أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان محسن - عار الشعراء














المزيد.....

عار الشعراء


عدنان محسن

الحوار المتمدن-العدد: 4421 - 2014 / 4 / 11 - 23:21
المحور: الادب والفن
    


عار الشعراء
عدنان محسن
أصدر الشاعر الفرنسي بنجمان بيريه في أربعينات القرن الماضي كرّاسا بعنوان " عار الشعراء " ردّا على كرّاس صدر في المكسيك أثناء الحرب العالمية الثانية بعنوان " شرف الشعراء "، وهو مجموعة من قصائد المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي، كتبها لويس آراغون وبول أيلوار وآخرون.
للوهلة الأولى، يعصى على المرء فهم عنوان الكرّاس هذا، فالأمر لا يتعدى أكثر من قصائد مقاومة تدعو إلى الحرية ومقاومة الاحتلال النازي.وقد يبدو الأمر مفهوما في ما يخصّ لويس آراغون، فبنجمان بيريه، لم يكن بوسعه أن يتجاوز تحامله على آراغون بعد انضمام الأخير إلى الحزب الشيوعي الفرنسي وتقديمه الانضباط الحزبي على الانضباط السريالي. لكن الأمر مختلف مع ايلوار الذي انضم في العشرينات من القرن الماضي إلى الحزب، مع أندريه بروتون، ولم يبق فيه سوى أسبوعين فقط، لكنّه عاد إليه أثناء الاحتلال النازي لفرنسا، أي في الفترة التي كان فيها من الخطر أن تكون شيوعيا، كما يقول آراغون. ويبدو الأمر أكثر غرابة، إذا أمعن المرء بقصيدة ايلوار " أكتب اسمك أيتها الحرية " موضوع الاتهام. ايلوار قامة شعرية كبيرة في الشعر الفرنسي. كيف يمكن للمرء أن ينسى ما كتبه بروتون لايلوار: قل لي يا بول، إن كنت تريد للسريالية أن تنتهي، قل هذا وسأفعل. والقصيدة واحدة من القصائد التي يحفظها الفرنسيون عن ظهر قلب، ويدرسها التلامذة منذ المراحل الأولى من دراستهم.فما الذي يجعل قصيدة كهذه أن تلحق العار بصاحبها.
لهذه القصيدة حكاية يرويها الشاعر الفرنسي ألن جوفروا: بعد طلاقه من زوجته الأولى "غالا" التي هجرته لتعاشر سلفادور دالي، تعرّف ايلوار على " نوش" وتزوجها وأحبها حبا كبيرا وصارت مصدر إلهامه. أبان الحرب العالمية الثانية وخلال أمسية كان يقضيها أيلوار بلعب الورق مع زوجته "نوش". كان مولع بلعب الورق ولا يحب الخسارة حتى مع زوجته.وفي إحدى المرات، خسر في اللعب فتشاجرا. وتحايلت "نوش" وعملت ما بوسعها كي تمنع عنه الخسارة ولكن دون جدوى.فلم يهدأ وانتابه الغضب وانتهت المشاجرة بصفقه الباب وذهب لينام. في الليل، وهو خير الناصحين كما يقول الفرنسيون، ندم على ما فعل، وراح يكتب:
نوش
أكتب اسمك على دفاتري المدرسية
على طاولتي، على الشجر، في مداخل السحب، فوق تاج الملوك، فوق صدى طفولتي.....الخ
وفي الصباح قرأ عليها هذه القصيدة كي تغفر له شطط الليلة الماضية. وكان عندهم في البيت أصدقاء، وأعلن أحدهم أنّ هذه القصيدة ستكون قصيدة مقاومة حقيقية لو استبدلت كلمة الحرية بكلمة نوش! فوافق ايلوار على الفور، وهذا تحولت
قصيدة حب عادية إلى قصيدة مقاومة بمجرد استبدال كلمة بأخرى. ويعتبر ألن جوفروا أنّ ضرر هذه القصيدة جسيم إلى حد بعيد، لأنّ كلمة الحرية مشبّعة بضروب مختلفة من ضروب الأفكار الثورية، فكيف يتسنى لشاعر حشرها هكذا، في الصباح وبشكل مفاجئ وببرودة دم وأثناء الحديث عن أشياء وأشياء لا علاقة لها بالحرية.ويعتبر جوفروا أنّ هذا اللصق بداية لانهيار ايلوار شعريا.
لا أحسب أن بنجمان بيريه كان يعرف هذه الحكاية، فليس ثمّة ما يشير إليها في كرّاسه الصغير، لكنّه تناولها من وجهة نظر شعرية صرفة، حسب مفاهيم كان يدافع عنها طوال حياته,من هذه المفاهيم فصل الشعر عن كاتبه، فالكتابة تبدأ في نقطة ذهنية عليا، هذه نقطة ارتبطت بانتونان آرتو حيث جعلها موضوعه المفضّل وحجته الأثيرة، لا مكان لغير الشعر فيها. من حق الشاعر كإنسان، يقول بيريه، أن ينضم إلى الأحزاب السياسية ويشترك في المظاهرات ويقيم الإضراب ويطالب بزيادة الأجور ويدخل النقابات، شريطة أنّ لا يتسلل كلّ هذا إلى شعره لحظة الكتابة، فإن فعل كفّ أن يكون شاعرا، فمن عار الشاعر أن يكون صوتا لغيره.
يقول سعدي يوسف هذه طريقة لأبعاد الشعر عن الحياة، وكان بيريه سيقول ، بل هو تخليص الشعر من شوائبها.



#عدنان_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناتالي ساروت والكتابة الأخرى
- مرثية جان دمّو
- مرثية جان دمو


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان محسن - عار الشعراء