أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصاوي - تجربة اللعب في الدماغ















المزيد.....

تجربة اللعب في الدماغ


خالد الصاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1280 - 2005 / 8 / 8 - 11:05
المحور: الادب والفن
    


ليس المقصود هنا الاستمتاع بكتابة المذكرات، بل كشف كواليس التجربة ليتمكن كل مهتم من دراستها واستخلاص النتائج حتى نتحرك جميعا خطوة للأمام.

في عام 2000 كتبت نسخة أولى من اللعب في الدماغ، كنت مهموما بكشف دور الإعلام في تشكيل وعي الجماهير مستفيدا في ذلك من عملي كمخرج بالتلفزيون منذ عام 1994، قرأت النص لأعضاء فرقتي المسرحية "الحركة" والتي كوّناها عام 1989 لتكون المتنفس الحر لأنفسنا ولفننا من هيمنة البيروقراطية ومقاولي المسرح وقدمت بها من قبل 5 مسرحيات وتجربتين فيلميّتين.
وتشجع الجميع للفكرة حتى اندلعت انتفاضة الأقصى وصار ذلك النص أضعف من الأحداث، وشرعت أفكر فيما يستحق عمله مسرحيا للتفاعل مع ذلك الحدث الجلل الذي ضخ الدم في عروق أجيال عانت التراجع والاستسلام، وطرحت أفكار المشاريع المسرحية المختلفة: "موريستانيا" أو أرض الفساد التي تتحتم عليها المواجهة مع طاغوت روما القديمة،
ومشروع مسرحي يتناول الانتفاضتين ويفضح الدور العربي والدولي في حصارهما،
والحروب الصليبية من وجهة نظر المهرجين،
والحق يقال.. لم أكن متحمسا في أعماقي إلا لنسخة جديدة من اللعب في الدماغ.
مضى عامان كاملان دون أن نستطيع العثور على منتج لأي من المشاريع المذكورة رغم النجاح النسبي لتجاربنا السابقة، وبدأت نذر الحرب على العراق لتغير جميع الخطط مرة أخرى.
دعوت الفرقة للبدء من الشارع حيث أول مظاهرة احتجاج ضد ضرب العراق، علقنا شارة الفرقة وانضممنا إلى المظاهرة وشاركنا بهتاف مغنّى، ثم اجتمعنا بعدها لنناقش ما يجب فعله.
ويوما بعد يوم ومن خلال المناقشات السياسية ومتابعة الأخبار والبرامج التلفزيونية حللنا الوضع الحالي وتخيلنا المستقبل القريب وعلقنا على مشاريعنا المسرحية ومن ضمنها النسخة الأولى من اللعب في الدماغ، ولأن الحضور الإعلامي كان طاغيا في عملية ضرب العراق فقد تعاطفت أغلبية المجموعة مع الإطار العام للعب في الدماغ الأولى -حيث البرامج التلفزيونية هي البطل الأول للعرض- ولكننا أجمعنا على حاجتنا لمضمون أقوى.
وبدأت في تقسيم العمل وفقا للخطة الجديدة، فأسندت لزميل مهمة تسجيل البرامج والأخبار ولآخر جمع المادة الصحفية ولثالث تقديم التحليلات السياسية المختلفة، وتشكلت مجموعة عمل تعرف أنها ستقدم عملا مسرحيا متمردا دون أن تعرف متى وأين أو ما هو الشكل النهائي للعمل المأمول، وبدأنا بالفعل في إجراء تدريبات الارتجال في بيتي حتى وافقت د. هدى وصفي مدير مركز الهناجر للفنون على تقديم عرض لفرقتنا بعنوان اللعب في الدماغ، قدمت النسخة الأولى للنص مع تأكيدي أنها لن تكون النسخة الأخيرة، وبدأنا العمل في الهناجر في مطلع عام 2003 ودعوت زميلا للكتابة معي وزملاء آخرين للتعليق على هذه الكتابة حيث كنت آمل أن يخرج النص إبداعا جماعيا كما حدث عام 1998 مع عرضنا "أنطوريو وكيلوبطة!"، ولكن يوما بعد يوم تراكمت المعوقات أمام العمل الجماعي في النص، فانفردت بالكتابة وقد استفدت كثيرا من أفكار وجهود يحيى فكري ومن اقتراحات سيد فؤاد وعطية الدرديري وعمرو رشاد.
كنت وقتها أمثل في عرض حلم ليلة صيف إخراج المخرجة السويدية إفا برجمان، وساعدني ذلك على الاقتراب من طريقة تفكير الفريق السويدي وخبرته الممتدة من السبعينيات إلى الآن، فناقشت الفكرة مع السيدة برجمان ومع الدراماتورج لينا فريدل واستفدت من أفكار بريتا بابيني حول "بناء الجمهور" أو طرق كسب الجمهور لهذه النوعية من العروض خاصة للفرق محدودة الإمكانيات مثلنا وقابلت في السويد مسرحيين ثوريين واستمعت لتجربتهم، وفي القاهرة كان نشطاء مركز الدراسات الاشتراكية وحركة 20 مارس من أجل التغيير رافدا مهما في بلورة الكثير من تصوراتي السياسية التي انعكست على النص، وبدأت في نهم أجمع ملاحظات الجميع -وخصوصا الممثلين- ثم أنكب على دراستها وتحليلها، وأكتب في المساء ما أجربه في بروفات النهار ثم أعدل الكتابة في المساء وهكذا حتى كتبت النص 5 مرات ما من مشترك بينها إلا الخطوط العامة لبعض الشخوص والأحداث، كنت ألهث وراء الأحداث الساخنة من جهة ووراء الارتجالات والتجارب اليومية من جهة أخرى.
