أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر حسن - الإنتخابات......... نقاء الفكرة وبداوة المنجز















المزيد.....

الإنتخابات......... نقاء الفكرة وبداوة المنجز


عامر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1283 - 2005 / 8 / 11 - 11:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يعد خافياً ان الهزة التي عصفت بالعقل العراقي بعد انهيار سلطنة البعث، ادخلت العراق في ازمة مركبة تمحورت في العلاقة بين ادوات النهضة وعلل التخلف ، وادت الى ظهور ما كان مضمراً في كوامن الحركات الاسلامية والعلمانية من قهرٍ وحيفٍ وضرٍ وطرٍ ،فبرزت الى الوجود توازنات روحية وعقلية وسياسية تراوحت بين السيطرة البربرية المتمثلة في المحاولة لاغتيال العقل او الغائه ومحنة النهوض الذي تنزع نحو مدنية قادرة على اسقاط كل انواع خوف الفرد الذي ما زال يشعر انه مقذوف في دائرة مغلقة تسعى لتهميشه تأريخياً.
لقد توجت هذه الارهاصات بخلط مقصود للماضي والحاضر مما خلق هوة عميقة في صرحنا! المضطرب سيظل تأثيرها عالقاً حتى امد بعيد في تاريخ (سلطنة التحرير) التي تصور البعض ان يومها قريب من لحظة القيامة فعاث في الارض فساداً قبل حلول الساعة فانهارت الكثير من التوافقات الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لتحل محلها المحاصصات الدينية والطائفية والاثنية، ولعل الاخر يراها نتيجة حتمية لموجة التغير والنهوض فيما نراها مجرد خلطة انانية لاعادة توزيع الثروة بطريقة ثيوقرطية ومركزة للسلطة باساليب قاجارية.
توج هذا الخراب( خراب دكتاتورية الواحد الاحد) وخراب ( التحرير والاحتلال) بنزهة وطنية حملت روح التحدي والتجديد في نقاء فكرتها وتخلف ادواتها، انها ورطة الانتخابات التي اقتحمت الساحة السياسية قسراً ، ربما يتصور البعض اننا بالضد من هذا المنجز (المنتظر) ويغضب البعض لأننا نحاول طمس روح التحرر والتطور والحرية والديمقراطية في بلدٍ عانى من ويلات الانظمة البونوبارتية والتسلط المطلق، ولكي تكون الصورة اوضح في طرحنا هذا عمدنا للرجوع الى ما تعلمناه من علوم الاجتماع والتي يمكن ايجازه بموضوعة العلاقة بين الحضارة والمدنية، فليس كل مجتمعاً حضارياً يكون بالتحصيل الحاصل مجتمعاً مدنياً، فيمكن للشعوب ان تتلاقف وتتلاقح مع نعم العلوم والتكنولوجيا والتطور في كافة مناحي الحياة الحضارية، فالشعوب العربية تحولت من مجتمعات رعوية وفلاحية الى صناعية وتقنية( بحدود معينة) ودول ريعية ، ولكن هذا لا يدفعنا للتصديق بانها اصبحت امماً مدنية قادرة على انتاج مجتمعاً مدنياً !!!! فالفرق واضح في السلوكيات الفردية والجمعية وبين ما وصلت اليه من تطور صناعي وعمراني ، وبنظرة الى طبيعة التوافق والانسجام بين الحضارة والمدنية الغربية يعطينا مؤشرات واضحة ودقيقة للمستويات العليا لهذا التطور التاريخي الذي أهل المجتمعات الغربية لان تصل الى قمة الحضارة والمدنية كونها امماً تمارس دورها يتناغم وارتباط وثيق بين المفهومين ، بمعنى ان انفراط العروة الوثقى بينهما يحول التحديث الى كارثة معرفية تؤدي الى موت وهزيمة المدنية ومن ثم تحولها الى كابوس بربري يعيد انتاج وصناعة مجتمعات بدوية في سلوكها الاجتماعي في ظل مجتمع يرفل بقوى ووسائل انتاج استهلاكية متطورة. وهتا يدق ناقوس الخطر، خطر التحديث بالمقلوب.
