أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن عجمي - سوبر تفكيك الأصولية و الإرهاب















المزيد.....

سوبر تفكيك الأصولية و الإرهاب


حسن عجمي

الحوار المتمدن-العدد: 4513 - 2014 / 7 / 15 - 08:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بينما الديمقراطية عملية إكثار للمعلومات الصحيحة و الديكتاتورية عملية إقلال للمعلومات , الأصولية الدينية هي آلية اختزال للمعلومات. فمن خلال تقديم القدر الأكبر من المعلومات إلى كل فرد تضمن الديمقراطية حرية الفرد في اختيار ما يناسبه من معلومات فتضمن حرية الفرد في التصرف. و من خلال إقلال المعلومات و إخفائها تضمن الديكتاتورية سجن الأفراد في قلة المعلومات فتضمن قمعهم. لكن الأصولية الدينية تختزل المعلومات إلى معلومات كامنة في عقل إله مجرد من المستحيل الوصول إليه و إلى ما يملك من معلومات. و بذلك تمارس الأصولية الإرهاب العقائدي.

بما أن الأصولية اختزال للمعلومات , إذن الأصولية عملية إقلال للمعلومات تماماً كالديكتاتورية. لذا الأصولية تتضمن الديكتاتورية , و لذلك تؤدي بالضرورة إلى نشوء ديكتاتوريات طائفية و مذهبية. هكذا يفسِّر هذا النموذج الفكري لماذا الأصولية تسبِّب نشوء ديكتاتوريات دينية تقضي على الحريات و حقوق الإنسان. فبما أن الأصولية عملية اختزال فإقلال و اغتيال للمعلومات , إذن تمنع الأصولية بناء المعلومات الصحيحة كما تمنع نشر المعلومات و توزيعها بين الأفراد ما يسجن الفرد في قلة معلوماته فيخسر الحرية و حقوقه الإنسانية. فمن دون امتلاك المعلومات الأكثر و الأصح يفقد الفرد حرية الاختيار بين المعلومات الصحيحة فيفقد الحرية من خلال سجنه في معلومات مُحدَّدة أو من خلال غياب المعلومات. من هنا , الأصولية الدينية آلية إلغاء للحرية و للحقوق الإنسانية كافة. و هي كذلك لأنها عملية اختزال للمعلومات فإقلال و اغتيال للمعرفة ؛ فلا حرية حقة من دون معرفة. و بما أن الديمقراطية عملية إكثار للمعلومات بينما الأصولية عملية اختزال فإقلال للمعلومات إذن الأصولية نقيض الديمقراطية. لذا لا ديمقراطية مع الأصولية. على هذا الأساس , محاربة الأصولية ليست محاربة للديمقراطية أي ليست محاربة لحرية التفكير و الرأي و التصرف.

الأصولية الإسلامية جزء لا يتجزأ من الأصوليات الأخرى كالأصولية المسيحية و اليهودية. لكن كل أصولية عملية اختزال للمعلومات الواقعية و الممكنة. لذا الأصولية الإسلامية هي في جوهرها آلية اختزال للمعلومات. تختزل الأصولية الإسلامية المعلومات العلمية و الفكرية و الأدبية و الفنية إلخ إلى معلومات قائمة منذ الأزل في عقل الإله المجرد. و بذلك تعتبر أن المعلومات العلمية و الفكرية و الأدبية الصحيحة لا توجد سوى في عقل الله , و لذا من غير الممكن معرفتها من قِبلنا. على هذا الأساس تمارس الأصولية إقلال و إلغاء المعلومات لأن المعلومات الحقة بالنسبة إليها غير متاحة لنا لكونها مُلك الإله فقط . و لكي تحقق الأصولية عملية اختزال المعلومات تمارس الإرهاب كآلية ناجحة في القضاء على المعلومات.