وفي ظل هذه العملية المتغيرة كان زملائي يعانون معي وأعاني معهم أيضا، المدة طالت (عام كامل من البروفات)، ولم يصرف لنا مليم واحد (ليس قبل انتهاء 15 ليلة عرض)، هناك من خاف من سياسية الموضوع ومضى متعللا بأعذار كاذبة، وهناك من عذبنا بتغيبه المستمر وتأخره عن البروفات، هناك من تمرد على فكرة تغير دوره يوميا، وهناك من وقف بجواري من أول يوم لآخر يوم واضعا فيّ ثقته الكاملة وأبرزهم نرمين زعزع (نادية الضبع) وساعدي الأيمن في تنفيذ العرض مروة فرج، ولكنني لابد وأن أشكر جميع من تحملوا معي قسوة هذه التجربة بشجاعة كبيرة:
سيد فؤاد الجناري، عطية الدرديري، عمرو رشاد، شهاب إبراهيم، حمادة شوشة،
فاطمة السردي، محمد بركات، أوديت صفوت، ياسر فؤاد،
محمد عبد الوهاب، ابراهيم غريب، ممدوح مداح وهيثم عامر،
وكل أسرة مركز الهناجر للفنون ممن شاركوا في تنفيذ العرض وإدارته.
ورغم الدعم الكامل للهناجر لي إلا أنه تحتم الاحتكاك بيننا أكثر من مرة، فأنا أماطل في تقديم النسخة الأخيرة للرقابة والهناجر يماطل في تحديد موعد العرض، أحاول الحصول على ميزانية أكبر والهناجر يحاول تقليص الأجور، وفي نفس الوقت كنت أشتغل على الأغاني وحدي ثم أنسقها مع زميلي الموسيقي عمرو إسماعيل، وحاول مراد عبد الله إنقاذ التعبير الحركي وكذلك فعل وليد الشهاوي في التدريب الصوتي، واندلعت الخلافات داخل الفرقة حول الالتزام ومعنى العمل الجماعي وديمقراطية الإدارة وحدود سلطة المخرج، وفي نفس الوقت كنت أحضر المناسبات التي يمكن فيها تعريف الناس بمشروعنا لتكوين جبهة تساند العرض ضد الاعتراضات المحتملة للرقابة أو السفارة الأمريكية، ووزعت ورقة باسمنا في المؤتمر الدولي لمقاومة الهيمنة الأمريكية والعولمة الرأسمالية والتضامن مع المقاومة العربية، ومع اقتراب العرض أرسلت عددا مهولا من الرسائل الإلكترونية ورسائل المحمول لتعريف الجميع أن فرقة الحركة تنوي دخول معركة كبيرة هي هذا العرض، وطالبت الجميع بمساندتنا في مواجهة الاعتراضات التي كنت أتوقعها من عدة جهات، ثم اتجهنا للجامعات والنوادي ولمعرض القاهرة الدولي للكتاب حيث لاقينا جمهورنا المستهدف وسلمناه دعايتنا يدا بيد والتي كانت في صورة منشور مسرحي:
(عاوز تقول لأ للاحتلال الأمريكي والعدوان الصهيوني؟
عاوز تقول لأ للفساد والفقر؟.. انضم لنا في "اللعب في الدماغ")
كنت سعيدا بأني تعلمت من تجاربي وأخطائي السابقة في قيادة المعارك بالاتحادات الطلابية والاحتجاجات النقابية، وكنت مصمما على تجنيد الجميع على مهمة واحدة.. مسرحية "حرة" بحق.
وجاءت ليلة عرض الرقابة.. وجاءت المشاهدة الأولى لإدارة الهناجر للعرض في صورته النهائية في نفس الليلة، كنت قد دعوت مئات النشطاء والطلاب، ودعوت فنانين كبارا لهم ثقلهم كانت أبرزهم السيدة نادية لطفي التي كان لدعمها العرض في تلك الليلة تأثير عظيم، وكانت الرقيبتان شجاعتين فساندتا روح المقاومة في المسرحية وكانت د. هدى شجاعة كعادتها فساندت العرض رغم اختلافها مع مضمونه السياسي، ونجح العرض الأول، ووسط حماسهم خرج الحاضرون ليتولوا بأنفسهم الدعاية للعرض.. وتدفق الجمهور.
