أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن كمال - نقد العقل الإرهابى















المزيد.....

نقد العقل الإرهابى


حسن كمال

الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 15:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام"
الميثاق التأسيسي لليونسكو

عنوان هذا البحث هو نفس العنوان الذى أقترحة الفيلسوف المصرى مراد وهبه, ليكون على هيئة كتاب, بهدف إزالة وهم اقتناص المطلق الذى يولد الإرهاب. وفكرته المحورية تدور حول الفصل بين مفهوم الحقيقة ومفهوم المعرفة.

والسؤال الآن :
ما الإرهاب ؟

تناول وهبه, تعريف الإرهاب فى مقاله المعنون " إرهاب المطلق ".
وهو القتل الجماعى للمدنيين أياً كانت هويتهم. وفى هذة الحالة فإن الإرهاب هو نوع من الفوضى. وإذا كانت الفوضى نتوءاً, وإذا كان الإرهاب يصبح, مع الوقت, نسقا مغلقا فان من شأن النتوء أن يتزايد إلى أن يصل إلى أقصى درجاته, وعندئذ يتوقف أى نشاط. ومن ثم تكون الحضارة الإنسانية معرضة للسقوط والانهيار. وهكذا يمكن تعريف الارهاب بأنه نتوء حضارى.

وإذا أردت مزيدا من الفهم فأنظر إلى حال الأصولية الدينية فى مصر الآن فماذا ترى ؟ حذف المستقبل وعبادة ماض معين, وتكفير من ينكر هذة العبادة وقتله بلا تردد. وهى التى بزغت جليا فى الفترة الأخيرة فى مصر بعد عزل محمد مرسى عن الرئاسة.
وبذلك فمفهوم الارهاب مغاير عن الحرب التقليدية. كما أشار وهبه, فى مقاله المعنون (رؤيتي لـ القرن الحادي والعشرين‏(2)‏عصر الإرهاب) المنشور فى الأهرام بتاريخ 3 ديسمبر 2013.

بأن الحرب التقليدية تنشب ضد عدو محدد يتمثل في نظام سياسي, في حين أن الارهاب لا يتجه إلي نظام سياسي أيا كان, إنما يتجه إلي معتقد ديني ويستعين في القضاء عليه بظاهرة الكوكبية في تحررها من الزمان والمكان, إذ في إمكان الإرهابي التنقل بحرية وبسرعة وبسهولة, ويجهز علي من يريد قتله ثم يعود إلي الكهف الذي يقيم فيه.

ولكن السؤال هنا:
ما الذى يدفع الإرهابى للقتل ؟

أو السؤال على نحو أدق:
ماذا يحدث فى العقل بحيث يتحول إلى عقل إرهابى؟

للإجابة على هذا السؤال سوف أقتبس الإجابة من مقال لمراد وهبه, بعنوان (الإرهاب والعقل) تم نشرة فى جريدة المصرى اليوم بتاريخ 16 مارس 2014 . ويقول وهبة :
" أظن أن الجواب عن هذا السؤال الشائك يبدأ من الفيلسوف الألمانى كانط عندما قال إن العقل له خاصية متميزة، وهى أنه يبحث عن المطلق ولكنه عاجز عن اقتناصه. وهنا يميز كانط بين حالتين: حالة البحث عن اقتناص المطلق، وحالة اقتناص المطلق بالفعل. الحالة الأولى قائمة منذ القدم ومازالت قائمة حتى اليوم. أما الحالة الثانية فإذا تمت فإنها تتم بالوهم لأن العقل النسبى ليس فى إمكانه اقتناص المطلق، لأن اقتناصه فى هذه الحالة يحيله إلى نسبى فيفقد مطلقيته.

