أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نور الدين مستقيمي - هكذا كانت البداية















المزيد.....

هكذا كانت البداية


نور الدين مستقيمي

الحوار المتمدن-العدد: 4471 - 2014 / 6 / 2 - 20:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كانت هي البداية ، عفوا إنها النهاية، تمنيتها أن تكون بداية لا تنتهي، لكن يقولون أن لكل شيء بداية و نهاية ، لكن بدايتي مختلفة، لأنها ليست لها البداية، فقد بدأت حيث انتهت ، فكيف سأصنفها على أنها البداية؟ لكن ما يمكن أن أقول عنها : أنها البداية النهاية ، لقد بدأ كل شي ، كأنه حلم لا ينتهي غفوت قليلا ثم استيقظت على صوت خافت يناديني من بعيد ربما هو ليس ببعيد لكنني أسمعه يهمس في أذناي إستيقظ يا نور إستيقظ... إنه صوت قادم من بين أغصان الشجيرات التي تتمايل الواحدة على الأخرى ، كأنها تقبلها بكل لطف و رقة ، كأنها زحمة من الأحبة تلامس بعضها البعض كما يلامس نسيم الهواء الجسد ، فمشيت ببضع خطوات متقطعة لاستكشاف ماذا هناك ، فرفعت رأسي لكي أنظر فلم أستطع فتح عيناي بسبب ضوء الشمس الذي ينفلت من بين الأغصان ، إنه ضوء بعث في نفسي الارتياح، و فتح أمامي طريقا لم أكن أراها و لا أتوقعها نور اختلج كياني، وفتحها على مصرعيها ، و أصبحت أدرك أن الأمور لا تسير كما كنت أعتقد ، لقد خرجت من وسط هذه الزحمة الفكرية ،و من وسط هذه الشجيرات ، لأجد شخصا واقفا متأنقا ينظر إلي مبتسما ، و باسطا لي يده، ابتسامته بعثت في الارتياح بعدما كنت خائفا، مددت يدي له و مشينا معا ، سألني عن غايتي قلت له :
- أبحث عن مدينة الحكمة.
فقال لي :
- مدينة الحكمة لم أسمع بها من قبل !
و أنا أمشي برفقته بدأت تدور في خوالجي مجموعة من الأسئلة ، من يكون هذا الشخص ؟ و لماذا ارتاحت نفسي له ؟ و ما هذا الشعور و الحدس اللذان يقولان لي : أنني أعرفه ؟ لقد بدأت أحكي له عن كل همومي و أموري و هو ينصت إلي جيدا تاركا لي كل المجال للتعبير، ينصحني وقت ما سنحت له الفرصة بذلك ، إنه شخص لم أقابل له نظيرا على الإطلاق يفهمني قبل أن أتكلم ، و عندما و صلنا إلى مفترق طرق قال :
- أنا سأودعك هنا لأن هذا طريقي و ذاك طريقك .
لم أعرف ماذا أقول لكن في قرارة نفسي لم يعجبني كلامه عن فراقي، لأنني أردته أن يبقى بجانبي ، و قلت له :
- لم لا تبقى بجانبي أنا أحتاجك أيها الحكيم في محنتي هذه و لم أجد شخصا يفهمني و يقدر الأمور كما تفعل أنت .
فأجابني :
- لا تخف أنا معك دائماً فكل ما احتجت إلي ستجدني قريبا منك و معك .