وعلقت لافتة "كامل العدد" من أول ليلة للعرض في 25/1/2004 لآخر ليلة عرض في 5/5/2004، تدفق الإعلام المحلي والعالمي وكبار الشخصيات العامة من الفنانين والمثقفين والسياسيين من مختلف الاتجاهات جنبا إلى جنب مع آلاف الطلاب والمهنيين، وحضرت عائلات بأكملها، صافحني بحرارة أبطال القوات المسلحة الذين حاربوا في 1967 و1973 وفي أعينهم دموع وحماس، رأيت منقبات كثيرات يحضرن العرض وحياني أكثر من مرة رجال ملتحون جنبا إلى جنب مع خليط من شيوعيين وناصريين وشباب من الحزب الوطني، وتحدثت للجمهور في ندوات عدة وجاهرت بشعار المناضلة الشهيدة روزا لوكسمبورج "حين يصبح الظلم قانونا.. تضحي المقاومة واجبا"، ووزع النشطاء بياناتهم السياسية على جمهور المسرحية، وصارت هناك ظاهرة مسرحية-سياسية اسمها اللعب في الدماغ جنيت منها أهم ما جنيت دائرة رائعة من العلاقات المحترمة بأناس جلّ ما يريدونه هو مساندة الرؤية الحرة.
ولكي أوطد علاقتي بالجمهور وزعت استمارات التعارف واستطلاع الرأي التي قام بتحليلها الناقد الشاب نبيل بهجت وقد تعرفت عليه في العرض وفاجأني بتحليلاته المبدعة وكان سببا أساسيا في عزوفي عن استخدام كلمة "كباريه سياسي" لتوصيف العرض باعتبارها كلمة حق ترمي إلى باطل، وتبنيت تسميته "مسرح الضد" لتوصيفه، وكشف لنا تحليل استطلاع الرأي أننا على الطريق السليم، درسنا انطباعات الناس وفهمنا نوع جمهورنا، وساندني شباب الصحفيين الشرفاء في قطع الطريق على احتمال قيام السفارة الأمريكية بالاعتراض على العرض..
وفي نفس الوقت كانت هناك معركتان فرعيتان تنموان في الظلام..
معركة مع الهناجر ومعركة مع الحركة!
هناك تناقض جوهري في العلاقة الأهلية-الحكومية جذرها استمرار هيمنة الدولة القابضة التي أنشأها نظام يوليو والتي لا تقبل بأي شراكة مع النشاط الأهلي بل تفرض شكلا واحدا هو التبعية والخضوع، ووزارة الثقافة واحدة من هذا الهيكل بالطبع، وإذا كان للهناجر أن يفاخر بكونه مؤسسة شبه ليبرالية نمت على هامش الوزارة في مطلع التسعينيات إلا أننا لا ننسى أن جزءا مهما من فلسفة إنشائه كانت مد المظلة الحكومية على النشاط الأهلي الوليد والمسمى بتيار المسرح الحر بحيث لا يخرج المسرح "الحر" للنور إلا من نفق المؤسسة الحكومية، وهكذا تكوّن موقفي المركب من الهناجر.. أدعمه لأنه يدعمنا، وأتصارع معه أحيانا لترسيم الحدود بين سلطته واستقلالنا، وهكذا دب الخلاف بين الهناجر والحركة حول تصريحاتي الصحفية التي أنسب فيها نجاح اللعب في الدماغ للحركة أكثر من نسبته للهناجر، وأوقف الهناجر العرض على أساس أنه حصل على فرصته وزيادة واعدا إيانا بإعادته لاحقا، ومنع تصويره في آخر ليلة.
انطفأت المرحلة الأولى من اللعب في الدماغ، وأطفأ الهناجر أضواءه حتى خرج علينا بالعرض الأمريكي "بلدتنا" فاندلعت المعركة بيننا على ساحات الجرائد، الهناجر يتهمني بالمزايدة وأنا أتهمه بالمساومة، وأحب أن أوضح أن طبيعتي الحادة تجعلني شرسا في المعركة، ولكن هذا لا يلغي عظيم حبي واحترامي للسيدة د. هدى وصفي التي سأظل أحمل لها الجميل ما حييت.
كانت المعركة الثانية داخل الفرقة (20 عضوا عاملا) حيث بدأ اتجاه معارض لإدارتي للتجربة ينمو بالتدريج، وتشكلت جبهة ضدي بدوافع شتى، وفي لحظة معينة كانت الغالبية ضدي وكان علي أن أصارع من أجل الاستمرار في القيادة بصفتي المخرج من جهة وأقدم الإداريين من جهة أخرى، وكان علي أن ألم شملنا أمام الجمهور سواء في العرض أوفي الندوات، وكالعادة كنت شرسا في هذه المعركة رغم حبي العميق لكل زملائي، كنت أريد تجربة ناجحة تعطي الأمل لآلاف الشباب أيا ما كان الثمن، كنت أحلم أن يردد الجميع أغنية الختام:
حييجي يوم مهما يطول الانتظار
والحب يقدر عالجدار
ويطل من طاقته الجميع
يتهد سور الانتظار
فوق الوحوش الشرانية
تدبل على الدم الشظيّة
ويولد الحب انفجار
حييجي يوم ويولد الحب انفجار
توقف عرض الهناجر، وأقمنا الجمعية العمومية السنوية للفرقة وتبادلت مع زملائي الاتهامات، وكان أقسى اتهام وجه إلي هو التسبب في إنهاء العرض بالهناجر بصداميتي الدائمة، ومع ذلك أعيد انتخابي للإدارة مع نفس مجموعة الإدارة السابقة، وتلقفت بحماس بالغ عرض د. محمود أبو دومة لتقديم المسرحية بمكتبة الإسكندرية في أغسطس، أعددت "منشوراتنا" المسرحية ووزعناها باليد على كل تجمعات الشباب بالإسكندرية، وطفنا المدينة بسيارة غطيناها بدعايتنا، وقدمنا العرض وصورناه لحسابنا بعد أن رفضت رقابة التلفزيون النص (!!)، ثم توقفنا مرة أخرى.
