أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حاتم الشبلي - التدجين من الداخل














المزيد.....

التدجين من الداخل


حاتم الشبلي

الحوار المتمدن-العدد: 4457 - 2014 / 5 / 19 - 14:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



بماأننا نعيش داخل مجتمعات مسيجه بأنظمة وتعاليم وقيم تنتمي الي ماقبل (الرأسماليه-الديمقراطيه) تختار حكوماتنا ماشاءت من تلك المنظومه ألأخلاقيه الجاهزه التي تمالئ العامة وتتملق لهم بها لكسبهم وتدجينهم في اطار مشروعها السلطوي، بأعتبار انها غير مهتمه بقيم التطور وملاحقة العصر الذي نعيش فيه، وغير مهتمه أيضا بالمستقبل. وتأتي مسألة تحديد مسارات حياة الناس، سن قوانين وتشريعات لضبط المتفلتين مع أيقاع الدولة – النظام وقيم المثال الأجتماعيه، كل ذلك كما أسلفنا لتأكيد وفرض أنماط الهيمنه والسيطرة، حتي يتسني لها البقاء علي سدة الحكم اطول فترة ممكنه، ولاغرابة اذن عندما يتم تسيييس الدين، وتقنينه وتوظيف شعاراته وأقاويله ضمن أتجاه مصلحة السلطة- الحكومة، وهي لعبة قديمة وليست بالجديده، حيث فعلها نابليون عند الحملة لفرنسيه علي مصر، حيث رفع شعارات دينيه –أسلاميه، قاصدا بالضبط كسب العاطفه أو تحييدها لأضعاف المقاومة، ومحليا فعلها الغزو التركي المصري لبلادنا في عهد محمد علي باشا، حينما داري مطامعه الاساسيه لأستعمار السودان تحت عباءة الدين والأسلام، مما أضعف المقاومة كما أظن، فكل المنشغلين بأمور السلطة والحكم تقريبا لجأوا الي هذه الرافعه للكسب والتثبيت، ولاسيما الاسلاميون الذين يحكمون البلاد منذ العام 1989 بقوة الحديد والنار.
تأتي مسألة القمع والمنع المسنوده بالشعارات والبروباغندا الحكوميه كتأكيد لحالة التملق السياسي لكسب العامة وطمأنتهم بأن قيمهم-دينهم – أخلاقهم بخير طالما كانت هنالك سلطة تسهر لحراستها، وينتهي الأمر بأبعد من ذلك حيث تتوفر الأجواء والظروف التي تنشأ وتبني عليها أساطيرسياسيه من قبيل ( مستهدفين لتمسكنا بالدين- الغزو الثقافي الغربي الخ...)، وبرغم المحاولات المتعدده والمتواتره لفضح هذه الدعاوي من قبل المعارضه التي نجحت الي حد ما في تفريغها وتسكين شعارات مثل ( تجار الدين) الأ ان الامر يعود للمربع الأول حينما يتعلق الأمر بمحطات مفصلية وحادة احيانا، خاصة موضوعة الحريات، والحريات الشخصية تحديدا، فتجد المعارضه (التي تقف مع السلطة علي نفس الأرضيه المفاهيميه)، تجد نفسها في حرج لاتقوي علي تجاوزه مما يضعف فعاليتها وتأثيرها، فتصمت تارة، وتارة أخري تتحايل وترمد( من رمادي) مواقفها، وضمن هذه الظروف تجد القوي المعارضه التقدمية نفسها محاصرة برغم من أصرارها علي طرح شعاراتها ( دون الضغط علي القضايا التي تمس غضب العامه).
هذه الوضعية التي يمكن ان نسميها بالأزمة والتي تبدو مظاهرها في شكل ( التواطوء الشعبي) مع شعار السلطة فيما يتعلق بالمحافظة علي القيم والأخلاق والدين، وهنا لابد من توضيح أساسي، فالعقل الجمعي حتي في ذروة معارضته ورفضه للسلطه، فأنه يستبقي معه حالة تضامن شعوري ولاشعوري مع الكثير من القوانين والتشريعات التي سنتها السلطة ولازالت تحرسها لأنها الأطار المتفق عليه والذي يوفر لها (الشرعيه) لقمع المعارضين وتغبيش رؤيتهم لقضيتهم ومصيرهم البائس، هذه( الشيزوفرينيا العامه)، تجعل الطريق ممهدا للأتيان بنفس نمط السلطة ولو تغيرت الوجوه، اي أعادة أنتاج للبرنامج القديم ولكن بمشغل جديد حسب لغة الكمبيوتر، مما يجعل العمل السياسي في البلاد وكأنه أستثمار للأنفعالات الشعبيه والغضب في لعبة كراسي.
ظاهرة( قوانين النظام العام)، مثلا لم تكن جديده كل الجده، فهي عبارة عن تسمية جديدة لقوانين الشريعة الأسلاميه التي طبقها نظام جعفر النميري السابق، كما أنها هي الشعارات والمفاهيم التي ظل يطرحها الأسلاميون منذ تأسيسهم في البلاد، ويستثمرونها سياسيا بشكل نشط ومعروف، هذه القوانين في جوهرها الأساسي، قوانين مذلة ومهينة للأنسان، وتحط من قدره ومن ادميته. وهي متعارضه شكلا وموضوعا مع المواثيق الدوليه العالميه، لأنها تنتهك حق الأنسان في الحياة كما يريد، وهنا تأتي المفارقه وهي ان السلطة تكتب علي دستورها أعترافها بالحقوق الأنسانيه كاملة بمافيها حرية الأعتقاد والتدين، وتصادق علي تلك الوثائق الدوليه، في الوقت الذي تمارس فيه تطبيق قوانينها الأسلاميه وشريعتها داخل البلاد، بمعني الكيل بمكيالين، وكأنها تخجل من العالم، فتكتفي بممارسة قوانينها في الداخل وتعلن للخارج شيئا اخر!،
النساء والشباب، من أكثر المتضررين من هذه القوانين، ولايفوتنا عقوبة الجلد والغرامات التي مورست بحق فتيات يرتدين بنطلون جينز، تحت دعاوي الزي الفاضح، بالأضافة الي الجلد والغرامة والحبس المتكرر للشباب الذين يتعاملون مع الكحول، الغريب في الامر أن هؤلاء الشباب والنساء المعتدي عليهم بفعل هذه القوانين، مقتنعين وجدانيا بها،وبالتالي فهم مؤمنين في النهاية بأنهم أقدموا علي محرمات وأقترفوا أخطاء وهذا جزائهم. وهذا بالضبط مايفسر لنا، لماذا تتكرر هذه القوانين والتطبيقات علي مدي السنين، وبمختلف المسميات!
فأن تهان وتذل وتجلد لمجرد كأس أو أرتداء بنطلون، هذا الشكل من العلاقه بين (الأنسان وجلاده)، يصبح مبررا دينيا وأخلاقيا، ومنسجما تماما مع المنظومة القيميه الأجتماعية، بالرغم من حضورالتطلع والتعلق بأنماط الحياة المعاصرة بشكل واضح لدي هؤلاء الناس ظاهريا، الأنقسام الوجداني الخطير ده، سبب ونتيجة للأزمة التي حاولت أن اتناولها.



#حاتم_الشبلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصادرة الحياة بأسم الأسلام
- زهرة السحاب
- حول اسلمة وتبييض التأريخ


المزيد.....




- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حاتم الشبلي - التدجين من الداخل