أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبد الخالق السر - السلام الاجتماعي المفقود00 أو الحقيقية العارية كما جسدتها المجزرة














المزيد.....

السلام الاجتماعي المفقود00 أو الحقيقية العارية كما جسدتها المجزرة


عبد الخالق السر

الحوار المتمدن-العدد: 1282 - 2005 / 8 / 10 - 07:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بقدر ما كان الرحيل المأساوي لزعيم الحركة الشعبية "الأسطوري" جون قرنق يحمل كل سمات الفجيعة واكتمال المأساة ، إلا أن التداعيات الأليمة التي انبثقت على الصعيد الاجتماعي عقيب هذا الرحيل كانت من الحزن والأسى بما لا يقاس0

لقد أبانت الاضطرابات الفوضوية التي ضربت أنحاء العاصمة القومية وبعض المدن حقيقة بشعة طالما تخفت بين طيات ديماجوجية الخطاب السياسي وأطنان الشعارات الرومانسية المبتذلة طيلة حقب وعهود في محاولات هي الهروب بعينه عن مواجهة الواقع بشجاعة يكون معها إمكانيات الشفاء أقرب للنجاعة منه إلى الوهم كما أبانته الأحداث الاخيرة0

إن الهرولة بقوة نحو السلام السياسي بشكله الفج المطروح طيلة العهود السابقة وطرحه كأجندة سحرية لحل كافة اشكالات وطن بهذا التعقيد والغبائن يعبر بحق عن اشكالات ذهنية حادة تعاني منها النخب التي تعاورت أقدار البلاد والعباد منذ الاستقلال وحتى راهن اللحظة0 وما هذا التناسخ الذهني عبر الأجيال وشيوع ثقافة البلادة السياسية التي أورثنا لها الاستعمار إلا بعض ما يبعث على الأسى والقنوط من إمكانية أن ينهض هذا الوطن يوما ما على قدميه0

إن الانشغال بهذه الكيفية في ترميم ما أفسدته السياسة ومن منطلقات سياسية أيضاً لا يعبر عن شيء سوي إعادة إنتاج الأزمات مجدداً وفي كل مرة بكلفة أكثر فداحة عن ذي قبل، لأن الأمر ببساطة ينبئ عن استسهال أو استغفال إن شئنا الدقة في محاولة هذه النخب لتسويق الأزمة التي يرزح تحتها الوطن0

فالأزمة السياسية – مع إقرارنا بها- إلا أنها ليست سوى انعكاس لكامل أزمات الوطن الاجتماعية، الثقافية ، الاقتصادية المستفحلة ، ومؤخراً الدينية العميقة، وأي محاولة لطرح الإشكال السياسي بهذا النوع من التجريدية التي درجت عليها النخب السياسية لهو نوع من الاستخفاف لا يفضي إلا إلى مزيد من التعقيد ومزيد من إهدار الفرص الحقيقية لتجنيب البلاد الانشقاق والتفتت، والذي بات الآن هو السيناريو الأقرب كما لم يكن من قبل0

إن الركون لذهنية هروبية لا تجيد سوى القفز فوق الاشكالات الحقيقية والتعويض عن ذلك بشعارات زائفة تبعث على طمأنينة لا يعززها الواقع ، أو إطلاق الأماني والرغائب من عقالها بغير حصافة أو حكمة لم يعد يجدي شيئاً ، كما أن الانصراف نحو إيجاد حلول سياسية توفيقية لا تصمد طويلاً أمام التناقضات الاجتماعية، الدينية والثقافية حري بها أن تنتج مثل تلك الحوادث الكارثية التي أعقبت وفاة قرنق0

لقد ضاعت ومنذ زمن بعيد في زحمة التدافع السياسي الجهود الحقيقية لما يمكن تسميته بأجندة السلام الاجتماعي- الثقافي المستصحب وعياً عميقاً بأسس التنوع العرقي، الثقافي والديني الذي يشكل بنية الوطن0 فعلى أرض الواقع ، وعلى مر العهود السياسية كان العمل الدؤوب لأجهزة الدولة الرسمية وعلى كافة مستوياتها ينصب بهمة لتعميق التناقضات القائمة أصلاً بين هذه الأعراق والثقافات التي تشكل النسيج الاجتماعي للوطن0 وتكمن المفارقة في أن كافة الأطراف المتنازعة والباحثة عن حل سياسي يعيد للوطن هدوئه وصفائه لا تجد ما تعزز به شرعيتها لدى قواعدها سوى تبني ذات المفاهيم الاقصائية المكرسة لذات التشظي المفضي للاحن والضغائن والتي وجدت لها طريقاً سالكاً هذه المرة لتفصح عن نفسها في المجازر التي تمت مؤخراً0

