أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان محسن - ناتالي ساروت والكتابة الأخرى














المزيد.....

ناتالي ساروت والكتابة الأخرى


عدنان محسن

الحوار المتمدن-العدد: 4420 - 2014 / 4 / 10 - 22:32
المحور: الادب والفن
    


في مقال نشرته " المجلة الأدبية " يعتبر الشاعر الفرنسي ألن بوسكيه (1919-1998) أنّ الكتاب نوعان: أصحاب الكتابة وأصحاب القضايا، وبعض أصحاب القضايا مثل أصحاب السوابق، ينتهي مفعول كتاباتهم حالما ينتهي مفعول قضاياهم.ويرى بوسكيه أنّ ناتالي ساروت (1900-1999) ممثلة بإمتياز للطراز الأول من الكتّاب، وأعني أصحاب الكتابة.فسرعان ما ختمت ببصماتها الأدب في القرن العشرين، منذ أنّ أصدرت كتابها " مدارات " وهي في السابعة والثلاثين من عمرها.وأنّ أصلها الروسي حال دون أن تقترب، في بداية شبابها، من هذا الأدب الذي كان موزّعا في تيارات ومدارس وإتجاهات فكرية وأيدولوجية في أغلب الأحيان متناحرة وفي حالة من الصراع السياسي، لم يُمكّن من مثلها أن يكون طرفا لا في الصراع ولا في ذلك التناحر.آنذاك كان أندريه مالرومنشغلا بالشرط الإنساني وأندريه جيد في هموم خارجة عن الأدب. علينا أن لا ننسى، يقول، إستغراقات مينيتران في علم النفس التقليدي ورفض بيرناتوس الممفرط لأي إعتدال.في ذلك الوقت كان سيلين يتقيأ عصره، أما جان بول سارتر فكان منذ ذلك التاريخ يغسل يديه من الصنف البشري برمته.أمام هذا المشهد، لم يكن لها أن تنسى نداءات دوستيوفسكي المجلجلة ولا نبرات تشيخوف الخفيضة، وكيف لمثلها نسيان فرانز كافكا الذي سيعتلي عرش الحساسية الكونية.
وإذ كان لابدّ من المقارنة، يرى بوسكيه أنّ كتابات فرجينيا وولف، دون أن يعطي دليلا مقنعا، نموذجا لحالات ذهنية تجد مصادرها عند فرويد والفرويدية، بينما وجدت ناتالي ساروت في الكتابة نفسها ضالتها، فهي تستقي ما تريد وما لا تريد من الكتابة ومن أجلها.وفي الوقت الذي انبرى فيه عدد غفير من الكتّاب إلى تكريس الفهم بإعتباره الشرط الأول للكتابة،أختارت هي الطريق الأصعب: إنفصال الكتابة عن أنماطها.أنّ أحدا لم يكترث بكتابها الأول، في باديء الأمر، إذ كان من العسير رصفه في خانات معروفة وفق تصنيف سائد، ويعرفه الجميع. وإذا كان لابدّ من التصنيف فيمكن إعادة إختراع تصنيفات جديدة ووضعه في خانة النص المفتوح: ثمّة أناس يجيئون ويذهبون، وهناك حركات ترتسم وهياكل تظهر، دون أن نعرف من أين يأتي كلّ هذا، والكاتبة لا تضع أي عائق لولوج هذا العالم، لكنّها في الوقت نفسه، لا تساعد أحدا على القبض على ما هو خفي فيه.بالنسبة لبوسكيه، نصوص ساروت نثرية في المقام الأول تعتمد التأويل وسيلة للفهم، كما أنها في الوقت نفسه شعرية تسلط الضوء على شخوص تظهر تارة وطورا تختفي،وعلى القاريء أن يجتاز النص بفهمه، وإذا شئنا الدقة، يمكن القول إنّ العكس وارد أيضا، إذ يحدث أن يجتاز النص قارئه.على القاريء أن يستكشف الخفي وغير المكتوب. ومن حقّه أن يعفي نفسه من واجب قديم هو الفهم, بفضل جيمس جويس، يقول بوسكيه، لم يعد الفهم عن طريق الإدراك ضروريا.