فودعته بعناق حار وأنا أعانقه أشم فيه رائحتي يا له من وداع قاس ، كل منا ذهب في طريقه لكنني ذهبت و معي كثير من الأسئلة مازالت تحيرني، إنه يقول انه معي دائماً و شممت فيه ريحي، وبعد تفكير طويل لم أجد جوابا لأسئلتي سرت على طريقي أمشي فكلما ابتعدت عن الرجل الحكيم ضاقت نفسي و بدأت أشعر بحر شديد بسبب أشعة الشمس الحارقة التي زادت هذا المكان الخالي و المقفر وحشة، فكلما نظرت إلى الأمام تبدى لي سراب منبعث من الصخور كأنه تموجات لآلة نبض القلب ، و قلبي كاد أن يتوقف عن نبضه بسبب هذه الحرارة و هذا التعب الذي بدأ ينخر جسدي في هذا المكان الذي يبدو عليه انه منعدم الحياة لا طيور ، و لا نبات ، و لا حيوان، فما تراه عيناي سوى السراب و ارض قاحلة، و بينما أنا أسير تعبا و في ذهني أنني هالك هنا في هذا المكان الذي لا أحد فيه، و بينما أنا أتمايل تارة إلى اليمين و تارة إلى اليسار يظهر لي شخص ما و هو جالس فوق صخرة كبيرة واضعا رجله فوق الأخرى ، و هو غير مبال بهذا الطقس الحار فما كادت تصدق عيناي ما تراه أهو سراب أم ماذا؟ انه شخص بشحمه و لحمه جالس هنا قلت :
- السلام عليكم .
لم يرد على التحية لكنه لوح بيده ففهمت أنه ردها بطريقته إلا أن قسمات وجهه تحيل على أنه قاسي القلب كقساوة هذه الطبيعة، طلبت منه أن يمدني بكوب ماء فلم يجب مرة أخرى و لوح بيده نحو حقيبة سوداء اللون، فاتجهت نحوها و فتحتها فوجدت بها قنينة ماء، آه إنه ماء ! كم أدركت قيمة الحياة . فتحت القنينة، شربت منها ما يسد حاجتي فأحسست بقطرات الماء تتسرب إلى جسدي الجاف و الشاحب، كم تختزل الحياة أيها الماء. سألني الرجل الغامض :
- ماذا تفعل في هذا المكان ؟
أخيرا لقد تكلم خلته انه رجل أبكم ، آه إنه سألني، أجل لقد سألني! عما أبحث أنا ؟ لقد نسيت غايتي، آه لقد تذكرت أنا أبحث عن مدينة الحكمة هل تعرف مكانها ؟ ابتسم ساخرا ثم قال :
- بلدة الحكمة! لقد سمعت عنها في كتب القصص الخيالية.
قلت في نفسي :
- و هل أمثالك يقرؤون القصص ؟ إنها لمجرد حكاية أسطورية .
ثم قال :
أسلك ذاك الطريق لكي تخرج من هذه الأرض القاحلة .
شكرته على كل شيء ثم تابعت غايتي و أنا غير واثق من بلوغها مشيت، ثم مشيت حتى قلت أنني لم أمشي بتاتا، كأنني لم أبرح مكاني الأول، فرأيت مرتفعا صخريا فذهبت إليه لكي أستطلع مكان تواجدي، و إذا بي أرى قرية هناك على بعد ميل أو ميلين، أحسست أنني في قرارة نفسي أني كدت أبلغ غايتي ، دخلت القرية و إذ بي أرى الناس و هم غارقون و منهمكون في أعمالهم لا أحد يبالي بي فلم أجد شخصا أسأله لكنني، لمحت فتى يحدق بي على غرار الآخرين، فتوجهت نحوه لكي اسأله، فقلت :
- السلام عليكم .
فرد التحية محتشما ثم سألته إن كان يعرف شيئا عن مدينة الحكمة فأجاب :
- هناك عجوز حكيم يسكن في جانب القرية هو الشخص الوحيد الذي يمكنه مساعدتك .
فدلني على مكانه، إنه يسكن منزلا مهترئا لكنه يقع في مكان ما يمكنني أن أقوله عنه أنه ساحر ، تحيط به ثلاثة أودية تنهمر عليها مياه شلال متدفق و أشجار من كل صنف يعجز اللسان عن الوصف، فتقدمت نحو الباب طرقته، فوجدته مفتوحا ناديت بصوت مرتفع أيها الحكيم أيها الحكيم ... فلم يجبني أحد ملكني فضول شديد لأعرف ماذا يجري بالداخل ، فدخلت خلسة، إنه مكان مظلم قليلا، هناك رفوف للكتب أردت أن أتصفح أحدها، حتى أحسست بيد أحدهم تلامس كتفي ، و هو يقول :