ومع ذلك فالأصولى يتوهم أنه مالك للحقيقة المطلقة. وحيث إن الحقيقة المطلقة واحدة فوجود منافس لها يهدد وجودها، ومن ثم فإذا تعددت الحقائق المطلقة فإنها تدخل فى صراع بالضرورة. ومن هنا يقال على الإرهابى إنه أصولى لأن الأصولى هو الذى على «يقين» بأنه مالك للحقيقة المطلقة. العلاقة إذن عضوية بين الأصولى والإرهابى وهذه العلاقة تشكل فى النهاية نتوءاً يأخذ فى الاتساع إلى أن يتحكم فى النسق الحضارى برمته وبالتالى تكون الحضارة معرضة للسقوط. وهكذا يمكن تعريف الإرهاب بأنه نتوء حضارى" .

والسؤال هنا :
هل هناك علاقة بين المطلق والأصولية الدينية ؟

تناول وهبه, تعريف الأصولية الدينية فى كتابه ( الأصولية والعلمانية ). حيث عرفها بإنها تعنى الالتزام الدقيق بالمعنى الحرفى للنصوص الدينية والتى تقول عنها إنها تشكل (الأصول), وبالتالى فإن الأصولية ترفض إعمال العقل فى تأويل النصوص الدينية.
والارهاب هو أعلي مراحل الأصولية أيا كانت سمتها الدينية. ومعني ذلك أن ثمة مراحل سابقة علي الارهاب. فما هي هذه المراحل؟ إنها ثلاث: المرحلة الأولي تكمن في رفض إعمال العقل في النص الديني لأن معناه ظاهر للحواس, ومن ثم فانه ليس في حاجة إلي العقل. والمرحلة الثانية لازمة من المرحلة الأولي وهي مرحلة الاجماع, فحيث إبطال إعمال العقل حيث إبطال الاجتهاد في فهم النص. وتترتب علي مرحلة الاجماع مرحلة ثالثة هي مرحلة تكفير من يخرج علي الاجماع. وفي نهاية المطاف تأتي مرحلة الارهاب التي يكمن فيها القتل.

والسؤال هنا:
هل هناك علاقة بين المطلق والحقيقة؟

وأنا هنا أستعين بمقال مراد وهبة, بعنوان " الدوجمات فى مجتمع المعرفة ". حيث تناول مفهوم الحقيقة على النحو الآتى : مفهوم الحقيقة يتضمن تناقضا زائفاً بين ما يقال إنه حقيقة نسبية وما يقال إنه حقيقة مطلقة. فالحقيقة هى الحقيقة ولن تكون لا حقيقة, وبالتالى فالحقيقة مطلقة بالضرورة, وبالتالى لا يمكن نقدها وإلا فإنها تخضع لشرط النقد وهو إنه يمكن ألا تكون كذلك. وإذا امتنعت الحققة المطلقة عن النقد يصبح من ينقدها موضع تهديد فى الحد الأدنى وموضع قتل فى الحد الأقصى.

ولكن السؤال هنا :
من المسئول عن ترويح تلك الحقائق المطلقة ؟

إنهم الفقهاء وعلماء اللاهوت في كل الأديان بلا استثناء. وهم يستندون في ذلك الترويج إلي منع إعمال العقل في النص الديني, أو بالأدق إلي منع التأويل, ومن يمارسه يتهم بالكفر وقتله واجب. وإذا كان التأويل يعني إعمال العقل فإعمال العقل يعني بالضرورة الإبداع, ومن غير ذلك يمتنع العقل عن حث الانسان علي التقدم.

ونخلص من ذلك إلى أنه إذا كانت الحقيقة موضع شك فى حدها الأدنى وموضع إنكار فى حدها الأقصى كان من اللازم فصل الحقيقة عن المعرفة, والاكتفاء بالمعرفة دون الحقيقة. فالمعرفة متغيرة بالضرورة, وفقا للزمان والمكان, على عكس الحقيقة المطلقة التى هى خارج إطار الزمان والمكان.

ونسأل هنا :
ما المقصود بالمعرفة ؟

فى القرن السادس عشر قال الفيلسوف الإنجليزى فرنسيس بيكون ( 1561-1626) " المعرفة قوة ". ومعنى ذلك أن المعرفة تكون حيث يكون فعل الإنسان. وفعل الإنسان لا يكون إلا إذا كان له غاية. الفعل الإنسانى إذن غائى, والفعل الغائى ليس إلا إحداث تغيير فى الواقع القائم فيضفى إلى تجسيد واقع قادم كان مطروحاً على هيئة غاية. وهكذا تكون المعرفة وسيلة إلى التغيير وتكون الحقيقة وسيلة إلى التثبيت.