فعلى الدوام كنا نجد أن آلية الدولة تعمل على ترسيخ ذات الثقافة المنتجة لكافة أشكال الاستعلاء العرقي- الديني والثقافي، والممثلة في ثقافة المركز الداعية بقوة السلطان للذوبان أو التهميش كخيار وحيد في حالة عدم الانصياع 0 وبالمقابل، لا يملك القطب الآخر في المعادلة تصوراً متسامياً لما يجب أن يكون عليه مستقبل السلام الاجتماعي للوطن سوى ذات الذهنية الاقصائية وأماني تبادل ذات الأدوار الشريرة ، ولا بأس أن يتغلف ذلك ببريق شعاراتي لا يلبس أن ينكشف زيفه في أول معترك0 لذلك لا غرابة أن يظل الخطاب الرائج هو التذكير الضاغط على الذاكرة الجمعية بالمظالم التاريخية وإيقاظ الغبائن والعمل بهمة على تنمية مشاعر الكره والإقصاء!!0 كل هذا – وللمفارقة- يتم من خلال العمل السياسي الباحث عن سلام سياسي!!0

إن حرص كافة الأطراف النخبوية السياسية على تمثل قيم الثقافة السالبة لقواعدها والمنتجة لكافة الرؤى الاقصائية المتسقة مع جملة مشاعر الكره والبغضاء المستبطنة يكشف بجلاء هذه الهبة الرعناء التي ظللت سماء الخرطوم في الأيام الفائتة0

إن ما حدث يشيء بقدر لا يحتمل اللبس ، أو المجازفة في القول انه لم يعد بالإمكان دفن الرؤوس في الرمال ، وان الركون للمراوغة السياسية بغية الوصول إلى السلطة والتي درجت عليها النخب هي عين الكارثة المحيقة بالوطن0 فالشعارات الصاخبة (ما في شمال بدون جنوب .....) .... وغيرها ، لم تعد بذات الجدوى ، طالما لا نملك الشجاعة لتغيير منظومة القيم والمفاهيم التي استبطنت اللاوعي عبر الزمن، وذلك بتفكيك العناصر التي تغذي الامتيازات التاريخية المثبتة لهذا الواقع المنتج لكافة أشكال الظلومات الاجتماعية0
إن رد الاعتبار وبشكل عملي – لا يقبل اللبس- للتعددية الثقافية، العرقية والدينية التي ينبني عليها الوطن هو المخرج ، أما الانسياق وراء حشد القواعد باللعب على أوتار الكره والاستعلاء (هاك من دار جعل) واحياء الدلالات السالبة لمصطلح (المندوكورو) بكل شحناته "البغضوية" فيعني سوق البلد إلى حتفها، كما أن من يفعلون ذلك هم مجرمي حرب مهما ابتسموا أو تشابكت أياديهم وسط الهتافات والزغاريد!!!0



#عبد_الخالق_السر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكم -الحجاب- من منظور تجريدي إلى واقع متكامل من القهر المعنو ...
- على هامش مأساة أبليس 000 ما مصير جماعات الاسلام السياسي في ح ...
- العمالة الاجنبية في السعودية بين مطرقةالدولة وسندان المجتمع
- بعض من أزمات الفقة المعاصر ... -ركاكة فتاوى المرأة-. ابن باز ...
- تداعيات ثقافة الفقر وأثرها على سلوك مجتمعات القرن الإفريقي ب ...
- مآلات دولة -الطهارة الفرعونية ... وظاهرة الوهابية كافراز حتم ...


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبد الخالق السر - السلام الاجتماعي المفقود00 أو الحقيقية العارية كما جسدتها المجزرة