ولاح الأمل من جديد مع تمسك مسرح بيكولو تياترو الإيطالي بعرضنا في مهرجان البحر المتوسط في ميلانو، ويجب أن أشكر الحماس الرائع لمبعوثه لانفرانكو ليكاولي الذي استمات من أجل تقديم العرض في ميلانو، وتوقعت أن تعرقل وزارة الثقافة سفر العرض خاصة بعد أن علق وزير الثقافة في الصحافة على هجومي المستمر على الأداء الوزاري فيما يتعلق بدعم المسرح الحر، ولكن نبل د. هدى منعها من استغلال نفوذها لعرقلة العرض، وكان السيد فاروق حسني نبيلا هو الآخر حيث دعم سفرنا لتمثيل مصر بميلانو، وكان لمساندة الأستاذ شريف الشوباشي لنا دعم كبير، وأنا إذ أقدم لهم الشكر الآن فإن هو إلا واجب لا مصلحة من ورائه، ذلك أن الخلاف حول حرية واستقلال المسرح والفن عموما هو خلاف موضوعي بين مواقف متعارضة لا يحمل شبهة الضغائن الشخصية على الإطلاق، ومن هذا المنطلق أسمح لنفسي بأن أختلف وأتصارع مع أساتذة أحترمهم ثم أشكرهم ثم أتصارع معهم وهكذا.. بمنتهى حسن النية، حتى لو لم يتفهم الكثيرون ذلك في حينه.
وسافرنا إلى ميلانو في نوفمبر 2004 وقدمنا العرض على مسرح بيكولو (مسرح أوروبا) أحد أهم 3 مسارح أوروبية اليوم، وجاء أصدقائي السويديون لمشاهدة العرض، وكنت قد عانيت من أجل دقة الترجمة حتى يتسنى للمشاهد الإيطالي فهم العرض بقراءة الترجمة على الشاشة أعلى البروسينيوم (فتحة المسرح)، ونجح العرض بميلانو، وارتفع علم فلسطين بأيدي الشباب الإيطالي والعربي في الصالة في رابع ليلة، وأقيمت ندوة رائعة حضرتها المئات، وفي غمرة الحماس ليلتها طالبت الجميع بالانضمام إلى الجبهة العالمية لمقاومة الاستعمار العالمي والعولمة الرأسمالية، وقدمت للجمهور فكرة عن مشروع فرقة الحركة بينما المشاكل تعصف بنا في الكواليس.
وعدنا للقاهرة بمكسب ضخم وخسارة فادحة، كان المكسب هو العلاقة الوليدة ببيكولو تياترو والذي قمنا بمساعدته في الدعاية لعرضه كوزي فان توتي المقدم على الأوبرا الكبير في ديسمبر، أما الخسارة فهي تصدع العلاقات بين فريق العمل بما يعني أن رهاني الأصلي على أن النجاح وحده كاف لمولد ونمو الفرقة الحرة كان خاطئا لدرجة كبيرة.
لقد كشف الوقت وتجارب النجاح والإحباط والسفر ثغراتنا النفسية، وتحولت خلافاتنا داخل فريق العمل إلى روح عدائية بين الجميع، وصار لزاما علي أن أراجع نفسي والسنوات الخمسة عشر التي انقضت في مشروع فرقة الحركة وتيار المسرح الحر كله.
نحن لن نستطيع البناء على تجاربنا السابقة ما لم نكن صرحاء ومنطقيين وحازمين للغاية، لقد نجح اللعب في الدماغ ولكنه لم يكن كافيا لنجاح مشروع الفرقة، وما زالت الطريق طويلة أمام الحركة وأمام فرق المسرح الحر الأخرى، فداخل الحركة طمس الحد الفاصل بين الجماعية والفوضى، وفي المسرح الحر كله طمس الحد الفاصل بين الاستقلال والتهميش، على أن هذا الأمر يتجاوز هذه الورقة وسوف أنشر رأيي الكامل في قصة المسرح الحر ومستقبله بناء على تجربتي الذاتية في الموضع المناسب طارحا الأمر أمام شباب المسرح الأصغر سنة ليصلوا بأنفسهم لما ينبغي فعله اليوم وغدا.
أريد أن أشكر مركز المستقبل المصري على احتضانه لنشر النص وترجمته لأكثر من لغة وأتمنى له بالغ التوفيق.
آخر شيء..
ليس لتجاربي المسرحية السابقة -كالميلاد والمزاد- ولا لنصوصي التي لم أخرجها -كأوبريت الدرافيل- أي حق في الغيرة من اللعب في الدماغ باعتباره الأكثر حظا رغم كونه أكثرهم مباشرة، ولا للعب في الدماغ أن يفاخر إخوته بجماهيريته التي حرموا منها.. الدرس المستفاد الذي خرجت به من هذه التجربة.. تطويع النص لاحتياجات الخشبة، وتطويع العرض لاحتياجات اللحظة، ومقاومة اليأس مهما استبد.
كل حبي واحترامي
خالد الصاوي

