أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الستار نورعلي - هل تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على إثارة الحرب الطائفية في العراق















المزيد.....

هل تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على إثارة الحرب الطائفية في العراق


عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم

(Abdulsattar Noorali)


الحوار المتمدن-العدد: 1251 - 2005 / 7 / 7 - 08:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد سبق لنا أن كتبنا في التحركات والمواقف الأمريكية وخاصة في العراق بعد الاحتلال وفي المحرك الأساس في توجهاتها واستراتيجياتها فيه وفي المنطقة عموماً. ولا أظن أننا نأتي بجديد حين نتحدث عن هذه الاستراتيجيات والتحركات والمواقف التي كانت ولا تزال واضحة جلية لكل مراقب ومتابع سياسي ، وحتى الناس العاديين في منطقتنا وفي العالم المبتلى بهذه الاستراتيجيات بعد أن أصبحت أمريكا القطب الأقوى والأكبر الوحيد على الساحة الدولية بكل ما تمتلكه من قوة اقتصادية وعسكرية وعلمية تسخرها لخدمة مصالحها في العالم . وفي خضم هذه المصالح و صراعاتها تعاني الشعوب والدول والحكومات التي لها في المقابل مصالحها الوطنية والقومية التي تأثرت استراتيجيا باختفاء القوة العظمى الأخرى وهي الاتحاد السوفييتي والكتلة الاشتراكية ، حيث أخذت أمريكا تصول وتجول وتهاجم وتخلق الحروب وبؤر التوتر والصراعات العرقية والدينية والطائفية ، وبخاصة في الشرق العربي والاسلامي. وكلنا يتذكر ما قاله منظروها وقادتها السياسيون والاستراتيجيون بأن العدو القادم هو الاسلام الأصولي ، وأن العالم يتجه نحو صراع الحضارات ، وهم يعنون الصراع بين الحضارة الغربية والحضارة الاسلامية التي انحسرت منذ زمن طويل ، وزاد من انحسارها وتقوقعها وتخلفها هذا المد الاسلامي الاصولي العنفي الذي يلغى الآخر ويدعو الى ابادته حتى بين الفرق الاسلامية والاتجاهات المذهبية المخالفة لها. وبذا قدمت الذرائع جاهزة لتأكيد المفهوم الأمريكي والغربي عموماً للصراع بين الحضارة والتخلف والهمجية ، ويشيرون صراحة وضمناً عند البعض الذي لا يريد أن يثير مشاعر المسلمين الى الاسلام السياسي والمتطرف منه بالذات .

إن ما يدعونا الى الكتابة من جديد في هذا الموضوع هو السؤال الذي طرحناه في أول مقالة كتبناها بعداحتلال العراق عام 2003 وهو : ما الذي تريده وتهدف اليه الولايات المتحدة الأمريكية من احتلالها للعراق ؟ وما هي الأهداف الأبعد والاستراتيجيات الخفية المحركة لهذا الاحتلال غير الهدف المعلن البراق وهو تخليص الشعب العراقي من نظام صدام حسين ونشر الديمقراطية في العراق لتكون مثالاً واشعاعاً في المنطقة ؟ ونوهنا حينها ان لها أهدافها الأبعد عن كل ما تطلقه من شعارات وتصريحات . وفي الوقت نفسه علينا أن نثير السؤال الآخر أيضاً وهو : ما دور اسرائيل في كل ما جرى ويجري ؟ وأظن أنه لا يختلف اثنان من المتابعين والباحثين بأنها ليست بعيدة عن الأحداث والمخططات وما يجري على الساحة العراقية حالياً .
في العودة الى أفكار ومخططات الرعيل الأول من القادة الاسرائيليين والصهاينة والحاليين في رسمهم لخرائط المنطقة العربية المحيطة بهم والتخطيط المرسوم منذ زمن بعيد لتقسيمها الى دويلات عرقية وطائفية تدعنا نفكر جدياً بكل ما جرى في لبنان وما يجري على أرض العراق من شحن وتوتر طائفي وعرقي وأحداث دموية يذهب ضحيتها مدنيون من كل جانب وهو ما يهدد بتفكيك البلاد وتقسيمها ، لأنها تؤدي الى تعميق الفرقة نفسياً وسياسياً وخرائطياً مناطقياً ليصبح كل ذلك أمراً واقعاً على الأرض يمهد لمخطط التقسيم مسبوقاً بحرب أهلية تدمر كل شيء بحيث أنه حين تهدأ الأمور تكون الأرض خراباً ودماراً ومقابر.

