتمال، في أن تكون أنت الذي سرقها؟

لوكونيديس: بشرفي، كرجل محترم، لم أسرق منك شيئا.

يوكليو: لكنك تعلم من السارق.

لوكونيديس: بشرفي، لا أعلم.

يوكليو: إذا علمت، هل تخبرني بمن فعلها؟

لوكونيديس: نعم، سأخبرك.

يوكليو: وهل يمكن أن تلهف جزءا من الذهب وتترك السارق يهرب؟

لوكونيديس: إذا فعلت مثل هذه الأشياء، فليعاقبني الإله جوبيتر. لكن دعني أعقد اتفاقا معك.

يوكليو: أنت بالطبع لن تطلب مكافأة على ذلك؟

لوكونيديس: هدئ أعصابك، ليس في طلبي أي نقود أو ذهب.

يوكليو: حسنا، يكفيني هذا.

لوكونيديس: إذا كنت لا تعلم من أنا، أنا لوكونيديس، ابن أخت جارك الثري، ميجادروس. أمي هي يونوميا.

يوكليو: إذن، ماذا تريد؟

لوكونيدس: أعتقد أن لك ابنة.

يوكليو: بالطبع لي ابنة، وهي داخل البيت حيث يجب أن تكون.

لوكونيديس: تقول الشائعات أنك وعدت بزواجها من خالي، الثري ميجادروس.

يوكليو: نعم فعلت.

لوكونيديس: أعتقد أنه قد غير رأيه.

يوكليو: غير رأيه؟ إنه بسببه أخذت جرة الذهب من بيتي، مما جعلها تسرق مني.

لوكونيديس: (يلمح بطرف عينه دخول خادمه يحمل جرة الذهب) إذا عثرت لك على زلعة الذهب كاملة غير منقوصة لم يمسها أحد، هل تعطيني يد ابنتك للزواج؟

يوكليو: يا له من سؤال أحمق. بالطبع سوف أفعل. وما عليك إلا أن تبحث عن الذهب المسروق. (يدخل يوكليو بيته وهو ينحب حظه العاثر)

لوكونيديس: اخرج من العتمة أيها الخادم، وأرني ماذا تحمله. ماذا وجدت؟

الخادم: شئ هام جدا. جرة مملوءة بالذهب.

لوكونيديس: كيف تحولت إلى شيطان شرير فجأة؟

الخادم: لقد سرقتها من العجوز يوكليو.

لوكونيديس: اعطني إياها، لكي أعيدها إلى صاحبها.

الخادم: تعيدها؟ لابد أنك مجنون.

لوكونيديس: أعطنيها أيها الخادم.

الخادم: لا.

(يهم لوكونيديس بأخذ الجرة، لكن الخادم يقفذ إلى صفوف المشاهدين، ويهرب بالجرة. ثم يأتي ميجادروس من باب داره)

ميجادروس: (إلى المشاهدين) اختي، لابد أن يكون قد أصابها العته. في الصباح، كانت تحثني بشدة على الزواج. تزوج أي واحدة. الآن، عندما قررت الزواج من ابنة يوكليو، تقول لي إن فايدريا تحب ابنها، وتطلب مني اختيار عروس أخرى. انها حقا تغير رأيها بسرعة.

لوكونيديس: مرحبا، خالي ميجادروس.

ميجادروس: لماذا يا لوكونيديس، لا تبدو سعيدا؟ هل تكلمت مع يوكليو عن زواجك من ابنته؟

لوكونيديس: أعتقد أن الرجل مهتم بجرته الذهبية، أكثر من اهتمامه بسعادة ابنته. إنه في حالة لخبطة شديدة، لا يستطيع التركيز أو التفكير في أي شئ آخر. أه، نعم. سمح لي بالزواج من ابنته، بشرط أن أجد له جرة الذهب.

ميجادرس: هذه معضلة كبيرة.