حييجي يوم مهما يطول الانتظار
والحب يقدر عالجدار ويطل من طاقته الجميع
يتهد سور الانتظار فوق الوحوش الشرانية
تدبل على الدم الشظيّة ويولد الحب انفجار
حييجي يوم ويولد الحب انفجار

(الاخوة الأعزاء
كانت هذه مقدمة مسرحيتي التي نشرتها مؤخرا أقدمها هنا لأكشف كواليس التجربة ولا أضيف عليها الا عبارة واحدة هي في رأيي من الأهمية بمكان، فمع تطور الحركة في الشارع عدنا انا وفرقتي للالتئام مرة أخرى ونفكر حاليا في عمل ينبع من الشارع مما يؤكد لي ان الطريق الوحيد لتجاوز الاحتكاكات بين ذوات الفنانين انما هو الارتباط بحركة الشارع لا بالمقولات الذاتية الممجوجة.)



#خالد_الصاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو تحرير المسرح
- دعوة لمؤتمر
- بغني وسط العاصفة ب
- لماذا التظاهر؟
- كيف نميز الاشتراكية -الحقيقية- عن أي نظام أو تيار ليس له من ...
- لماذا نحن اشتراكيون؟؟
- غنوة لكفاية


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصاوي - تجربة اللعب في الدماغ