- من تكون يا هذا و لم أنت هنا في منزلي بدون إذن ؟
فاستدرت مرتعبا و إذا بي ألمح رجلا عجوزا ذا شعر طويل أكل منه الشيب ما أكل، فأجبته :
- أنا نور و قد جئت طالبا عونك .
فقال :
- أهلا بك إجلس ! فجلست برفقته .
و قلت له:
- أنا أبحث عن مدينة الحكمة .
فتبسم ثم صمت قليلا و قال :
- حدثني عن رحلتك فقلت :
- كيف سأبدأ لك أيها الحكيم إنها مسألة معقدة فقال :
- من البداية إلى النهاية .
نعم أيها الحكيم سأقول لك المهم منها، لكن شريطة أن تدلني على غايتي، فتبسم محركا رأسه من الأعلى إلى الأسفل ببطء شديد، فقلت له:
- صادفت شخصين الأول كانا شخصا لطيفا و ودودا و أنصت إلي و أفرغت عليه كل همومي، لكن أمره حيرني فقد شعرت في قرارة نفسي على أنني أعرفه، و الثاني لم يكلمني كثيرا لكنه أنقدني ، و قدم لي يد المساعدة هو الآخر، فتبسم الحكيم، و قال :
- إن الشخصين هما ذاتك الأخرى التي تكون معك دائماً إنها طبيعتك .
- لم افهم أيها الحكيم .
- حسنا! إن الإنسان يتقاسمه بعدان أحدها خير و آخر شرير ، و هما يكونان شخصية الفرد ، فالرجل الحكيم هو طبيعتك الخيرة و الثاني هو طبيعتك الشريرة، و هما في علاقة صراع دائم من أجل أن يحموا ذاتك.
- أجل هذا ما لاحظته أيها الحكيم، و ماذا عن الحكمة ؟
فابتسم و قال :
- ما بك متعجلا هكذا ، أو لم تفهم ؟ قال :
- إن الحكمة تقضي بأن ذاتك هي خلاصك في هذا الزمان و هي من تجدها معك أينما رحلت او ارتحلت ، في السراء و الضراء، تخاطبها و تسمع إليك كما فعل الحكيم و تساعدك كما فعل الرجل الغامض، و هكذا ...
- وماذا بعد أيها الحكيم ؟
فتقدم نحوي و هو يشير بيده فضربني بأصبعه على جبيني فوجدت نفسي مستلقيا على فراشي في غرفتي المضاءة هل كنت في حلم أم ماذا لكنني عرفت أنني في بداية النهاية. .....

نورالدين مستقيمي 12/04/2014



#نور_الدين_مستقيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصادر توضح لـCNN تفاصيل مقترح -حماس- بشأن اتفاق وقف إطلاق ال ...
- داخلية الكويت تعتقل مقيما من الجنسية المصرية وتُمهد لإبعاده. ...
- معركة -خليج الخنازير-.. -شكرا على الغزو-!
- الحرب في غزة| قصف متواصل على القطاع واقتحامات في الضفة وترقّ ...
- فيديو فاضح لمغربية وسعودي يثير الغضب في المملكة.. والأمن يتد ...
- -إجا يكحلها عماها-.. بايدن يشيد بدولة غير موجودة لدعمها أوك ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي استهدف عدة مناطق في غزة (فيديو+صور) ...
- بقيمة 12 مليون دولار.. كوريا الجنوبية تعتزم تقديم مساعدات إن ...
- اكتشفوا مسار الشعلة الأولمبية لألعاب باريس 2024 عبر ربوع الم ...
- ترامب يواجه محاكمة جنائية للمرة الأولى في التاريخ لرئيس أمير ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نور الدين مستقيمي - هكذا كانت البداية