لوكونيديس: حقا إنها معضلة. لكنني أعرف أين يوجد الذهب. خادمي هو السارق، لكنه هرب لتوه مني. سأبحث عن هذا الخادم النتن الآن.

(يخرج لوكونيديس. يحضر يوكليو قادما من داره)

يوكليو: وأنت، عزيزي ميجادروس، أخرج الطباخ والخدم والعازفات من داري.

ميجادروس: هل هناك خطأ ما، يوكليو؟

يوكليو: خطأ ما؟ خطأ ما؟ نعم، هناك خطأ ما. خطأ جدا. كل ثروتي كانت بكاملها حتى قابلتك اليوم في الصباح. الآن، سرقت جرتي المملوءة بالذهب. هذا هو الخطأ.

(كونجريو الطباخ، الخدم، العازفات، يحضرن من بيت يوكليو)

كونجريو: لقد أنجزنا ما أمرت به، يا يوكليو. أطفأنا النار، وتخلصنا من الطعام، الآن نستعد للرحيل.

يوكيو: حسنا، حسنا طردكم والتخلص منكم.

كونجريو: وأجرنا؟

يوكليو: ماذا؟

كونجريو: أقول، وأجرنا، نظير العمل طول اليوم؟

يوكليو: أجركم؟ لن أدفع أجرا لأي واحد منكم. كل ما فعلتموه، هو قلب كيان بيتي. استهلكتم وقودي، ووضعتم أنوفكم في شئوني الداخلية.

ميجادروس: لا تقلق بشأن الأجر يا كونجريو. سوف تحصل على أجر طيب. لكن لابد من اكمال عمل اليوم. ارجع إلى البيت، واستعد لوليمة العرس.

كونجريو: (إلى المشاهدين) كل الناس هنا مجانين. امشوا، ارجعوا، امشوا، ارجعوا. جهزوا العشاء، لا تجهزوا العشاء. أي الأوامر أطيعها؟

ميجادروس: أوامري أنا. أنا الذي أحضرتك، ويجب أن تطيع أوامري.

كونجريو: هذا في الواقع، مستشفى مجانين.

(يدخل كونجريو وفريقه بيت يوكليو)

يوكليو: هذا شغل هايل! لم أعد أستطيع أن أرتب شئون بيتي. ولا أجد حولي سوى المصايب.

ميجادروس: تفاءل صديقي العزيز. قد تتغير الأمور إلى الأفضل. (يدخل لوكونيديس ومعه جرة الذهب، يتبعه الخادم اللص) أعتقد أن لوكونيديس هنا، جاء لكي يتحدث إليك يا يوكليو.

يوكليو: (يغطي وجهه بكفيه ويبكي) آه، ابعده عني، لا أريد أن أتكلم مع أحد.

ميجادروس: يوكليو، أظن أن ابن أختي معه شيئا يخصك.

يوكليو: ماذا تقول؟ انها جرتي الذهب! (يسرع بأخذ الجرة من لوكوبيديس). يا إلهي العظيم جوبيتر، لقد أعدت لي زلعتي الجميلة. (يقوم بتقبيل جرة الذهب) آه، أشكرك يا ميجادروس.

ميجادرس: من يستحق الشكر هو لوكوبيديس.

يوكليو: أه، أنا أباركك يا لوكوبيديس.

لوكوبيديس: فضل عودة جرة الذهب الحقيقي يرجع إلى خادمي.

يوكليو: حسنا فعلت أيها الخادم. سأكافئك بقطعة نقود ذهبية. لا لا، أعتقد أنه من الأفضل أن أصافحك.

لوكونيديس: لقد كافأته من قبل، أعطيته حريته في مقابل الزلعة.

ميجادروس: يوكليو، حيث أنك الآن سعيد بجرتك المملوءة بالذهب، ما رأيك في زواج ابن أختي من ابنتك، الغادة الجميلة فايدريا؟

يوكليو: نعم، نعم، بالتأكيد. دعونا نقيم الفرح.