في الوقت الذي يحذر فيه العقلاء والوطنيون الحريصون ويشيرون الى ذلك المخطط الخبيث الخطير ويدعون الى مواجهته يعمل العنصريون والطائفيون والمتضررون من سقوط النظام الدكتاتوري الدموي وفلوله والجماعات الارهابية التكفيرية على المساعدة والوصول الى هذا الهدف الرهيب من خلال أعمالهم وتحركاتهم وأفكارهم وأهدافهم التي تلتقي ارادوا أم لم يريدوا مع هذا المخطط المرسوم والذي ينفذ على الأرض بثبات.

السؤال الأخطر الذي يدور في النفس هو : ما دور الولايات المتحدة في ذلك وموقفها الحقيقي فيما يجري على الساحة العراقية ؟
يقول البعض من حسني النية أو من الموالين لأمريكا أنه ليس لها مصلحة فيما يجري ,ان ذلك تهديد لأهدافها ونواياها حيال العراق . فهي تريد وتعمل على تنفيذ أهدافها في نشر الديمقراطية في العراق لتكون مثالاً تحذوه الشعوب العربية والاسلامية ، كما أن من أهدافها تخليص هذه الشعوب من انظمتها الفاسدة والدكتاتورية والشمولية والعائلية . وأن مصالح الشعب العراقي التقت مع مصالح الولايات المتحدة في التخلص من نظام صدام حسين ، ولذا علينا أن نتعامل ونقيم علاقاتنا معها وفق المصالح المتبادلة الشرعية في العمل السياسي الدولي والمحلي .
هل هذا الرؤية صحيحة ؟ هل تسمح أمريكا للقوى الأخرى التي لا تقيم لها وزناً الا وفق مصلحتها المرحلية والاستراتيجية أن تشاركها في رسم السياسات والمواقف حتى داخل بلدانها الوطنية ، وإن أظهرت ذلك فإنه تظاهر شكلي لا حقيقة سياسية واقعية . إن ما نراه ونلحظه أنها تتدخل بشكل سافر وصريح في كل صغيرة وكبيرة في الدول الأخرى حتى الأوروبية الحليفة لها ، وتحاول فرض رؤيتها وتوجهاتها على سياسات ومواقف هذه الدول خارجياً وداخلياً سراً وعلانية بالترغيب والتهديد والحصار الاقتصادي والمقاطعة السياسية ؟ فكيف إذن مع العراق المحتلة منها والذي تحكم قبضتها الحديدية عليه ، العراق الذي لا حول له ولا قوة و ثروة لا يستطيع التحكم فيها وإدارتها بنفسه ولا بأجهزته الوطنية ولا بجمعيته الوطنية و حكومته المنتخبتين ديمقراطياً كما تقول الأمم المتحدة وغالبية دول العالم وفي مقدمتها جميعاً أمريكا ؟

إن المصالح البعيدة للولايات المتحدة الأمريكية أهم عندها من مصالح الدول الأخرى وبالخصوص الصغيرة وبخاصة التي تملك ثروات هائلة نفطية وغير نفطية والتي هي الهدف الأول في تلك المصالح الرأسمالية الجشعة الوحشية التي يسيل لعابها لتلك الثروات ومناطقها ، ولا يهمها أن تدوس الشعوب فتقتل و تحرق و تدمر لتصل اليها . إن المصالح والاستراتيجيات هي التي تحرك و تدفع الى التكتيكات في طريق الوصول الى الأهداف المعلنة والسرية . إن أمريكا الراسمالية الكبرى مستعدة دون تردد أن تدير ظهرها الى الذين تتلقي معهم على طريق أهدافها تكتيكياً وحتى حلفائها الاستراتيجيين ، بل يصل الحال بها الى القضاء عليهم وانهائهم من طريقها ، والأمثلة كثيرة ، وآخرها النظام العراقي السابق. وخيردليل على ذلك هو ما تردد وتأكد من الاتصالات الجارية بينها في العراق وبين ما تسميها هي قبل غيرها بالجماعات الارهابية والتي تقاتل بشراسة ضدها ، وهي التي احتلت العراق ضمن أهدافها المعلنة في محاربة الإرهاب ، واعتبارها العراق الجبهة الرئيسية لمحاربتها . يجري ذلك من خلف ظهر الحكومة العراقية المتحالفة معها والمنتخبة ديمقراطياً والمعترف بها دولياً والتي سوقتها هي نفسها الى العالم دليلاً على نجاح هدفها الريسي المعلن في احتلال العراق ، وكذلك من خلف ظهر الجمعية الوطنية العراقية المنتخبة ديمقراطيا ايضاً والممثلة للشعب العراقي وهي الجهة التشريعية القانونية في الموافقة أو الرفض لمثل هذه التحركات التي تمس سيادة وأمن ومستقبل الدولة والشعب .
إذن أين هي السيادة الوطنية والقرار المستقل والديمقراطية ؟ وأين هي المصالح المشتركة بين العراق والولايات المتحدة ؟ إذ كان الأولى بها أن تستشير الحكومة العراقية والجمعية الوطنية التي تمثل الشعب العراقي ؟
لقد أثار هذا التحرك الأمريكي الانفرادي أعضاء الجمعية الوطنية العراقية الى حد الغضب ومحاولة الرفض المطلق لهذه الخطوة التي ترى فيها خطراً على الشعب العراقي . لكن ما هو التأثير الفعلي والواقعي لذلك على الإدارة الأمريكية ؟ وأغلب الظن أن هذه الادارة لن تلقي بالاً الى أي اعتراض من الجمعية الوطنية أو من الحكومة العراقية أو من اية جهة كانت . فما يحركها هي مصالحها ورؤيتها واستراتيجيتها لا غير . أما الآخرون فهي على استعداد أن تضعهم خلف ظهرها إن لم ترم بهم خارج اللعبة . وتاريخا السياسي حافل بالأمثلة والشواهد .