اذن علينا البحث في مصادر التناقض بين المفهوم الحضاري والمدني في تجربة الانتخابات العراقيةالتي نهض من جلبابها برلمان عراقي يحمل في طياته شعارات كبيرة وجبارة اذهلت! القوى البرانية التي تراها انجازاً كبيراً تم بمشاركة اكثر من 8 مليون ناخب في اختيار (( ممثلي الشعب)) العمود التشريعي في دولة المدنية والحضارة. نحن لا نريد اجترار ما ذكر عن الانتخابات وتاثيرات القوى الداخلية والخارجية عليها لتخرج بعباءة مثقبة برصاص (الاخوة الاعداء) لتغور بعدها بازمات كبيرة ستعيد العراق ( اذا بقي الحال كما عليه بدون منقذ داخلي او خارجي) مجده الدموي في الحروب الساخنة والباردة. يكاد النقاش حول الانتخابات يتمركز بضرورتها وجدوها والموقف من دورها في ارساء الديمقرطية واعادة بناء الانسان لمؤسساته الدستورية والتشريعية ومستقبل ما تؤول اليه الفترة التي تعقب اجراءها ، هذا النقاش الذي شق المجتمع العراقي الى قوتين متصارعتين لكل منها رؤياه وتكتيكه في استلاب او اكتساب منجزاتها والبكاء على اخفاقاتها وما جلبت من نخب بعضها يستحق الاحترام والتقدير واخرين لم يكونوا مؤهلين لدخول برلمانها المنتخب !! .
لا شك ان هناك خلافات بين ( المعسكرين) ، فالاول يعتبر نفسه منتصراً بكل ما تعنيه الكلمة من سيطرة حديدية على القرار السياسي والاقتصادي بل ويتعداه الى اعادة رسم لوحة المجتمع العراقي بالطريقة التي يراها حتمية ولا رجعة فيها فيمارس دوره الرسولي وكانه تنزيل جديد لا لبس فيه ولا سقطات ، وبهذا التوجه يكشف عن حلمه البربري في اسقاط دور النخب المعصومة على الكل الملوث بالخطيئة، وبالمقابل يقف المعسكر الثاني في مواجهة مستمرة على مضضٍ مع القيادات المعصومة من الاخطاء القومية والدينية بموجب قرارات وقوانين تمت صياغتها وسبكها في حاضنة المحرر الذي يمتلك قوة تطول البرلمان المنتخب ومن صوت له بوعي او بإكراه، هذا المعسكر يدرك جيداً ان ما جرى كان لاسباب يعرفها القاصي والداني ، حيث جمدت فيها العقول وانتهكت فيها المحرمات الوضعية والسماوية وتجاوز (الديمقراطيون الجدد) حدود اللعبة السياسية والاخلاقية للتتحول فضاءات الحرية المكتسبة الى حواصر للتخلف والاجبار والاكراه والفتوى السرية وبدع التقليد والامامة المستوردة خصيصاً لتكريس النهج الصفوي بطرق عراقية وغيرها من وصفات العقلية البدوية بوعي اقل ما يقال عليه هو اعادة انتاج فكر القروسطية في زمن العولمة الاجبارية.