وفى القرن العشرين حدث تطوير لعبارة بيكون " المعرفة قوة " فأصبحت " مجتمع المعرفة " وهو مصطلح صكة عالم الإدارة الأمريكى بيتر دركر ( 1909 - ) ويعنى أن تتحول المعرفة إلى ذاتها, ويتحقق هذا التحول عندما نتوقف عن القول إن هذا الشخص يتعلم, نبدأ فى الحديث على رجل المعرفة أو امرأة المعرفة.

وفى عام 1980 عقد الفيلسوف المصرى مراد وهبه, مؤتمر فلسفى دولى نظمه بالقاهرة تحت عنوان ( وحدة المعرفة ). وقد طرح فيه بحثه الذى تناول فيه تحقيق وحدة المعرفة فى إطار علم ثلاثى الأركان : الفلسفة والفزياء والسياسة, ومفاده أن العلوم الطبيعية والرياضية ترد الى مبادىء الفزياء النووية والعلوم الانسانية ترد الى العلم السياسى. ومن ثم ينعقد القران بين الفزياء والسلطة السياسية بمنحى جديد يمكن أن يفرز ما يمكن تسميته بعالم الفزياء السياسى. وهذا القران شرط ضرورى لتحقيق وحدة المعرفة ولكنه ليس شرطا كافيا اذ أن الشرط الكافى من مهمة الفلسفة من حيث هى كوسموجونيا والفيلسوف هو الكسموجونيت.

والسؤال إذن:
كيف يمكنا القضاء على الإرهاب؟

نخلص مما سبق أن الأصولية الدينية حالة ذهنية ليس فى الإمكان إزالتها إلا بإزالة توهم عقل الإرهابى بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة. وثمة مجالات ثلاثة مكلفة بإزالة ذلك الوهم هى الثقافة والتعليم والإعلام؛ الأمر الذى يشترط انحياز هذه المجالات إلى العلمانية والتنوير والحداثة. وتأسيساً على ذلك كله يمكن تعريف الإرهاب الدينى بأنه قاتل لبعض الأبرياء من المواطنين من أجل ترويع كل الأبرياء حتى تسقط الدولة الكافرة وتحل محلها دولة أصولية. وعلى ذلك فتكون مهمة المثقفون تأسيس تيار علمانى ينفى قدرة الإنسان على امتلاك الحقيقة المطلقة فيقف عند حد التفكير النسبى فيتحقق سلام الإنسان مع أخية الإنسان. فالعلمانية وفقا للتعريف الذى سكه الفيلسوف المصرى مراد وهبه, (هى التفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق).

فاذا كانت الأصولية هي التفكير في النسبي بما هو مطلق وليس بما هو نسبي فالعلمانية هي التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق, والتناقض بينهما حاد, بمعني إقصاء كل منهما الآخر. ومعني ذلك أننا إذا قررنا التحرر من هيمنة الأصولية فالعلمانية هي الوسيلة الحتمية. ومع سيادة المعرفة من غير حقيقة مطلقة يتوارى المطلق ومن ثم يتوارى الإرهاب.

أما فيما يتعلق بالمسئولية الآمنية فتكون على عاتق القوات المسلحة وجهاز الشرطة.



#حسن_كمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة الدينية بدستور 2013
- رئيس مسلم لدستور 2013
- مضابط لجنة ال 50
- دستور سيد قطب 2013
- من يحكم ؟ الإنسان أم الله ؟
- الرسول محمد لم يكن يحكم
- الديمقراطية ليست صناديق !
- هل يلغى الإسلام العقل ؟
- كيف نزل الوحى ؟
- هل يمكن أن تكون ليبراليا من غير أن تكون علمانيا ؟
- العلمانية و ثقافة التسامح


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن كمال - نقد العقل الإرهابى