لوكونيديس: شكرا سيدي، لكرمك الزائد.

يوكليو: انتظروا لحظة. عندي الآن مشكلة، وهي حفظ الجرة في مكان آمن. أين أخفي جرتي الجميلة؟ أين؟ أين؟ هذه مشكلة! (يصمت مدة طويلة) ها هي الجرة، خذها يا لوكونيديس.

لوكونيدس: ماذا؟ تعطيها لي؟

يوكليو: نعم! خذها، واحتفظ بها فهي لك، واصرف ما بها على ابنتي. فهي مهرها.

ميجادروس: ياله من فعل رائع يا يوكليو!

يوكليو: طول الليل وطول النهار، لم أر بسببها لحظة أمن وسلام وأنا مسخر لحراستها. كل يوم، أغير مكانها على الأقل عشرات المرات. أقل ضوضاء، تصيبني بالهلع والرعب. الآن، خذها يا لوكوبيديس، وافعل بها ما تريد. الآن، أستطيع أن أنام بالليل في سلام لأول مرة.

ميجادروس: إنك حقا رجل حكيم، يا يوكليو. لقد تحققت أخيرا من أن القناعة، وراحة البال، والنوم باطمئنان أثاء الليل، أثمن من مئات جرار الذهب اللامع الجميل. الآن، دعونا نحتفل بزفاف لوكونيديس على فايدريا.

ميجادروس: (يهمس يوكليو في أذنه. فيتجه إلى المشاهدين.) إلى أصدقائنا المشاهدين، نوجه دعوتنا لكم جميعا لمشاركتنا وليمة الزفاف.

(يدخل الجميع البيت، وينزل الستار)

تمت











#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحل الأمني وحده لا يكفي لمحاربة الإرهاب
- سنة سودة ولا أمل في إصلاح ديني
- أرسطو، فكر تحتاجه بلادنا (2)
- أرسطو، فكر تحتاجه بلادنا
- البيت المسكون، لبلاوتوس
- الخديوي إسماعيل المفترى عليه
- الكستيس، ليوريبيديس - هل يمكن أن تفدي الزوجة زوجها بحياتها؟
- نساء طروادة، ليوريبيديس - صرخة ضد الحرب والعبودية
- إفيجينيا، ليوريبيديس - التضحية بالأبناء إرضاء للرب
- إلكترا، لسوفوكليس
- أنتيجون لسوفوكليس، أقدم صرخة في وجه الدكتاتورية
- الدراما الإغريقية
- بروميثيوس مغلولا لأسخيلوس
- هل يمكن أن نقتدي بعصر النهضة الأوربية
- إراسموس – من رواد عصر النهضة
- قصة الموسيقى الغربية – ديفورجاك-تشايكوفسكي-آخرون
- في عيد أمنا الأرض
- قصة الموسيقى الغربية – فاجنر
- قصة الموسيقى الغربية – ميربير-ليست-برامز
- قصة الموسيقى الغربية – مندلسون


المزيد.....




- نتنياهو يعلق على قبول حماس وقف إطلاق النار والسيطرة على الجا ...
- لوكاشينكو: العالم أقرب إلى حرب نووية من أي وقت مضى
- غالانت: عملية رفح ستستمر حتى يتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح ...
- الرئيس الجزائري: لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة مع فرنسا ...
- معبر رفح.. الدبابات تسيطر على المعبر من الجانب الفلسطيني مع ...
- حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- كاميرا مثبتة على رأس الحكم لأول مرة في مباراة الدوري الإنكلي ...
- بين الأمل والخوف... كيف مرّت الـ24 ساعة الماضية على سكان قطا ...
- وفود إسرائيل وحماس والوسطاء إلى القاهرة بهدف هدنة شاملة بغزة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد زكريا توفيق - جرة الذهب، لبلاوتوس