لقد شاب الانتخابات السابقة خلطاً معرفياً وسجالاً عقلياً لم ينتبه له ذوي الخبرة والاختصاص وتحلق حولها مريدي الانغلاق المعرفي داخل حلقات الماضي الرتيب واسقاط مايمكن اسقاطه على واقع لايتوافق ولا يتلائم معه وبالتالي عجزه الفكري والثقافي من ملاحقة الواقع واقتناصه لسبب لا يتجاوز غياب المواطن الذي غيب قسراً، هذا الغياب الذي ساهم فيه المواطن كونه تعامل مع الجديد بوعي املائي وتاثير سحري وغيبي ونكران لقوة الذات، ومتسلط بشتى الاساليب القومية والدنية التي تتهافت على ضعف وانحسار المبادرة في تحليل وتصويب ما افسدته الانظمة والايدولوجيا والمذاهب والتطرف المذهبي والاثني. من نافل القول ان الانتخابات العراقية افرزت بعداً معرفياً يتمثل في غياب المدنية في ظل مجتمع حضري غالبية سكان مدنه ينتمي الى جذوره الريفية ، لا نريد ان نخوض غمار هذه العلة الكبيرة كونه من اختصاص الاكاديمي الصامت، بل مانريده هو ، نحن انجزنا انتخابات ذو طابع حضاري ولكن بادوات وكيانات بدوية غير قادرة على استيعاب وتسلق الهرم المعرفي كونها تعيش في غيبوبة مزمنة. نحن امام ازمة وطنية تتمثل بالفارق بين الطموح والواقع، طموح الذات المفكرة وواقع الذات الاملائية المغيبة طوعاً او قسراً. السؤال الكبير هل نحن مؤهلون لخوض تجربة جديدة في ظل كل هذه الاشكاليات – المدنية والبداوة- التعصب المفرط/ الذات المغيبة/ المرجعيات المتسلطة/ امارات التقليد/ حاكمية االه/ المطلق الثيقراطي لدى االخليفة الارضي والامير التكفيري والشاهنشاه القومي وغيرهم من اصحاب ابن تيمية والولي الفقيه.
والسؤال الاكبر ... هل الانتخابات هي استحقاق وطني ام ضرورة طائفية وقومية؟ فاذا كان الامر يتعلق بالوطنية ، فاننا بحاجة الى مراجعة ومتسع للوقت كي نتسلح بوعي جمعي ونقيم مجتمعاً مؤهلاً لفهم الديمفقراطية وثقافتها وهذا ينطبق على الحاكم والمحكوم ، المرشح ومريده، اما اذا كانت ضرورة من ضرورات الطائفة الممتنعة او الطائفة المتعطشة للدلو بشؤونها وشجونها على ورقٍ يمر عبر صناديق الاقتراع ليرشح الى مزابل الضحك على الذقون ثم الى كراسي التخلف وقوة التسلط والبطش البربري ، فنحن بحاجة الى مراجعة قاسية للكشف عن فداحة المشهد وماساته لنكون على بينة من الامر وخفاياه ليتسنى للدستور واهله لان يتموا عملهم الخارق في ظل مجازر الفساد اللغوي والفئوي ليصلنا مخبطاً بدماء الطائفة والعصبة والقبيلة والعشيرة وعناد القوميات الكبيرة والصغيرة ولكن بحروف عربية وكردية فيرضي النخب المهيمنة( وطز) بالعامة المغيبة. كل هذا سيجري في ظل الحجب القصدي لدور المثقف الذي يقبع في حيرة من نقاء الفكرة وبدواة المنجز.
في ظل هذا الانحطاط يقف بيننا المعلم الكبير( هيغل) ليصرخ من جديد ليقول عن الجزيرة واهلها(( بلد الصحراء، البلد الاعلى، مملكة الحرية بدون حدود والتي خرج منها اكثر تعبيرات التعصب غلواً)). كان هذا في الزمن الغابر ... فما حالنا ونحن نرزخ تحت مرمى قناصي اللحظات البدوية.
انها دعوة للحوار وتسليط الضوء على المعلن والمخفي ، انها دعوة لكل المثقفين والمبدعين والاكاديمين وذو اخبرة والاختصاص للمشاركة في كشف الحقيقة بوعي وعقل ثاقب لتنجلي عن سماء المواطن العراقي كل انواع الظلالة والمساهمة في فضح كل ابعاد الازمة وفك اسر العراق والعراقيين.



#عامر_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شفاء المشاعر


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر حسن - الإنتخابات......... نقاء الفكرة وبداوة المنجز