تقوم الأصوليات الإسلامية بعملية إقلال و قتل المعلومات من خلال رفض و تحريم التعليم المخالف لظاهر الدين و رفض العلم و الفلسفة و التفكير فيما هو جديد و رفض و تحريم الفنون و الآداب المختلفة عن الدين الكامن في عقل الله وحده. فالعلوم و الفلسفات و الآداب و الفنون المتنوعة تجليات للمعلومات و مصادر لها. و بذلك من خلال رفضها تختزل الأصولية المعلومات و تلغيها. هكذا معظم الأصوليات الإسلامية تمارس الإرهاب من خلال التحريم و التكفير من أجل إقلال المعلومات و القضاء عليها بسبب أن المعلومات الحقة ليست سوى في عقل أزلي مجهول. و من جراء المجازر بحق المواطنين و الأبرياء تتمكن معظم الأصوليات الإسلامية من القضاء على المعلومات لأن كل فرد مصدر للمعلومات. هكذا أيضاً إرهاب هذه الأصوليات يهدف إلى اغتيال المعلومة من خلال القتل الفعلي للأفراد و الجماعات. من هنا , الإرهاب عملية قتل للمعلومات. و بما أن الأصولية الإسلامية تهدف إلى اختزال فإلغاء المعلومات , و بما أن الإرهاب آلية ناجحة في فعل ذلك , إذن لا مجال للأصولية الإسلامية سوى أن تمارس الإرهاب. لكن الإسلام الحق ضد الإرهاب. من هنا , لا مجال سوى أن تخسر الأصوليات إسلامها.

بالإضافة إلى ذلك , التفكيك كمنهج فكري يهدف إلى إظهار لامعقوليات الخطاب و التصرف بينما السوبر تفكيك يهدف إلى إظهار كيف أن لامعقوليات الخطاب و التصرف هي معقوليات بالنسبة إلى أصحابها. على ضوء هذا التقسيم النظري , من الممكن تطبيق منهج السوبر تفكيك على ممارسات و خطاب الأصولية الإسلامية لكي نُظهِر ماذا يحدث في العقل الأصولي. من منظور العقل الأصولي الإسلامي , الحقائق و المعارف و المعاني و المعلومات الحقة موجودة فقط في عقل الله , و بذلك من غير الممكن لنا أن ندركها. لذا من الضروري أخلاقياً و معرفياً أن نختزل و نلغي المعلومات المتاحة لنا في عالمنا الواقعي. من هذا المنطلق تتخذ الأصولية الإسلامية وظيفة اختزال المعلومات و إلغائها. على هذا الأساس , اللامعقوليات في خطاب الأصولية الإسلامية و ممارساتها كلامعقولية رفض العلوم و التفكير العلمي و الفلسفي الموضوعي و رفض الآخر المالك للمعلومات هي في الحقيقة معقوليات بالنسبة إلى العقل الأصولي لأنها نتائج الفلسفة الأصولية القائلة إن المعلومات الصحيحة غير متحققة في الواقع البشري المعاش لكونها كامنة فقط في عقل الإله , و هي كذلك لأن الله وحده هو السبب الحقيقي وراء تكوين كل شيء موجود. هكذا تُظهِر السوبر تفكيكية كيف أن اللا معقوليات تتحوّل إلى معقوليات في العقل الأصولي. هذا لا يبرر إرهاب الأصولية لكنه يفسِّر كيف ينبني العقل الإرهابي. فالإرهاب الفكري و الجسدي يمتلك أيديولوجيا متماسكة البنيان تتمحور حول مقولة إن الإنسان فاقد للمقدرة على الحصول على المعرفة , و بذلك فاقد لإنسانيته ما يُلزِم القضاء عليه , و ذلك بسبب أن المعارف الحقة لا توجد سوى في عقل الله. هكذا تحوّل الأصولية الله إلى إله إرهابي ما يحتم قيام العديد من الأصوليات بعمليات الإرهاب الفكري و المشاعري و الجسدي.