وراء هذا المبدأ حقيقة تشترط عدم إستبدال الإدراك بالحلم، في زمن كانت الكتابات السريالية تعلّي من شأن الحلم وتقدّمه. كتابات ناتالي ساروت ليست باطنية في المعنى الصوفي، لأنّها تعرف تمام المعرفة ما يمكن قوله كما أنّها تعرف أيضا، وخصوصا، ما لا ينبغي قوله.وكان عليها أن تنتظر فترة ما بين الحرب العالمية الثانية لتصدر كتابها الثاني (صورة مجهول)، ويمكن إعتبار هذا الكتاب وفق معايير اليوم رواية كان بوسع كتّاب مثل ستندال أو بلزاك تصورها،كما يمكن أن نطلق عليه رواية مضادة أيضا.فالكتاب ليس سوى نثر قصصي منشغل بطرح الأسئلة دون أن يكلّف نفسه عناء صياغة إجابات لها.وإذا توفرت فرصة الإجابة فأنّ الكتاب يفعل ولكنه يجيب على أسئلة غير مطروحة.وغالبا ما تقود هذه الإجابات المبتكرة إلى إثارة أسئلة لا يتوقعها أحد.وذهب جان بول سارتر الذي كتب مقدّمة الكتاب إلى القول( ناتالي ساروت لا تريد إن تضع شخوصها لا في خارج النص ولا في داخله، ذلك أنّنا جميعا،إزاء أنفسنا وإزاء الآخرين في الداخل وفي الخارج معا).هذا تصور جديد في القص.فهو يقترح على الكاتب أن لا يتدخل في رسم مصائر وسلوك مخلوقاته.وعليه أن يكون دليلهم وحسب وليس له ان يرافقهم. وعلى القاريء أن يشترك في خلق ما كان قد سبق النص ولم يُكتب وعليه أن يستشرف ما سيأتي بعد النص ولم يُذكر.وهذه مهمة ليست في غاية الصعوبة لمن يُحسن القراءة،لأنّ الكاتبة لم تخف الجوهري على القاريء ولكنّها لا تريد أن تُثقل عليه بحضورها.لقد أكل الدهر وشرب، يقول بوسكيه، على طريقة الفهم عند أناتولي فرانس وأندريه جيد.والفهم عند ساروت هو أن تفهم شيئا وليس بالضرورة أن تفهم كلّ شيء. وكانت ساروت كتبت قبل صدور (صورة مجهول ) عام1984 وبعد صدوره محاولات جمعتها في كتاب أحدث عنوانه (عصر الشك ) ضجة كبيرة في الأوساط الأدبية الفرنسية. ويبقى الكتاب حسب بوسكيه ضمن السياق الساروتي، لكنه استرعى الإنتباه أكثر من كتبها السابقة، لأنّه ألقى الضوء على طريقة ساروت في التفكير وعلى وجه الخصوص على نظريتها في الكتابة، إذ كتبت مقدمة لكتابها تقول فيها:(كلّ ما قيل عن الرواية الحديثة وعن روادها جعل الناس تعتقدأنّ هؤلاء ليسوا سوى حفنة من الخبراء وضعوا نظرياتهم في المختبرات وراحوا ينقلون على الورق نتائج فحوصاتهم المختبرية). وبعد أن أشارت إلى سطحية هذه الآراء، انبرت لتدافع عن مفاهيمها في الكتابة، يوجزها بوسكيه على النحو التالي:
ليس على الكاتب أن يتهيأ للكتابة وفق تفكير مسبق.
ليس على القاريء أن يفهم كلّ شيء.
ليس على الناقد أنّ ينقّب في النص عمّا يلائم إتجاهه النقدي، وليس له أن يغسل النص في حمام عقلانيته.
ويرى بوسكيه أنّ وجود ساروت في صفوف الحركة الجديدة كان عابرا، فموهبة كهذه لا تتطامن في إتجاه ما، حتى لو كان جديدا.هي ترى إلى حقيقة النص، وحقيقته موجودة بين الأسطر ومن خلال تفاعل عدد من الحقائق المتناقضة والمتباعدة يتقدّم النص.كي تكون عملية الخلق كاملة عليّك أن تتردد، تقول ساروت، من أجل الخلق لابدّ من معرفة جدوى التردد، هذا هو مبدأ ساروت في الخلق.



#عدنان_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرثية جان دمّو
- مرثية جان دمو


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان محسن - ناتالي ساروت والكتابة الأخرى