إن المصلحة الأمريكية هي الأولى والأهم ، وهي الدافع والمحرك الأساس لكل مخططاتها وتوجهاتها وتحركاتها ومواقفها وعلاقاتها في العالم . وعلينا أن نعترف بأنها هي الحاكم الفعلي في العراق ، وهي التي تقرر من يأتي ومن يذهب وما نفعل وما لا نفعل ، على مبدأ ) لنا الإمارة ولكم الإدارة وما تدرها( .

يرى البعض أن المقاومة وضرباتها والخسائر الكبيرة التي تلحق بالقوات الأمريكية والمتحالفة معها هي الدافع لهذه الاتصالات في محاولة لإيجاد مخرج يحفظ ماء وجهها. لكنه بالمقابل علينا أن لا نلغي من قراءتنا للسياسات والأحداث أن القوى العراقية المتحالفة معها تضم أحزاباً وقوى كانت يوماً من أعدائها الأيديولوجيين والمواجهين على الأرض ةالعقبات أمام استراتيجيتها ، وأنها لا تثق بهذه القوى والاحزاب الى الآن مع أنها متحالفة وتعمل معها ، لأنه في نظرها إن استطاعت أن تفوز في الانتخابات القادمة وتحكم العراق فإنها قد تنقلب عليها وتطالبها بالرحيل ، وهو ما لاتريده بل تعمل جاهدة متحركة على ترسيخ بقائها بأي ثمن ، فهي لم تحتل العراق لسواد عيون العراقيين حيث أن هناك ثمناً باهضاً على العراق أن يدفعه من سيادته وثرواته ، وهو في رأيها دين عليه سداده ثمناً لتخليصه من النظام السابق . لذا فإنها تعمل على أن يكون في يدها أكثر من ورقة سياسية تستخدمها حين الطلب وعندما تقتضي مصلحتها وسياساتها . و بما أن القوى الشيعية الدينية هي المهيمنة على السلطة والجمعية الوطنية وعلى الشارع الشيعي فإن للولايات المتحدة موقفها الخاص منها ومن توجهاتها ، فهي تنظر اليها بخشية وريبة بسبب علا قاتها المتميزة مع النظام الايراني ، فتنظيماتها التي تشكلت وانطلقت كانت من ايران . وعليه فإن أمريكا ترى أن ذلك سيؤدي الى امتداد النفوذ السياسي الايراني الى العراق والتحكم فيه ، وهو ما يحدث الآن في البصرة وغيرها من مدن مناطق الجنوب العراقي الشيعي ، مما يهدد مصالحها في العراق وفي المنطقة عموماً ، لذا تحركت بالاتجاه الآخر في الاتصال بالجماعات المسلحة والمقاومة وبخاصة من البعثيين وذلك لاستخدامهم ورقة تهدد بها القوى الأخرى العاملة والحاكمة في الساحة السياسية العراقية ومنها الجمعية الوطنية التي بدأ بعض أعضائها يطالب بجدولة انسحاب قوات الاحتلال .

إن الخوف الفعلي والخطير في كل ما يجري هو أن يكون ذلك ضمن الأهداف والمخططات الأمريكية الخفية في أن تعمق الشرخ الطائفي الحاصل الآن للوصول الى هدف أثارة الحرب الأهلية تمهيداً للتقسيم .
فهل يا ترى تتحرك الولايات المتحدة الأمريكية عامدة فعلاً في هذا الإطار ؟ هذا هو السؤال الذي علينا أن نثيره ونبحث فيه عن جواب .


الأربعاء 2005.07.06



#عبد_الستار_نورعلي (هاشتاغ)       Abdulsattar_Noorali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حب - قصيدة للشاعر السويدي روبرت أولفده
- قصيدة وشاعر - تلخيص : للشاعر السويدي روبرت اولفده
- أحبك يا أرنستو
- حول العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقراطية ...


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الستار نورعلي - هل تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على إثارة الحرب الطائفية في العراق