كما تعتمد الأصولية الإسلامية في صياغة إرهابها على بعض الفلاسفة المسلمين و علماء الكلام. فمثلا ً , بالنسبة إلى الغزالي , لا توجد علاقات سببية في الطبيعة فالأسباب قد لا تؤدي إلى نتائجها لأن الله هو السبب الحقيقي وراء كل حَدَث و حقيقة. و بذلك يستحيل علينا أن نعرف حق المعرفة مما تتكوَّن الأشياء و كيف تحدث ؛ فالله وحده هو العالِم الحقيقي. لكن هذا لا يمنع قراءة الغزالي على أنه يقول إن المعرفة المطلقة و اليقينية مُلك الله وحده بينما المعرفة النسبية و المتغيرة مُلك البشر بدلا ً من قراءة الغزالي على أنه ينفي حصولنا على أية معرفة كما تفعل الأصولية الإسلامية. أما بالنسبة إلى إبن تيمية فالمعرفة إما معتقد صادق مُبرهَن عليه و إما نقل عن معصوم. موقف إبن تيمية هو أن المعرفة ممكنة لنا لأنها اعتقاد صادق مُبرهَن عليه كما في العلوم و الفلسفة الموضوعية. لكن الأصولية الإسلامية لا تقرأ سوى الجزء الأخير من تحليل إبن تيمية فتلغي إمكانية حصولنا على المعرفة من خلال جعل المعرفة حكراً على المعصوم من نبي أو ولي. كل هذا يشير إلى أن الأصولية الإسلامية تشوّه التراث حين تقرأه قراءة سوبر متخلفة من خلال إصرارها على أن المعرفة غير متاحة لنا كبشر. هذه اللا عقلانية في قراءة الأصولية للتراث تصبح عقلانية في العقل الأصولي متى إلتزم هذا العقل بفكرة أن المعلومات الحقيقية لا توجد سوى في عقل الله بينما نحن البشر جهلاء بالضرورة.

تتطابق فلسفة الأصولية مع فلسفة الإرهاب حين تصر على أن الإنسان لا يملك الصفات الإنسانية كصفة امتلاك المعرفة بل الله وحده يمتلكها. و بذلك لا تخسر الأصولية الإنسان فقط بل تخسر الله أيضاً حين تحوّله إلى محتكر للمعرفة و المعلومات الصحيحة. تهدف الأصولية بكافة أشكالها و دياناتها إلى تدمير الحضارة و إنجازاتها بإسم امتلاك الله فقط للمعلومات الحقة و الإنجازات الأعظم. لا دين و لا ديانة مع الأصولية فلا أصولية من دون إرهاب. الأصولية آلية قضاء على المعلومات , و لذا هي آلية تدمير للحضارة و للإنسانية. إله الأصولية إله يحتكر المعلومات لنفسه فقط بينما إله العلمانية إله عادل يُوزِّع المعلومات بالتساوي بين البشر. الصراع اليوم صراع بين إله أصولي غير عادل و إله علماني عادل. مَن سينتصر؟ هذا يعتمد علينا نحن.



#حسن_عجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية نظام تواصلي و معلوماتي
- فلسفة الكون المعلوماتي
- الكون نظام تواصلي
- العلم إعجاز لغوي
- العلم عملية تصحيح لغوية
- السوبر تخلف : ما بعد الديمقراطية و الديكتاتورية
- فلسفة العلم في مواجهة فلسفة الجهل
- المعرفة بين السوبر حداثة و السوبر تخلف
- اللغة بين السوبر حداثة و السوبر تخلف
- العقل بين السوبر حداثة و السوبر تخلف
- فلسفة المجتمع العربي الإسلامي
- فلسفة الحوار العربي
- فلسفة الحروب العربية
- فلسطين قضية فلسفية
- فلسفة السوبر تجهيل
- فلسفة التفقير و الإفقار
- فلسفة البطالة العربية
- فلسفة الأكوان الممكنة
- السوبر إنسانوية
- السوبر ديمقراطية


المزيد.....




- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن عجمي - سوبر تفكيك الأصولية و الإرهاب